سياحة الفضاء... فرص متاحة للأغنياء فقط

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: لم تعد السياحة الفضائية مجرد خيال، إذ كان يتحدث الجميع قبل أربعين عاما عن السفر إلى الفضاء، وكان في خيال آلاف من الناس أن يطيروا فيه، على ما يبدو أن أحلامهم بدأت تتحقق. فبعد ما كانت زيارة الفضاء أمر غير متاح إلا لرواده المدرّبين، والعيش فيه ضرب من ضروب الخيال وفكرة لا وجود لها إلا في أفلام الخيال العلمي، أصبحت اليوم مجسدة في الواقع الملموس، فلم يعد هذا الأمر جنونا أو حلما يستحيل تحقيقه، كما لم يعد الفضاء حكرا على روّاده، بل أضحى وجهة لذوي الثراء الفاحش والذين لم تعد آثار كوكب الأرض ومناظره الخلابة قادرة على إشباع رغباتهم والترويح عنهم.

فيمكن للأشخاص الذين ملوا الرحلات إلى أماكن سياحية على كوكبنا الأزرق، أن يقضوا قريباً عطلاتهم في الفضاء الخارجي، كما تأمل بعض الشركات التي تعمل على إقامة مثل هذه المشاريع حالياً. وتهدف هذه المشاريع إلى إرسال السائحين المتحمسين لقضاء أوقات في الفضاء الخارجي، إذ سيحلقون بكبسولات خاصة في رحاب الكون القاتم وتحتهم يظهر كوكبنا الأزرق، بعيداً عن جاذبية الأرض.

لكن هذه الرحلات ستكلف الكثير من الناحية المادية، إذ تفترض الشركات التي تخطط لمثل هذه الرحلات أن تكون التذكرة بين 100 أو 200 ألف دولار أمريكي او اكثر من ذلك، لكن مقابل متعة قصيرة فقط، إذ لا يبقى السائحون إلا لدقائق معدودة في الفضاء. وليست هناك خطط لدى هذه الشركات للقيام برحلات للدوران حول الأرض. وفي هذا التطور الحاصل في مجال الفضاء الخارجي هل سيتمكن الجميع من السياحة في الفضاء بالمستقبل القريب ام تبقى حكرا على الأغنياء فقط. فهل ترغب ان تكون لك مركبة فضائية وتخوض مغامرات السياحة في الفضاء؟

سياحة الفضاء تبدأ في الـ2013

فقد أعلنت شركة "فيرجـــين غالاكتيك" التي يملكها المليارديــر البريطـــاني ريتشارد برانسون أن أولى رحلاتها السيــاحية إلى الفــضاء ستكون في العام 2013، وأكدت الشركة أنها كانـــت تأمل في انطلاق تلك الرحلات قبل ذلك الوقت، ومع ذلك فإن هذا التـــاريخ غير مؤكد أيضا بالنظر إلى التجارب الطويلـــة التي يتعين إجراؤها واتخاذ أقصى التدابيــر لضــمان سلامة الركاب، وقال المدير التجاري للشركة ستيفن اتنبوروف إن 500 شخص قد حجزوا تذاكرهم بالفعل للقيام برحلات فضائية. وكان برانسون يأمل في بداية مشروعه في أن تنطلق أول رحلة فضاء تجارية تحمل سائحين على متن المركبة "سبيس شيب 2" في موعد لا يتجاوز عام 2007، ولكن ذلك الأمر لم يخرج عن نطاق الأماني، والشركة لم تعلن اي موعد محدد لانطلاق رحلتها الفضائية الأولى. وفي 18 تشرين الأول الحالي حدد برانسون موقع محطة إطلاق الرحلة الأولى في صحراء ولاية نيومكسيكو في الولايات المتحدة، والجدير بالذكر أن الرحلة الفضائية السياحية الواحدة لن تزيد عن ساعتين ونصف ، وستحلق السفينة "سبيس شيب 2" بركابها خارج نطاق الجاذبية الأرضية كي يستمتعوا بحالة إنعدام الوزن، وأخيرا فإن سعر التذكرة للشخص الواحد في الفضاء الخارجي يبلغ 200 ألف دولار. بحسب البي بي سي.

سباق السياحة الفضائية

في سياق متصل اشتعل سباق السياحة الفضائية عندما أعلنت شركة ثانية عن بدء طرح تذاكر لرحلات الي الفضاء بأقل من نصف السعر الذي تقدمه منافستها فيرجين جالاكتيك، وقالت شركة اكسكور ايروسبيس ومقرها كاليفورنيا ان سعر الرحلة على متن سفينتها الفضائية لينكس سيكون 95 ألف دولار، ويجري حاليا تطوير لينكس ذات المقعدين في قاعدة اكسكور في صحراء موجافي ومن المقرر أن تنطلق الرحلات الاختبارية في العام 2010. وسيقوم المصرفي الاستثماري الدنمركي بير ويمر بأول رحلة عندما تبدأ الرحلات المدفوعة الثمن ربما بحلول العام 2011، وتتشابه هذه الخدمة مع رحلات تبيعها فيرجين جالاكتيك التي تعتزم تشغيل أسطول من سفن الفضاء المبنية على نمط السفينة (سبيس شيب وان) وهي أول مركبة فضائية مأهولة في العالم يطورها القطاع الخاص، وصنع مصمم الطائرات بيرت روتان وشركته (سكيلد كومبوزيتس أوف موجافي) سفينة الفضاء (سبيس شيب وان) ليفوز بجائزة قيمتها 10 ملايين دولار في 2004، ويشرف روتان على عملية لتطوير مركبة فضائية تسع سبعة أشخاص تعرف باسم (سبيس شيب 2) لحساب فيرجين جالاكتيك التي تعرض رحلات فضائية مقابل 200 ألف دولار، وتتوقع فيرجين جالاكتيك أن تبدأ الرحلات الاختبارية في 2009 أو 2010 على ان تنطلق الرحلات التجارية بعد ذلك. وبدأت في بيع التذاكر لتلك الرحلات في 2005، وستصل رحلة لينكس الى ارتفاع قدره 61 كيلومترا وهو كاف للابتعاد بشكل كبير عن الغلاف الجوي للارض لكنه ليس عاليا بما يكفي للوصول الى مدار فضائي، وسيخوض المسافرون تجربة انعدام الوزن لنحو دقيقة لكن على عكس رحلات فيرجين فانهم سيبقون في مقاعدهم وسيرتدون سترات فضاء مكيفة الضغط، وسيتمكن المسافرون من النظر عبر نوافذ واسعة في قمرة القيادة ليروا كوكب الارض أسفلهم، وتتوقع الشركة أن تقوم باربع رحلات يوميا. وتقلع المركبة الفضائية لينكس وتهبط بشكل أفقي مثل الطائرة دون الحاجة الى منصة اطلاق. بحسب رويترز.

تزيد من ظاهرة التغير المناخي

فيما أكد باحثون أمريكيون أن عوادم صواريخ الفضاء التي تحمل مركبات فضاء، غير حكومية في طريقها إلى أن تصبح عنصرا واضحا وراء ظاهرة التغير المناخي، وأشار الباحثون تحت إشراف مارتن روس من شركة "ايروسبيس" بمدينة السيجوندو بولاية كاليفورنيا الأمريكية، إلى أن السبب في هذا الخطر المحدق هو "السخام" بشكل رئيسي وليس غاز ثاني أكسيد الكربون. وقد نشرت الدراسة الأثنين في مجلة "جيوفيزيكال ريسيرش ليترز، وأكد روس أن "الصواريخ هى المصدر الوحيد المباشر للتفاعلات الكيميائية التي من صنع الإنسان على ارتفاع 22 كيلومتراً فوق الأرض، لذا فمن المهم فهم كيفية تأثير عوادم هذه الصواريخ على الغلاف الجوي، توقع الباحثون في تحليلهم العلمي أن يتسع سوق السياحة الفضائية خلال السنوات العشر القادمة مما جعلهم يقيمون دراستهم على أساس انطلاق ألف صاروخ فضائي سنوياً، وأكد الباحثون أن هذه الطبقة المتراكمة عبر سنوات من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تمتص شعاع الشمس الساقط على الأرض مما يمكن أن يؤدي إلى انخفاض درجة حرارة الطبقات أسفلها بنحو 7ر0 درجة مئوية، وفي الوقت ذاته ترتفع درجة حرارة الغلاف الجوي، ما يغير دورة الهواء على مستوى العالم ويمكن أن يؤدي بدوره إلى ارتفاع درجة حرارة القطب الجنوبي بنحو 8ر0 درجة مئوية بسبب سياحة الفضاء، يذكر أن الملياردير الأمريكي ريتشارد برانسون أعلن بولاية نيومكسيكو الأمريكية عن افتتاح محطة "سبيسبورت أمريكا" الخاصة والتي ستنطلق منها رحلات للسياحة الفضائية بدءاً من عام 2012، والتي توافد عليها العديد من أثراء العالم لحجز أماكن لهم ضمن هذه الرحلات.

"بوينغ" تقتحم سياحة الفضاء وأولى رحلاتها عام 2015

كما أعلن عملاق صناعة الطيران الأمريكي، "بوينغ" أنه يعتزم تعتزم اتاحة فرصة السفر إلى الفضاء للركاب على متن مركبة تطورها الشركة ستطير إلى مدار الأرض المنخفض، وذكرت "بوينغ" أنها  توصلت إلى اتفاق مع شركة "سبيس ادفنشرز"،  ومقرها فرجينيا لتسويق مقاعد للركاب في رحلات تجارية على متن مركبة "سي.اس.تي-100" (CST-100) الفضائية التي تطورها لحساب وكالة الفضاء والطيران الأميركية "ناسا"، وقال عملاق صناعة الطيران الأمريكي إن المركبة الفضائية يمكنها ان تحمل سبعة ركاب، ويمكنها القيام بعدة رحلات إلى مدار الأرض المنخفض بحلول عام 2015، ولم يحدد بعد سعر تذكرة السفر إلى الفضاء، وقالت "بوينغ" إن العملاء المحتملين يمكن أن يكونوا من الأفراد أو الشركات أو المنظمات غير الحكومية أو الوكالات الاتحادية الأمريكية، ويذكر أن "سبيس ادفنشرز" رتبت سفر سبعة أشخاص إلى الفضاء على متن رحلات إلى محطة الفضاء الدولية التي تبنيها الولايات المتحدة وروسيا في الفضاء، ويشار إلى أن "فيرجين غالاكتيك" كانت قد أزاحت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، الستار عن أول سفينة فضاء تجارية ستسيرها الشركة لنقل المسافرين إلى الفضاء الخارجي كأول انطلاقة لتدشين سياحة الفضاء المكلفة، ومن المتوقع انطلاق أولى رحلات الصاروخ المجنح "سبيس شيب تو" SpaceShipTwo  عام 2011، من ميناء فضائي قيد التشييد في "نيومكسيكو"، وذلك بعد فترة اختبارات بلغت عام ونصف العام، يذكر أن 300 شخص قد حجزوا بالفعل لدى "فيرجين غالاكتيك" بدفع 20 ألف دولار كمقدم، لرحلة الفضاء باهظة الثمن وتبلغ تذكرتها 200 ألف دولار، علماً أن لائحة الانتظار لتلك الرحلات الفضائية تمتد إلى قرابة 80 ألف شخص، وسيشهد المشروع الذي تصل ميزانيته إلى 450 مليون دولار بناء ست سفن فضاء تجارية قادرة على حمل المسافرين إلى خارج نطاق الجاذبية، لتحقيق حالة انعدام الوزن وإلقاء نظرة على الأرض من الفضاء، وستحمل أول رحلة لـ"سبيس شيب تو" برانسون وعائلته، يذكر أن الرحلات الفضائية لرواد الفضاء كانت حتى وقت متأخر حكراً على البرامج الحكومية، ولكن شهدت السنوات الأخيرة رحلات لأثرياء دفع كل منهم حوالي 20 مليون دولار للسفر إلى محطة الفضاء الدولية على متن مركبة فضاء روسية، وتستند فكرة "فيرجين غالاكتيك" على رؤية مستقبلية مفادها أن الرحلات الفضائية ستصبح أمراً شائعاً في المستقبل القريب، تماماً مثل الرحلات الجوية. بحسب السي ان ان.

روسيا تجمد برامج السياحة الفضائية

في حين قررت الإدارة الجديدة لوكالة الفضاء الروسية عدم بيع أماكن كانت قد حجزت في وقت سابق في مركبات "سيوز" الفضائية إلى دفعة جديدة من السياح الفضائيين، وأوضح مصدر في الوكالة الروسية أن "السياح الفضائيين الذين سمحت لهم في الماضي بركوب المركبات الفضائية كانوا يشغلون الأماكن المخصصة لرواد الفضاء المحترفين، ولهذا السبب طال انتظارهم حتى إتاحة الفرصة لهم للذهاب في رحلة فضائية، وكانت مدة انتظار بعضهم تصل إلى 10 أعوام أو ما يزيد وهو ما لا يشجع الشباب على الانتساب إلى فريق رواد الفضاء"، طبقاً لما ورد بـ"وكالة الأنباء القطرية، وكان الملياردير الكندي جي لاليبرتيه آخر سائح فضائي من بين السياح الفضائيين السبعة الذين نفذوا تحليقات على متن المركبات الفضائية الروسية والمحطة الفضائية الدولية. بحسب يونايتد برس.

كبسولة لسياحة الفضاء

من جهة أصبحت الرحلات السياحية إلى الفضاء في الوقت الراهن ليست لها علاقة بالرحلات الفضائية الحقيقية، ومنها الرحلات على متن صواريخ سيوز الروسية أو مكوكات الفضاء الأمريكية في السابق. ولم تجر أي من الرحلات إلى الفضاء لأغراض تجارية إلا على متن مركبة "سبيس شيب وان". ففي عام 2004 حلقت هذه المركبة الصاروخية في ثلاث رحلات على ارتفاع أكثر من 100 كيلومتر، حيث يبدأ الفضاء وفق التعريف السائد. لكن في الحقيقة فإن هذه الرحلات لا تتعدى كونها مجرد استعراض للخبرات التكنولوجية، المركبة الصاروخية الصغيرة مركبة "سبيس شيب وان" رُبطت على ظهر مركبة حاملة كبيرة، ومن ثم تنفصل عنها بعد الارتفاع لعدد من الكيلومترات. ومن ثم تعمل محركات الدفع لمدة دقيقة، لتنطلق المركبة إلى الأعلى بشكل عمودي تقريباً. وبعد توقف المحركات على ارتفاع 60 كيلومتر تقريباً تحلق المركبة كحجر مرمي لتصل إلى حاجز المائة كلم السحري الفاصل بين الفضاء الخارجي وجو الأرض. وعادت مركبة "سبيس شيب وان" في النهاية إلى الأرض بعد تحليق لم يستمر لأكثر من نصف ساعة.

وفيما نجح الخبراء بسرعة في تطوير المركبة الاختبارية، تواجه عملية بناء مركبة، تعتمد عليها الرحلات إلى الفضاء الخارجي بشكل روتيني، صعوبات. ووفق الخطط الأصلية كان يجب أن تكون المركبة من الجيل اللاحق "سبيس شيب تو" قد دخلت العمل منذ سنوات عدة، وتحمل طيارين وست مسافرين إلى الفضاء الخارجي بشكل منتظم. لكن المركبة الجديدة لم تخضع إلا لعدد من الاختبارات الجزئية. ومن غير المعروف بعد ما إذا كان من الممكن أن يبدأ تشغيلها تجارياً في هذا العام. وحتى مع دعم الملياردير ورجل الأعمال السير ريتشارد برانسون للشركة، إلا أن هناك الكثير من العقبات الفنية التي يجب التغلب عليها، وحتى مجموعة الفضاء شركة الصناعات الجوية والعسكرية الأوروبية "إيدس أستريوم" دخلت هي الأخرى المنافسة في هذا المجال. ففي عام 2007 تم تقديم خطط خاصة لبناء مركبة فضاء في معرض الصناعات الجوية في باريس، كما عُرض نموذج طموح في المعرض. لكن لم يُسمع عن المشروع شيء بعد ذلك، باستثناء بعض المقاطع المصورة لعمل المركبة، ولم يعد هناك من يتحدث عن بدء عمل المركبة عام 2012، وأصبح صعوبة الحصول على تذكرة سفر إلى الفضاء في الوقت الحالس بينما سبعة سياح كانوا فعلا في الفضاء، أي الدوران حول كوكب الأرض. في العقد الماضي قام الروس بإتاحة أماكن شاغرة على متن رحلاتهم في كبسولات سيوز، وأخذوا بعض السياح إلى محطة الفضاء الدولية للإقامة هناك لمدة أسبوعين، وذلك مقابل 30 مليون دولار أمريكي، بما في ذلك إقامة كاملة في المدار، لكن من يريد القيام بمثل هذه الرحلات ولديه المالي الكافي لتمويلها، سيصاب حتما بخيبة أمل كبيرة، ذلك أنه بعد انتهاء الرحلات الفضائية على متن المكوكات الأمريكية، أصبحت إمكانية السفر إلى الفضاء تقتصر على رواد الفضاء. أما السياح الراغبون في استطلاع الأجواء الخارجية فلا يمكنهم حاليا الحصول على أي تذكرة سفر إلى الفضاء.

فندق الفضاء

الى ذلك تحاول بعض الشركات السياحية زيادة أرباحها من خلال جذب المزيد من الزبائن عبر طرح أفكار جديدة والإعلان عن رحلات بوسائل مبتكرة وإقامة مشاريع جديدة ولو أنها تبدو في البداية خيالية وغريبة كمشروع السياحة والإقامة في الفضاء، فندق الفضاء سيدور حول العالم في 80 دقيقة، أعلنت شركة غالاتيك سويت سبيس ريزورت أنها تسعى إلى افتتاح أول فندق في الفضاء يمكنه استقبال ضيوفه من البحثين عن المغامرة والتحليق في الفضاء بحلول عام 2012، هذا على الرغم من الشكوك التي أظهرها بعض المنتقدين في إمكانية تنفيذ المشروع ضمن الإطار الزمني المذكور، وقال خافيير كلارامونت الرئيس التنفيذي للشركة صاحبة المشروع ومهندس الطيران السابق، إن المشروع الذي سيكلف مليارات الدولارات سيضع شركته في طليعة صناعة وليدة أمامها مستقبل زاهر، متوقعا أن يصبح السفر عبر الفضاء شائعا في المستقبل، وأضاف قائلاً: "من الطبيعي جدا أن نعتقد أن أطفالنا ربما في غضون 15 عاما يمكنهم قضاء عطلة نهاية الأسبوع في الفضاءن وسيرى الضيوف لدى إقامتهم في "فندق الفضاء" شروق الشمس 15 مرة يوميا وسيسافرون حول العالم كل 80 دقيقة. وسيرتدون زيا من الفيلكرو كي يمكنهم الزحف حول حجراتهم الصغيرة وهم ملتصقون على الجدران مثل الرجل العنكبوت، لكن تبقى مشكلة التكاليف التي لن تكون بطبيعة الحال متاحة لذوي الدخل المحدود، إذ أن تكلفة الإقامة لمدة ثلاث ليال في الفندق تبلغ ثلاثة ملايين يورو شاملا رسوم الدورة التدريبية للتعامل مع أجواء الفضاء الخارجي والتي ستكون مدتها ثمانية أسابيع، وتأمل شركة غالاتيك سويت ليمتد، ومقرها برشلونه، البدء في المشروع بحجرة واحدة في مدار على بعد 450 كيلومترا من الأرض والسفر بسرعة 30 ألف كيلومتر في الساعة مع القدرة على استيعاب أربعة سياح ورائدي فضاء. وسيحتاج الوصول إلى الغرفة يوما ونصف اليوم. وكالة الانباء الالمانية.

ويبدو أن الفندق الجديد لن يحتاج إلى البحث عن زبائن، إذ أبدى منذ الآن وقبل افتتاحه المفترض في عام 2012، أبدى أكثر من 200 شخص رغبتهم في السفر إلى فندق الفضاء وقام أكثر من أربعين منهم بالحجز فعلاً، وبدأت ملامح ما يمكن تسميته بصناعة سياحة الفضاء تأخذ شكلها لتتحول مستقبلاً إلى قطاع سياحي مثل باقي القطاعات، حيث تجري لهذا الغرض إقامة منشأة في نيومكسيكو قبالة ميناء أمريكا الفضائي وهي أول منشأة في العالم تقام خصيصا من أجل الزبائن التجاريين المتجهين إلى للفضاء والركاب بتذاكر مدفوعة الثمن. وسوف تستخدم شركة فيرجين غالاتيك البريطانية المنشأة لنقل السياح إلى الفضاء بتكلفة تبلغ فقط 200 ألف دولار للنزهة.

مصعد الفضاء

من جهتها قالت شركة بناء يابانية إنها تخطط لصناعة مصعد قادر على الإرتفاع إلى مسافة 96 ألف كلم عن سطح الأرض بحلول العام 2050، ما سيمكن الأشخاص الذين يصعدون فيه من الوصول إلى الفضاء، ونقلت وكالة الأنباء اليابانية "كيودو" عن شركة "أوباياشي" إن "مصعد الفضاء" الذي وصف في قصص الخيال العالمي قد يتحول إلى حقيقة عام 2050، وساهم في امكانية تحقيق ذلك اكتشاف الأنابيب النانوية الكربونية عام 1991، وهي عبارة عن مواد خفيفة الوزن وأقوى بـ20 مرة من الفولاذ، وبموجب الخطة، تعتزم الشركة بناء محطة مدارية على ارتفاع 36 ألف كلم، كوجهة لسياح الفضاء تضم منشآت للاختبارات والسكن ويمكن للعلماء أن يواصلوا السفر نحو القمة، ويتوقع أن يتحرك المصعد المؤلف من 6 عربات بسرعة 200 كلم في الساعة، وسيكون قادراً على نقل 30 شخصاً على أن يحتاج 7 أيام ونصف للوصول إلى المحطة المدارية، وقالت الشركة إن عملية البناء ستبدأ عام 2025، وسيطلق صاروخ لنقل بكرتين لأسلاك تستخدم فيها الأنابيب النانوية الكربونية وغيرها من المواد على ارتفاع 300 كلم حيث سيتم تركيب سفينة فضائية، وستفكّ السفينة الفضائية الأسلاك باتجاه الأرض، فيما تستمر في الإرتفاع إلى قمة مسافتها 96 ألف كلم، وهي نحو ثلث المسافة من الأرض إلى القمر، وستعزز الأسلاك من الأرض باستخدام عربات المصعد التي سترتفع إلى القمة، على أن يتم شدها 150 مرة.وأشارت الشركة إلى أن المصعد سيعمل جزئياً بالطاقة الكهربائية من الفضاء، وقالت الشركة إنه لا يمكنها احتساب تكلفة المصعد في الوقت الحالي ولم تختر المكان الذي يمكن أن تبنيه فيه.

سياح فضاء من أبوظبي

على صعيد أخر اختار ريتشارد برانسون، رجل الأعمال البريطاني ومؤسس مجموعة فيرجين غروب، إمارة أبوظبي حاضنة الجولة النهائية لبطولة فورمولا 1، لكشف حدث استثنائي، يتمثل بشراكة بين فريق فيرجن وشركة ماراشا الروسية لسيارات السرعة، ليكون ذلك أول دخول روسي في سباقات المحركات، وقال إن الفترة التي تفصلنا عن إطلاق أول سائح فضاء من أبوظبي قد لا تتجاوز السنة والنصف، ورغم أن برانسون لم يكشف عن حجم الصفقة، مع الجانب الروسي، إلا أنه أكد أنها لن تقتصر على الجانب الترويجي، بل ستمتد إلى ضلوع ماراشا في التفاصيل الهندسية لسيارة فيرجن، إدخال تعديلات تزيد من فرصها مستقبلاً في الفوز بالبطولات، وأوضح برانسون قائلاً: "الأمر المثير في هذه الصفقة هو أن شركة ماراشا تقوم حالياً بصناعة سيارات سريعة توازي سيارات فيراري، ولذلك فلديهم خبرات مذهلة بمجال التقنية وصناعة السيارات، وأتمنى أن نتمكن من نقل بعض هذه الخبرات إلى فريق فيرجن للسباقات في المستقبل، ورفض برانسون الحديث عن ما يمكن أن يوصف بـ"المنافسة المضرة" بتسويق رياضة سباق السيارات في الشرق الأوسط، بسبب وجود حلبة في البحرين وأخرى بأبوظبي، ورأى برانسون أن لكل حلبة ميزة خاصة قائلاً: "الحلبة في البحرين رائعة، والمقاعد تتيح رؤية المسار كله، أما أبوظبي فقد بنت أجمل حلبة في العالم، ولذلك أظن أن جمهور الشرق الأوسط محظوظ لوجود حلبتين ممتازتين هنا، وهذا يساعد كثيراً على ترويج المنطقة ومنحها قدرة جذب الزوار من أنحاء العالم، وفرض مشروع سياحة الفضاء انطلاقاً من أبوظبي نفسه على اللقاء مع برانسون، الذي تحدث عن فترة قرابة السنة لإطلاق رحلات سياحية إلى الفضاء من أبوظبي نفسها، عبر مشروع فيرجن غالاكتيك، الذي أطلقته فيرجن مع شركة "آبار،" إحدى الشركات المملوكة لحكومة أبوظبي، واعتبر برانسون أن تطور مشروع فيرغن جالاكتيك "مثير للغاية، ونأمل أن نتمكن من بناء منشأة الفضاء في أبوظبي خلال الأعوام القليلة المقبلة، وتابع: "بالنسبة لسفينة الفضاء فقد انتهينا من بنائها، وكذلك أنجزنا السفينة الأم، ولذلك يمكن القول أننا على بعد سنة أو سنة ونصف من إطلاق أول رحلة سترسم مستقبلاً مذهلاً لرحلات الفضاء.. نأمل أن نتمكن من تحقيق ذلك، علينا الحصول على موافقة السلطات الأمريكية لبناء المنشأة الفضائية في أبوظبي، وإطلاق الناس منها إلى الفضاء، ولا تتوقف رهانات رجل الأعمال الطموح على هذه القطاعات، بل تمتد لسوق الاتصالات وأرباحه الكبيرة، فبعد اتفاقية تقديم الخدمات في قطر، يتطلع برانسون إلى دخول سائر دول المنطقة، أما تبريرات برانسون لنشاطاته المتزايدة في المنطقة فيحكمها حسه التجاري، فهو يقول إن هناك حركة انتقال لمحاور القوة من الغرب إلى الشرق، ولذاك لابد من التعامل مع الواقع الجديد، خاصة وأن علامة فيرجن التجارية معروفة جداً وقوية في المنطقة سواء عبر سلسلة المتاجر أو شبكات الإذاعة أو حتى شركة الطيران التي تتبع لها. بحسب السي ان ان.

سباق التسلح في الفضاء

كما يبدو أن سباق التسلح في الفضاء بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي والذي بلغ أوجه بإطلاق ما عرف بمشروع "حرب النجوم" من قبل الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان، يبدو انه قد تحول ولو على الأقل في الوقت الحاضر إلى تعاون سلمي وبناء بين روسيا، وريثة الاتحاد السوفيتي، والولايات المتحدة الأمريكية، من ناحية أخرى لم يعد الفضاء مجرد عالم مجهول يصول ويجول فيه العلماء وحدهم ويحكون قصصا كانت حتى وقت قريب تبدو ضربا من الخيال الذي يصعب على العقل تصديقه. فبعد إطلاق مشروع "السياحة الفضائية" صار بإمكان أي شخص يمتلك قيمة "تذكرة فضائية" أن يسافر إلى الفضاء ويكتشف هذا العالم المجهول بنفسه. لكن المشكلة تكمن في أنه ليس بإمكان أي شخص دفع قيمة تذكرة الرحلة الباهظ، والذي يتم احتسابه بناء على وزن المسافر. بمعنى أن كيلو الجرام الواحد من وزن المسافر يبلغ 10.000 يورو، ووصل عدد السائحين الذين تمتعوا بأفضلية وصول الفضاء حتى الآن إلى خمسة أشخاص. ويعتقد ايريك أندرسون، رئيس مجلس إدارة شركة سبيس ادفنتشرز، وهي الشركة الوحيدة لغاية الآن التي أرسلت سائحين إلى الفضاء الخارجي، أن إطلاق شركته لمشروع السياحة الفضائية قد شكل بداية عصر جديد في تاريخ الأبحاث الفضائية من جهة ومن جهة أخرى غير رؤية الناس للفضاء. ووصف أندرسون تغير مكانة أبحاث الفضاء قائلا: "لقد غيرنا المفهوم الذي كان سائدا بأن الفضاء يخضع للحكومات فقط، كما غيرنا الرؤية إلى الفضاء بحيث أصبحت فكرة الذهاب إلى الفضاء ولو من الناحية النظرية ممكنة للشركات وللناس العاديين على حد سواء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 11/آذار/2012 - 17/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م