حرق مسجد بروكسل... من أوراق التطرف السلفي الوهابي

 

شبكة النبأ: تواصل المجاميع التكفيرية السلفية الوهابية محاربها للشيعة في كل مكان من العالم، وذلك وراء دوافع الكراهية الطائفية الإجرامية، وهذه أساليب لم تفتأ إن تكف عنها السعودية بحق الشيعة، لأنها لا تستطيع أن تجابه الشيعة وكل عقلاء العالم بما تدعي من أفكار تكفيرية وإلغاء الأخر مع الكشف عن كثير من العمليات الإرهابية التي حصلت في العالم والتي أثبتت ضلوع وهابية السعودية فيها.

حيث تعرض مسجد الامام الرضا عليه السلام وسط العاصمة البلجيكية بروكسيل الى اعتداء إرهابي، نتج عنه حرق المسجد واستشهاد إمام المسجد، الذي كان بداخله لحظة وقوع العملية الإجرامية. وان هذه الجريمة البشعة والنكراء هي مسلسل متكرر من العنف والكراهية الوهابية ضد الشيعة، إذ انها تنافي تماما القيم الإسلامية والإنسانية.

إذ ان منطلق الإرهاب في العالم ثبت إن للوهابية السعودية ضلع فيه، وإنها تقوم بغسل أدمغة الشباب العاقين بالفكر الوهابي المتطرف لنشر الإرهاب، وحتى أن هنالك استخبارات عالمية لها اليد في ذلك غايتها نشر حكم الوهابية الإجرامي.

لذا يرى العديد من المراقبين انه يجب على الحكومات الأوربية وخاصةً البلجيكية اتخاذ إجراءات احترازية إزاء العنف المتواصل من قبل الحركة السلفية لحماية الشيعة من المتطرفين الوهابية، وإيقاف نزيف دمائهم حول العالم.

اخافة الشيعة

فقد اعترف مشعل النار في مسجد شيعي في بروكسل انه أراد بفعلته "إخافة" الشيعة الذين يعتبر انهم مسؤولون عن القمع في سوريا، حسب ما اعلنت النيابة العامة في العاصمة البلجيكية، وقال المتحدث باسم النيابة العامة جان مارك مييور في تصريح صحافي ان هذا الشاب الثلاثيني قال خلال استجوابه انه "تأثر كثيرا بصور الاحداث في سوريا واراد القيام بشيء لاخافة افراد هذه المجموعة (الشيعة) التي يعتبرها مسؤولة" عن اعمال العنف هذه.

وأضاف "لقد قال بانه مسلم سني، وتابع المتحدث باسم النيابة العامة ان تهمة "اشعال النار بشكل متعمد ادى الى مقتل شخص" وجهت الى الموقوف الذي "اقر بفعلته"، مضيفا ان هذا العمل يرتدي خطورة مضاعفة "لانه استند الى دوافع دينية، واكد الموقوف انه قام بفعلته بمفرده وانه "فكر القيام بهذا العمل منذ نحو 15 يوما. بحسب فرانس برس.

ومنذ اعتقاله اعطى الموقوف ثلاثة اسماء مختلفة للمحققين الذين لم يكونوا قد كشفوا بعد اسمه، وقال مييور ايضا "يقول بانه يحمل جواز سفر مغربيا وله مكان اقامة في بلجيكا رفض تحديده، واعتبر انه "من الممكن" ان تتضمن التهمة "القيام بعمل ارهابي"، بعد التشاور مع النيابة العامة الفدرالية، وكان هذا الرجل اقتحم بناء من طبقتين يستخدم مسجدا للشيعة في بروكسل وهو يحمل فأسا وسكاكين وبنزينا، وبعد ان اتهم الشيعة بانهم "مسؤولون عما يحصل في سوريا" اشعل النار بالمسجد ما ادى الى مقتل امامه اختناقا.

حريق متعمد

والمسجد يعتبر من الاكبر ضمن اربعة مساجد للشيعة في منطقة بروكسل البالغ عدد سكانها مليون نسمة. ويقع مسجد الرضا في حي اندرلخت الذي يضم عددا كبيرا من المهاجرين وغالبيتهم من المسلمين، وصرحت متحدثة باسم الشرطة المحلية تدعى ماري فربيكي "يبدو ان المسجد احترق بكامله، او تقريبا، واعلن شهود عيان ان الامام (46 عاما) وهو اب لاربعة اطفال مات اختناقا من الدخان المنبعث عند محاولته الخروج من المسجد.

واورد التلفزيون البلجيكي العام "ار تي بي اف" ان الامام يدعى عبد الله دادو، وتمكن مسؤول اخر في المسجد حاول دون جدوى اخماد الحريق مع الامام، من الخروج في اللحظة الاخيرة الا انه اصيب بجروح طفيفة نتيجة تنشقه للدخان، واوقفت الشرطة مضرم الحريق في المكان اذ تمكن مصلون من حبسه داخل المسجد قبل فراره، حسبما افادت الشرطة، وتابع مساعد المدعي العام "في الوقت الحالي هناك مشتبه به واحد"، دون ان يستبعد ان يكون له شركاء.

ولم يكشف عن اسم الموقوف كما انه اعتبر ان الوقت لا يزال مبكرا للتحدث عن خيوط وقال "كل الاحتمالات مطروحة، واتهم مسؤولون شيعة في بلجيكا الحركة السلفية السنية بالاستناد الى شهادات مصلين كانوا موجودين في المكان عند وقوع الحادث، واعتبرت نائبة رئيس مجلس مسلمي بلجيكا ايزابيل برايلي وهي شيعية، ان الشهادات التي جمعت في المسجد تشير الى ان العمل من فعل متطرفين سلفيين، وقالت ان "مركز الرضا الاسلامي وهو اكبر مسجد شيعي في بروكسل، كان تحت حماية الشرطة قبل عدة اعوام" بعد تلقيه تهديدات سلفية، وقال مسؤول شيعي اخر هو عز الدين لغميش الذي يعمل في المسجد ان الشعارات التي اطلقها المعتدي تشير الى الحركة السلفية المناهضة للشيعة. بحسب فرانس برس.

واضاف "انه سلفي، كل الشهادات التي ادلى بها الاشخاص الذين كانوا في المسجد تشير الى ذلك، وتابع لغميش ان المسجد تلقى في الماضي رسائل تهديد من سنة وخصوصا على خلفية النزاع في العراق واتهم "الخطاب الداعي للكراهية الذي يطلق من بعض المساجد" السلفية في المدينة، من جهتها، اعربت وزيرة الداخلية البلجيكية جويل ميلكيه عن "صدمتها الشددية للوقائع" التي نددت بها بحزم، ويعود الهجوم الاخير على امام في بروكسل الى العام 1989 حين قتل الامام عبد الله محمد الاهدل السعودي بالرصاص مع مساعده في جريمه لم يتكمن المحققون البلجيكيون من كشف ملابساتها.

من جانبه قال احد المصلين في المسجد ويدعى عبد الله ابو زينب (39 عاما) ان الامام عبد الله الدهدوه الذي قتل في الحريق كان "محبوبا من الجميع" وكان "منفتحا ومبتسما ومنسجما تماما" مع المجتمع البلجيكي.

كما حذرت نائبة رئيس مجلس مسلمي بلجيكا ايزابيل برايلي الى انها تخشى وقوع حوادث اخرى. ودعت السلطات الدينية والسياسية الى "طمأنة النفوس" وايضا الى تعزيز التدابير الامنية، واعلنت وزارة الداخلية "اتخاذ اجراءات" لان "بلجيكا لا يمكنها السكوت عن مثل هذا العمل، وكان المسجد تحت حماية الشرطة في العام 1997 اثر تلقيه تهديدات.

تنديدات شعبية

في السياق ذاته تجمع عشرات المسلمين أمام مسجد الرضا الشيعي في بروكسل وهم يبكون إمام المسجد المحبوب من الجميع والذي قتل اختناقا في حريق متعمد اتهم مفتعله "الشيعة بالمسؤولية عما يحدث في سوريا، ويقع المسجد في شارع دكتور دي ميرمانس على بعد بضع مئات الامتار من محطة قطارات الجنوب في احد الاحياء الاكثر شعبية في العاصمة البلجيكية، وحيث تعيش جالية مسلمة كبيرة، ولولا وجود عدد من عناصر الشرطة والصحافيين لما كان بالامكان رؤية اي اشارة تدل على الحادثة، فواجهة مسجد الرضا لم تتأثر بالحريق، وفي الوقائع ان شخصا دخل المسجد المؤلف من طبقتين، والمبني من القرميد الاحمر، ويرتاد المسجد شيعة من ايران والعراق وسوريا والمغرب، وعند وقوع الحادث كان عدد قليل من الاشخاص داخله يستعدون لصلاة العشاء، ويقول لعياشي بوتيمزين احد المسؤولين عن المسجد "النار اتت على كل شيء في الداخل والجميع يدينون هذا العمل المشين، وتابع "فقدنا اماما كان يحبه الجميع في بروكسل اكان الشيعة او السنة او الاخرين...." مكررا دعوته الجميع الى ضبط النفس و"الثقة بالقضاء" البلجيكي، ووجد بوتيمزين بعد ان تفقد المسجد شالا ابيض اللون على الارض وقد اسود من الحريق، ويروي بوتيمزين تفاصيل اللحظات الاخيرة للشيخ قائلا "الرجل الذي كان مع الامام داخل المسجد طلب منه القاء شاله اليه لسحبه الى الخارج. الا ان الدخان كان كثيفا بشكل حال دون ذلك. بحسب فرانس برس.

وسمع الامام يقول +لقد فقدت شالي ولا اجده+، ويؤكد الشخص الذي كان يتحادث مع الامام عبدالله الدهدوه في لحظاته الاخيرة "بعد ان عثر على شاله حاولت سحبه عبره، الا انه قال لي +لم اعد اقوى على ذلك+ عندها فهمت ان كل شيء انتهى، ويؤكد المصلون المتجمعون امام المسجد ان الامام الفقيد "قام بدور مهم في المجتمع وكان محبوبا لدى الشبان والمسنين على حد سواء كما كانت علاقاته ودية مع المصلين رواد كنيسة كاثوليكية مجاورة كان يحرص على زيارتها خلال عيد الميلاد، وتابعوا "لم يكن يتعاطى السياسة على الاطلاق، ويرفض بوتيمزين صديق الامام اقامة اي رابط بين ما حصل "وما يحدث في سوريا او في اي مكان اخر في العالم" رغم ما قاله الجاني لدى دخوله المسجد، الا انه اقر مع ذلك "وصلتنا بعض التهديدات البسيطة في السابق الا اننا لم نعرها اهتماما".

زعماء مسلمي بلجيكا

فيما دعا زعماء المسلمين في بلجيكا الى التزام الهدوء، وذكرت وسائل اعلام بلجيكية أن المهاجم شخص سلفي، ولم يتسن التحقق من ذلك من جهة مستقلة، وأدان رئيس الوزراء اليو دي روبو الحادث.

وأصدر رئيس الطائفة الاسلامية في بلجيكا شمس الدين اوجورلو بيانا يدعو الى الهدوء. ويشكل المسلمون نحو خمسة بالمئة من سكان بلجيكا البالغ عددهم 11 مليون نسمة، وقال اوجورلو "يدعو المجلس التنفيذي لمسلمي بلجيكا المسلمين الى توحيد جهودهم والنهوض بالحوار بين جميع الاطياف الثقافية للطائفة. بحسب رويترز.

في حين قال رئيس المنظمة الدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف الديني "علي السراي" وصلتنا من مصادرنا الخاصة بان هجوما قام به مرتزقة الوهابية اسفر عن استشهاد الشيخ عبد الله المغربي وحرق العشرات من المصلين جاء وذلك أثناء تاديتهم للصلاة في مسجد الأمام الرضا عليه السلام، وذكر علي السراي "الى ان المجاميع التكفيرية الوهابية قد سكبوا المواد الحارقة (البانزين) في المسجد أثناء تأدية المصلين للصلاة وقاوموا بحرق المسجد.

وأضاف السراي"الى أننا في المنظمة الدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف الديني اذ نشجب وبشدة هذه الجرائم النكراء التي ترتكتبها زمر الوهابية بحق المسلمين وغير المسلمين، وناشد السراي " المجتمع الدولي وكل من يهمه أمر السلم والأمن العالميين بالوقوف وقفة جادة في مواجهة هذا الفكر الضلامي الإرهابي المنحرف الذي يلغي الأخر ولا يفرق بين أتباع الأديان سيما ان نهج أصحاب وإتباع هذا الفكر لهم ايديولوجية واحدة وهي ان لم تكن معي فانت ضدي يجب قتلك، حيث اكتوى العالم بما انتجه هذا الفكر الإرهابي من اعتى التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وطالبان وغيرهما من التنظيمات الإرهابية التي تهدد البشرية جمعاء ودون تمييز.

وطالب "السراي" السلطات البلجيكية بملاحقة هؤلاء المجرمين والقاء القبض عليهم وتقديمهم الى العدالة وانزال اقصى انواع العقوبات بحقهم كي يكونوا عبرة لغيرهم من إرهابيي الوهابية التكفيرية.

ودعا السراي" جميع المنظمات الإسلامية والحقوقية والإنسانية وكل أصحاب الضمائر الحية بشجب واستنكار هذه الأفعال الإجرامية التي تستهدف الأبرياء واعتبارها اعمال ارهابية كونها تقع تحت بند التضييق على حرية العبادة والمعتقد.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 17/آذار/2012 - 23/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م