الثلوج تشل أوروبا وتكبدها مئات القتلى

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تسببت العواصف الثلجية التي تتعرض لها القارة العجوز في إصابة مظاهر الحياة بالشلل، وأسفرت موجة البرد الشديد وهطول الثلوج التي تجتاح أوروبا إلى وفاة أكثر من مائتي شخص خلال أسبوع، وكانت أوروبا الشرقية هي الأشد تأثرا حيث انخفضت درجة الحرارة في أوكرانيا على سبيل المثال إلى أربعين درجة مئوية تحت الصفر، حيث أدت موجة البرد القارس التي تشهدها القارة الأوروبية الى مزيد من الوفيات، كما أدت الى تعطيل وسائل الانتقال على نطاق واسع وترك الآلاف بلا كهرباء.

ويرى الخبراء في الارصاد الجوية ان من المتوقع استمرار هذه البرد القارس وامتداده لمناطق اخرى، ومن المتوقع بأن الجو سيظل باردا جدا ربما ليس تماما مثل درجات الحرارة الاستثنائية التي رأيناها ولكنه سيظل باردا جدا.

فيما أعلنت حالة الطوارئ في معظم دول الأوربية بعد ما أدت الانهيارات الثلجية والرياح العاتية الى عزل مئات القرى في المناطق الشرقية وخاصةً المجر ودول البلقان.

وتفيد تقارير بأن آلاف الأشخاص محاصرون في منازلهم في بعض الدول الأوربية، كما تقطعت السبل بكثير من المسافرين الذين تعطلت رحلاتهم بسبب البرد القارس. في حين حذرت شركة النفط الأوربية من العواقب المحتملة لموجة البرد على التزود بالغاز الروسي، الذي يمثل ثلث الصادرات الروسية الى أوروبا الغربية.

وهذه ليست الكارثة الأولى من نوعها في أوربا ولكنها من أخطر الكوارث الطبيعية التي تعرضت لها القارة العجوز في السنوات القليلة الماضية.

كارثة موجة الصقيع

فقد توفي نحو 220 شخصا خلال اسبوع في اوروبا بسبب موجة الصقيع التي تحاصر وسط القارة العجوز، في حصيلة يمكن ان ترتفع خصوصا في الشرق حيث تبدو اوكرانيا وبولندا الاكثر تضررا، وقالت وزارة الحالات الطارئة في اوكرانيا انه "خلال فترة الصقيع الشديد" قضى 101 شخص بينهم 11 في المستشفى فيما عثر على 64 في الشوارع و26 في منازلهم، وكانت تحدثت في حصيلة سابقة عن 63 قتيلا، وليس متوقعا ان تتراجع درجات الحرارة في وقت وشيك، علما انها راوحت ليلا بين 25 و30 تحت الصفر ونهارا بين 16 و21 تحت الصفر، وفي بولندا، ادى الصقيع الى ثماني وفيات جديدة وتدنت درجات الحرارة الى 35 تحت الصفر في جنوب شرق البلاد، وفق ما اعلنت الشرطة. ومعظم الضحايا من المشردين وبلغت حصيلة الوفيات منذ بدء موجة الصقيع 37 شخصا، وفي روسيا تراجعت الحرارة الى 25 تحت الصفر في موسكو وناهزت خمسين تحت الصفر في ياكوتيا بشرق سيبيريا. ونقلت وكالة انترفاكس عن وزارة الصحة ان 64 شخصا قتلوا جراء الصقيع في انحاء البلاد، وقتل عشرة اشخاص في لاتفيا وتسعة في ليتوانيا، وقتل شخصان اضافيان في رومانيا ما يرفع الحصيلة الى 24 قتيلا منذ بحسب وزارة الصحة. واغلقت نحو 380 مدرسة في 29 منطقة رومانية بسبب الصقيع وتوقفت حركة السير في عشر طرق، واحصت بلغاريا ست وفيات جديدة وفق صحافة الجمعة ما يرفع حصيلة الضحايا الى 16 وفق تعداد لفرانس برس في غياب الاحصاءات الرسمية، ومعظم الضحايا في هذا البلد، الافقر في الاتحاد الاوروبي، هم من سكان القرى الذين تجمدوا على الطرق او داخل منازلهم التي تفتقر الى التدفئة، وظلت اكثر من الف مدرسة في بلغاريا مغلقة لليوم الثالث فيما تواصل انهمار الثلج وهبوب الرياح في شمال شرق البلاد، وخلفت موجة البرد القارس سبعة قتلى في صربيا واثنين في اليونان وواحدا في مقدونيا، وفي جمهورية تشيكيا، ارتفعت الحصيلة الى ستة قتلى بعد العثور على جثة رجل قضى خارج منزله في جنوب شرق البلاد، وفي سلوفاكيا باتت الحصيلة ثلاثة قتلى. وحرم الاف الاشخاص مياه الشفة في الشمال الشرقي بعدما تجمدت القساطل جراء تدني الحرارة الى 28 تحت الصفر، الى غرب اوروبا حيث تهب رياح باردة على فرنسا مصدرها شمال شرق اوروبا رغم الطقس المشمس، وتخشى السلطات تداعيات طلب قياسي على الطاقة قد لا تتحمله شبكة الكهرباء، ودعت شبكة توزيع الكهرباء المستهلكين الى الاعتدال في استخدام التيار، وفي برلين وصلت الحرارة الى 15 تحت الصفر، واستيقظت العاصمة الالمانية على غرار هامبورغ (شمال) على طبقة من الثلج تكسو المنازل والشوارع، وفي النمسا، خلفت موجة الصقيع قتيلين، وفي بريطانيا تدنت الحرارة الى 11 تحت الصفر في الجنوب الشرقي. بحسب فرانس برس.

وبدا الثلج ضيفا غير مألوف في شوارع روما، واغلقت المواقع الاثرية الرئيسية في تدبير وقائي، بلغت الحصيلة ثلاثة قتلى في ايطاليا بعد العثور على مشرد قتله الصقيع في ميلانو (شمال)، وفي كاتالونيا بشمال شرق اسبانيا، اغلقت 120 مدرسة ابوابها بسبب الصقيع والثلج بحسب ما اعلنت السلطات.

القارة العجوز

في سياق متصل ارتفع عدد قتلى موجة البرد السيبيرية التي تجتاح اوروبا الى 190 شخصا على الاقل في الوقت الذي زادت فيه حدة هذه الموجة في اوروبا الشرقية وامتدت تجاه الغرب، وهبطت درجات الحرارة الى 37 درجة مئوية تحت الصفر في شمال سلوفاكيا وحفر رجال الانقاذ في الثلوج التي غطت طرقا جبلية لانقاذ ركاب حافلات تقطعت بها السبل في البلقان.

وفي رومانيا تجمدت 80 في المئة من مياه نهر الدانوب لتجبر سفنا كانت مبحرة الى البحر الاسود على التوقف، واعلنت الحكومة الصربية حتى الان حالة الطواريء في 19 منطقة في جنوب البلاد وشرقها حيث قتل ستة اشخاص من البرد، وقتل ستة اشخاص اخرون في البوسنة نتيجة البرد من بينهم اربعة ماتوا في شوارع العاصمة سراييفو، وفي منطقة سفرليج الجنوبية عمل رجال الاطفاء لساعات لاخلاء ركاب من حافلة تقطعت بها السبل في طريق جبلي في حين حاصر انهيار ارضي حافلة في شرق البوسنة. ولم ترد انباء عن وقوع ضحايا، وسجلت البانيا اولى ضحايا وهو رجل يبلغ من العمر 63 عاما يعتقد انه مات من البرد وهو في طريقه الى منزله من شمال البلاد، وقالت هيئة الارصاد الجوية الالمانية انها تتوقع استمرار هذا البرد الشديد في وسط وشرق اوروبا خلال الايام الاربعة المقبلة ولكنها توقعت عودة ارتفاع درجات الحرارة الى ما فوق نقطة التجمد في معظم انحاء فرنسا وبريطانيا، وغطى الجليد ساحل كرواتيا المطل على البحر الادرياتيكي ومعظم جزرها، وتساقطت الثلوج على الطرف الشمالي من افريقيا لتغطي اشجار النخيل في العاصمة الجزائرية. وقال سكان محليون ان اول مرة يتذكرون فيها تساقط الثلوج في مدينة الجزائر كان منذ ثمانية اعوام. بحسب رويترز.

وهبطت درجات الحرارة الى نحو درجة مئوية تحت الصفر وهو مستوى منخفض غير معتاد في تلك المدينة الساحلية المطلة على البحر المتوسط، واصبح رجل عمره 82 عاما اول ضحية في فرنسا بعد وفاته بسبب انخفاض درجة الحرارة، وعلقت حركة مرور اللوريات في شتى انحاء جنوب فرنسا، وفي دول البلطيق هبطت درجات الحرارة في مناطق بشرق لاتفيا وليتوانيا الى مستويات قياسية لاقل من 30 درجة تحت الصفر .

وسط اوروبا

فيما حذرت شركة النفط النمسوية العملاقة او ام في من العواقب المحتملة لموجة البرد على التزود بالغاز الروسي، مشيرة الى "تسجيل تراجع بنسبة 30% في عمليات التسليم" في منصة التوزيع التابعة لها في بومغارتن حيث يمر حوالى ثلث الصادرات الروسية الى اوروبا الغربية. غير ان المخزون مرتفع نظرا الى ان الشتاء بدأ دافئا، وعثر على ثلثي قتلى البرد في وسط الشارع. وفي جميع الدول التي طاولها البرد الحاد، فان اغلبية الضحايا من المشردين او السكارى، وفيما هبطت درجات الحرارة الى 25 وحتى 30 تحت الصفر طلب حوالى 1150 شخصا مساعدة طبية بسبب تقرحات ونقل 945 منهم الى المستشفيات وفي الفترة نفسها حضر حوالى 41300 شخص الى اكثر من 2100 مستوصف في البلاد طلبا للدفاء والطعام الساخن، واغلقت اكثر من 14 الف مدرسة (من اصل 20 الفا) ما اجبر حوالى 2,8 ملايين تلميذ على البقاء في منازلهم بحسب وزارة التعليم، وانتقل العديد من المشردين الى جوار مركز تدفئة مدنية في المنطقة الصناعية في زيران، في ضاحية وارسو الشرقي، وقال ستانيسلاف المشرد "هنا نحن في دفء، ويمكننا ارتداء قمصان قصيرة، وتابع الرجل الذي يعيش مع مشردين اثنين اخرين في محطة تحت الارض لتوزيع التدفئة "قالوا في الاذاعة ان الحرارة هبطت الى 30 درجة تحت الصفر هذه الليلة لكننا بخير هنا، لا نخشى شيئا"، واضاف "لا اريد الذهاب الى مركز رعاية.

وفي بلغراد لجأ المشردون الذين لم يجدوا مكانا في مركز الرعاية الوحيد في العاصمة (140 سريرا) الى محطات قطارات الانفاق والحافلات، وعثر على جثة مشرد في براغ حيث نصبت البلديةخيمة مدفأة تتسع لحوالى خمسين شخصا في احدى الجزر في نهر فلتافا. وعثر على قتيل في ميناء كلابيدا الكبير غرب ليتوانيا ما رفع حصيلة قتلى الصقيع في البلاد الى تسعة اشخاص، وفي النمسا اعلنت السلطات مقتل شخصين اضافيين احدهما سائق سيارة في ال72 من العمر توفي بردا في سيارته بعد انزلاقها، ما رفع الحصيلة الى ثلاثة قتلى في البلاد، اما دول اوروبا الغربية التي شهدت موجة برد اقل صقيعا فلم تشر الى سقوط ضحايا، واقتصرت مشاكلها، على اضطراب حركة النقل على ما شهده وسط ايطاليا بعد تعذر تحرك قطارين ينقلان 200 و80 راكبا لفترة من الليل.

الغاز الروسي

في الوقت ذاته أجبرت شركة جازبروم الروسية المُصَدرة للغاز على إصدار تحذير بشأن الإمدادات لأوروبا، وتمتعت أوروبا بشتاء معتدل نسبيا لكن موجة صقيع قادمة من الشرق أنهت ذلك فجأة، وقال مصدر في الشركة التي تحتكر صادرات الغاز الروسي وتزود أوروبا بربع وارداتها من الغاز ان الشركة تتلقى طلبات من أسواق التصدير تفوق ما تستطيع تلبيته فعليا حيث يرتفع الطلب في الاسواق الروسية أيضا، لكن الشركة سعت الى طمأنة الزبائن. وقالت في تعليقات أرسلت عبر البريد الالكتروني "جازبروم مستمرة في الوفاء بالتزاماتها التعاقدية تجاه الزبائن الاوروبيين برغم تزايد استهلاك الغاز في روسيا بسبب البرد القارس، وحذرت شبكة ميتيوالارم الاوروبية للانذار بشأن الطقس من أحوال "شديدة الخطورة" في عدة مناطق في شرق أوروبا بينها صربيا حيث عثر على شخص رابع ميتا ليل الثلاثاء في جبال سوفوبور جنوب غرب البلاد، وقالت ميتيوالارم ان من المرجح أن يستمر البرد القارس في أنحاء عديدة من القارة الاوروبية بما في ذلك ألمانيا وخصوصا في جنوب شرق أوروبا. بحسب رويترز.

وفي موسكو حيث انخفضت درجات الحرارة أثناء النهار الى 22 درجة مئوية تحت الصفر يخشى خصوم رئيس الوزراء فلاديمير بوتين أن يؤدي البرد الى تقليص المشاركة في مظاهرة احتجاج ضده مزمعة قبل شهر من خوضه انتخابات رئاسية، وذكرت صحيفة ترود البلغارية اليومية أن درجات الحرارة في أنحاء البلاد انخفضت الى مستويات قياسية اقتربت من 30 درجة مئوية تحت الصفر مما أدى الى تجمد ماكينات الصرف الالي في العاصمة صوفيا. وبلغ عدد من لاقوا حتفهم الى الان ثمانية في بلغاريا و14 شخصا في رومانيا المجاورة بسبب موجة البرد، وفي غضون ذلك قالت السلطات في سلوفينيا ان ريحا وصلت سرعتها الى 180 كيلومترا في الساعة اقتلعت أسطح مبان ودفعت السلطات الى اغلاق بعض المدارس.

المجر

الى ذلك جمع قرويون في المجر قطع الفحم بأيديهم العارية بينما أودت موجة شديدة البرودة قادمة من سيبيريا بحياة العشرات، وفي قرية فاركاسليوك المجرية تسلق السكان بصعوبة كومة مهملة بارتفاع 30 مترا من منجم مهجور لجمع كميات كافية من الفحم لاستخدامها في الطهي وتدفئة منازلهم لبضعة ايام، وهبطت درجة الحرارة في الجبال القريبة من فاركاسليوك ويعني اسمها "عرين الذئب" الى 22 درجة مئوية تحت الصفر، وقال خبير الارصاد الجوية الالماني هيلموت ماليوفسكي ان من المتوقع استمرار درجة الحرارة في منطقة وسط أوروبا وما وراءها على هذا النحو خلال الايام القليلة القادمة مع استمرار الضغط الجوي المرتفع فوق روسيا مما يدفع بموجات من الهواء الجاف البارد الى الجنوب، وقالت الهيئة الدولية للصليب الاحمر انها قدمت أموالا لبناء أماكن ايواء للمشردين في الشوارع في روسيا البيضاء وأوكرانيا وهو نفس ما قامت به الحكومات في هذه المنطقة، وسدت أكوام الثلوج الطرق وخطوط السكك الحديدية كما تسببت درجات الحرارة التي هبطت الى ما دون الصفر في تجمد الوقود وبطاريات السيارات مما زاد من معاناة قطاع النقل، وفي منطقة ايفانييتشا الصربية ذهب التلاميذ الى المدارس على ظهور الجياد واستخدم القرويون الدواب لجلب الامدادات. بحسب رويترز.

وقال السكان انهم يخشون أن تبدأ الذئاب الخروج الى المناطق السكنية بحثا عن الغذاء، وابقت هيئة أوروبية معنية بالتحذير من أحوال الطقس على تحذيرها عند اللون الاحمر لصربيا حيث تحاصر الثلوج نحو 11 ألف شخص في المناطق الريفية، وقال القروي ميلان رادويستش في قرية سادلييك في جنوب غرب صربيا "الطقس شديد البرودة... كثير من الدواجن وطيور الحبش تجمدت حتى الموت. كما تجمد البيض في حظائر الدواجن، وقامت طائرات الهليكوبتر بنقل فرق الانقاذ لاجلاء المسنين وتوصيل الامدادات مع تساقط كميات جديدة من الثلوج ليلا بلغ ارتفاعها 30 سنتيمترا في البوسنة المجاورة حيث اقتربت درجة الحرارة من 29 تحت الصفر، وغطت طبقة غير معتادة من الثلوج منتجعات الساحل الكرواتي لكن في رومانيا تمكنت القوارب التي حوصرت في ثلوج البحر الاسود من الابحار مجددا.

اليابان

من جهة أخرى اعلن مصدر رسمي الخميس ان هطول ثلوج بكميات غير معتادة في شمال اليابان ادى الى انهيارات وحوادث اسفرت عن مصرع 56 شخصا على الاقل، من جهتها، اعلنت وكالة ادارة الكوارث ان حوالى 43 شخصا لقوا حتفهم بينما كانوا يحاولون رفع اسقف او طرق بينما مات سبعة آخرون سحقا في انهيار الثلوج التي تجمعت على مبان، واضافة الى اربعة اشخاص آخرين لقوا مصرعهم بينهم ثلاثة في محطة حرارية في منطقة اكيتا (شمال جزيرة هونشو الكبرى). واضافت ان شخصين آخرين توفيا بسبب الاحوال الجوية، بدون ان تذكر اي تفاصيل، وادت عاصفة ثلجية الى توقف حوالى مئة سيارة في منطقة اوموري حيث بلغت سماكة الثلج 4,3 امتار. بحسب فرانس برس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7/شباط/2012 - 14/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م