في العراق... الشعب هو الضحية دائما

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: عندما يتصارع الفرقاء، في الفكر والاهداف البعيدة والقريبة، يكون الشعب هو الضحية، وعندما يتصارع أصحاب المصالح (الحيتان) كما يصفهم المراقبون، فالشعب هو الضحية ايضا، وعندما تشتعل نار الحرب على المناصب والمنافع والاموال، يكون الشعب هو الضحية، حتى عندما يستكين الشعب ولا يحرك ساكنا، وحتى عندما ينام في ربوع الجهل والحرمان، ولا يجد سبيلا مطلوبا وصحيحا للتفكير بالخلاص، فهو الضحية ايضا.

التفجيرات تتواصل، ونقص الخدمات يتواصل، ونقص الحصة التموينية يتواصل، وضعف الكهرباء في عد تنازلي دائما، وقتل الابرياء من لدن بعض قادة السياسة العراقيين وغيرهم واضح ومتواصل، في كل هذه الامور والمجريات، الشعب هو الضحية، في مقابل ذلك هناك مستفيدون معروفون للشعب كله، حتى لأبسط الناس، وهم أولئك المتصارعون على نهش الجسد العراقي وروحه وأمواله، وثروات العراقيين التي تضخَّمت في جيوب الساسة وارصدتهم وحساباتهم، في حين هم عاجزون عن اقرار زيادة هشة ومتدنية لشريحة المتقاعدين مثلا، حيث يعتذر وزير المالية قبل ايام عن قدرة أو عدم قدرة الميزانية على دفع مبلغ 600 ألف دينار للمتقاعدين!!.

القضية برمتها تبدو وكأنها استثمار فرصة قد لا تعوّض، هكذا ينظر بعض ساستنا للأمر، في حين يبدو أن الغالبية منهم، يريد أن يستثمر وجوده في وظيفته (ويعصرها حتى آخر نقطة دم فيها) مع غياب شبه كلي بمراعاة الآخرين، وأعني بهم الشعب الضحية، هذا الكلام لا يُقال تحت هاجس سوداوي، ولا تحت غرض معين ضد هذا او ذاك من ساسة العراق، وقائع الامور التي جرت على هذه الوتيرة طيلة عشرة اعوام تقريبا، هي التي تقول بأن الشعب العراقي ضحية، أما المفترسون فهم بعض قادته السياسيين، ومن يريد أن ينكر ذلك له أن ينكر وله أن يحتج على هذا الكلام، أما نحن فلدينا أدلتنا القاطعة، ممثلة بما يحدث في الشارع العراقي من تفجيرات ارهابية متواصلة، حصيلتها مئات الارواح العراقية ونزيف الدم العراقي الذي لا يريد له هؤلاء الساسة التوقف وهو أمر ظهر مؤخرا الى العلن، إذ حتى مع ظهور اصابع الاتهام الواضحة لبعضهم، لا يريد هؤلاء الاقرار بأنهم هم من يقف وراء قتل العراقيين، أما بصورة مباشرة او غير مباشرة، ولا يتوقف القتل بالتفجير فحسب، إذ هناك طرق كثيرة جدا لديهم، إنهم يتفننون بقتل الشعب العراقي، التفخيخ والتفجير والقتل بالكواتم احدها فقط، هناك القتل بالتجويع (سرقة اموال البطاقة التموينية)، والقتل بالتسميم (الشاي المسرطن والزيت الفاسد كأمثلة فقط)، والقتل بالتجهيل (ضحالة التربية والتعليم ونقص المدارس وضعف المناهج)، والقتل بالبطالة (آلاف الشباب والرجال العاطلين أو الذين ينخرطون في بطالة مقنّعة)، والقتل بقلة الخدمات (غياب الكهرباء وحضور تلول من القمامة)، ثم القتل بغياب الضمان الصحي والخدمات الصحية الملائمة، وهناك ايضا القتل بإشاعة الفقر بين شرائح بعينها (الارامل، ذوي الحاجات الخاصة، باعة تقاطعات الطرق، الخرجين الجدد والقدماء) حتى بلغ الفقر درجة لا تطاق بين هذه الشرائح التي تتزايد مع كل مفخخة او تفجير جديد.

ما هو المطلوب إذن؟؟ هل يظن الساسة أن الصمت سيستمر الى الأبد، وهل يعتقد هؤلاء، أن تجاهل الشعب وحقوقه لن يحرك فيه ساكنا وكأنه أشبه بالاموات، الجواب أيها السادة، كل شيء له حدود، وحين يبلغ السيل الزبى ستكون هناك بدائل، لكن من الافضل أن يجد الشعب الضحية تحركا ملموسا من لدن مسؤوليه وقادته نحو معالجة الامور العاجلة فورا، عليكم أن توقفوا مسلسل قتل الابرياء فورا، وتقتصوا من المصادر التي تغذي الارهاب، وعليكم ايضا أن تعطوا الشعب حقوقه كاملة، لاسيما في الجانب المعيشي ومقارعة الفقر.

يذكر احد مسؤولي الطاقة قبل مدة في وسائل الاعلام، ان انتاجية الكهرباء في الصيف القادم ستكون أسوأ من الصيف الماضي، وهذا دليل قاطع على الاستخفاف بالشعب، وهو دافع حقيقي لهذا الشعب الضحية كي يلقن كل من يستخف به الدرس الذي لن ينساه قط. إنتبهوا أيها الساسة، إنكم تشتركون في قتل الشعب سواء عرفتم أم لم تعرفوا بذلك.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 25/شباط/2012 - 2/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م