شبكة النبأ: يسعى العراق وبشكل مستمر
الى انعاش موارده الاقتصادية والتقليل من اعتماده الكلي على النفط
كمصدر الاساسي لهذا البلد، وذلك من خلال تشجيع المشاريع الاستثمارية
واستقطاب المستثمرين الاجانب، وتسعى الحكومة وبرغم من التحديات
السياسية التي تعرقل انجازاتها بسبب بعض الصراعات الحزبية التي تثار
بين الحين والاخر الى تسهيل بعض الاجراءات فيما يخص قانون الاستثمار،
الأمر الذي يصفه بعض اصحاب الشأن بالبادرة الايجابية التي ستسهم وبجذب
رؤوس الاموال خصوصا وان العراق يعد من اهم بلدان المنطقة ويمتلك مقومات
اقتصادية مهمه. فقد قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان حكومته
مستعدة لتعديل قوانينها الاستثمارية بما يلائم مع حركة الاعمار الجارية
في البلد. وقال المالكي خلال زيارته لمعرض بغداد الدولي في دورته ال38
بمشاركة 19 دولة ونحو 500 شركة ان العراق سيبقى يدعم الشركات والاعمال
الاستثمارية وسيعدل قوانينه بما يتلاءم مع حركة الاعمار الجارية في
البلد". واضاف "نحن جادون في توفير البيئة القانونية الضامنة للشركات
ورجال الاعمال لتستمر عملية الاعمار ويقدموا على العمل". وحث رئيس
الوزراء على "الاسراع في خطى الاعمار"، مؤكدا ان "العراق يمتلك ثروات
كبيرة وبإمكانه ان يؤمن مستوى اعلى من الخدمة والرفاه لمواطنيه". وتجول
المالكي في الاجنحة العربي والاميركي والاوروبي. واقيم هذا المعرض
بمشاركة 19 دولة ابرزها جناح كبير للولايات المتحدة واليابان وكوريا
واسبانيا وفرنسا وبيلاروس وصربيا وتركيا وتشيكيا وهولندا وسوريا
والاردن وايران.
ويتوقع ايضا أن يزداد الاهتمام الاجنبي بالبورصة العراقية الناشئة
بعد أن قفز المؤشر الرئيسي أكثر من 30 بالمئة، وقال المستثمرون الاجانب
الذين سجلوا صافي مشتريات في البورصة المحلية واشتروا أسهما بقيمة 150
مليون دولار ان هذه الاضطرابات السياسية والمخاوف الامنية لم تؤثر بشكل
كبير على شهيتهم في البورصة العراقية.
وقال شريف سالم وهو مدير محفظة لدى شركة أبوظبي للاستثمار التي
استثمرت 18 مليون دولار في البورصة العراقية منذ نوفمبر تشرين الثاني
2010 انه مازال مهتما بالسوق العراقية وان نظرته لن تتغير بسبب ما يحدث
حاليا. وأضاف أن الشركة تعول على استثمار مزيد من الاموال. وبلغ اجمالي
عدد الاسهم المتداولة للعام السابق 492 مليارا بقيمة 753 مليون دولار
مقارنة مع 255 مليار سهم بقيمة 377 مليون دولار في 2010 بحسب بيانات
البورصة. واشترى المستثمرون الاجانب 82.7 مليار سهم بقيمة 150 مليون
دولار وباعوا 7ر18 مليار سهم بقيمة 41.7 مليون دولار. وقال بارتل بول
الشريك في نورذرن جلف بارتنرز والذي يدير صندوق شركاء العراق 1
للاستثمار التابع للشركة "العراق سيصبح الاقتصاد الاسرع نموا في العالم
خلال العقد المقبل ونتوقع أن ينعكس ذلك في الشركات المدرجة في البلاد."
وأضاف "بلا شك الاجانب سيواصلون تسجيل صافي مشتريات في العراق في 2012.
أين يمكن للمستثمرين أن يجدوا نموا اقتصاديا رائدا وثروات من الموارد
بأسعار ما بعد الحرب.." بحسب رويترز.
ورغم أن البورصة العراقية صغيرة جدا مقارنة ببورصات اقليمية وعالمية
أخرى فقد أثبتت أنها أكثر متانة في وجه التباطؤ الاقتصادي العالمي اذ
كانت واحدة من عدد قليل من البورصات التي تقدم فرصا ضخمة للنمو. وأغلق
مؤشر البورصة العراقية عند 136.03 نقطة في اخر جلسة تداول في 2011
مرتفعا 34.7 بالمئة عن مستواه في اخر جلسة تداول في 2010 البالغ 100.98
نقطة.
من جانبه، اكد نبيل حبايب مدير شركة جنرال الكتريك في الشرق الاوسط
وشمال افريقيا وتركيا تمسك شركته التي بدأت العمل في العراق منذ اربعين
عاما بمواصلة نشاطاتها، قائلا "نؤكد اهتمامنا بالعراق وبمشاريع وشعب
العراق". كما اعلن حبايب عن افتتاح مكاتب للشركة في بغداد والبصرة
واربيل، لمتابعة اعمالها في العراق. وتعد جنرال الكتريك المزود لاكثر
من 90 بالمئة من الطاقة الكهربائية لاقليم كردستان العراق الشمالي. كما
تستخدم محركات الشركة في تشغيل طائرات اسطول الخطوط الجوية العراقية.
من جانب اخر تسعى الحكومة العراقية الى تخفيض العجز في الميزانية
خلال السنوات القادمة من خلال بعض الاجراءات والخطط المستقبلية هذا ما
اكدة وزير المالية رافع العيساوي في وقت سابق اثناء حضوره منتدى
الاقتصادي العالمي في البحر الميت، وقال العيساوي ان العراق يسعى لخفض
عجز الميزانية بواقع الثلثين خلال ثلاث سنوات عن طريق زيادة انتاج
النفط وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الذي تهيمن عليه الدولة.
وقال أنه يتوقع تراجع العجز الى خمسة تريليونات دينار من المستوى
المتوقع لهذا العام عند 16.6 تريليون دينار (14.2 مليار دولار). وقال
"سيكون هناك أيضا انفاق غير متحقق سيساهم في نهاية الامر في سد عجز
الميزانية ولذا فالعجز ليس مصدر قلق." ولم يوضح الوزير حجم العجز
المتوقع كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي لكن الارقام الرسمية تحدد
ميزانية 2011 عند 82.6 مليار دولار وتتوقع عجزا نسبته حوالي 17 بالمئة
من الايرادات. وقال العيساوي انه يأمل في تسارع النمو الاقتصادي قليلا
الى حوالي خمسة بالمئة هذا العام وتسعة بالمئة في السنوات الثلاث
المقبلة اذ يبدأ العراق في انهاء ارث اعتماد النشاط الاقتصادي على
الدولة ويخالف تباطؤا عاما في اقتصادات المنطقة. وأضاف أن الانفاق
سيرتفع بواقع ثمانية تريليونات دينار في 2012 نتيجة انفاق اضافي لرفع
الاجور وتدريب قوات الامن وشراء طائرات اف 16 العسكرية وارتفاع فاتورة
استيراد السلع الاولية. لكنه أضاف أن زيادة الانفاق سيقابلها نمو متوقع
في الايرادات الى حوالي 95 تريليون دينار مع زيادة انتاج النفط وحيث
ستقلل الخصخصة الضغط على المالية العامة للحكومة. وقال العيساوي
"التحدي الرئيسي اليوم هو البنية التحتية المدمرة والتي تحتاج لمزيد من
الانفاق الرأسمالي وهذا يعني فتح الباب للقطاع الخاص." وأضاف أن
الحكومة تعتزم تسريع وتيرة خصخصة صناعات تابعة للدولة وأنها تقدم الان
الارض بالمجان للمستثمرين لتشجيع الاستثمار.
وقال "لدينا قناعة بأن جزءا من الحل في يد القطاع الخاص." ومضى يقول
ان التحدي الرئيسي الذي يواجهه الاقتصاد العراقي مازال هو تقليل
الاعتماد على النفط لتحفيز النمو. وأضاف "التنويع محدود في ظل اعتماد
الاقتصاد على النفط. هذا ما يقيد النمو والاستثمارات." وقال العيساوي
ان أسعار النفط الحالية التي تتجاوز تقديرات الحكومة تساعد على تأمين
الوضع المالي للحكومة. الامنة." بحسب رويترز.
وينتج العراق حاليا نحو 2.7 مليون برميل يوميا ويسعى لتعزيز طاقته
الانتاجية الى 12 مليون برميل يوميا بحلول 2017. وتستند ميزانية 2011
الى متوسط لسعر النفط قدره 85 دولارا للبرميل وصادرات حجمها 2.2 مليون
برميل يوميا من الخام بينما تتوقع ميزانية 2012 تصدير 2.6 مليون برميل
يوميا بنفس متوسط السعر المتوقع لهذا العام. ويشكل عجز الميزانية تحديا
لقدرة العراق على اعادة البناء. وقد أعلنت البلاد مشروعات ضخمة لبناء
مئات الالاف من المنازل الجديدة وتعزيز انتاج الكهرباء التي تعاني
البلاد من انقطاعها بشكل متكرر نتيجة الحرب والعقوبات على مدى العشرين
سنة الماضية. وحرم العنف والفساد العراق من الاستثمارات خلال سنوات
الصراع الذي بدأ اثر الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد في 2003
للإطاحة بنظام صدام بينما تسير عملية اعادة البناء ببطء.
اجراءات جديدة
الى جانب ذلك بدا البنك المركزي العراقي تطبيق اجراءات جديدة حيال
مبيعاته من الدولار، بحسب ما اكد مسؤول رفيع المستوى في المصرف ما ادى
الى انخفاض كبير في معدلات بيع هذه العملة. وياتي هذا القرار وسط شكوك
مسؤولين عراقيين حول محاولات تجار ايرانيين وسوريين شراء العملة الصعبة
هذه بسبب العقوبات المفروضة على كل من ايران سوريا وتراجع قيمة العملة
المحلية في هذين البلدين الجارين للعراق. وقال نائب محافظ البنك
المركزي العراقي مظهر صالح "بدانا في الاول من شهر شباط/فبراير تطبيق
تعليمات تنظيمية جديدة تنص على ان يعرف المصرف الراغب بالحصول على
الدولار عن زبائنه الذين طلبوا منه شراء هذه العملة". واضاف ان "على
زبائن المصرف اثبات امتلاكهم لحسابات شخصية فيها اموال وان يكون لديهم
قاعدة معلومات فعلية لدى المصرف اضافة الى دخل محدد". واوضح صالح ان
السبب وراء هذه الاجراءات يعود الى ان "الكثير من الشارين يتخفون خلف
اشخاص آخرين، اي ان من يشتري ليس الشخص الحقيقي". بحسب فرانس برس.
وفيما رفض صالح ربط هذا القرار بتبعات العقوبات على ايران سوريا،
قال ان "العوامل الاقليمية مهمة وخصوصا عاملي سوريا وايران لان هناك
تداخلا تجاريا بين هذه الدول وكذلك تركيا والسعودية الخليج". وذكر ان
العراق شهد في الفترة الاخيرة "هبة في الطلب على الدولار". وتابع
"عندما راينا ان هناك طلبا اضافيا وسط تعقيدات اقليمية، اردنا التدقيق
اكثر في المبيعات وطبيعة الزبائن". وتسببت هذه الاجراءات في انخفاض
كبير بمعدلات بيع الدولار في المزاد الذي يقيمه البنك المركزي العراقي
كل اسبوع بين يومي الاحد والخميس. وقال صالح انه "في اول يوم بدانا فيه
تطبيق هذه الاجراءات بعنا ثلاثة ملايين دولار فقط"، بعدما بلغت معدلات
بيع هذه العملة خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة "حوالى 200 مليون دولار في
اليوم الواحد".
واظهرت الارقام المنشورة على موقع البنك المركزي العراقي، الذي يملك
بحسب صالح احتياطات من الدولار تبلغ حوالى 60 مليارا. ويذكر ان معدل
مبيعات الدولار عام 2010 كان يبلغ حوالى 100 مليون دولار يوميا. وفسر
صالح الانخفاض الكبير في معدلات عمليات البيع الاخيرة للدولار بالقول
ان "الزبائن ربما يخشون على سريتهم المصرفية". وشدد المسؤول العراقي
على ان "لا ضغوط اميركية ابدا علينا، واصدقاؤنا الاميركيون لا علاقة
لهم ابدا بالموضوع (الاجراءات الجديدة)". وتواجه ايران وسوريا عقوبات
مالية، ما قد يدفعهما نحو البحث عن العملة الصعبة، التي قد يكون العراق
احد مصادرها الاساسية.
من جهة اخرى توقع الرئيس التنفيذي للبورصة العراقية تضاعف القيمة
السوقية للبورصة الى مثليها لتصبح ثمانية مليارات دولار فور ادراج
شركات المحمول الثلاثة العاملة في البلاد. وتفرض شروط التراخيص على
الشركات الثلاثة ادراج أسهمها في البورصة المحلية. والشركات الثلاثة هي
اسيا سيل -التابعة لاتصالات قطر (كيوتل)- وكورك تليكوم -المملوكة جزئيا
لفرانس تليكوم وأجيليتي الكويتية- وزين العراق التابعة لزين الكويتية.
ولم تتحول أي من الشركات الثلاث بعد الى شركة مساهمة وهو شرط رئيسي
وخطوة أولى صوب الطرح العام في البورصة العراقية
وقال الرئيس التنفيذي للبورصة العراقية طه أحمد عبد السلام ان
القيمة السوقية الحالية التي تبلغ أربعة مليارات دولار قد تتضاعف الى
مثليها ما ان تتمكن شركات المحمول من ادراج أسهمها في الاشهر المقبلة.
وصرح في وقت سابق اثناء حضوره مؤتمر عن البورصة الذي عقد في أربيل في
شمال العراق بأنه اذا ما دخلت شركات قطاع الاتصالات في السوق وتم الطرح
العام الاولي كما يتوقعه بطريقة صحيحة وايجابية فانه يتوقع أن يتضاعف
هذا الرقم الى مثليه ان لم يكن أكثر. وفي وقت سابق استبعد مسؤول في
هيئة الاعلام والاتصالات أن تجري أي عمليات طرح أولي حتى منتصف العام.
ولم تكن في العراق صناعة للهاتف المحمول في عهد الرئيس السابق صدام
حسين لكن القطاع شهد نموا سريعا منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة
في عام 2003. والسوق العراقية واحدة من أسواق قليلة في المنطقة تشهد
نموا في أعداد المشتركين بنسبة في خانة العشرات. وهناك حاليا نحو 23
مليون مشترك في خدمات الهاتف المحمول في العراق وفقا لبيانات هيئة
الاعلام والاتصالات التي تنظم عمل القطاع في البلاد. بحسب رويترز.
وقال عبد السلام ان القيمة السوقية الحالية التي تبلغ أربعة مليارات
دولار زادت بالفعل من ثلاثة مليارات دولار في 2010 بسبب مطالبة البنك
المركزي للبنوك المحلية بزيادة رأسمالها. وقطاع البنوك هو أكبر
القطاعات في البورصة العراقية التي تضم أيضا شركات في قطاعات الصناعة
والتأمين والفنادق والزراعة. وتحولت البورصة العراقية من التداول
اليدوي الى التداول الالكتروني عام 2009 وتبلغ ساعات التداول ساعتين
يوميا في خمسة أيام في الاسبوع. وبدأت البورصة العراقية عملها عام 2004
وتضم 86 شركة مدرجة وهي مجال للاستثمار الخاص خارج صناعة النفط في بلد
لا تزال تهيمن عليه الشركات المملوكة للدولة. |