الكلاب تنتحر... يعيش ساسة العراق

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: آلان بومبار، طبيب فرنسي شاب كان مشغولا ببحث عن الجوع والتضور.. ماذا يحدث للانسان الجائع؟ وكم يوما يحتمل الجوع والعطش؟

نحن الان في العام 1951 حيث تسلم مستشفى فرنسي جثث 43 غريقا.. كان هذا الطبيب في استقبالهم، وعلى الرغم من انه طبيب وانه ككل الاطباء قد اعتاد على الدم والصرخات والاهات فانه اصيب بحالة من الفزع.. لقد رأى على وجوه الغرقى اشكالا والوانا من الخوف والصراخ المكتوم.. فليس ابشع من ان يموت الانسان غريقا: اي بعد صراع يائس مع البحر والشمس والعطش.. انها العزلة الموحشة التي تقتل اي انسان.

دارت في راس هذا الطبيب فكرة، وهو المشغول ببحثه عن الجوع والعطش: لماذا لا اجرب حياة الغرقى؟ لماذا لا اعيش كغريق واكتشف بنفسي ماذا يحدث لاي انسان لو غرق؟ ان كل ما سوف اكشفه سيؤدي الى انقاذ نفوس الوف الناس..وفعلا قام برحلته تلك واكتشف الكثير.

كنت اقرأ عن هذا الطبيب وانا عائد الى المنزل بسيارة اجرة صغيرة تشاركت مع ثلاثة اخرين لدفع اجرتها، تماشيا مع الماثور القراني وتعاونوا على البر والتقوى.. هكذا نحن في العراق ابتكارات لامتناهية فيما يتعلق بالمال تحصيلا او جمعا.

كان ذلك نهار اليوم الذي حدثت فيه الكثير من التفجيرات في اماكن متفرقة من العراق، وكان هناك مئات الضحايا، قتلى او جرحى، وكانت هناك عشرات التصريحات لشخصيات فاشلة على مستوى الفعل السياسي او الامني وحتى الشخصي.

كان احد الركاب من الذين يريدون الحديث في كل شيء وعن اي شيء، ادلى بالكثير من التصريحات وفي شتى المواضيع بدءا من قضية الهاشمي المعلقة مرورا بالازدحام المروري والفساد المالي والكهرباء والخدمات وكثير غيرها.. كنت اود ان الوي عنقه ليشاركني القراءة عن هذا الطبيب الفرنسي، او اخبره باننا نستحق مايحدث لنا وماجرى لاننا لانملك مثل هذا الطبيب بين اطبائنا، او انسانا مثله في مجتمعنا.

لم افعل ايا من ذلك، واحتملت الصداع الناجم عن كلامه طيلة الطريق.. في نهاية الاسبوع يفاجئني خبر من عيار ثقيل، يجمع بين الماساة والملهاة في صورتها السوداوية.

كلب بوليسي يقدم على الانتحار بعد قيامه بعملية تفتيش مجهدة لمعظم غرف إحدى الوزارات العراقية وسط العاصمة بغداد، بسبب شعوره بالاضطراب نتيجة التعب والارهاق اللذين واجههما في العمل، بحسب شهود عيان.

ويقول متخصصون في هذا النوع من الكلاب، إن عملية التفتيش التي تقوم بها الكلاب دقيقة جدا، وتعتمد على حاسة الشم، وهي عادة ما تكون مرهقة، الأمر الذي يتطلب حصول تلك الكلاب على قدر كاف من الراحة.

وذكر شهود عيان أن (الكلب كان مكلفا بتفتيش مبنى وزارة الثقافة، وبعد قيامه بجهد مضاعف في عملية تفتيش مضنية استمرت عدة ساعات، من دون حصوله على فترة الاستراحة الكافية والمطلوبة لتجديد نشاطه، شعر بالارهاق والتعب الشديدين، وأخذ يعاني اضطرابا شديدا، الأمر الذي أدى به الى عض يد مرافقه للافلات منه، وإلقاء نفسه من أعلى مبنى الوزارة، وسط العاصمة بغداد).

وأضاف شهود العيان أن (الكلب سقط فوق قطعة من الصفيح، كانت تغطي نقطة حراسة في إحدى زوايا الوزارة، ما أدى الى كسر إحدى سيقانه، وهو يعاني اضطرابا وهيجانا شديدين، ولم تنفع معه كل الدروس والتعليمات التي اكتسبها طيلة فترة التدريب).

تذكرت اجازات اعضاء مجلس النواب التي يقضونها في لبنان او غيرها من الدول في السنوات السابقة، وتساءلت هل هناك من ارهاق يعانيه هؤلاء النواب يفرض عليهم الخروج من نطاقه عبر تلك الاجازات؟ ونحن نعلم وعبر اكثر من تصريح ان هناك الكثير من تشريعات القوانين معطلة بسبب تلك الاجازات او الغيابات، وان القائمة العراقية وقبل مدة علقت حضورها لجلسات مجلس النواب تضامنا مع احد اعضائها المتهم بقضايا جنائية، وان ميزانية الدولة العراقية لم يصادق عليها حتى الان، وان قانون استثمار النفط والغاز يروح ويجيئ، وان الكثير من قوانين البعث لازالت هي الفاعلة في المحاكم العراقية، وان، وان، غيرها من امور هي على حالها؟، ولم نسمع عن نائب استقال في وقفة شرف نتيجة التردي الحاصل في العمل السياسي، او ان احدهم قد حاول الانتحار احتجاجا على مقتل المئات على الاقل من ناخبيه.

احيي هذا الكلب وقبله احيي الطبيب الفرنسي الذي مر ذكره في بداية الموضوع، واتمنى ان يسمح قانون الاحزاب، او قانون الانتخابات الجديد الذي يتم الحديث عنه كثيرا بترشيح الكلاب والحمير للانتخابات القادمة.. ساكون اول من ينتخب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 26/شباط/2012 - 3/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م