تنامي التعامل التعسفي للشرطة عالميا!

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: المعني بمفردة (الشرطة) هنا، جميع الاجهزة الامنية التي تتعامل مع الافراد والجماعات بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لهذه عندما تُذكر هذه المفردة فإن الامن والمخابرات والجيش والشرطة الداخلية وشرطة الحدود وغيرها من الاجهزة الامنية الخاصة والعامة مشمولة بهذه المفردة، وقد أظهرت كتابات ودراسات عديدة تناميا ملحوظا لتعسف الاجهزة الامنية في تعاملها مع المواطنين في عموم دول العالم، ولعل الكارثة الكبرى تكمن في اختراق المافيات والعصابات والمليشيات المسلحة لهذه الاجهزة، عند ذاك تتحول الى أجهزة للابتزاز والسطو والمساومة والتجاوز على حقوق المواطن الى حدود قد يصعب تصورها!!.

تقول الكاتبة آمال عواد رضوان في كلمة لها بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة تعسف الشرطة: (تُبلِغُنا مناشدات عن اختفاءٍ قسريٍّ وتفشّي عمليّاتِ توقيفٍ واحتجازٍ تعسّفيّ، وتُطالبُ بالإفراجِ عن أطفالٍ ونساءٍ اختُطِفوا للاتّجارِ بهم أو لتزويجِهم، واحتجازِ نساءٍ وفتيان ومواطنينَ ولاجئينَ، ورعايا أجانب بدون جنسيّات ترفضُ دائرةُ الأمنِ الوطنيّة والمخابرات طلباتِ لجوئِهِم وقرارات ترحيلِهم، واحتجاز كُتّابٍ وأدباء وصحفيّينَ وطلاّبٍ ونشطاء وسياسيّينَ ومُعارضينَ ومُتمرّدين ومُحرّضين اختُطِفوا دونَ إعلامِ أُسَرِهِم، ودونَ معرفةِ أسبابِ الحجْزِ ومُدّتِهِ ونتائجِه، ودون معرفةِ الجهةِ الّتي اعتقلَتْهم، إن كانتْ مِنَ الشّرْطةِ أو أعوانِ الدّولة، ودونَ معرفةِ مكان احتجازِهِم: في مراكزِ شرْطة، قواعدَ عسكريّةٍ، سجونٍ سرّيّةٍ وغيرِ رسميّة، أو في مقرّاتِ المخابرات!؟).

هكذا يتضح أن جميع الفئات العمرية والشرائح المجتمعية المختلفة، معرضة لانتهاك مؤسسات الشرطة المتنوعة، حيث تغيب الاجراءات القانونية والانسانية المتعارفة عند التعامل في قضايا جزائية متباينة، فيظهر التعسف جليا بحق المواطنين، من دون خوف أو حساب للردع والعقوبة، لأنهم هم من يتحكم بوسائل الردع ومصادرها، لهذا تتعدد صور التجاوزات والتعسفات المختلفة بحق المواطن، إذ تقول الكاتبة نفسها في كلمتها: (كثيرٌ مِنَ المُدَّعى عليهم تقومُ الشّرطةُ بتوقيفِهم دونَ إجراءاتٍ قانونيّةٍ أو خارجَ رقابةٍ قضائيّة ورسميّةٍ لوزارةِ العدل، وبناءً على أقوالِ شهودٍ مجهولي الهُويّةِ، فتتذرّعُ بظروفٍ استثنائيّةٍ لتبريرِ التّعذيب، وتُمارسُ انتهاكاتٍ خطيرةً بحقّهم، بأنماطٍ مُتعسّفةٍ واعتقالاتٍ سِرّيّةٍ وعلنيّةٍ، واستجوابِهم وتهديدِهم وملاحقتِهم وتعذيبِهم).

والمشكلة الواضحة للعيان، أن دولنا بل معظم دول العالم، تكاد تشترك في اتفاقيات ترفض التجاوزات والتعسفات التي ترتكبها أجهزة الشرطة المختلفة بحق الناس، ولكن حينما نأتي الى جانب التطبيق نلاحظ تناقضا صارخا بين ما يتم الاتفاق عليه وما يحدث على الارض!!، لذا تتساءل رضوان في كلمتها قائلة: (هل تعمل دولُنا الأطراف على تدريبٍ إلزاميٍّ في مجالِ حقوقِ المُحتجَزين، للقضاةِ ومُوظّفي السّجون والشّرطة والمخابراتِ وأفرادِ الجيش، بدوراتٍ وحلَقاتٍ دراسيّةٍ ومحاضراتٍ متعلّقةٍ بحقوقِ الإنسان، للتّزوّدِ بوعيٍ ومهاراتٍ وتقنيّاتِ تحقيقاتٍ مناسِبةٍ لاستجوابِ الأفراد، تَحظُرُ التّعذيبَ بشكلٍ مُطْلَقٍ؟). وتضيف متسائلة:

(هل تُعزّزُ قدراتِ مكاتبِ مُحامي الدّفاعِ، لإسداءِ خدماتِ المساعدةِ القانونيّة؟ وفي المجالِ الطّبّيّ، هل تُجري تدريباتٍ تتعلّقُ بكيفيّةِ الكشْفِ عن آثارِ التّعذيبِ، واستخدامِ دليلِ التّقصّي والتّوثيقِ الفعّاليْنِ لضروبِ التّعذيب؟ وهل تفحصُ وتُقيّمُ مدى نجاحِ هذهِ الدّوراتِ التّعليميّة، وتُقدّمُ ﺭﻋﺎﻳﺔً صحّيّةً ﺗﻀﻤَﻦ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴّﺔَ فحوصِ الطّبّ الشّرعيّ، وتقبلُ الاﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎﺕِ كأدلّةٍ في الإجراءاتِ الجنائيّةِ والمَدنيّة؟ وهل تتعاونُ معَ المُنظّماتِ غيرِ الحكوميّةِ واللّجانِ الدّوليّةِ كالصّليبِ الأحمر وغيرِها مِنَ الآليّاتِ الدّوليّةِ المستقلّة؟ وهل تسمحُ لهم بزياراتٍ فجائيّةٍ أو بانتظامٍ بعمليّاتِ تفتيشٍ وتقييمٍ، للسّجونِ والمَرافقِ الإصلاحيّةِ ومَرافقِ الاحتجاز، للرّصْدِ المنهجيّ لأماكنِ الحرمانِ مِنَ الحُرّيّة، كي توفّرَ الحمايةَ للضحايا، والخدماتِ القانونيّةِ والطّبّيّة والنفسيّة وخدماتِ إعادةِ التّأهيل؟).

هذا يدل بوضوح على تزايد وتصاعد الخط البياني لتعسف أجهزة الشرطة في عموم العالم، الامر الذي يستدعي وقوفا دوليا حازما بوجه هذه التجاوزات، لاسيما أنها تُدعَم بصورة دائمة من لدن بعض الحكومات المخترَقة والملغَّمة بأساليب المافيات والعصابات التي تجوب العالم، بحثا عن الارباح المالية الضخمة، مقابل نشر التجاوزات الانسانية عالميا، من خلال شبكات التهريب والاتجار بالنساء، ومواصلة غسيل الاموال وما الى ذلك من أساليب، تشكل قلقا متواصلا للمجتمع الدولي برمته.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 14/آذار/2012 - 20/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م