الهجرة العكسية... صورة قاتمة عن ازمة الاقتصاد الاوربي

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: بعد أن كانت أوربا أرض الأحلام للمهاجرين من بلدان العالم كافة، وملاذاً لأولئك الذين هربوا من الاضطهاد والفقر والحروب في الأجزاء الأخرى من العالم، فإنها أصبحت على ما يبدو طاردة لسكانها، بعد أن كشفت الأرقام عن ارتفاع معدلات الهجرة لكثير من دول الاتحاد الأوربي، مثل اسبانيا والبرتغال واليونان وفرنسا وحتى ايطاليا التي تواجه أصعب ظرف لها منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك بسبب الازمة الاقتصادية المتمثلة بأزمة اليورو.

فيما يرى خبراء ماليون في هذا المجال، بأن دول أمريكا اللاتينية والجنوبية وأسيا تعيش أفضل مرحلة لتقود التعافي الاقتصادي العالمي، فالتنوع الاقتصادي والنمو السريع للطبقة الوسطى عجّلت بدوران عجلة التطور الاقتصادي من دون الاعتماد على اقتصاديات أجنبية، وأبرز هذه الدول هي البرازيل والهند وسنغافورة والتشيلي وكولومبيا.

كما يرى المحللون في هذا المجال بأن هجرة الأدمغة من الشباب المبدع يشكل عائقا كبيرا وعبءاً كبيرا على مستقبل أوربا، ويتحدث الخبراء عن أن هذه المعطيات الجديدة قد ترسم طريقا سيارا جديدا للهجرة الدولية باتجاه أمريكا اللاتينية واسيا، وخاصة من دول جنوب أوروبا بسبب استحكام الركود الاقتصادي المستبد بمعظم الدول الأوروبية، ونظرا كذلك لرغبة دول كبيرة في أمريكا اللاتينية في مقدمتها البرازيل في تشجيع الهجرة نحوها وخاصة الهجرة المؤهَّلة.

فلم تعد أوربا وحدها ارض الأحلام للمهاجرين، إذ أصحبت الدول النامية مثل الهند والبرازيل الواجهة الجديدة لهم وخاصةً من أوربا، وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها في الوقت الحالي، لكن سرعان ما تتبخر أحلامهم عندما يصطدمون بالواقع ويكتشفون أن الحياة  ليست سهلة في بلاد المهجر.

هجرة عكسية

فقد تتظاهر الاسبانية ليا بالسعادة عندما تتحدث عن عملها كمربية لطفلين في عائلة مغربية في شمال المغرب بالرغم من الاجر الزهيد الذي تتقاضاه معتبرة ان حبها للبلد وأهله وعامل قربه من موطنها اسبانيا هما الدافعان الرئيسيان لقبولها بهذا الوضع، ولا تنكر ليا التي عرفت نفسها باسمها الاول فقط (24 عاما) أن أحد الاسباب الرئيسية التي دفعتها الى الهجرة للعمل في المغرب هي الازمة الاقتصادية التي تعصف باسبانيا، وقالت "صحيح انني أحب المغرب وأهله جدا وأجد نفسي مرتاحة هنا لكن بالفعل لو وجدت عملا بأجر مرتفع في بلدي لفضلت البقاء هناك، جاءت ليا منذ أكثر من ستة أشهر من جنوب اسبانيا الى المغرب كمربية بأجر لا يتجاوز 1500 درهم (177 دولارا) في مدينة مارتيل قرب تطوان المتاخمة للحدود مع سبتة التابعة للنفوذ الاسباني، وتقول انها مؤقتا لا تجد مشكلة مع الاجر بما أنها لا تتحمل مصاريف المسكن والمأكل كما أنها حصلت مؤخرا على وظيفة بأحدى مستشفيات سبتة أيام السبت والاحد أي في يومي عطلتها من العمل كمربية للطفلين المغربيين، ويثير الامر استغراب كثير من المغاربة الذين تعودوا على العكس وهو هجرة المغاربة للعمل في الديار الاوروبية خاصة فرنسا واسبانيا التي لا يفصلها عن المغرب سوى مضيق جبل طارق وهي مسافة لا تزيد عن 14 كيلومترا، ومع اشتداد الازمة في عدد من الدول الاوربية وعلى رأسها اسبانيا عاد عدد من العمال المغاربة المهاجرون الى بلدهم مع بدء الحديث عن هجرة مضادة، ويصل عدد المهاجرين المغاربة في اسبانيا الى 1.6 في المئة من سكان اسبانيا كما يعدون من أقدم المهاجرين وعاد الاف منهم الى المغرب بسبب الازمة، وقدم في السنتين الاخريين بصفة خاصة عدد من الاسبان الى مدن المغرب الشمالية من أجل عرض خدماتهم كأصحاب خبرة أو كمستثمرين صغار خاصة في قطاع الفندقة والفلاحة والبناء، ويتقاضى هؤلاء أجورا ضعيفة أو متوسطة بالمقارنة مع المعايير الاوربية لكنها تكفيهم للعيش في مدن المغرب الشمالية الصغيرة، ويقول مانويل باكارو وهو فنان ومصمم ديكور انه قدم الى مارتيل ليعطي دروسا في الفن التشكيلي وخاصة فن الديكور في المركز الثقافي الاسباني هناك، وأضاف ان الازمة الاقتصادية كانت من بين ما دفعه أيضا للقدوم الى المغرب، وقال انه قدم خصيصا لمساعدة صديقه المتقاعد الذي يتقاضى معاشا لا يتجاوز 390 يورو وهو "مبلغ هزيل جدا لا يكفيه للعيش في اسبانيا وبالكاد يغطي مصاريف حياته اليومية هنا لكنه كاف، وأضاف "ما يحدث حاليا في اسبانيا متناقض تماما.. الكثير من العائلات تقاسي من غلاء المعيشة خاصة في العاصمة مدريد، وقال ان الاجر الذي كان يتقاضاه في مدريد كأستاذ لعلوم الاحياء وللفن لم يعد يكفيه لتسديد ايجار البيت وفواتير الماء والكهرباء والهاتف، ورفضت اسبانية تعمل كمدلكة في مركز مغربي سياحي بمدينة شفشاون التعليق على انتقالها للعيش في هذه المدينة السياحية الصغيرة تاركة وراءها بلدها الاصلي، وقال صاحب المشروع التعاوني شكيب عبدالجبار انها تعمل لديه بنظام الحصة وتصل أرباحها في أحسن الاحوال الى 450 يورو "وهي تكفيها للعيش في هذه المدينة الصغيرة" وفي المقابل يستفيد من خبرتها، واستطرد "هناك العديد من الاسبان وحتى الفرنسيين بنسب ضئيلة بدأوا يفدون على المدينة في السنوات الاخيرة للاشتغال في قطاع الفندقة والمطاعم، وقال باكو خامينيث منسق الكنيسة الكاثوليكية في مارتيل "هناك العديد من المغاربة الذين كانوا مقيمين في اسبانيا وحتى الاسبان لجأوا الى شمال المغرب بصفة خاصة ليبدأوا حياة جديدة، وأضاف "العديد من الاسبان الذين يأتون للعيش هنا أصحاب دخول متوسطة أو ضعيفة، وقال عدد قليل منهم انهم فضلوا القدوم الى المغرب بسبب قربه من اسبانيا وبسبب انتشار اللغة الاسبانية في الشمال وكذلك العوامل التاريخية. بينما تفضل نسبة كبيرة منهم الهجرة الى كندا وأمريكا الشمالية وأوربا الغربية، وتوجد حساسيات تاريخية وثقافية بين المغرب واسبانيا بسبب فتح العرب للاندلس ثم خروجهم منه وكذلك بسبب استعمار اسبانيا للمغرب في بداية القرن العشرين واشتعال حرب الريف كما لا تزال اسبانيا تحتفظ بجيبي سبتة ومليلية الواقعين في التراب المغربي ويعتبرهما المغرب جزءا لا يتجزأ من أراضيه، وقال خامينيث ان المهاجرين الاسبان الفارين من الازمة ينتشرون في مدن مثل تطوان ومارتيل وطنجة وشفشاون والعرائش والقصر الكبير و"يشتغلون في السياحة والزراعة والبناء، وأضاف أن الكنسية تقدم لهم مساعدات في اطار خدمتها الاجتماعية، ويعلق المحلل الاقتصادي محمد شيكر قائلا "ظاهرة الهجرة العكسية بين اسبانيا والمغرب متواجدة وبدأت في التكاثر مع السنتين الأخريين بسبب اشتداد الازمة، وأضاف "الملاحظ أنها تهم بالخصوص سكان الاندلس الذين بدأوا يتقاطرون على شمال المغرب وهذا يذكرنا بسقوط غرناطة. بحسب رويترز.

واستطرد "هذا يبين أن مصلحة اسبانيا مع المغرب أن يعملا سويا على الاندماج الاقتصادي، وقال "لا يجب أن ننسى أن التضامن العائلي ليس موجودا في اسبانيا كما أن نسبة البطالة بلغت 20 في المئة وهذا ينذر بأزمة عميقة جدا، ومن جهته قلل وزير الداخلية المغربي أمحند العنصر ردا على سؤال في ندوة صحفية من حجم هذه الهجرة وأعتبرها "مبالغة الصحافة" وان أقر بأنه لا تتوفر لديه أرقام، وعلق نظيره وزير الداخلية الاسباني خورخي فرنانديث دياث على نفس السؤال قائلا "الازمة الاسبانية واقع ونحن مستعدون للتعاون مع الحكومة المغربية، وقالت ناتاليا ب. التي تدرس الاسبانية في مارتيل قرب تطوان "سأحاول في الصيف أن أذهب الى اسبانيا للبحث عن عمل مناسب هناك، وأضافت ناتاليا وهي من مدينة ايبيثا بينما زوجها من مدريد "اذا وجدت عملا في اسبانيا بنفس الاجر الذي أتقضاه هنا لا يمكن أن أقبل به لانه لن يكفيني للعيش هناك خاصة في مدريد، وقالت انها تتقاضى أجرا 2600 درهم بينما زوجها يتقاضى 5000 درهم وتدفع 2000 درهم لايجار المنزل، وتمنت أن "تنتهي الازمة الاقتصادية قريبا حتى أتمكن من العودة وايجاد عمل يوفر لي العيش الكريم في بلدي.

فرص جديدة

في سياق متصل لا تندم أفيدة غالب 33 عاما على مغادرتها فرنسا لتجرب حظها في البرازيل الذي يلعب دور المحرك في أميركا اللاتينية مستقطبا المزيد من الأوروبيين الذين ينشدون فرصا جديدة، وتقول هذه الفرنسية التي عملت طوال 10 سنوات في شركة للصناعات الغذائية الزراعية في ضاحية باريس الكبيرة قالت أشعر أنني نجوت من الأزمة في أوروبا، فأنا أتمتع بثقافة مزدوجة فرنسية وعربية وكنت أرغب في اكتساب خبرة على الصعيد الدولي.

وقد حصلت الشابة الفرنسية على عقد محلي من مجموعة ميشلان في ريو دي جانيرو، فتشرح أن الوضع في البرازيل منفتح أكثر ولا يسوده أي تمييز بين مختلف الفئات، في حين أن فرنسا وللأسف الشديد لا تثمن التنوع، وتعد البرازيل سابع اقتصاديات العالم، وقد شهد هذا العملاق الأميركي الجنوبي ارتفاعا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7,5% في العام 2010 بحسب ما تشير التوقعات ويراهن هذا العام على نمو بنسبة 3,5% أكبر من المعدل العالمي. إلى ذلك انخفضت نسبة البطالة هذه السنة إلى 6% لتسجل أدنى معدل لها منذ العام 2002، وبخلاف الاوروبيين المتزايد عددهم في البرازيل والذين يواجهون مشاكل في ما يخص تصريح الاقامة، حصلت أفيدة من ميشلان على تأشيرة دخول لمدة سنتين قابلة للتجديد، اما أليخاندرو 33 عاما الذي قدم من أسبانيا بصفة سائح، فلم يكن حظه بهذا اليسر وهو يزاول مهن عدة ليكسب لقمة العيش من قبيل منسق أغاني ودليل في مدن الصفيح. فيقول مع الازمة والبطالة المستشرية في أسبانيا، رغبت بالعيش في أجواء مختلفة والتمتع بالشاطئ والشمس. لذا قصدت بلدا حيث الأوضاع أفضل حالا. لكن صلاحية تأشيرة دخولي تنتهي بعد شهر ونصف الشهر. وفي حال عجز أليخاندرو عن تجديد تأشيرته لثلاثة أشهر وهي المدة القصوى المسموح بها، يصبح هذا الأسباني القادم من مدريد في وضع غير شرعي، ويتشارك أليخاندرو شأنه شأن أفيدة شقة في حي راق في إبانيما. ويواجه الوافدون الجدد لسوء حظهم ارتفاعا شديدا في الأسعار تدفعه متانة الاقتصاد في البلد بالإضافة إلى استقبال البرازيل كأس العالم لكرة القدم في العام 2014 والألعاب الاولمبية في العام 2016، وتشير وزارة العدل إلى أن عدد الأجانب الذين يتمتعون بوضع شرعي قد ارتفع بنسبة تفوق 50% أي من 962 ألف إلى 1,5 ملايين، وهو في ازدياد مستمر مع تدفق البرتغاليين في المقام الأول الذيت يتكلمون اللغة، فقد ارتفع عدد البرتغاليين ما بين 2009 و 201 من 277 ألف إلى 329 ألف والأسبان من 58500 إلى قرابة 81 ألف وعدد الفرنسيين من 16500 إلى 17800 وافد، لكن السلطات تفيد بأن عدد المهاجرين غير الشرعين يفوق 600 ألف شخص وهو في ارتفاع مستمر. ويشكل البوليفيون 40% من النسبة الإجمالية يليهم الصينيون مع 13%، وتشرح نوريا بونت مديرة غرفة التجارة الأسبانية في ساو باولو أن الأوروبيين يعتبرون البرازيل بلدا يزخر بالفرص وفي رأيها لا يعزا هذا الارتفاع في الهجرة إلى الأزمة في أوروبا فحسب بل يعود أيضا إلى الطلب الهائل في البرازيل  وتتابع ارتفع عدد المستهلكين ليصل إلى 40 مليون، ما يناهز حجم أسبانيا، وهؤلاء المستهلكون الجدد قد خرجوا من دوامة الفقر ويتعذر على البرازيل تلبية الطلب المتزايد، فالبلد يحتاج إلى ثمانية ملايين اختصاصي مؤهل كالمهندسين مثلا، وسوف يستغرق تأهيل هذا العدد الكبير من الاختصاصيين خمس أو ست سنوات في الجامعات البرازيلية، فيقول هنا المهندس الأسباني الشاب دافيد غاليبينثو الذي ينفذ مشروعا في مجال العقارات في ريو، في أسبانيا انخفض عدد العقارات من 800 ألف إلى 100 ألف في غضون سنة. أما هنا فهو في ارتفاع دائم. بحسب فرانس برس.

 ونظرا للطفرة التي يشهدها الاقتصاد البرازيلي مع استحداث 2,5 ملايين وظيفة في العام 2010 واستفحال الأزمة في البلدان الغنية، عاد إلى البلد جمع من البرازيليين كانوا قد هاجروا في التسعينات إلى الولايات المتحدة واليابان وأوروبا، كذلك انخفض عدد البرازيليين في المهجر إلى النصف من أربعة ملايين إلى مليونين ما بين العامين 2005 و 2011، وفقا للأرقام الرسمية.

اليونان

على صعيد نفسه حسمت يوانا جيانوبولو امرها وها هي تحزم حقائبها وتغادر الى فرنسا، فالجامعية المتخصصة في المعلوماتية تكافح منذ أشهر لايجاد عمل محترم في اليونان، ولا تتلقى سوى عروض تدرب ووظائف براتب 500 يورو شهريا، وفيما يستعد البرلمان لاقرار اصلاح جامعي يسعى لتكييف النظام التعليمي مع سوق العمل وجعله أكثر مرونة في آب/اغسطس، فإن الشباب اليونانيين من حملة إجازات الماجيستير مثل يوانا يحاولون، بأعداد أكبر، التماس فرصهم في الخارج، بسبب أزمة الديون التي تغرق اليونان، والعرض الذي قدمته شركة للاتصالات في باريس للشابة البالغ عمرها 23 عاما، والتي تحمل إجازة ماجيستر في المعلوماتية، يبدو أكثر إغراء، عائلتها مربكة من قرار مغادرتها الوشيك. فالابنة البكر افغينيا، التي تحمل شهادة دكتوراه في المعلوماتية الحيوية، تعمل باحثة في جامعة كورنيل، وتقيم في الولايات المتحدة منذ عامين، وبحسب الاستاذ في جامعة سالونيكي لويس لامبريانيديس، فإن 9 % من الشباب اليونانيين من حملة الإجازات غادروا للعمل في الخارج من أيار/مايو 2009 وحتى شباط/فبراير 2010، و"خلال الأشهر الأخيرة، تسارعت وتيرة" هجرة الأدمغة الشباب، وكما في ايرلندا والبرتغال، تهرب النخب اليونانية المستقبلية من البلاد: 51% من حملة شهادات الدكتوراه اختاروا الاغتراب. والاحصاءات المتعلقة بسوق العمل بليغة الحد: 9,8% من حملة الإجازة او الدكتوراه يعانون من البطالة في اليونان في 2011، مقارنة مع 5,4% في 2008، ليس مفاجئا إذن أن يعقد الشباب اليونانيون العزم على المغادرة نحو آفاق واعدة أكثر، ليوسعوا بذلك رقعة الشتات اليوناني في استراليا والولايات المتحدة وغيرها، إصلاح الجامعات الذي يفترض ان يقدم للبرلمان في آب/اغسطس يثير الجدل منذ ايام في اليونان. فهل أخذت وزيرة التعليم انا دياماندوبولو بالاعتبار هجرة الشباب المجازين؟. بحسب فرانس برس.

بالنسبة للمستشار في مكتب الوزيرة يانيس ميتسوس، فإن الحكومة قلقة ببطالة الشباب المجازين، وهجرتهم الى الخارج، وتأمل في "إعداد أفضل للطلاب اليونانيين ليخوضوا سوق العمل، والإصلاح الذي طبق في غالبية الدول الأوروبية يهدف إلى تعديل الانظمة في الجامعات اليونانية وتوحيد مناهجها: ثلاث سنوات للاجازة، خمس سنوات لشهادة الماجيستير وثماني سنوات لشهادة الدكتوراه. هي شهادات بالإمكان معادلتها بنظيراتها الأوروبية ما يجعل الجامعات أكثر قدرة على المنافسة، كما يفترض ان يصبح تقييم الأساتذة أكثر شفافية، بفضل لجنة تضم شخصيات من خارج الجامعة، كما يفترض إلغاء احتمال البقاء طالبا "إلى الأبد، لكن أستاذ التعليم في جامعة رودوس ديونيسيس غوفياس يرى ان الاصلاح قد يزيد الوضع سوءا بالنسبة للباحثين الشباب ويشجعهم على الرحيل، وخاصة انه من المتوقع تقليص عدد مناصب الاساتذة ودمج العديد من الجامعات الاقليمية، وقال معترفا "إذا بقي حملة الدكتوراه من الشباب في اليونان، فإنهم قد يساعدون في تنمية البلاد"، ولكن يتعين ان يتم الاقرار بمعرفتهم وموهبتهم، وهي مسألة صعبة في هذه المرحلة من التقشف والانكماش في اليونان، وأكثر من ذلك، فإن هجرة حملة الاجازة لن تحل بإصلاح الجامعات فقط، لأن المشكلة في اليونان تكمن في اقتصادها المبني على الخدمات والسياحة، والذي يفتقر للصناعة، وقال لامبرينيديس ان "سوق العمل اليوناني لا يحتاج الا لعدد محدد من الباحثين". ولكونها غارقة في الأزمة، فإن اليونان تبدو عاجزة اكثر من اي وقت مضى عن الاحتفاظ بشبابها، وقال لامبرينيديس ان 16 % فقط من المجازين الذين عملوا في الخارج عادوا الى بلادهم خلال السنوات الأخيرة، اما يوانا فلا تريد "ان تعيش كل حياتها في الخارج".

البرتغال

فيما ازداد حجم طوابير الانتظار أمام القنصليات الافريقية وأمريكا الجنوبية في لشبونة بسبب عدد البرتغاليين الباحثين عن فرص عمل في الخارج وخاصة في انغولا والبرازيل، إذ يفضلون الهجرة هروبا من الأزمة الخانقة التي تعيشها أوروبا والتي لم تعد تمنح فرصا ومستقبلا جيدا للنخبة المثقفة والشباب البرتغالي خاصة، وفي القرية المهجورة للبيع، نحن بالضبط في البرتغال، في منطقة شمال ألينتيجو بالقرب من الحدود الاسبانية، الأزمة الاقتصادية ضربت بقوة المناطق الريفية في البلاد، حيث فرانشيسكا وصديقتها ماريا جوانا قضيتا حياتهما كلها في بيريرو يتذكران الرقص ومعارك الثور بالقرب من المنزل، لكن اليوم باتت الكنيسة والمخازن فارغة المدرسة والحضانة صامتة وفرن الخبز بارد المصنع مدمر عن اخره الأسطح مقسمة الجميع غادر المكان الفراغ والصمت يخيمان على المكان، حيث ماريا جوانا أنجبت ثلاثة أطفال وفرانشيسكا ثمانية أطفال زيارة بيريرو المهجورة هو سفر عبر الزمن بالنسبة للصديقتان، فرانشيسكا:“أنا حزينة جدا أرغب في البكاء لقد عشنا هنا وكانت حياتنا هنا أنجبنا أبناءنا هنا كل ما امله هو أن يشتري شخص ما بيريرو ويعيد لها الحياة كما في السابق وأن يوفر فرص العمل لأبنائي ولبقية شباب القرية الذين يملكون القدرة على العمل بشكل جيد، ماريا جوانا“أتمنى أن يظل الشباب هنا في القرية لذلك نحن في حاجة ماسة للعمل لكن مع الأزمة الحالية الأمر صعب نوعا ما ومع عدم توفر فرص شغل ييبحث الشباب عن العمل بعيدا عن هنا وحتى في الخارج بالنسبة لأبنائي الثلاث لم يظل سوى الابن البكر هنا وحتى هو يعمل بعيدا عن هنا، لكن اليوم الأمر مغاير تماما ليس فقط العمال من يغادرون البلاد بل حتى الطلبة والمجازون والأطر العليا والشباب، الصورة هنا تعبر عن نفسها طوابير الانتظار أمام القنصليات الافريقية وأمريكا الجنوبية في لشبونة، برتغاليون من جميع أرجاء البلاد مستعدون لتغيير القارة لتجريب حظهم وخصوصا في أنغولا أو البرازيل، ويهاجرون بسبب الأزمة التي تعصف بأوروبا، بالقرب من “نصب الاكتشافات“، التقينا بمرشح دكتوراه يبلغ من العمر31 سنة، فيليبي باثي دوارتي، برج بيليم شهد بدء رحلات كثيرة إلى الخارج. وان فيليبي بدأ يأخذ بعين الاعتبار وعلى محمل الجد فكرة الهجرة الى الخارج. لكنه لم يشتر تذكرته بعد، فيليب باثي دويرتي طالب في سلك الدكتوراه:“لسوء الحظ، هجرة الأدمغة من البرتغال بات أمرا حقيقيا ولكن الناس يريدون حقا أن نبقى هنا لكننا ما زلنا لا نملك فرص الشغل للحصول على وظيفة وبالتأكيد سنحقق ذلك مهنيا في الخارج ومع ذلك ، لا يزال لدينا هذا النوع من الشعور الأخلاقي، على البقاء هنا في البرتغال والقيام بشيء جيد من أجل بلدنا، تقاسم نفس اللغة،أغلبية المهاجرين البرتغاليين في الخارج يتجهون نحو الازدهار في البرازيل أو أنغولا التي تشهد نموا سريعا، الذين سيهاجرون الى افريقيا في يناير كانون الثاني المقبل الى عاصمة أنغولا فريق من 17 عنصرا نجح في الحصول على وظيفة في رعاية الحدائق والمنتزهات في اوندا فرصة وظيفية تعتبر حقيقية بالنسبة لهم، سيرجو سيلفا مهندس زراعي:“تعتبر أنغولا دولة ذات نمو اقتصادي قوي في هذه الأثناء. في أنغولا بالفعل هناك عدد كبير من التقنيين تدربوا هنا في البرتغال.ومع تجربتي الأكاديمية ومستواي الدراسي وتجاربي المهنية السليمة الخاصة بزراعة الزهور أنا على ثقة كبيرة أنني سأنجح في أنغولا، بسبب الوضع الاقتصادي الكئيب في البرتغال تزداد الطوابير أمام مراكز البطالة كذلك، خلال العقود الماضية، استثمرت البرتغال بكثافة في التعليم. لكن اليوم، لا يمكن لسوق العمل أن تولد درجة عالية من المهارة، وتخرج الشباب المشرق، فالباحثون في حالة تأهب،لأن البرتغال سوف تتحول تماما إلى اقتصاد محيطي وفضفاض وستخسر البلاد أدمغتها الذكية، جواو بيكسوتو أستاذ جامعي:“المشكلة الكبرى في رأيي تتمثل في المستوى الاقتصادي. ومستوى الإبداع.فعندما يرحل عدد كبير من الأطر العليا وخرجي المعاهد والمتعلمين إلى الخارج، بعد أن استثمرت البلاد كثيرا في تعليم الشعب، بما في ذلك حملة الدكتوراه،فذلك يعتبر هدرا للموارد المادية بالسماح لهم بالرحيل، هذا الرجل رائد.في بناء الجسور التي تعبر المحيط الأطلسي. ويفتح الباب أمام الشباب وخريجي الجامعات البرتغالية الذين يريدون دخول سوق العمل البرازيلية… اسمه فرانشيسكو، هذا الفنان معروف جيدا من كلا جانبي المحيط الأطلسي.فرانسيسكو تشارنيكا عضو الأكاديمية البرازيلية للفنون التقيناه في ورشته الخاصة في منزله في قرية أزاروجا بالبرتغال.فرانسيسكو سيرحل قريبا الى البرتغال للعمل في منطقة ماتو غروسو في مشاريع التنمية الحضرية.بالنسبة له البرازيل تقدم فرص شغل مهمة للمهندسين المعماريين الشباب، فرانسيسكو شارينكا نحاث :“البرازيل هي بلد الفرص، سوف يخلق فرصا للمساعدة في بناء البلد بطريقة مستدامة وتنظيمها والتخطيط لها وبالطبع… انها فرصة أيضا للشباب “مهندسي المناظر الطبيعية” البرتغاليون الذين يريدون الخوض في مغامرات جديدة والحصول على فرصة عمل مهنية.الفرق الشاسع بين أوروبا والبرازيل هو بشكل عام جميع أنحاء أمريكا اللاتينية فهو مكان حيث يمكن للمرء أن يحلم وأن يحقق ذلك ، لأن الأرض هناك لا زالت مساحتها شاسعة لخلق شيء جديد…على عكس أوروبا التي لم يعد بها شيء، الصيادون الدوليون أبلو بلاء حسنا، هذه الأيام في لشبونة. طيلة هذا العام الطويل تلقوا اتصالات عديدة من البرتغال، املين في فهم شريان الحياة في الخارج في البرازيل وأنغولا.

الهند

من جهة أخرى إنه يوم عمل عادي بالنسبة إلى الهولندي لامون روتن... فعندما ينتهي من سلسلة اجتماعات، يعود إلى شقته في بومباي ويقرأ قصة لابنه مثل بقية الآباء ولكنه يفعل ذلك عبر الانترنت، فعائلته تعيش في جنيف على بعد سبعة آلاف كيلومتر من عاصمة الهند المالية، ما يدفع الرجل البالغ من العمر 48 عاما إلى استخدام برنامج "سكايب" على الكمبيوتر ليقرأ القصص كل ليلة لابنه البالغ من العمر سبعة أعوام، وحالة لامون روتن ليست استثنائية، فالهند التي تتمتع بقدرة اقتصادية هائلة تستقطب عددا متزايدا من الأجانب الباحثين عن العمل والفرص، فباتت القوة الاقتصادية الثالثة في آسيا من الوجهات الأساسية التي يقصدها المهاجرون، ولا سيما الأميركيون والأوروبيون هربا من الحالة الاقتصادية المتأرجحة في بلادهم، وتشير التقديرات إلى أن توظيف المهاجرين ارتفع من 15% إلى 20% هذه السنة مقارنة بالسنة الماضية، فبلغ عدد الأشخاص الموظفين في الهند أربعين ألفا، وبشكل عام "من المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص العاملين خارج بلدهم الأم بنسبة 50% بحلول العقد المقبل" لأسباب عدة أبرزها ازدهار البلدان الناشئة، بحسب ما ذكر مكتب برايس ووتر هاوس كوبرز في تقريره حول "حركية المواهب 2020، وتعتبر المحامية ساتوكو كوكوتا المقيمة في بومباي أن العمل في الهند بات واجبا بالنسبة إليها بعد تدرجها في الولايات المتحدة في ظل الأزمة المالية سنة 2008، وتقول المحامية اليابانية المتخصصة في قانون الاستثمار والتي تعمل في مكتب المحاماة الهندي خايتان، كانت مكاتب المحاماة تلغي بعض الوظائف أو لا تطلب موظفين. ولم يعد بإمكاني انتظار فرصة عمل وإضاعة الوقت، وقبل وصولها إلى الهند، كانت تتخيلها بلادا يغلب عليها العمق والغموض. وبعدما عملت في ثلاثة مكاتب قانونية مختلفة ، باتت تعتبر الهند بلاد الفرص الكبيرة ولكن المهاجرين لم يتوافدوا كلهم إلى الهند بحثا عن فرص عمل أو مكاسب مادية، فالطاهي الفرنسي والمصرفي السابق فريديريك فرناندز قصد الهند لأنها ببساطة "تستهويه"، وافتتح العام الماضي في بومباي مطعما فرنسيا أطلق عليه اسم "شيه فو" يقدم شرائح اللحم والفطائر والنبيذ الفرنسي، ويكتسب الفن والترفيه والغذاء في الهند طابعا عالميا شيئا فشيئا بفضل النمو الاقتصادي وسفر السكان إلى الخارج أكثر من قبل. بحسب فرانس برس.

فيما يستقر بعض الأجانب في الهند بشكل دائم، يعرف بعضهم الآخر أن الوقت الذي سيمضونه فيها محدود وأنهم سيقتنصون فرصا جديدة في بلدان أخرى أو سيعودون إلى ديارهم للعيش بين عائلاتهم وأصدقائهم ولا يعتزم فريديريك فرناندز الذي يعطي أيضا دروسا في فن الطبخ ويظهر في برامج تلفزيونية محلية، مغادرة الهند قريبا لأنه مقتنع بأن الاقتصاد سيستمر في النمو بشكل مطرد، أما اليابانية ساتوكو فستبقى في الهند سنتين إضافيتين، فيما قرر البريطاني غريغوري العودة إلى بلده العام المقبل، والحياة في البلد الثاني في العالم من حيث الكثافة السكانية ليست سهلة أبدا، ويعيش الكثير من المهاجرين حياة يومية "فوضوية وصعبة، وتتأسف ساتوكو لعدم تقدير الجدارة في الهند ولغياب "جو العمل المتوفر في الولايات المتحدة والذي يدفع المرء إلى أن يكون الأفضل، أما روتن فيقول إن بومباي "مدينة مثالية للعمل ولكن ليس للعيش"، ما يفسر سبب بقاء عائلته في سويسرا.

سنغافورة

كما يبدو أن سنغافورة أصبحت على وشك أن تشهد هجرة عكسية لحوالى 200 ألف أجنبي بعد أن بدأ قطاع الخدمات المالية وقطاع التصنيع في التخلص من القوى العاملة وأصبحت المدينة، الدولة تعاني الأمرّين من أسوأ ركود تشهده طيلة تاريخها الممتد لثلاثة وأربعين عاماً مضت، وهذه الهجرة المتوقعة كما يتنبأ المحللون في مصرف كريدت سويس السويسري سوف تتمخض عن تناقص أعداد الأشخاص الذين يعيشون في الجزيرة الصغيرة الحجم، ولكن المتنفذة من الناحية الاقتصاديــــة، بنســـبة تزيد على 3 في المائة إلى مجرد 4,68 مليون نسمة، في تحول من شأنه أن يلحق أضراراً جسيمة بالجهود والمساعي الحكومية التي استمرت زهاء 22 عاماً من أجل زيادة التعداد السكاني من خلال فتح الأبواب للمهاجرين القادمين، أما الأهم من ذلك كما يشير محللون في مصرف يو بي اس السويسري أن كل وظيفة جديدة تم استحداثها في خلال فترة السنوات القليلة الماضية كانت تذهب إلى مهاجر أجنبي نسبة لأن السياسات الاقتصادية للمدينة الدولة ظلت تعوّل بشدة على مقدرتها في استجلاب أكبر عدد ممكن من الخبرات والمهارات من الخارج، والآن فإن مغادرة الآلاف من المغتربين من رجال البنوك والمحامين والمحاسبين، باتت من المتوقع أن تؤدي أيضاً لموجة ثانية من الهجرة تشمل العاملين الأجانب في قطاعات التصنيع والإنشاءات والتشييد وقطاع الخدمات، ومما لاشك فيه فإن فقدان الوظائف من شأنه أن يوجه لطمة قاسية لسنغافورة، إذ يقول كيم كاراكاداج ''وذلك لأن تسريح الوظائف سوف يتأثر به المستخدمون من ذوي الأجور العالية كما سوف تتمخض عن انخفاض شبه دائم في التعداد السكاني'، ومضى يشير إلى أن هذا التراجع المحتمل ''سوف يدلي بتأثيرات وتداعيات عميقة على الاقتصاد، بما في ذلك إمكانية حدوث انكماش حاد في الاستهلاك على مستوى الفرد'، وتأتي الملاحظات المتشائمة لمصرف كريدت سويس بشأن التعداد السكاني وسط التحذيرات المتواترة في أوساط الدول الآسيوية باستثناء اليابان من أن الاقتصاد الأكثر انفتاحاً في سنغافورة ربما يتلقى الضربة الأقوى من التباطؤ العالمي، وكذلك فإن النمو في الاستهلاك كما جاء في التقرير ربما ينخفض إلى مستوى الصفر تقريباً، ويعتقد بعض المحللين أن أكبر تأثير للهجرة الجمالية من سنغافورة سوف يتمثل في انخفاض أسعار العقارات والأراضي بنسبة تصل 30 في المائة من مستوياتها الحالية.

وفي الحقيقة فإن سنغافورة - الميناء الأكثر نشاطاً في العالم من ناحية مناولة البضائع ومقر بعض أكبر شركات الشحن البحري في العالم، قد بدأت أصلاً تعاني الأمرّين من التراجع المخيف في حجم التجارة العالمية، وفي ظل استمرار تداعيات أزمة الائتمان وتأثيراتها المباشرة على تمويل التجارة والتراجع الحاد للطلب على السلع المصنفة في آسيا فإن المئات من الحاويات والسفن الناقلة للسلع السائبة الجافة أصبحت رابضة في غير حاجة لها على المرافئ في خارج جزيرة سنغافورة، ولكن هذا الركود أصبح هنالك ركود يماثله في المستوى في داخل الأراضي السنغافورية، وبالتوازي مع التحذيرات من إمكانية حدوث انهيار في التعداد السكاني فقد تنامت المخاوف في أوساط المستثمرين بشأن صحة وعافية قطاع البنوك المحلي في سنغافورة، إذ أن المناخ الذي طالما اتسم بالجودة والاعتدال والذي ازدهرت فيه العديد من البنوك السنغافورية قد وصل الآن إلى نقطة الانعطاف والتراجع، وبات من المقدر أن ترتفع نسبة القروض القابلة للشطب بشكل حاد بسبب انفجار فقاعة الازدهار العقاري الذي طالما ظل يشغل خط الأفق في سنغافورة بالأبراج والرافعات.

البرازيل

الى ذلك أصدرت حكومة البرازيل، في إجراء لافت ودال للغاية، قانونا جديدا ينظم هجرة العقول الأجنبية إلى البرازيل، وذلك بغرض الاستفادة من خبراتهم لدعم اقتصادها وتسريع وتيرة نموها. وبالتبني الرسمي لهذا القانون الجديد تكون البرازيل قد دخلت فعلا مضمار السباق على استقطاب الأدمغة، مستغلة نموها الاقتصادي و كذلك تداعيا ت الأزمة الاقتصادية على  دول كبرى بنت استارتيجياتها الاقتصادية والتنموية على استقطاب  العقول  والأدمغة لتحقيق تنمية اقتصادية  فاعلة وتعزيز الإنتاج، مثل دول الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية وكندا.

وأشارت أمس  الصحيفة البرازيلية "غلوبو"، واسعة الانتشار في البلاد،  إلى  أن اللجنة الاقتصادية  في حكومة ديلما روسيف رئيسة البلاد، أعلنت عن مخطط لتحفيز ما أسمتها" الهجرة المؤهلة"  عبر قانون سيكون من ناحية أخرى متشددا مع الهجرة غير المؤهلة". ما يعني أن أبوا ب الهجرة إلى البرازيل سوف تفتح أمام المهاجرين المؤهلين على  حساب المهاجرين غير المؤهلين،  وفي  تبرير لهذا الإجراء التي أقدمت عليه البرازيل، قال كاتب الدولة في  الشؤون الاستراتيجية التابعة لرئاسة الحكومة البرازيلية ريكاردو بايس" بما أن البرازيل  هي الآن  جزيرة رفاه في العالم هناك أشخاص عديدون مؤهلون يرغبون في القدوم  إلى هنا،  وأضافت" غلوبو" أن  المرحلة الأولى من المشروع "سوف يتم إطلاقه خلال  الشهرين المقبلين، وسوف تتبع فيه البرازيل نموذج الهجرة لدى  كندا وأستراليا، مانحة الأسبقية للأدمغة أولا،  ومن ناحية أخرى حدد المسؤولون على  مخطط  الهجرة البرازيلي المتعلق باستطقاب الأدمغة، المنطقة الأوروبية  وجهة أولى، بناء على طلب للشركات البرازيلية التي  "وضعت أعينها على  المؤهلين  الأوروبيين الذين عصفت بهم الأزمة الاقتصادية، واعدة بمنح رواتب جيدة مقابل استقطابهم، بل وتتكلف تلك الشركات نفسها بإجراءات إعداد وثائق الإقامة، وتستفيد البرازيل  من معطيات اقتصادية إبجابية للغاية، على الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية،  كارتفاع  معدل النمو الاقتصادي بنسبة  تتراوح ما بين 4 و 5 في المائة خلال مطلع السنة الحالية   2012، محققة تقدما بالنسبة إلى العام الماضي حيث كان معدل النمو 3 في المائة.  كما لا يتعدى معدل البطالة  ف يالبلاد  نسبة 5،2 في المائة، وأشارت دراسة صادرة عن المركز البريطاني  للأبحاث في الاقتصاد والأعمال (سيبر) الذي يوجد مقره بلندن، إلى أن الاقتصاد البرازيلي "يصنف سادس أقوى اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين واليابان وألمانيا وفرنسا، ويعكس هذا المشروع البرازيلي المتعلق باستقطاب الأدمغة،  التقدير الاستراتيجي التي تمنحه الدولة البرازيلية لمسألة الاستثمار في "الهجرة المؤهلة" وجلبها لدعم اقتصادها،  جاعلة "الراسمال المعرفي" أحد المحركات الفاعلة لتطوير الإنتاج وتمتين الاقتصاد،  ويبدو أن البرازيل قد اختارت الظرف المناسب لأطلاق مشروعها، حيث تضيق فرص العمل  والإنتاج أمام نسبة عريضىة من  العاطلين المؤهلين  الأوربيين بسبب الأزمة الاقتصادية،  ولا يبدو أن البرازيل ستنافس الأوروبين على استقطاب العقول من دول ثالثة،  بل سوف  تهددها  بإستهدا ف المؤهلين والأدمغة  من داخل الفضاء الأوروبي و استقطابهم إلى أسواقها.

الهجرة من أوروبا

من جهتها توضح صحيفة "الجارديان" البريطانية أن عشرات الآلاف من البرتغاليين واليونايين والإيرلنديين قد تركوا بلادهم هذا العام، وتوجه الكثيرون منهم إلى النصف الجنوبى من الكرة الأرضية، وهناك أدلة من روايات الناس تشير إلى أن الأمر نفسه يحدث فى إيطاليا وأسبانيا، وتحدثت الجارديان مع عشرات من الأوروبيين الذين تركوا بلادهم أو يخططون لذلك، وركزت قصصهم على طرق الهجرة الجديدة الغريبة، من لشبونة إلى لواندا (عاصمة أنجولا)، ومن دبلن إلى بيرث الإسترالية، ومن برشلونة إلى بيونس إيرس، إلى جانب المزيد من خطوط الهجرة التقليدية، وتشير الصحيفة إلى أن 2600 يونانى انتقلوا هذا العام إلى أستراليا، فى حين أن 40 ألفاً آخرين أعربوا عن اهتمامهم بالانتقال جنوبًا. بينما تشير الأرقام الرسمية فى إيرلندا إلى أن 50 ألف شخص سيتركون البلاد بنهاية العام، والكثير منم سيتوجه إلى أستراليا أو الولايات المتحدة، أما وزارة الخارجية البرتغالية فتشير إلى أن 10 آلاف شخص تركوا البلاد متوجهين إلى أنجولا الغنية بالنفط، ففى 31 أكتوبر الماضى، كان هناك ما يزيد عن 97 ألف برتغالى مسجلين فى قنصليات بلادهم بأنجولا، وهو ما يمثل ضعف الرقم فى عام 2005. كما أن البرتغاليين يتوجهون إلى الدول التى كانت مستعمرات سابقة لبلدهم مثل موزمبيق والبرازيل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 8/آذار/2012 - 14/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م