الاغتصاب في الصومال... وجه جديد لأزمات إنسانية مؤثرة

متابعة: كمال عبيد

 

شبكة النبأ: ان الاغتصاب والعنف الجنسي هما أكبر مصادر القلق وأكثرها إلحاحا بالنسبة للنساء والفتيات أثناء فرارهن من الصومال، وبوصفها حالات تجري حتى في المخيمات، وتبدأ رحلة المعاناة لدى النازحات الصوماليات لمواجهة الضغوط النفسية والاقتصادية وفقدان هوية.

حيث أفادت تقارير الأمم المتحدة أن العاصمة الصومالية مقديشيو، سجلت أكثر من 2500 حالة اعتداء جنسي على الفتيات والسيدات، إذ تواجه المرأة في الصومال اضطهادًا من أعلى الدرجات، وذلك بعد أن زادت معدلات حالات الاغتصاب، خصوصاً وأنها تعيش في بلد ينعدم فيه القانون وتسود النزاعات والاشتباكات المسلحة المستمرة، لفترة تزيد عن عقدين، إذ لا يتوقع أن يكون أحد في مأمن من الخطر . ولكن النساء في الصومال، يشكلن الفئة المعرضة أكثر من غيرها لمخاطر الوضع، حيث يكافحن في سبيل البقاء، مخاطر الحرب، والجوع، والدمار، بالإضافة إلى مخاطر الحمل والولادة دون أدنى رعاية، ناهيك عن مخاطر الختان، والاغتصاب والقتل .

العنف الجنسي والجنساني

إذ تروي فوزية حسن سيدة في الخمسين من عمرها وإحدى النازحين داخلياً في مخيم الإستاد بهرجيسا في أرض الصومال، زادت حالات العنف الجنسي والجنساني، بالإضافة إلى العنف الأسري، في مخيمات النازحين داخلياً بهرجيسا عاصمة جمهورية أرض الصومال التي أعلنت استقلالها الذاتي، ويعزو الأخصائيون الاجتماعيون هذه النزعة إلى الأوقات الاقتصادية الصعبة التي ازدادت سوءاً بسبب موجة الجفاف الأخيرة في المنطقة، وقالت شكرية عثمان سيد، منسقة برنامج العنف الجنسي والجنساني في مؤسسة إعادة التأهيل المجتمعي الشامل في أرض الصومال، وهي منظمة غير حكومية، أن "أعداد النازحين زادت في الأشهر الأخيرة مع قدوم العديد من الأسر إلى المدينة هرباً من الجفاف، كما ساهمت عدة عوامل مثل عدم تواجد الشرطة في المخيمات والإضاءة غير الكافية في زيادة تلك الحالات، ومخيم استاديوم للنازحين، الذي يأوي خمسة آلاف أسرة (أي 30,000 شخص)، هو أحد مخيمات عديدة للنازحين داخلياً في هرجيسا تقدم فيها منظمات إنسانية مثل مؤسسة إعادة التأهيل المجتمعي الشامل في أرض الصومال برامج مستمرة تهدف إلى معالجة العنف الجنسي والجنساني في المجتمعات الضعيفة.

وطبقاً لسيد، فإن مؤسسة إعادة التأهيل المجتمعي الشامل في أرض الصومال تقوم بتنفيذ البرنامج الخاص بالعنف الجنسي والجنساني في مخيمات النازحين داخلياً منذ عام 2006 بتمويل من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وأوضحت أن "مؤسسة إعادة التأهيل المجتمعي الشامل في أرض الصومال تتعامل مع ما بين 15 إلى 20 حالة عنف جنسي وجنساني في المتوسط شهرياً، ولكننا لاحظنا أن حالات العنف الأسري قد زادت بشكل كبير. ففي عام 2011 وحده، كان لدينا أكثر من 500 حالة من حالات العنف الأسري. وقد ساعد برنامجنا على تحسين الوضع إلى حد ما لأن حالات العنف الجنسي والجنساني انخفضت، ولكن ما يقلقنا هو الزيادة في حالات العنف الأسري الذي يرجع معظمه إلى عدم قدرة الرجال على التكيف بشكل جيد مع المصاعب الاقتصادية، فينتهي بهم الأمر إلى الإعراب عن إحباطهم بضرب زوجاتهم".

وأضافت أن "برنامج مؤسسة إعادة التأهيل المجتمعي الشامل في أرض الصومال يشمل جزءاً يستهدف ذوي الإعاقات الجسدية ويقدم المساعدات المتعلقة بمشاكل العظام – مثل الكراسي المتحركة – لبعض النازحين المتضررين. كما يقوم منسقو برنامج العنف الجنسي والجنساني في مؤسسة إعادة التأهيل المجتمعي الشامل في أرض الصومال بعمل زيارات منزلية لإجراء جلسات العلاج الطبيعي، وتقديم المشورة والدعم النفسي والاجتماعي وإحالة من هم بحاجة إلى علاج متخصص أو مساعدة قانونية إلى المؤسسات المعنية.

وجاء في توضيح سيد أن "معظم ضحايا العنف الجنسي والجنساني هم من الفقراء الذين لا يستطيعون تحمل نفقات العلاج في المستشفيات الخاصة، وبعضهم لا يستطيع حتى تحمل نفقات المواصلات إلى المستشفيات العامة، ولذلك نقوم بمساعدتهم من خلال إحالتهم إلى مركز إحالة ضحايا الاعتداء الجنسي في المستشفى الرئيسي في هرجيسا. كما نقوم أيضاً بإحالة من هم بحاجة إلى مساعدة قانونية إلى المنظمات التي تساعد المرأة على السعي لتحقيق العدالة".

من جهتها، قالت هاوو يوسف، عضو اللجنة الإدارية في مخيم استاديوم للنازحين، أن اللجنة قامت بدعم الناجين من العنف الجنسي والجنساني من خلال المساعدة في تقبل المجتمع لهم. وأضافت: "نحن نساعد في إنشاء مأوى للأشخاص الذين يحتاجون إلى مكان للإقامة، خاصة النساء اللاتي أصبحن حوامل. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية إيرين.

كما نساعد في ملاحقة والقبض على الجناة، بالرغم من إحباط جهودنا حينما يتم الإفراج عن هؤلاء الأشخاص دون توجيه اتهامات لهم بارتكاب أية جريمة، وفي هذا السياق، قالت فوزية حسن، وهي أم لثمانية أبناء وواحدة من المستفيدين من المشروع: "يذهب جميع أطفالي إلى المدرسة بفضل المنحة التي تلقيتها بقيمة 600 دولار لدعم مشروع إعداد الخبز الخاص بي. لقد توسعت تجارتي وأستطيع الآن إعداد ما بين 55 إلى 65 رغيف خبز يومياً، الأمر الذي لم أكن أستطيع أن أحلم به قبل بدء هذا المشروع"، كما قالت أنها تستطيع الآن العناية بأسرتها بشكل أفضل، مضيفة "أستطيع الوفاء بتكاليف فواتيرهم الطبية. كما استطعت بناء مرحاض للأسرة وتركيب خزان للمياه. هذا هو منزلي الآن. لقد غير المشروع حياتي وحياة أسرتي".

الاغتصاب وسط مناخ الخوف

فيما أشار مصدر في المجتمع المدني إلى أن عدد حالات الاغتصاب التي تم الإبلاغ عنها داخل مخيمات النازحين داخلياً في العاصمة الصومالية مقديشو قد ارتفع بشكل كبير، مما أدى إلى خلق "مناخ من الخوف، وقالت ماما هاوو حاجي ناشطة حقوق المرأة: "لطالما كان الاغتصاب يمثل مشكلة في المدينة، ولكن ما نشهده الآن هو مستوى لم نر له مثيلاً من قبل. فعلى سبيل المثال، نقلنا إلى المستشفى 32 حالة اغتصاب خلال اليومين الماضيين فقط ] 20 و21 ديسمبر[، في حين قمنا بتسجيل 80 حالة اغتصاب خلال الأربعة أشهر الماضية، وأضافت حاجي أن عدد الحالات قد يكون أكبر من ذلك، حيث أن العديد من السيدات لا يقمن بالإبلاغ عن الاغتصاب خشية أن يعود الجناة لإلحاق الأذى بهن، وأضافت أنه "في العديد من الحالات يكون الجناة من قوات الأمن الحكومية الذين من المفترض أن يقوموا بحماية السيدات، وقد أدى هذا إلى خلق مناخ من الخوف داخل المخيمات، كما أفادت حاجي أن أحد الأسباب التي أدت إلى الزيادة الكبيرة في حالات الاغتصاب هو وجود عدد كبير من النازحين داخلياً بدون حماية في المدينة - "سواء كانت تلك الحماية توفرها العشيرة أو الحكومة، وقال محمد موغي الناشط في مجال حقوق الإنسان أن الحكومة لم تحكم السيطرة على قواتها الأمنية، مضيفاً أن "الحكومة الاتحادية الانتقالية ليس لديها سيطرة حقيقية كاملة على من تدعي أنهم قواتها الأمنية، كما أضاف أن الفوضى المنتشرة داخل صفوف الحكومة الاتحادية الانتقالية تشكل "عاملاً هاماً يساهم في انعدام الأمن بشكل عام، وليس الاغتصاب فحسب، وقال ناشط في المجتمع المدني طلب عدم الإفصاح عن إسمه في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية أن طفلاً لقي حتفه منذ عدة أيام في بادبادو، وهو أحد أكبر مخيمات النازحين في المدينة، عندما قفز عدد من الرجال فوق السور في محاولة لاغتصاب النساء، حيث "هبط أحدهم على الطفل الرضيع مما أدى إلى موته في الحال، وقد فر العديد من النازحين داخلياً من منازلهم إلي مقديشو بسب الجفاف والمجاعة والعنف المنتشر في مناطق جنوب ووسط البلاد بحثاً عن الغذاء والأمن.

وصلت جووقي إلى مقديشو في يونيو بحثاً عن غذاء لأسرتها. وفي نوفمبر، هاجم رجال يرتدون الزي الرسمي مخيم النازحين داخلياً الذي كانت تقطن فيه وسلبوا حصتها من الغذاء قبل أن يقوموا باغتصابها، وقالت جووقي "حصلت على حصتي من الغذاء بعد ظهر ذلك اليوم وهم علموا بذلك، فأخذوا طعامي وشرفي". وأضافت "أنا أريد العودة إلى داري في أسرع وقت ممكن، وعلى الرغم من أنني اعرف هوية بعض هؤلاء الجناة، إلا أنني لا أستطيع أن أفعل أي شئ".

وذكرت جووقي أنها كانت تخشى الإبلاغ أي من المغتصبين، مضيفة "لا أريد أن أعاني مرة أخرى، وقال رور باكي سورنسن أخصائي الاتصالات بصندوق الأمم المتحدة للسكان أن "الصندوق قلق للغاية بشأن تلك الادعاءات التي نسمعها الآن بشكل يومي تقريباً في مقديشو. ونحن نعمل على مضاعفة أنشطتنا... فقد قمنا الشهر الماضي بتدريب الموظفين على نظام إدارة المعلومات الذي تم تطويره حديثاً والذي نستخدمه كأداة لجمع وتحليل البيانات، حتى نتمكن من تحديد أهداف استجابتنا ومنح الناجين المساعدة الكافية طبقاً لحقوقهم الإنسانية. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية إيرين.

وقال عبد الله شيروا رئيس الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث في الصومال اقترحنا إنشاء وحدة خاصة لحماية المخيمات، كما اقترحنا أيضاً إلقاء القبض على أي شخص يرتكب جريمة الاغتصاب، سواء كان من أفراد قوات الأمن أو من خارجها، وتوجيه الاتهام إليه فوراً وإصدار أحكام قاسية ضده، وذكر أن منظمته تنتظر من مجلس الوزراء التصرف بناءً على المقترح المقدم، مضيفاً "آمل أن نحصل على رد إيجابي في وقت قريب، على الجانب الآخر، قالت حاجي أن حالات الإغتصاب لا تزال في تزايد مستمر ولكن الحكومة لا تتصدى لتلك المشكلة "ولا توليها ما تستحقه من الاهتمام. ويبدو أن أعضاء الحكومة مشغولين بقتال بعضهم البعض بدلاً من حماية الجماهير، وأضافت أن هناك مجموعات نسائية تقوم برفع الوعي بهذه القضية وستستمر في القيام بذلك "إلى أن يستمع إلينا شخص ما. سوف نستمر في الصراخ من فوق أسطح المنازل حتى يتوقف الاغتصاب، وناشدت حاجي الرجال الصوماليين بالانضمام إلى النساء لوقف هذا الخطر قائلة "إنني أريد من كل الرجال الصوماليين أن يتذكروا أن أمهاتهم من النساء، وبناتهم من النساء، وأخواتهم من النساء، وزوجاتهم من النساء. فكيف سيشعرون إذا ما تم اغتصاب واحدة منهن؟ إنني أريدهم أن يشعروا بالغضب عندما يتم اغتصاب امرأة".

مخيمات غالكايو

الى ذلك أدى تدهور الأوضاع الأمنية، وثقافة الإفلات من العقاب، وزيادة الهجوم على النازحين في مدينة غالكايو بمنطقة مودوغ وسط الصومال إلى ظهور زيادة حادة في حالات الاغتصاب، حسب نشطاء في مجال القضايا الجنسانية، وأكدت سيليا هايتمان، الخبيرة في قضايا العنف القائم على الجنس لدى صندوق الأمم المتحدة للسكان بجنوب ووسط الصومال أن "معدل الاعتداءات على النساء ارتفع بشكل كبير خلال الشهرين الماضيين، كما ازدادت حدة الهجمات سوءاً، ويعيش العديد من ضحايا الاغتصاب في مخيمات النازحين الموجودة في البلدة، في ملاجئ رثة تفتقر في كثير من الأحيان للأبواب أو غيرها من الهياكل التي من شأنها ردع أي مهاجم. كما يعزو النشطاء في القضايا الجنسانية الزيادة في حالات الاغتصاب إلى تدهور الأمن، وانتشار عصابات مسلحة من الشباب الذين غالبا ما يكونون تحت تأثير القات (مخدر طبيعي)، وتمكنون في أحيان كثيرة من الافلات من العقاب عند اغتصابهم نساءً تفتقرن لأي دعم عشائري، وفي هذا السياق، أشارت سادو محمود عيسى، وهي ناشطة في مجال القضايا الجنسانية، إلى أن الاشتباكات بين قوات بونتلاند وإحدى الميليشيات العشائرية في أوائل سبتمبر في غالكايو ساهمت في زيادة حالات الاغتصاب، وأضافت عيسى أن "الاشتباكات أجبرت العديد من العائلات على الفرار من المدينة، وخلقت ظروفاً استغلتها عصابات الشباب"، مشيرة إلى أن الإفلات من العقاب يعتبر أحد العوامل المساعدة، حيث يتمكن "كل المغتصبين تقريباً من الإفلات من العقاب. ولأنهم يعرفون أن بإمكانهم الإفلات من العقاب فإنهم يرتكبون هذه الجرائم دون أدنى خوف من العواقب"، وأوضحت أن تقسيم مدينة غالكايو بين منطقتي بونتلاند وغالمودوغ اللتان أعلنتا استقلالهما الذاتي أسهم بدوره في الموجة الحالية من الاغتصاب، مشيرة إلى أن "المجرم الذي يرتكب جريمة الاغتصاب في الشمال [بونتلاند]، ويخاف من الملاحقة يقوم ببساطة بعبور الحدود إلى الجنوب [غالمودوغ]، ويظل هناك حتى يتأكد من أنه سيكون آمنا في حالة العودة، وتتم إحالة العديد من ضحايا الاغتصاب إلى مركز غالكايو التعليمي للسلام والتنمية، وهو عبارة عن مؤسسة تدافع عن قضايا المرأة والنازحين، وتقدم المشورة والرعاية الطبية.، وقد سجل مركز غالكايو التعليمي للسلام والتنمية 21 حالة اغتصاب وست محاولات اغتصاب خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2011، ولكنه حذر من أن هناك العديد من الحالات الأخرى التي لم يتم التبليغ عنها للمركز حيث تتم إحالة بعض الحالات إلى المستشفى في حين تبقى العديد من الحالات الأخرى طي الكتمان. وحسب عيسى، فإنه "لا يتم التبليغ عن حالات كثيرة إما بسبب الخوف أو الجهل".

من جهته، أفاد يوسف أحمد، المسؤول بمركز غالكايو التعليمي للسلام والتنمية، أن "عدد حالات الاغتصاب ارتفع إلى ضعف ما كان عليه في عام 2010. ففي العام الماضي، كنا نسمع عن قضية اغتصاب مرة واحدة كل أسبوعين تقريباً، أما الآن، فإننا نسمع عن حالات اغتصاب كل ثلاثة أو أربعة أيام، وأشار أحمد إلى عدم وجود إحصاءات دقيقة بسبب تعدد المؤسسات التي تسجل حالات الاغتصاب من جهة وبقاء العديد من الحالات في طي الكتمان من جهة أخرى، وفي هذا السياق، أطلقت جماعات الدفاع عن قضايا المرأة حملات توعية ودعت شيوخ القبائل والزعماء الدينيين والمسؤولين الأمنيين لمناقشة هذه القضية. وقد علقت عيسى على ذلك بقولها: "نحن بحاجة للتأكد من أن صناع القرار والمسؤولين عن الأمن يدركون حجم هذه المشكلة التي لا تواجه النازحات فقط وإنما تؤثر أيضاً على النساء العاديات في غالكايو"، وتحكي هالو *، وهي فتاة في العشرين من عمرها تعيش في أحد مخيمات النازحين في مدينة غالكايو، محنة تعرضها للاغتصاب قائلة: "جئت إلى هنا مع والدتي عندما كنت في العاشرة من عمري. ومنذ ستة أشهر، تعرضت لهجوم أثناء ذهابي إلى العمل في الساعة الخامسة والربع صباحاً تقريباً، حيث اعترضني شابان مسلحان وطلبا مني الذهاب معهما وإلا قاما بقتلي، اصطحبها الشابان إلى مشارف البلدة وقاما باغتصابها ثم أعاداها لاحقاً إلى البلدة، محذرين إياها بقتلها إذا أخبرت أحداً عما تعرضت له. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية إيرين.

وأضافت هالو قائلة: "كنت أبكي وأتوسل إليهما، ولكنهما لم يكترثا...بل كانا يضحكان عندما انتهيا. أما أنا فكل ما كنت أريده هو الاختباء". ومنذ ذلك الحين، ترتدي هالو النقاب لأنها تخشى أن يتعرف عليها المغتصبان. "إني أراهما في الشوارع كل يوم تقريباً، ولا أريدهما أن يتعرفا علي، كما كانت مومينو* ، أم هالو البالغة من العمر 40 عاماً ، قد تعرضت هي الأخرى للاغتصاب قبل عام واحد من تجربة ابنتها. وعلى الرغم من قولها بأنها لن تنسى ما مرت به أبدا"، إلا أن اغتصاب ابنتها أثر عليها تأثيراً مدمراً، وهي عندما تتحدث عن الموضوع تقول: "أنا لا أعرف لماذا يحدث لنا هذا، وترى عيسى، الناشطة في المجال، أن حالة هالو لا تشكل سوى رقماً في إحصائيات العنف الجنسي الذي تشهده المخيمات، وأنه بالإضافة إلى عدم توفر الخدمات الأساسية في المخيمات، فإن النازحات يجدن أنفسهن أيضا مضطرات للتعامل مع الخوف الدائم من التعرض للاغتصاب.

ختان وقاية الاغتصاب!

وتعد الجمعيات النسائية في بونتلاند تضغط من أجل إنقاذ الفتيات من ختان الإناث/ تشويه الأعضاء التناسلية للإناث،  تمارس الجمعيات النسائية في مدينة جالكايو الصومالية ضغوطاً على السلطات في إقليم بونتلاند، الذي أعلن تمتعه بالحكم الذاتي من جانب واحد، من أجل سن قانون يحظر ختان الإناث أو تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وتؤكدن أن تلك الممارسة أصبحت شائعة. كما حذرت الناشطات من أن ختان الإناث يسبب مشكلات صحية خطيرة للسيدات وأنه مناف لديانتهن، وقالت لول مادار رئيسة شبكة مودوغ لتنمية المرأة، وهي إحدى المنظمات التي تضغط من أجل سن قانون يجرم ختان الإناث: "لسوء الحظ، لاحظنا أن تلك الممارسة تعاود الظهور، وخاصة في مخيمات النازحين، بدلاً من أن تتناقص، ولاحظت مادار أن الزيادة في ختان الإناث/ تشويه الأعضاء التناسلية للإناث على ما يبدو مرتبطة بالزيادة في حوادث الاغتصاب وخاصة في مخيمات النازحين داخلياً، وأوضحت أن "العديد من الآباء يعتقدون أنه إذا تم ختان الفتاة، سيصعب ذلك عملية الاغتصاب على المغتصب، ولكن لسوء الحظ فإن ذلك لن يوقف المغتصب، بل سيضيف فقط إلى معاناة المرأة".

وأضافت مادار أن الجمعيات النسائية مثل جمعيتها تمارس ضغوطاً على السلطات في بونتلاند من أجل تمرير قانون يجرم هذه الممارسة، مضيفة أنه بالرغم من أن مثل هذا القانون قد لا يقضي على تلك الممارسة تماماً "إلا أنه سيثير بعض الخوف وسيمكن للنشطاء أن يستخدموه في محاربة ختان الإناث/ تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وقالت حوا عدن المديرة التنفيذية للمركز التعليمي للسلام والتنمية في جالكايو، وهي جمعية تدافع عن قضايا المرأة، أن السيدات لا يطلبن فقط إصدار هذا القانون، "ولكن يطالبن أيضاً بفتوى دينية تعلن أن الإسلام يحرم ختان الإناث".

وأضافت أن "ذلك سيكون سيحد من هذه الممارسة التي يجب أن نتصدى لها على جميع الجبهات، وأكدت فرحية جاما إحدى الناشطات في مجال مكافحة ختان الإناث/ تشويه الأعضاء التناسلية للإناث أنها مصممة على ضمان ألا تخضع الفتيات الصغيرات لتجربة ختان الإناث، وأضافت "أنا أبلغ من العمر 40 عاماً الآن ولكني مازلت أتذكر بوضوح واقعة ختاني التي سببت لي الكوابيس".''نريد أن نقول لهؤلاء الرجال أن الختان لا يضيف إلى قيمة الفتاة كزوجة وأم أو يحسنها، بل إنه في الواقع يقلل منها''، وقالت جاما أنها تعاني أثناء الولادة ودورة الحيض الشهرية، مضيفة "أنا أشعر بجزع في الأيام التي تسبق الدورة الشهرية بسبب الألم الذي أعاني منه، والذي يصل إلى مرحلة تجعل من المستحيل بالنسبة لي أن أفعل أي شيء. وأنا لا أريد لأي فتاة أن تتعرض لهذا النوع من المعاناة. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية إيرين.

يشمل "الختان الفرعوني" الذي يُمارس في الصومال قطع الأعضاء التناسلية الخارجية وخياطة جزء من المهبل مع ترك فتحة صغيرة لإخراج البول والحيض، وقال عبد القادر جاما دغاعدي طبيب أمراض النساء والتوليد ومدير مركز جالكايو الطبي أنه بخلاف مخاطر فقدان الدم الحاد والصدمة والعدوى، تشمل المشكلات طويلة الأمد المرتبطة بختان الإناث التهابات الجهاز البولي والتناسلي والعقم، ومجموعة من مضاعفات الولادة مثل النزيف بعد الولادة وموت المولود.

وقال دغاعدي أن ختان الإناث كان أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في حالات الناسور التي شاهدها، مضيفاً أن "ختان الإناث يؤدي إلى إطالة أمد الولادة ويسبب ما يعرف طبياً بجمود الرحم، وقالت مادار رئيسة شبكة مودوغ لتنمية المرأة أن الشبكة اشتركت في حملات التوعية التي تستهدف "ليس فقط الأمهات والفتيات ولكن أيضاً الرجال، وخاصة الشباب الذين بلغوا سن الزواج ورجال الدين وأصحاب المهن. نريد أن نقول لهؤلاء الرجال أن الختان لا يضيف إلى قيمة الفتاة كزوجة وأم أو يحسنها، بل إنه في الواقع يقلل منها، كما أشارت إلى أن الشبكة تقوم أيضاً بتنفيذ حملتها في المناطق الريفية حيث "تنتشر تلك الممارسة، وأضافت مادار أن إقناع شيوخ العائلات ورجال الدين وكسب دعمهم ضروري لنجاح جهود الجمعية، "لذلك فإنه من المهم جداً إشراك الرجال، وخاصة رجال الدين، في حملة القضاء على ختان الإناث/ تشويه الأعضاء التناسلية للإناث من أجل كشف زيف بعض الأساطير التي تقول أن هذه الممارسة لها أهمية دينية أو أنها تضيف إلى قيمة المرأة،" كما أفادت.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 8/شباط/2012 - 15/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م