محافظة ذي فقـــــر!

زاهر الزبيدي

أنها ذي قار.. كنز عراقي آخر.. فكل محافظة من محافظات العراق عبارة عن كنز دفين ينتظر من يكتشفه.. وذي قار المحافظة العراقية التي بينت إحصاءات التخطيط بأن المحافظة الأكثر غنىً في حين أعرب محافظها بأن المحافظة من أشد المحافظات العراقية فقراً، في إشارة الى التقارير التي نشرتها وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي خلال العامين الماضيين حينما قدرت معدلات الفقر بالمحافظة بـ 34% وهي أعلى نسبة بين محافظات العراق.

الذي يجب أن يسأل أولاً عن نسبة الفقر هو مجلس المحافظة وإجراءاته في خفض تلك النسبة بما يكفي لرفع الحيف عن أبناء المحافظة والتساؤل الثاني ما الذي يجب أن تمتلكه المحافظة لتصبح غنية؟..

فذي قار كنز من جوانب عدة منها أنها تحتوي على أهم المواقع الآثارية في العالم حيث تعود آثارها الى 6000 سنة وفيها مدينة أور القديمة وهناك لوح سومري يشير أن سكان المدينة القدماء هم من اكتشفوا أن الشمس هي مركز الكون في حين لم يكتشفه العالم إلا قبل 300 سنة فالسومريون سبقوهم بـ(6000) سنة...!!

وفيها مولد أبو الأنبياء إبراهيم الخليل (ع) وآثار بيته شاهدة حتى يومنا هذا وفي التوراة وُصِف بالمكان الذي رأى النبي إبراهيم النور فيه.. وفي ذي قار أيضاً الآلاف من القى والألواح السومرية التي لم يتم أكتشفها لحد الآن والتي لو اكتشفت اليوم لما تمكن حتى متحف اللوفر من ضمها.. انها أثار عملاقة تعتبر في نظر العالم من أهم كنوز الدنيا وهناك دولاً تعتاش على تلك الحضارات وتستقبل الاستثمارات الهائلة والأفواج السياحية التي تدر مبالغ يصعب تصديقها فإيرادات السياحة في مصر لعام 2010 بلغت 13 مليار دولار!!!

والبريطاني الراحل السير (لينارد وولي)، وهو أول من نقب عن الآثار في مدينة اور عام 1922، ومن أهم اكتشافاته المقبرة الملكية في أور والتي تضاهي في أهميتها اكتشاف المقابر الملكية الفرعونية في أهرامات الجيزة في مصر! فما تدره السياحة بالنسبة لذي قار سيعادل أضعاف ما حصص لها من الموازنة الاتحادية لعام 2011 والتي نعتقد بأنها سوف لن تتجاوز النصف مليار دولار!

نحن اليوم في "ذي فقر" أمام مفارقات يعرفها جميع العراقيين ونغض البصر عنها وهي أن لدينا كنوز كبيرة نتحسر عليها ويتحسر على رؤيتها العالم بأجمعه.. حتى ليخيل للآخرين بأننا لسنا جديرون بها لكوننا ابقيناها مطمورة تحت الأرض عرضة للنهب لتجار الآثار!

أما من حيث الثروات الأخرى فالنفط في المرتبة الأولى فقد تم إكتشاف ثلاثة حقول جديدة للنفط وتحتوي على مخزون كبير من النفط الخام إضافة لحقول أور، ابو عمود ـ الرافدين، الناصرية، والغراف وغيرها من الحقول التي يجري التنقيب عنها في المحافظة حيث تسعى وزارة النفط الى زيادة إنتاجها الى أكثر من 640 ألف برميل يومياً خلال السنتين المقبلتين ومع حساب أدنى أسعار للنفط فأن المحافظة ستسهم في إضافة مبلغ 19 مليار دولار للموازنة العراقية خلال سنتين إذا ما نجحت عمليات تطوير حقولها.

فما الذي تفعله المحافظة كي تغتني؟ وذي قار لها هذا التأريخ العريق والاقتصاد القوي المتين الذي يجدر بمن تولوا أمره أن يظهروه الى أبناء المحافظة وأن تكون المحافظة كنز من كنوز الاقتصاد العراقي وأين رؤية مجلس المحافظة بانتشال أبناءها من الفقر الذي يعيشون فيه والمستوى المعاشي المتدني ونسب الفقر والبطالة التي بلغت أوجها في ظل إنعدام فرص العمل.. إذن هي ليست ذي قار أنها اليوم ذي فقر!

[email protected]

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16/شباط/2012 - 23/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م