لا يختلف العقلاء من ابناء شعبنا بأن ظاهرة الإيمو (emo)، الشاذة،
بعيدة كل البعد عن مجتمعنا وهي، حالها حال أية تقليعة تظهر، نافقة
ومستهلكة، في المجتمع الغربي تصدّر لدينا وبقوة وعنف لتسيطر على افكار
شبابنا بسهولة ويُسر..
ولكن ماهي الإجراءات القانونية التربوية التي يجب أن تتبع لمعالجة
هذه الظاهرة؟ وما هي المعالجة النفسية لتلك التراكمات التي سهلت عقول
شبابنا على ظهور تلك التقليعة الجديدة وطرحت إفرازها في المجتمع وفي
محيط شبابنا وبناتنا في المدارس المتوسطة والإعدادية..
فقد استغربت وأنا اسمع طالبات في المدارس المتوسطة يتحدثن عن زميلات
لهن تميزن بمواصفات أتباع الإيمو مع ظهور علامات وخز بالدبابيس وحرق
على كفوف ايديهن ومعاصمهن مشوهة تلك الأيدي التي كان مقدراً لها أن
تحيا بيضاء خالية من كل تشوه ومعالمَ ألم. فمن أين أتى كل هذا الألم
وكيف تحملن وخز تلك الأبر والحرق وأية حالة انفصام عن واقعنا النظيف
عزلهن ليمارسن تلك الظاهرة بتلذذ ومتعة ودون رقابة العائلة؟
ففي العراق لا نعلم من تأتينا الصفعة التالية من سياسيي الإيمو
الذين عانوا الانفصال عن واقعهم الحقيقي ليلبسوا لباس الوطنية ويفتعلوا
الأزمات التي أدخلوا أنفسهم بها وهم ليسوا قادرين البتة على التحكم
بزمامها أو حتى الخروج منها بأقل الخسائر.. أم من إيمو المدارس
المتوسطة وهي تستباح بسبب تلك الظاهرة البشعة التي، لو تركت بلا علاج،
للوثت أخلاقهم التي نسعى بجد وعمل دؤوب أن نخلصهم من أدرانها.. أم من
حياتنا بصورة عامة ونحن نراها قد انقلبت رأساً على عقب.. نسير بها
هائمون غير قادرين على نعرف لمستقبلنا طريق.. أم من الإرهاب وصفعاته
القوية المؤلمة والتي كنا نأمل، بتوسل كبير، من القيادات الأمنية أن
تعمل على خلاصنا منها.
فكلمة إيمو (emo) هي مختصر مصطلح ( Emotive Driven Hardcore Punk )
والتي تعني "متمرد ذو نفسية حساسة"، فكم من سياسي تبع شيطانه ليتمرد
على واقعه ويتجرد عن هويته الحقيقية عندما كانت تطبخ الصفقات
الانتخابية وعندما قُدّر لشعب مثل العراق أن يخطئ في تقدير مستقبله
ليحصد نتائج ما جنته أصابعنا علينا بأنتخابنا لكل القوائم التي تتحكم
وتحكم العراق اليوم.. فاليوم الكل مخطئ والكل يتحمل المسؤولية بتردي
أوضعنا والدليل على ذلك بأننا وبعد 2003 لم ننشئ مجمعاً سكنياً كبيراً
ولا مستشفى كبيراً ولا مصنعاً كبيراً ولا مصفى كبيراً ولا شارعاً
كبيراً ولا متنزهاً كبيراً ولا جامعة حديثة ولا.. ولا...، تتخبطنا
المصائب بصفعاتها التي تتلقانا من كل حدب وصوب.. فالسياسي والمسؤول
الحكومي " الإيمو" أخطر بكثير من أولئك الشباب الذين ظلمهم بُخسنا
لحياتهم وظلمنا لهم بعقوقنا لمطالبهم أن يحيوا حياة كريمة كباقي شباب
العالم وهم لا يؤلمون إلا أنفسهم ولا يضّيقون الخناق إلا على أجسادهم..
لا يجرحون إلا إيديهم ولا يطيلون إلا شعرهم.. أما الإيمو من الجهة
المقابلة فلم يمتص دمه بل يمتص دم الملايين من أبناء الشعب العراقي وهم
يقبعون تحت خط الفقر الوطني العراقي..
zzubaidi@gmail.com
|