مملكة السعودية تلجئ الى حلفاء التكفير لتعضيد سلطانها

متابعة: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: لم تدخر سلطات آل سعود والهيئات المتطرفة الحليفة معها جهدا في اذكاء الفتنة الطائفية في سوريا، وهو سيناريو خائب سبق ان بذلت كل ما يتاح لها في سبيله لدى انهيار النظام الديكتاتوري السابق في العراق، مستغلة في ذلك تنظيم القاعدة الارهابي كذراع عسكري يسهر على تنفيذ اجندات آل سعود والجماعات الوهابية في دول المنطقة والعالم على حد سواء.

فيما يبدو ان تلك الطغمة الحاكمة للشعب في نجد والحجاز باتت تسعى الى الاستعانة بالجماعات التكفيرية لضرب المواطنين الشيعة في المناطق الشرقية لدرء اتساع حركة الاحتجاجات المطالبة بالتغيير.

وتشير معظم التحليلات السياسية حول الحراك السياسي في داخل تلك الدولة الى وجود أزمة حقيقة تعيشها السلطة الهرمة تزامنا مع ما بات يعرف بالربيع العربي، خصوصا ان نظام الحكم متخلف وفاسد وديكتاتوري عنيف بإجماع اغلب المراقبين.

شيعة رايتس واتش

فقد قال بيان اصدرته منظمة شيعة رايتس واتش (المنظمة العالمية للدفاع عن حقوق الشيعة) من واشنطن، ان السلطات السعودية أفرجت عن مقاتلين للقاعدة كانوا متورطين بأعمال إرهابية داخل المملكة وأرسلتهم الى سوريا لتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف الشيعة والعلويين وباقي الأقليات الدينية وتلقوا تعليمات بتنفيذ عمليات قتل تطال السنة أيضاً وإلقاء المسؤولية على العلويين.

واستنكر البيان التحريض الطائفي الذي تقوم به قناة العربية المملوكة للسعودية عبر ما تصفه في تقاريرها بـ" سنية الثورة " وذلك للتحريض على الأقليات الأخرى خاصة الشيعة والعلويين.

ودعا البيان، المنظمات الدولية المعنية بالتدخل الفوري لوقف هذه المجازر التي تهدف أيضاً الى جر سوريا والمنطقة الى حرب طائفية وايقاف التحريض الاعلامي الطائفي الذي يستغله متطرفون في المملكة ضد الشيعة في السعودية.

وقال البيان، علمت شيعة رايتس واتش من مصادرها داخل المملكة العربية السعودية أن السلطات أفرجت عن مقاتلين للقاعدة وأرسلتهم الى سوريا لتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف الشيعة والعلويين وباقي الأقليات الدينية. وأكدت المصادر ان المقاتلين الذين كانوا متورطين بأعمال إرهابية داخل المملكة، تلقوا تعليمات بتنفيذ عمليات قتل تطال السنة أيضاً وإلقاء المسؤولية على العلويين. ويلاحظ أن عمليات القتل الطائفية التي تنفذها عناصر القاعدة تتركز في مدينة حمص السورية وذلك بسبب جوارها الجغرافي من البادية التي تتصل مباشرة مع الاراضي السعودية.

واوضح البيان، لاحظت شيعة رايتس واتش ان قناة العربية المملوكة للسعودية تقوم من جهتها بنسب عمليات القتل الإرهابية الى مسلحين إيرانيين وحزب الله لبنان كما جاء في تقرير بثته القناة بصوت رولا الخطيب ونشرته العربية نت على موقعها:

 http://www.alarabiya.net/articles/2012/03/12/200138.html، كما لوحظ ان قناة العربية وموقعها العربية نت تركزان بشكل واضح على ماتصفه " سنية الثورة " وذلك للتحريض على الأقليات الأخرى خاصة الشيعة والعلويين كما في التقرير التالي:

 http://www.alarabiya.net/articles/2012/03/11/200006.html

ان منظمة شيعة رايتس واتش اذ تستنكر هذه الممارسات جملة وتفصيلا تهيب بالسلطات السعودية وقف إرسال مقاتلي القاعدة الى سوريا، ووقف التحريض الطائفي الذي تمارسه قناة العربية وموقعها العربية نت، وتطالب المنظمات الدولية المعنية بالتدخل الفوري لوقف هذه المجازر التي تهدف أيضاً الى جر سوريا والمنطقة الى حرب طائفية خاصة وان التحريض الاعلامي الطائفي يستغله متطرفون في المملكة ضد الشيعة في السعودية.

الجدير بالذكر ان منظمة شيعة رايتس واتش هي منظمة مراقبة حقوق الشيعة تأسست مؤخرا للدفاع عن حقوق الشيعة الإنسانية والدينية والحريات العقائدية في مختلف دول العالم وتقوم بإصدار بيانات وتقارير دورية عبر مندوبين حقوقيين ميدانيين، كما تقوم بالاتصال بمختلف المنظمات الدولية والمؤسسات الدولية والإنسانية والمرجعيات الدينية والحقوقية.

استهداف الشيعة في القطيف

فقد اتهم قيادي بارز في تنظيم القاعدة المشاركين في المسيرات السلمية في القطيف بأنهم أذرع ايرانية قائلا بأن "حكمهم القتل ابتداء وتُغنم أموالهم". وقال زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، السعودي سعيد الشهري في رسالة صوتية "بدأت إيران بتحريك أذرعها في داخل أرض الحرمين كما نشاهد اليوم في محافظة القطيف". وأضاف "تريد إيران بذلك الإشغال الداخلي لحكومة آل سعود وقد يكون هناك انتقال من المنطقة الشرقية في القطيف إلى منطقة الحجاز أو الجنوب".

وشنّ الشهري في الوقت نفسه هجوما عنيفا على الحكومة السعودية ورجال الدين السُنة الذين وصفهم "بعلماء الملك". وتابع في رسالته التي نشرها عبر موقع يوتيوب "لم نر من الحكومة ولا من علمائها عملاً ولا إعلام رسمي يتكلم ويظهر حقائق الرافضة وأفعالهم". وانتقد صمت "علماء الملك" عن الأحداث في القطيف وعدم توضيحهم خطر "الرافضة" على أهل السنة في بلاد الحرمين على حد تعبيره. غير أن أخطر ما ورد في رسالة الشهري هو تحريضه الصريح على قتل المواطنين الشيعة بقوله "حكمهم القتل ابتداء وتغنم أموالهم للمسلمين". كما دعا إلى مصادرة أموال المواطنين الشيعة بقوله "لهم تجارات في أرض الحرمين كبيرة جدا وتدعم المشروع الرافضي فالواجب أخذ هذه الأموال ووضعها في مصالح المسلمين". بحسب شبكة راصد الإخبارية.

القيادي الذي يعده البعض الرجل الثاني في القاعدة استدل في حديثه بفتوى للشيخ عبدالله الجبرين عضو هيئة كبار العلماء بتكفير الشيعة. وذهب الشهري إلى تحذير المواطنين السنة من اخوانهم الشيعة بالقول "يا أهل السنة إنّ الأمر عظيم وهو أخطر مما تظنون، فالرافضة يربون على عقيدة تكفيركم واستباحة دمائكم وأعراضكم وأموالكم". وانتقد في السياق نفسه ما وصفها نظرية التعايش مع الكافرين وتقارب الأديان وعلى الوطنية والسعودة على حد تعبيره. واعتبر دعوات التقارب الوطني والديني والمذهبي "مكمن الخلل.. وتمييع العقيدة التي يحملها المؤمن".

وهذه المرة الأولى التي يتناول فيها تنظيم القاعدة الاحتجاجات السلمية في القطيف التي انطلقت منذ نحو عام وراح ضحيتها منذ نوفمبر الماضي سبعة شهداء سقطوا برصاص عناصر الأمن.

سوريا

فيما نشرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية مقالاً افتتاحياً عن الجهود الدولية لانهاء القتال في سوريا تحت عنوان "التحديق في هاوية طائفية" اشارت فيه الى وصول المبعوث الدولي كوفي انان الى دمشق والى اجتماع الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية والمواقف الدولية المختلفة من الازمة السورية التي قالت انها باتت تتخذ طابعاً طائفياً بصورة متزايدة.

تقول ال "ذي غارديان"، "الجهود الدولية لانهاء القتال في سوريا في طريق مسدود شأنها شأن الصراع نفسه. وسيكون كوفي انان مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية، وسيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي، وزانغ مينغ مساعد وزير خارجية الصين، كلهم في المنطقة اليوم ليتجادلوا حول صيغ متنافسة لمحادثات سلام رفضها المجلس الوطني السوري المعارض سلفاً". وتضيف، "حاول اجتماع غير رسمي لوزراء الاتحاد الاوروبي أمس أن يستمد شعوراً بالارتياح من فرار حفنة من الضباط السوريين – هم ضابطان برتبة عميد وعقيد وإثنان برتبة رقيب متبعين مثال مسؤول رفيع المستوى في وزارة النفط. ويتدهور إقتصاد سوريا، ويتكبد رجال الأعمال خسائر كبيرة. ويمكن أن تكون عمليات الإنشقاق بداية فيضان، ولكن سيكون من الأسلم في الوضع الحالي إفتراض أن نظام الحكم لم يمس، وسيحول الجيش اهتماماته الآن، بعدما دمر منطقة بابا عمرو في حمص، الى إدلب".

وتتابع، "يطرح الهجوم المستمر الذي يشنه الجيش وتمنع النظام عن السماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون إعاقة الى أكثر المناطق تضرراً السؤال المهم: حتى لو أمكن صوغ قرار من الأمم المتحدة لسد الفجوة بين الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في جهة، وروسيا والصين في الجهة الأخرى – بشأن قضايا مفتاحية مثل المسؤولية عن العنف والتشجيع على تحول سياسي وإنهاء الحصانة من المحاكمة – فما هو الدافع الحقيقي الذي يمكن أن يقنع الأسد بالتفاوض؟ ستكون له مصلحة كبيرة في محاولة كسب الوقت، كما فعل في مناسبات كثيرة من قبل، خصوصاً مع تركيا. ولكن ما لم يتدهور وضعه بصورة ملحوظة، وهو ما يمكن أن يحدث نتيجة مزيد من الإنشقاقات، فإن أكثر الثورات دموية في الربيع العربي ستصبح دموية الى حد أكبر".

وتشير، "إن مما يمكن فهمه أن المجلس الوطني السوري، برفضه المحادثات حتى قبل ان وطئت قدما أنان أرض دمشق، يتمنع عن التحاور مع الأسد. فلقد سالتمن دماء الابرياء كميات أكثر من اللازم منذ أن بدأ الصراع قبل سنة، وفقد الأسد السيطرة على كل من الإقتصاد والمجتمع. ولكن المجلس الوطني السوري لا يملك إستراتيجية بإستثناء الدعوة الى تدخل أجنبي لن يأتي قط. كما أنه لا يملك برنامجاً سياسياً. وإذا لم يصب النظام بالإنهيار وواصل الجيش قصفه للبلدات والمدن الموجودة تحت سيطرة الثوار، فسيتعين على المجلس الوطني السوري أن يبلور خطة سياسية – تتضمن ما يريد وكيف سيحقق ما يريد – حتى لو تم التفاوض عليه عن طريق وكلاء، أما في اللحظة الحالية، فإنهم (في المعارضة) يسقطون ضحية نقاط قوة النظام، وهي كلها عسكرية".

وترى الغارديان، "إن كل من له صلة بسوريا يواجه خياراً مماثلاً: إما أن تصبح ساحة معركة دولية، أي (ميدان) حرب بالوكالة بين قوى إقليمية متنافسة، وحرب أهلية تغدو أكثر طائفية مع مرور الوقت، أو أنه سيتعين التوصل ألى وقف لإطلاق النار عن طريق التفاوض. والواقع أن الخيار الأخير ينطوي على خطر ترسيخ نظام الأسد في مكانه، وهذا أمر كريه بالنسبة الى قطاعات واسعة من السكان الذين هم ليسوا في مزاج للمصالحة مع أناس تصرفوا بمثل هذه الوحشية. ولكن هذا قد يكون الخيار الأفضل من سلسلة خيارات سيئة. وإذا لم يسقط النظام تحت وطأة وزنه الذاتي، فقد يكون (الخيار) الوحيد امام المعارضة. ووقف اطلاق النار ذاك لن يمكن ان يتوصل اليه سوى جيران سوريا والقوى الاقليمية- تركيا، ايران، مصر والجامعة العربية".

وتلفت، "وهؤلاء أنفسهم منقسمون إنقساماً عميقاً. ذلك أن المملكة العربية السعودية تلعب لعبة مزدوجة وتعطي شعبها رسالة متناقضة من دون خجل. ففي خطب مكتوبة سياسياً تلقى في صلوات العشاء، يصور السعوديون أنفسهم في آن معاً كحماة للسنة ضد نظام أقلية شيعية ويقولون لشعبهم إن (الاوضاع في) سوريا هي ما يحدث عندما يتحول الناس ضد حكامهم. السعوديون يقومون بإذكاء الثورة في سوريا ويحاولون في الوقت نفسه إقامة جدار نيران لتجنب حدوث شيء مماثل في بلادهم. ولغة هذه الخطب لغة طائفية بصورة واضحة تصور السنة كضحايا للشيعة وراعيتهم ايران، وهي أوضح دليل الى الآن على الهوة التي تحدق فيها سوريا".

مجزرة حمص

من جانبه اتهم وزير الاعلام السوري عدنان محمود "مجموعات ارهابية" بارتكاب "مجزرة حي كرم الزيتون" في حمص بهدف "الضغط لاستدعاء مواقف دولية"، وقال الوزير السوري ان "المجموعات الارهابية ارتكبت افظع المجازر بحق المواطنين في حي كرم الزيتون في حمص من اجل استغلال سفك الدماء السورية بهدف الضغط لاستدعاء مواقف دولية ضد سوريا". واعتبر محمود ان قطر والسعودية شريكتان "في الارهاب" الذي يستهدف الشعب السوري، محملا اياهما مسؤولية الدم السوري من خلال دعمهما "للمجموعات الارهابية المسلحة" بالمال والسلاح. وتابع ان "بعض الدول التي تدعم المجموعات الارهابية المسلحة مثل قطر والسعودية هي شريكة في الارهاب الذي يستهدف الشعب السوري في كل اطيافه ومكوناته، وتتحمل مسؤولية نزيف الدم السوري من خلال دعمها للمجموعات الارهابية المسلحة بالمال والسلاح".

الربيع السعودي

الى ذلك يرى محللون ان السعودية أصبحت جاهزة للثورة بالرغم من الخوف الذي لا يزال يمنع الإصلاحيين من الإعلان عن آرائهم. ويبدو امتداد الثورات في العالم العربي إلى السعودية مسألة وقت، فمعظم الأسباب التي أدّت إلى تفجر الثورات العربية حاضرة في السعودية، ومن بينها عشرات الآلاف من سجناء الرأي، بالإضافة إلى المستوى المذهل للفساد الذي تشهده المملكة، فضلاً عن نسبة البطالة التي تتجاوز 30 في المئة، في الوقت الذي يبلغ فيه معدل الرواتب أقل من 1300 دولار في الشهر، مع وجود فجوة هائلة بين الطبقات الاجتماعية، خاصة أن 22 في المئة من السكان يعيشون في الفقر، ما يعني أنه ليس للثروة النفطية تأثير كبير على مستوى حياة المواطن العادي، كما هي الحال في دول الخليج الأخرى. وعلاوة على ذلك، وكما هي الحال في الدول العربية الأخرى، استطاعت وسائل الاتصال أن تكسر القيود التي وضعها النظام السعودي، وأن تحرمه من السرية والخداع اللذين تستند إليهما شرعيته.

وتدير المعارضة اليوم محطات فضائية لإيصال رسائل بديلة، بينما يساهم الإنترنت والهواتف النقالة في التفاعل المستمر بين الأشخاص، ما يجعل النقاشات الافتراضية أكثر فعالية ممّا هو حقيقي. وجذب خلال الأشهر الأخيرة أحد الحسابات المجهولة على موقع «تويتر» «@mujtahidd» أكثر من 220 ألف متابع، وذلك بعد نشره تفاصيل دقيقة عن الفساد في المملكة. وقد نشر الحساب حتى الآن الآلاف من المعلومات عن أفراد من العائلة المالكة بمن فيهم الملك عبد الله. ولم يؤثر حجب الحساب داخل السعودية على ازدياد عدد المتابعين له، وبالتالي فإن هذا الاستعداد الواضح لتبني حملة التسريبات الذي يقوم بها هذا الشخص المجهول توضح ثقة الناس القليلة بالإعلام الرسمي للبلاد.

ويزداد تأثر المجتمع اليوم بأصوات الإصلاحيين من اتجاهات مختلفة، ومعظمهم من الإسلاميين كما هي الحال في الدول العربية الأخرى التي شهدت اضطرابات. ولعل هذا الواقع يذكرنا بمقولة للفيلسوف الفرنسي دنيس ديدرو في القرن الثامن عشر «دعونا نخنق الملك الأخير بأحشاء الكاهن الأخير».

ولا يركز العالم الغربي في ظل هذا التغير في الشارع السعودي سوى على الثورة الشيعية وقضية المرأة. صحيح أن الشيعة في السعودية ينشطون في احتجاجات وتظاهرات عديدة، ولكنهم يشكلون أقلية يربطها النظام بإيران، وبالتالي فإن احتجاجاتهم تبقى معزولة. وقد استطاع النظام أن يستغلّ هذه الاحتجاجات لمصلحته عن طريق إقناع السنة بسعي الشيعة للسيطرة على المحافظات الشرقية.

وفي دولة يفتقر فيها الجنسان إلى الحقوق الأساسية، فإن تركيز الغرب على تحركات المرأة أدى إلى نتائج عكسية، إذ تم ربط مطالب المرأة بالقيم الغربية التي لا تحظى بشعبية في المنطقة. ولعل التركيز على هاتين القضيتين فقط يخدم النظام السعودي، لأنه يعطي انطباعاً بأن النظام لا يواجه تحديات تهدد بإسقاطه. ويفضل النظام نقل صورته للغرب كنظام مستقر على أن يحترم الأقليات ويشجع القيم الغربية، خاصة أن أي تحد داخلي آخر من شأنه أن يفقد السعودية ثقة الغرب بإمكانيتها في الحفاظ على مصالحه.

ولكن بالرغم من الاقتناع الكامل بضرورة تغيير النظام، لا يزال الاصلاحيون مترددين في الإعلان عن آرائهم. ويستمر رجال الدين المعينون من الملك باسترضاء النظام في بلد يعتبر فيه الدين ركيزة أساسية في الحياة السياسية، في وقت يواظب الإعلام الرسمي على ربط التغيير بالفوضى عبر إيصال صور مخيفة عن ليبيا وسوريا واليمن. وما هو أكثر أهمية من هذا كله أن مستوى الثقة بين الناشطين السياسيين لا يزال ضئيلاً، وهذا ما يجعل التوافق حول مطالب موحدة أمراً صعباً. وتجدر الإشارة إلى أن مصطلحات حرية التعبير، والشفافية وتقاسم السلطة غريبة على سكان المملكة، حيث النشاط السياسي كان تقريباً غير موجود. ولكن هذا لا يعني أن التغيير مستحيل، خاصة في ظل المطالبات بمحاكمة ولي العهد ووزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز. أما الدعم الأميركي والأوروبي للنظام السعودي فهو يأتي بنتائج عكسية إذ ينظر الشعب إلى النظام على انه يبيع البلاد لحكامه الغربيين. بحسب شبكة راصد الإخبارية.

يمكن القول إن ميزان القوى في السعودية يميل نحو التغيير، وهو ينتظر الشرارة لإشعاله، على غرار وفاة الملك أو تطوّر غير متوقع على غرار ما حدث في تونس حين أحرق محمد بوعزيزي نفسه. ومنعت إحدى قبائل منطقة الطائف، قرب مكة قوات الأمن من تنفيذ أمر ملكي بالحصول على أراضيها، ما أجبر السلطات على إلغاء القرار. يتساءل الناس في أنحاء البلاد كافة: إن كانت قبيلة صغيرة قادرة على استعادة أراضيها عبر التظاهرات السلميـة، فلماذا لا تستطيع الأمة كاملة المطالبة بحقوقها بالطريقة ذاتها؟

السعودية والموساد

من جانب آخر العلاقة الاستخبارية بين الموساد الإسرائيلي والاستخبارات السعودية ظهرت في مجموعة من الرسائل البريدية الإلكترونية المسربة من شركة الاستخبارات الأميركية «ستراتفور»، وتحديداً تلك المرسلة بتاريخ 2 أيار/مايو 2007، والتي تضمنت مناقشات بين نائب رئيس «ستراتفور» لشؤون مكافحة الإرهاب، فريد بورتون، ومحللين في ما يتعلق بالتعاون السري السعودي ـــ الإسرائيلي. كما أنها تشير إلى اهتمام «ستراتفور» بإنشاء علاقات تجارية خاصة مع نظام الحكم في السعودية. بدأت المناقشات بإرسال بورتون رسالة قصيرة إلى أحد المحللين، نقلاً عن مصدر استخباري «بشري» لم يسمّه، الذي زعم أن الموساد الإسرائيلي عرض مساعدة «سرية» على الاستخبارات السعودية في «جمع ​​المعلومات الاستخبارية وتقديم المشورة بشأن إيران».

ومن الواضح أن «مركز العبور الأساسي إلى الرياض» كان مدينة نيقوسيا في قبرص. وفي سياق ما يشبه النصيحة، لفت المصدر إلى أن السعودية تلعب «على جانبي السياج، مع الجهاديين والإسرائيليين، خوفاً من ألا يكون لدى الولايات المتحدة قدرة على السيطرة على أي منهما». وفي الختام، كشف المصدر أن «مجموعة من ضباط الموساد الطموحين، السابقين والحاليين، يعقدون حزمة من الصفقات لبيع السعوديين معدات أمنية، معلومات استخبارية، وخدمات استشارية». بحسب شبكة راصد الإخبارية.

وهذه الجملة تعني أن علاقة أمن وتجارة جمعت الدولة العبرية والنظام الحاكم في المملكة العربية السعودية. الرئيس والمدير المالي في «ستراتفور»، دون كايكندال، شارك في رسالة بورتون أيضاً، حيث سأل الأخير «هل ضممنا وزارة الخارجية السعودية واستخباراتها إلى لائحة عملائنا؟ إنني أقترح إرسال مايك باركس (أحد موظفي ستراتفور المعنيين باستقدام العملاء»، صديق الأمير بندر بن سلطان، لإقناعهم. 100,000 $ مبلغ تافه بالنسبة إلى هؤلاء، أعتقد أنه ليس لدى جانكا علاقات مع هؤلاء... (كلمات بذيئة تستخدم لإهانة العرب)».

هذا الاقتراح لاقى استحساناً لدى كبار الموظفين في «ستراتفور»، على الرغم من قلقهم إزاء إمكان تحمّلهم نفقات سفر أحد الموظفين إلى الرياض لإتمام العملية. تبادل الرسائل الإلكترونية انتهى مع بورتون حين حاول إضفاء شيء من روح فكاهته العنصرية المعتادة قائلاً: «إما نريد رؤوس المنشفة هؤلاء عملاء لنا أو لا. ويمكنني أن أقطع رأس أي شخص نرسله إلى الرياض».

تجدر الإشارة إلى أن السعودية جددت تأييدها في عام 2007 لمبادرة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إضافة إلى أن تقريراً في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية يعود إلى شهر آب/أغسطس من العام نفسه ذكر أن وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، كان حريصاً على المشاركة في مؤتمر أنابوليس الذي كان مزمعاً عقده في الخريف، وذلك في مقابل إشارة إسرائيل إلى «الانفتاح» على الخطة السعودية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 15/آذار/2012 - 21/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م