الذكاء ميزة سلوكية مستقلة عن الإبداع

هل الذكاء فطري أم مكتسب؟

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يعرف الذكاء بأنه المهارات العقلية المتعلقة بالقدرة على التحليل، والتخطيط، وحل المشاكل، وسرعة المحاكمات العقلية، كما يشمل القدرة على التفكير المجرد، وجمع وتنسيق الأفكار، والتقاط اللغات، وسرعة التعلم، ويتضمن أيضا حسب بعض العلماء القدرة على الإحساس وإبداء المشاعر وفهم مشاعر الآخرين.

مع أن المفهوم العام السائد عند الناس للذكاء يشمل جميع هذه الأمور وربما يعتقد الناس بأنها مرتبطة بقوة الذاكرة، إلا أن علم النفس يدرس الذكاء كميزة سلوكية مستقلة عن الإبداع، والشخصية، والحكمة وحتى قوة الحافظة المتعلقة بالذاكرة، ويظن بعض الناس أن الذكاء الفطري الطبيعي هو الأساس، ولكن في الحقيقة أن الذكاء المكتسب تكمن فيه أهمية أكبر, فحل تمارين الرياضيات مثلاً سيعطيك القدرة والسرعة على حل تمارين أخرى ليست لها علاقة بسابقتها إلا أن نفس الشخص يصبح سريعاً في حلها وهو في هذه الحال لم يكتسب معلومة وإنما اكتسب الذكاء.

كما أكدت الدراسات والبحوث الحديثة أن الذكاء الإنساني ومهارات التفكير أمور يمكن تعلمها وتطويرها، وللبيئة دور هام في تعديل البناء التشريحي للمخ، والسنوات الأولى من حياة الطفل لها أثر بالغ، حيث تتفاعل العوامل الوراثية مع العوامل البيئية لتحدد كفاءة عمل الدماغ.

الذكاء يختلف عن التفكير الذكي

وفي هذا الصدد يبدو أن الذكاء والتفكير بشكل ذكي مختلفان، فالأول فطري والثاني مكتسب وهو مهارة لا بد من تنميتها، وأوضح عالم النفس من جامعة تكساس في أوستن آرت ماركمان, أن البشر لا يولدون ولديهم القدرة على القيام بأمور ذكية، بل ينمون هذه المهارة مع مرور الوقت، وأضاف ماركمان في بيان وزعه أن كل عناصر الذكاء موجودة في صندوق أدوات عقلي، والحقيقة أنه يمكن للمرء أن يصبح أذكى فمن خلال فهم كيفية استخدام المعرفة لحل المشاكل يمكن تطوير عادات أكثر ذكاء لتعلم المزيد عن طريقة عمل العالم ووصف المشاكل بفعالية. بحسب يونايتد برس.

وقال ماركمان إن العديد من الحلول للمشاكل الصعبة تأتي نتيجة للمقاربات والدروس التي نتعلمها، وختم بالقول إن التفكير الذكي ليس فطريًّا بل نتيجة تطوير وصقل أمور نعرفها لاستخدامها عند الحاجة.

نسبة تغير الذكاء

فيما أظهرت دراسة علمية حديثة أن معامل ذكاء الفرد قد يتغير خلال مرحلة المراهقة، خلافا لما يعتقد من أنه من العوامل الثابتة القيمة، التي تعكس القدرات العقلية للفرد، حيث أظهرت الدراسة التي نفذها فريق بحث من جامعة "كوليج لندن" في بريطانيا أن معامل الذكاء ليس من العوامل الثابتة، وأن متوسط نسبة التغير قد يصل إلى عشرين نقطة، خلال مدة لا تزيد على بضع سنوات، كما أوضحت نتائج الدراسة التي أجريت على 33 من المراهقين البريطانيين، أن هناك تغيرات دقيقة تطرأ على معدلات الذكاء في هذه المرحلة كما ظهر من نتائج المراهقين الذين خضعوا لاختبارات الذكاء القياسية عام 2004، ثم أعادوا الاختبار بعد أربعة أعوام، لتشمل سنوات الذروة لمرحلة المراهقة، وكشفت النتائج تغيرات دقيقة في تركيبة الدماغ باستخدام تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، مما أوضح أن معامل الذكاء الذي يستخدم في أغلب الأحيان للتنبؤ بالأداء الأكاديمي للفرد وفرص العمل المتاحة له، أصبح أكثر مرونة مما كان يعتقد في السابق، وأكثر تأثرًا بالمؤثرات الخارجية مثل الإهمال، وفي نفس السياق قالت كاثي برايس، وهي من كبار الباحثين في الفريق من مركز "ويلكم ترست" لتصوير الأعصاب بالجامعة، إن معدل التغير المقدر بعشرين نقطة يمثل فرقا كبيرا، وهو ما يسمح بتفاوت الفروق في الذكاء عند الموهوبين والأشخاص العاديين، وكذلك الفرق الذي قد يمكن الفرد من الانتقال من فئة الذكاء العادي ليُصنَّف شخصًا دون المتوسط، كما عبر روبرت بلومين -الباحث في مجال علوم الوراثة للذكاء من جامعة كينجز كوليج لندن عن دهشته من النتائج، واصفا إياها بأنها مذهلة للغاية، ومؤكدا في الوقت ذاته أنه في حال تم التأكد من صحة هذه النتائج، فإن ذلك يبرز أن العوامل البيئية تحدث تغيّرًا في الدماغ والذكاء خلال مدة زمنية قصيرة.

حجم الدماغ

بينما توصلت دراسة علمية إلى أن كبر حجم الدماغ لا يعتبر مقياساً لشدة الذكاء، إذ قد تتمتع حشرة صغيرة جداً بذكاء حيوانات أكبر منها حجماً بعدة أضعاف، جاء ذلك في دورية علم الأعضاء الحديث التي نقلت عن الاختصاصي في علم الإحساس والسلوك البيئي في جامعة الملكة ماري في لندن البروفيسور لارس شيتكا قوله إن الأدمغة الكبيرة ليست معقدة ولا يرى فيها سوى الدوائر العصبية ذاتها دائماً، مضيفاً أن كبر حجمها لا يعني أنها أفضل من حيث الأداء والفعالية، ويتوافق هذا مع أبحاث سابقة ذكرت أن الإنسان قبل ملايين السنين لم يكن لديه دماغ كبير، فيما يرى آخرون أن الدماغ البشري ينكمش خلال عملية التطور والنمو، ويقول الباحثون القائمون على الدراسة إن دماغ الحوت مثلاً يزن نحو تسعة كلغ وفيه أكثر من 200 مليار خلية عصبية . بحسب يونايتد برس .

 في حين أن وزن دماغ الإنسان يتراوح ما بين 1.25 و1.45 كلغ وفيه حوالي 85 مليار خلية عصبية، ووزن دماغ النحلة 1 ميليغرام فقط وبداخله أقل من مليون خلية عصبية، ولفت الباحثون إلى أن الدراسات السابقة أثبتت أن بعض الحشرات تتمتع ببعض الذكاء، فمثلاً تستطيع النحلة عد أجسام أمامها والتمييز بينها ومعرفة ما إذا كانت لوجوه كلاب أو بشر، وكذلك التفريق بين ما هو مختلف ومتماثل، مما يدل على أن التفكير المتقدم يتطلب عدداً محدوداً جداً من الخلايا العصبية.

أكل السمك

الى ذلك توصل باحثون بريطانيون إلى أن تناول الطعام الغني بالأحماض الدهنية اللامشبعة والمعروفة باسم أوميغا 3 يعزز تدفق الدم إلى الدماغ ويحسن أداءه أثناء المهام التي تتطلب تركيزا ذهنيا. وكما هو معلوم فإن الفوائد الصحية لأوميغا 3، التي توجد في السمك والخضراوات الورقية والزيوت النباتية، كثيرة، ويدعي البحث الجديد أن أوميغا 3 يمكن أن تحسن أيضا أوقات رد الفعل فضلا عن تقليل مستويات الإجهاد في الدماغ بعد أداء مهام شاقة، ويقول الباحثون إن هذه النتائج قد تكون ذات أهمية خاصة للمسنين حيث أن اتباع نظام غذائي غني بأوميغا 3 يوفر إمكانية درء العته، وقد أجرى الباحثون دراستين لتقصي آثار السمك الدسم وأُعطي متطوعون مكملات زيت السمك الغنية بحمض أوميغا 3 الدهني المعروف اختصار بـ(دي إتش أي)، وبينت نتائج إحداهما أن تناول مكملات أوميغا 3 أثناء المهام الذهنية عزز تدفق الدم في المناطق النشطة من الدماغ، وبحثت دراسة أخرى في تأثير إعطاء مكملين من زيت السمك لمجموعة من المتطوعين بين سن 18 و35 على مدار ثلاثة أشهر، وبينت النتائج اختلافا بسيطا في تدفق الدم إلى الدماغ، لكن أوقات رد الفعل كانت أسرع ومستويات التعب كانت أقل بعد إعطاء الدماغ مهمة ليكملها، ويريد الباحثون الآن إجراء دراسة على أناس بين سن الخمسين والسبعين لمعرفة كيف يمكن لتناول مكملات زيت السمك أن تؤثر في ذاكرتهم وأدائهم العقلي وتدفق الدم إلى الدماغ، وقالت معدة الدراسة الدكتورة فيليبا جاكسون إن هذه النتائج قد يكون لها آثار على الوظائف الذهنية في وقت لاحق في الحياة لأن الأدلة تشير إلى أن أكل السمك الدسم بانتظام أو تناول مكملات أوميغا 3 قد تمنع التدهور المعرفي والعته كما أن زيادة تدفق الدم إلى الدماغ قد تكون هي الآلية التي بها يحدث هذا الأمر، وأضافت أنه إذا أمكن تحديد الآثار السلوكية وآثار تدفق الدم في الدماغ لهذا الحمض الدهني في كبار السن الأصحاء فإن الفوائد التي ستعود على الذين يعانون من الحالات التنكسية العقلية المرتبطة بالشيخوخة الطبيعية يمكن أن تكون أكبر من ذلك بكثير.

حسب ترتيب الولادة

من جهة اخرى أظهرت دراسة دانماركية أن معدل الذكاء ينخفض بحسب ترتبيب الولادة فالأب يكون عادة أذكى من الابن والابن أذكى من الحفيد، الدراسة شملت عينة من ألف طفل تمت مراقبة معدل ذكائهم من عمر المراهقة إلى حين بلوغ الـ18 من العمر، وأظهرت أن معدل ذكاء الأولاد يختلف حسب ترتيب ولادتهم، وكشف البحث الذي نشرته مجلة "إنتلجنس" أن معدل ذكاء الأولاد الأوائل، كان الأعلى في غالبية الحالات، يشار إلى أن هذه الدراسة هي الأحدث فيما يتعلق بتأثير ترتيب الولادة على الإنسان، وفيما يتصل بمخاطر الإصابة بالسرطان والربو وزيادة الوزن وغيرها، ويرى العلماء أن ترتيب العمر يؤثر على اليد التي يستخدمها الطفل للكتابة وعلى توجهه الجنسي مستقبلا. بحسب يونايتد برس .

دماغ الأطفال

على صعيد اخر أفادت دراسة طبية جديدة أن نمط نمو الدماغ خلال مرحلة التطور قد يلعب دورا أهم في موضوع الذكاء من حجم الدماغ الكلي، وأشارت الدراسة التي أجراها فريق بحث مشترك من المعهد الوطني للصحة العقلية الأميركي وجامعة مكغيل الكندية، ونشرت نتائجها في العدد الحالي من مجلة "نيتشر" إلى أن حاصل ذكاء الأطفال مرتبط بديناميكية نمو أو نضوج قشرة الدماغ، وأشار الباحثون إلى أن قشرة دماغ الأطفال الأكثر ذكاء -المسؤولة عن التفكير والوظائف العقلية العليا- تكون رقيقة نسبيا. وهذه القشرة التي تشكل الطبقة الخارجية تصبح سميكة مع بلوغ سن الـ12 قبل أن تشهد نفس التراجع في السمك المعهود أيضا لدى الأطفال المتوسطي الذكاء، وقد تابع الباحثون حالات 307 أطفال من مختلف الأعمار على مدى فترة نموهم. وقاموا بتصوير أدمغة الأطفال بتقنية الرنين المغناطيسي، بشكل دوري.

ثم قارنوا بين الأطفال بناء على حجم الدماغ وسمك قشرته ونتائج عدة اختبارات قياسية لحاصل الذكاء، وأظهر الأطفال الأكثر ذكاء نمطا متميزا لتطور نمو الدماغ. فبينما بلغت قشرة دماغ الطفل المتوسط الذكاء أعلى سمك لها حوالي سن الثامنة، تأخر نمو سمك هذه القشرة لدى الأطفال الأذكى واستمر حتى المراهقة المبكرة، وبين جميع المشاركين في الدراسة، تراجع سمك قشرة الدماغ خلال سنوات البلوغ والمراهقة، ربما بسبب تشذيب انكماش الخلايا العصبية لدى ارتفاع كفاءة الدماغ. بحسب يونايتد برس .

 وعلى رغم من أن هذا الذكاء يبدو وراثيا، فقد تلعب البيئة التي ينشأ فيها الطفل دورا أكبر وأكثر أهمية، كما يؤكد الباحثون، وقد أظهرت دراسات الدماغ التي أجريت على فئران المختبر أن سمك قشرة الدماغ لديها يعتمد على تنوع وغنى خبراتها، ويرى الباحثون حاجة إلى إجراء مزيد من التجارب على الدماغ لتحديد الجذور الجينية الوراثية لحالات زيادة أو رقة سمك قشرة الدماغ، وما هي العوامل التي تضع الطفل على مسار معين لتطور ونمو الدماغ.

البدانة

وفي هذا الشأن خلصت دراسة طبية فرنسية جديدة إلى وجود ارتباط بين البدانة وتدهور الوظائف الإدراكية للشخص البدين. بكلمات أخرى، هناك علاقة تناسب عكسي بين وزن الشخص ومستوى منحنى ذكائه، ومن المعلوم طبيا بالضرورة أن زيادة الوزن المفرطة تؤدي غالبا إلى أحوال صحية سيئة، تطال ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، وقد تكون سببا مباشرا للوفاة المبكرة. ولكن الجديد الذي قد يفاجئ الكثير هو أن البدانة تؤثر على مستوى ذكاء الإنسان، الأمر الذي قد يقابل أيضا بالشك والارتياب، جاء نبأ هذه الدراسة عقب ما أعلن الأسبوع الماضي من أن بريطانيا الآن هي "رجل أوروبا السمين، حيث تم تصنيف ربع السكان الراشدين و14% من الأطفال تحت 16 سنة كبدناء، أجرى هذه الدراسة فريق بحث من جامعة تولوز الفرنسية واستغرقت خمس سنوات، ونشرت نتائجها في العدد الحالي من مجلة "علم الأعصاب"، وعرضتها نيوزمديكال نت.

شارك في الدراسة 2223 راشدا بصحة جيدة تتراوح أعمارهم بين 32 و62 عاما. ويقول الباحثون الفرنسيون إنهم وجدوا ارتباطا بين البدانة والتراجع في قدرة الشخص العقلية، تلقى المشاركون أربعة اختبارات للقدرة العقلية، وهي تعتمد أساسا على تعلم وتذكر قوائم من المفردات، واختبار تعويض لرموز رقمية، واختبار انتباه انتقائي، وقد تم تكرار كل منها بعد خمس سنوات، كما جمعت معلومات طبية وسيكولوجية وبيئية من المشاركين عامي 1996 و2001، يقول الباحثون إنهم وجدوا أن الأشخاص غير البدناء -قيمة "مؤشر كتلة الجسم" لديهم 20 أو أقل- استطاعوا أن يتذكروا 56% من الكلمات في امتحان المفردات، بينما الأشخاص البدناء -قيمة "مؤشر كتلة الجسم" لديهم 30 أو أكثر- استطاعوا تذكر 44% من المفردات فقط، كذلك، أظهر البدناء معدلات أعلى في التدهور الإدراكي عندما أعيد اختبارهم بعد خمس سنوات من بدء الدراسة، حيث تراجعت قدرتهم على تذكر المفردات إلى 37.5 %، بينما احتفظ الأشخاص غير البدناء بنفس مستوى القدرة على التذكر، يستخدم "مؤشر كتلة الجسم" أو (BMI) بشكل عام في تقييم وزن الشخص بالنسبة لطوله وحالته الصحية، ومؤشرا على مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين. ويتم حساب المؤشر بقسمة وزن الشخص (بالكيلوغرامات) على مربع طوله (بالأمتار)، وحسب المعايير البريطانية يعتبر وزن شخص ما مثاليا وفي حالة صحية جيدة إذا تراوحت قيمة مؤشر كتلة جسمه بين 18.5 و24.9، بينما يعتبر زائد الوزن إذا بلغت قيمة المؤشر 25، ويعتبر بدينا (إكلينيكيا) إذا بلغت تلك القيمة 30 أو أكثر، رغم شك البعض في دقة ودلالة المؤشر لأنه يجمل العضل والشحم معا في فئة واحدة. بحسب يونايتد برس .

 تقترح الدكتورة ماكسيم كورنو أستاذة الأوبئة الإكلينيكية بمستشفى جامعة تولوز المؤلفة الرئيسة للدراسة، تفسيرا لهذا التراجع الإدراكي للبدناء، فتعزوه إلى أن الهرمونات التي تفرز من الدهون قد يكون لها تأثير مدمر للخلايا الدماغية، ما يؤدي إلى تراجع وظائف الدماغ، ونظرا لدور البدانة المعروف كعامل فاعل في زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، لأنها تزيد سماكة وتصلب الأوعية الدموية (الشرايين)، ترجح د. كورنو أنه ربما نفس الأمر يحدث لشرايين الدماغ، ويلفت الباحثون إلى أنه وبعد احتساب الفروق المؤثرة في النتائج كالعمر والنوع ومستوى التعليم وضغط الدم والإصابة بالسكري والعوامل السيكولوجية المشتركة، استمر الارتباط قائما بين زيادة قيمة "مؤشر كتلة الجسم" وزيادة مستوى التدهور الإدراكي.

ألعاب الحاسوب

كما أكد علماء ألمان أنه من الممكن استخدام ألعاب الكمبيوتر لتنمية نسبة الذكاء لدى الأطفال وأنهم نجحوا في زيادة نسبة ذكاء أطفال خلال ستة أسابيع من 11 إلى 101 نقطة في مؤشر الذكاء، وقال عالم النفس الألماني فولفجغانغ لينهارد معلقا على الدراسة التي أعلنت عنها جامعة "فورتسبورغ" اليوم الاثنين إن هذا التأثير الذي أحدثته اللعبة على مستوى ذكاء الأطفال كبير وإن معدل الذكاء لدى نحو نصف الألمان يبلغ 90 إلى 110 نقطة، وشملت الدراسة 30 طفلا واعتمد فيها باحثو جامعة "فورتسبورغ" على أحد تدريبات الذكاء التي اعتمدتها أكثر من مئة دراسة سابقة فوجدوا أن مستوى ذكاء الأطفال عقب هذا التدريب كان أفضل بكثير عنه من ذي قبل، وأوضح لينهارد أن باحثيه طوروا هذا التدريب الحاسوبي بشكل تام و"أعطوه زي اللعبة". ومن بين أسباب نجاح هذا البرنامج حسب الباحثين هو حب الأطفال لممارسة ألعاب الحاسوب: "ويقوم الأطفال خلال اللعبة الحاسوبية بتتبع هدف إليكتروني ما يجعل حماستهم مستمرة حتى نهاية التدريب، وكان على الأطفال أثناء البحث عن ماسة حل 120 مسألة قبل أن يحصلوا على قطع ذهبية كمكافأة أو أن يسمح لهم باللعب في مستوى أعلى، وأوضحت ألكسندرا لينهارد من معهد التعليم النفسي في مدينة فورتسبورغ أن آلية الألعاب الحاسوبية الجيدة في تسهيل التعليم تعتمد على الإشادة بإنجازاتهم ومكافأتهم. وشارك باحثو المعهد في إعداد الدراسة. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

التفكير الذكي ليس.. فطرياً

يبدو ان الذكاء والتفكير بشكل ذكي مختلفان عن بعضهما فالأول فطري في حين ان الثاني مكتسب وهو مهارة لا بد من تنميتها، وقال عالم النفس آرت ماركمان من جامعة تكساس في أوستن ان البشر لا يولدون ولديهم القدرة على القيام بـأمور ذكية، بل ينمون هذه المهارة مع مرور الوقت، وأضاف ماركمان في بيان وزعه ان كل عناصر الذكاء موجودة في صندوق أدوات عقلي، والحقيقة انه يمكن للمرء أن يصبح أذكى فمن خلال فهم كيفية استخدام المعرفة لحل المشاكل يمكن تطوير عادات أكثر ذكاء لتعلم المزيد عن طريقة عمل العالم ووصف المشاكل بفعالية. بحسب فرانس برس.

وفسر ان العديد من الحلول للمشاكل الصعبة تأتي نتيجة للمقاربات والدروس التي نتعلمها، وختم بالقول ان التفكير الذكي ليس فطرياً بل نتيجة تطوير وصقل أمور نعرفها لاستخدامها عند الحاجة.

الدماغ الأكبر أكثر ذكاء

توصلت دراسة أميركية نشرت مؤخرا في مجلة "الذكاء" إلى أن ثمة علاقة بيولوجية يمكن إثباتها بين حجم الدماغ ومستوى الذكاء، وفي الدراسة قام فريق بحث من جامعة فيرجينيا كومنولث يقوده الدكتور مايكل مكدانيال بفحص وتقصي 26 دراسة عالمية حديثة، كلها تضمنت دراسة العلاقة بين حجم الدماغ ومستوى الذكاء، وخلصت الدراسة إلى أنه في المتوسط ولكل من الرجال والسيدات في شتى الفئات العمرية، ثمة أدلة واضحة على وجود علاقة طردية بين الأمرين، ويقول الدكتور ماكدانيال الذي يعمل أستاذا لعلم النفس والإدارة وخبيرا في تصميم اختبارات الذكاء التطبيقية لاختيار الموظفين وما شابه، "في الماضي كنا نستخدم اختبارات الذكاء المعيارية لمساعدة الأفراد في اتخاذ القرارات حول الأمور الهامة في حياتهم مثل الدراسة أو المستقبل المهني، ولكن منتقدي هذه الاختبارات كانوا يقولون إنها غير دقيقة وتكاد تكون عديمة الصلة بعالم الواقع، أما الآن وحسب الدكتور مكدانيال ومع وجود حقيقة بيولوجية -هي حجم الدماغ- تشير إلى معدل الذكاء.

 فإنه يصير من الصعب القول إنه لا يمكن قياس ذكاء البشر، أو أن القياس غير دقيق، وساعد على الوصول إلى قياس دقيق لحجم الدماغ -وليس الحجم الخارجي للجمجمة كما كان في السابق التطور الكبير في تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي خلال الأعوام الخمسة الماضية، ويرى مكدانيال الذي يعمل أيضا مستشار توظيف لدى عدة شركات، أن قياس ذكاء المتقدمين لشغل الوظائف من أكثر المؤشرات أهمية على الأداء الوظيفي والقدرة على تجنب الأخطاء، يذكر أن أول من قال بوجود علاقة بين حجم الدماغ ومعدل الذكاء هو عالم التشريح والفسيولوجيا وظائف الأعضاء الألماني فريدريك تيدمان عام 1836. ولكن لم يكن ثمة دليل قاطع على هذه العلاقة، حتى تطورت تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 23/شباط/2012 - 30/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م