مقهى ابو جميل... نقطة نظام في البرلمان العراقي

عصام حاكم

 

شبكة النبأ: ما ان وصل ابو سلام الزيادي للمقهى حتى انشق عصى الحوار وتمايلت الارائك بمن عليها واختلطت اكواب الشاي باكواب النومي بصرة وانهالت التحيا الصباحية من اقصى اليمين الى اقصى الشمال ومن امامه ومن خلفه. وهذا شيء طبيعي ومن المسلمات العرفية التي يتبعها رواد مقهى (ابو جميل الشعبي ) في حي الغدير حيث يرتاد المقهى شيوخ ووجهاء تلك المنطقة والمناطق الاخرى القريبة من كربلاء على اعتبارها منبرا حرا لحل النزاعات العشائرية.

وبعد ان انتهت فصول الضيافة والترحاب افتتح ابو سلام حديثه على بركة الله طاولة البحث والنقاش حول التفجيرات الاخيرة التي طالت العاصمة العراقية بغداد والمحافظات الاخرى وما اسفرت عنه الجلسة البرلمانية من نتائج وتوصيات مهمة خصوصا تلك التي تتعلق بشراء 350 سيارة مصفحة للسادة اعضاء البرلمان العراقي. وما ان اكمل ابو سلام حديثه حتى اجابه ابو حاتم الحسناوي وهو احد وجهاء عشيرة بني حسن في المنطقة، وما العجب في ذلك؟ فان البرلمان العراقي تدارس الموضوع بحكمة وروية. يضيف: وعند ذاك اتضحت الصورة لدى ممثلي هذا الشعب وتم رصد ما قيمته 60مليار دينار عراقي فقط لحفظ ارواح 350 شخص مسؤول مع عوائلهم وبقية الشعب لهم رب يحميهم وليست مسؤولية الدولة ان توفر لكل شخص سيارة مصفحة او توقف العمليات الاجرامية.

ابو جعفر الشبلاوي انتفض من مكانه متعجبا من هذا التظليل العشائري كون شيوخ العشائر كانوا على الدوام الى صف السلطة وقال بلهجة قويه ومنفعلة بان من واجب الحكومة ومؤسساتها الامنية ان تحفظ للمواطن امنه وكرامته وسترسل قائلاً : ان المسؤول أيا كان هو فرد من افراد هذا المجتمع فعندما تقتضي الضرورة ان نوفر للمسؤول الامن فالواجب يحتم علينا ايضا ان نحقق ذات الهدف للمواطن. 

السيد عدنان الزاملي دخل ساحة الحوار منتقدا الجميع وساخر منهم على اعتبار ان الكتاب معروف من عنوانه ولا حاجه بنا ان نتذكر ونستعرض التشريعات البرلمانية وهي ذات طابع استفزازي ولا تحترم الناخب العراقي نهائيا فهي كانت على الدوام في ساحة المنافع والرواتب والمخصصات وبدل الايجار والرواتب التقاعدية وكل هذه العناوين هي سلسلة متصلة من التصرفات غير المسؤولة. وتابع قائلاً: غالبية الاعضاء الموجدين الان تحركهم الاهواء الشخصية والمكاسب المادية والاجتماعية والحزبية وان الشعارات التي نزلت للشارع ايام الانتخابات لا تتعدى كونها استغفال واستهتار بمشاعر واحلام الناس البسطاء.

اما السيد عقيل الميالي احد رواد المقهى فكان موضوعيا في طرحه حيث صنف غالبية الاعضاء بانهم اناس امتهنوا السياسية لنية في قلب يعقوب كما يقول القائل ومن غير المعقول ان نحمل السادة الاعضاء اكبر من طاقتهم فهم ليسوا مشرعين بالمعني الحقيقي ولا يمتلكون المؤهلات العلمية والخبرات القانونية وهناك ثمة شيء مهم هو كون البرلمان العراقي تتملكه الفوضى من كل حدبا وصوب ولا ينتهج قانون بعينه فالغيابات على قدما وساق وهناك من لم يأتي الى قبة البرلمان نهائيا ومن حق الاعضاء التصريح المجاني والسفر المجاني والاقامة في خارج البلاد والحج على حساب الدولة والحصول على المكاسب والامتيازات المالية وكل هذه الامور هي اجتهادات حزبية .

سجاد الموسوي مواطن اخر شارك في نقاش المقهى فقال ومن دون تحفظ لقد فعلها بنا البرلمانين كما فعلوا اخوان نبي الله يوسف عليهم السلام حينما القوه بالجب وقالوا اكله الذئب وكيف لا وجميع الكتل والاحزاب البرلمانية تدعي بانها لم تصوت لصالح السيارات المصفحة فمن ياترى وافق على صرف 60 مليار دينار عراقي ومن رفع يده لصالح تمرير هذا المشروع.

واجب المرجعيات

ومن جهته حمل ابو سيف الميالي المرجعيات الدينية تبعات ذلك التصرف فهو يرى انها المسؤولة امام الله سبحانه وتعالى عن الضيم الذي لحق بالعراقيين ومن واجبها الشرعي ان تعري من يخون الأمانة ويستهتر بحرامات ودماء الناس. ويضيف قائلاً: امن الحكمة ان نشتري سيارات مصفحة للمسؤولين ونترك الابرياء تتقطع اوصالهم في الساحات والشوارع؟ أمن الانصاف ان يصل راتب العضو البرلماني الى (40) مليون دينار شهريا و هناك اناس افنوا اعمارهم في خدمة المجتمع لا يصل راتبهم الى 2% من هذا الرواتب. أمن المروءة ان يتقاضى العضو المتقاعد لمدة لا تتجاوز السنه الواحدة فقط راتبا تقاعديا يصل الى (80% ) من راتبه الاصلي ؟ واليس من واجب المرجعيات ان تحرك الشارع وتعلن العصيان المدني لوقف تلك الانتهاكات المالية. يتابع: وكيف يقنعني ارباب الديمقراطية الجدد بان اربعة مليار دولار في زمن هدام اللعين كانت تكفي لتقديم سلة من الغذاء تتكون من 12 مادة اساسية و غير اساسية فحتى موس الحلاقة كان يقدم في البطاقة التموينية والان مائة مليار دولار والبطاقة التموينية عديمة الجدوى ليس فيها الا اربع مواد ان حضر اثنين منهما غابت الاثنين الباقية بربكم الا يدفع هذا الحال بالشعب الى التحسر على ما فاته. ويختتم حديثة بالقول بان موقف السيد ( جعفر محمد باقر الصدر) كان موقف وطنيا شريفا عندما احس انه لا يستطيع ان يرضي الله و الشعب باستمراره في مسرحية السياسة و البرلمان اثر التنحي عن المنصب وترك عباد الدنيا والمناصب يعمهون في غيهم.

هذا ومن الجدير بذكر ان المرجعيات الدينية في العراق قد رفضت واستنكرت الكثير من التصرفات التي قامت بها الطبقة السياسية في العراق بما فيها قرار التصويت الاخير الخاص بالمصفحات ومازالت تمتنع عن استقبال اي شخصية سياسية.

علي الراشدي كان اخر المتحدثين بهذه الحلقة النقاشية ولا يجد بهذا الموضوع غرابه فكل تصرفات البرلمان هي غريبه وعجيبة فالبرلمان العراقي على الدوام غير مكتمل النصاب وفي بعض الجلسات البرلمانية المنقولة نقلا مباشرا وجدنا بعض البرلمانين نائم!! وهناك من يعلك وهناك من يفضل الجلوس في المطعم والكافتيريا وهناك من ينشغل بالاحاديث الجانبية ووجدنا في ذلك البرلمان ايضا ما كان مختلسا ومنهم من كان مجرما وقاتلا وبعض البرلمانين لهم صلات بالخارج. يتابع: اما بخصوص التشريعات البرلمانية فهي ما نفكت ترفع لولاء النصرة للسادة الاعضاء انفسهم فأول الغيث العطلة البرلمانية ورصد قضية التدخين وشراء السيارات المصفحة واقرار بدل الايجار وضمان الحج المجاني وتخصيص قطع الاراضي والاتفاق على الرواتب التقاعدية ومنح مائة راتب وعدم محاسب المتغيبين وكل هذه التشريعات والجهود المبذولة تصب بمصلحة العضو البرلماني حفظه الله ورعاه من كل مكروه في هذه الدنيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/آذار/2012 - 11/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م