طلبة العراق بين الإدمان والاكتئاب والتوحد

زاهر الزبيدي

في ندوة علمية أقامتها جامعة الكوفة، كشف السيد حافظ الزبيدي، التدريسي فيها، بأن 80% من طلبة المدارس والجامعات يعانون من الاكتئاب والغضب والتوتر، منهم 35% مدمنون على التدخين أو الحبوب المخدرة أو الكحول !

والحديث هنا عن طلبة و مدارس وجامعات من المفترض، عموماً، تمتعهم بصحة جيدة بعيداً عن التوترات النفسية الشديدة لكونها، التوترات، تسيطر بشكل كامل على مجمع الفعاليات العصبية والنفسية لديهم مما يجعلهم في خضم معاناة شديدة في عدم الاستيعاب والادراك لحقيقة دورهم الكبير والمهم في صنع المستقبل ووضع أسس النهضة المقبلة، الموعودة، وكذلك ينحرف بهم الى مستوى علمي متدني يتسبب في فقدانهم لأهم ميزة يجب أن يتمتع بها طالب العلم ألا وهي القابلية على تلقي المعلومات العملية وخزنها بترتيب يساهم بجد في نجاحه في الاختبارات.

وفي البحث المكثف عن الأسباب الموجبة لتلك التوترات من الاكتئاب والغضب نرى إننا أمام مجموعة من الأمراض التي لا تقل خطورة عن الأمراض العضوية والأوبئة الفتاكة لكوننا غافلون عن الجانب النفسي ونعاني من ضعفاً آخر في مجال الإرشاد التربوي والنفسي للطلبة على كافة مستوياتهم العلمية مع أن المعاناة ذاتها تنطبق على جميع شرائح الشعب الأخرى مما يستوجب الوقوف عندها كثيراً ورصدها والتقصي عن أسبابها الموجبة من خلال عمل استبيان واسع تقوم به وزارة التربية والتعليم العالي لغرض الوقوف على الأسباب الشخصية والمهنية والاجتماعية التي دفعت بالطلبة الى الدخول في مطبات الانفعالات النفسية الشديدة.

إن الأمراض النفسية تعتبر دولياً أشد خطورة من الأمراض العضوية على إعتبار أن المريض بمرض عضوي قد يتسبب بأذى لنفسه فقط بينما المريض نفسياً قد تنكس أثار مرضه على أسرته ومجتمعه في الوقت الذي ننتظر من الطلبة أن يكون واسطة نقل مهمة لنقل أهم العلوم التي يتلقوها في مدارسهم الى عوائلهم كوسيلة فعالة إضافية من زيادة وغنى النشاط الاجتماعي الأسري.

كم نرى أن تفشي مرضى "التوحد" بين طلبات المدارس الابتدائية أصبح ظاهرا ففي دراسة أجراها معهد كامبريدج عن مرضى التوحد في العراق أكدت إنتشاره بنسبة كبيرة مقارنة بالأعوام الماضية حيث وصلت عدد الحالات الى 75 حالة لكل عشرة آلاف شخص من الأعمار ما بين 5-11 عاماً وهو بالتالي يدفعنا الى إيجاد وسائل فعالة في معالجة مرضى التوحد من أطفالنا ومعالجة عدم قدرتهم على التواصل مع الأخرين لكون الاستمرار بهذا المرض يدفع بالمرضى الى انتهاج منهج نفسي مؤلم مستقبلاً ولوجود صعوبة في الكشف عن هذا المرض لديهم.

قد تساهم الإجراءات التي تتبعها الجهات التعليمية الحكومية والأهلية مع تلك التي تتبناها الأسر في المجتمع لمحاولة إخراج تلك الشريحة المهمة من تجاوز تلك المراحل النفسية المعقدة من حياتهم وهي، تلك الشريحة، المرشحة القوية لدينا لتلقي أية ظاهر نفسية سلبية تعكسها بالتالي بشكل واضح على المجتمع بأسره.

سنبقى بحاجة مستمرة لإدامة زخم العلاجات النفسية وأن ندفع بالتثقيف باتجاه أهمية العلاج النفسي على الرغم من قلة الأطباء النفسانيين لدينا إلا إننا في العراق لدينا خريجون من أقسام الفلسفة وعلم النفس والاجتماع من العاطلين عن العمل فهلا يتم تعيين أحدهم بصفة مراقب نفسي واجتماعي يراقب عن كثب تصرفات الطلبة في تلك المدارس والمؤسسات العلمية العليا ليحولها الى دراسات يتم جمعها بصورة دورية وترفع معها توصيات الى الوزير المسؤول عن تلك المؤسسات حينما قد نتمكن من تحويلها الى قوانين أو تعليمات تصدرها الوزارة في سبيل التذليل من العقبات التي تساهم في إذكاء جذوة تلك الصراعات النفسية التي جعلت من عقول ابناءنا الطلبة مسرحاً لها ومحاولة منا، كأمانة، أن نساهم ونساعد بجدية أكبر في توفير الجو النفسي المناسب وبمساهمة حتى من التدريسيين على إختلاف درجاتهم في التذليل من العقبات التي تعترض طريق العلم لدينا.. فلا يوجد في المجتمعات الراقية أهم من طلبة العلم منذ المرحل الأولى الى المراحل العليا فلنقتدي بهم على أقل تقدير.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 15/آذار/2012 - 21/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م