أمور عدة يجب تهيئتها قبل الحديث مؤتمر آبل التعليمي والذي عقدته
شركة آبل الأمريكية في هذا الشهر.. هل تتوفر في إدارات مؤسساتنا
التعليمية رؤية تتفوق بكثير على الواقع الحالي لمستقبل التعليم في
العراق؟ وهل لدينا المقومات المادية والبشرية الملائمة لأتباع التعليم
الإلكتروني؟ أم أن أغلب رؤيانا تكتنفها النزعة التقليدية وتتأثر
مؤسساتها بشدة بالتقلبات السياسية السائدة في البلد وتتنازعها الكتل
السياسية بعيد عن رؤية واضحة للمستقبل وبدون تقدير فعلي لحجم الانفاق
الحكومي على المؤسسات التعليمية؟
فشركة آبل العملاقة كشفت في مؤتمرها التعليمي في 19/1/2012 عن رؤية
واضحة للمستقبل وهي بالذات موجهة لأولئك الذين يبحثون عن الرقي في مجال
التعليم فقد تفتقت عقول رواد هذه الشركة عن تلك الرؤية المتمثلة
بالعديد من التحديثات لتطبيقاتها مثل: iBooks 2 وiTunes U
وأضافت ضمن تطبيق iBooks العديد من المميزات التي لم تكن موجودة من
قبل للكتب مثل البحث عن كلمة معينة و التفاعل أكثر بين المحتوى مثل
الصور والفيديو مع النص الأساسي للكتاب بالإضافة لدعم اللمس المتعدد
أثناء تصفح الكتاب، كما كشفت أيضاً عن تطبيق جديد للكتب ولكن لمؤلفي
الكتب وهو باسم iBooks Author ويتمكن من خلاله المؤلف عمل كتاب جديد
بأنماط موجودة ضمن التطبيق مع إمكانيات عدة منها إضافة الإحصائيات أو
الصور أو الفيديوهات ثلاثية الأبعاد، كما يدعم التطبيق أيضاً اللغة
العربية، وكذلك تصدير الكتب بصيغ مختلفة وبحسب الجهاز المستخدم لقرائته
كما تشاء وأما عن تطبيق iTunes U فهو تطبيق يعتبر كأداة تعليمية
للمدرسين حيث يستخدم من خلاله الآيباد في العرض أو الشرح في الفصول
الدراسية، ويمكّن المدرسين أيضاً من سهولة التفاعل مع الطلاب وإرسال
الرسائل لهم بسهوله عبر الجهاز.
وعلى الرغم من ارتفاع تكاليف الجهاز والتي قد تصل في بعض الأحيان
الى 800 دولار أمريكي إلا أن الهند أطلقت هي الأخرى جهاز لوحياً أسمته
Aakash بكلفة 60 دولارا فقط! وهو مخصص للطلبة وهو بدرجة وضوح 800×480
مع معالج بسرعة 366 MHz وبذاكرة 256Mb وسعة داخلية 2 كيكابايت مع لوحة
مفاتيح بكلفة 7 دولار! حسناً لندخل الآن في صلب الموضوع..
1. هل من الممكن أن نوظف عاطلاً من حملة الشهادات الجامعية في مجال
علوم الحاسبات أو هندسة المعلومات أو حتى من أولئك الحاصلين الدبلوم
الفني في مجال الحواسيب والمعلوماتية.. أو هل يمكن أن يكون مختص واحد
لمدرستين قريبتين من بعضها.. نعم.. لدينا أولئك المختصين ويمكن
الاستعانة بهم فوراً وهم بالكفاءة المطلوبة بل وأكثر.
2. ما هي كلفة طباعة الكتب على مدار العام الواحد ولكافة المناهج
والمراحل الدراسية؟ وماهي كفاءة الطبع لحين كتابة تلك المقالة وما حجم
الفساد الذي يطال عملية الطباعة، إذا كان هناك فساداً، وما حجم الأخطاء
فيها؟.. أكيد هي مكلفة وكلفتها تفوق الـ 150 دولار للطالب الواحد.. فقد
أوضحت بعض مصادر المعلومات بأن الأنفاق الحكومي على تعليم الطالب كان
620 دولار في السنين الماضية وليست لدينا إحصائية عن مستوى الأنفاق
الحكومي الحالي ولكننا نعتقد بأنه لم يتجاوز الرقم السابق لكوننا نلاحظ
التحسن في طباعة بعض المناهج التعليمية الجديدة..
ولكن ما الضير من أن يكون لكل طالب في أي مرحلة جهاز لوحي بسيط
يحتوي على كل منهجه الدراسي للعام، سهل التصفح، يحتوي على فيديوات تخص
العلوم المختلفة والتجارب المختبرية، مع مسائل للذكاء يتم اختيارها من
قبل لجنة عليا متخصصة لمقتضيات الحاجة، لنضرب بذلك عصفورين بحجر، كما
يقال فمن جانب نكون قد وفرنا المناهج لمدة سنوات طويلة حيث اننا نسترجع
الجهاز من الطالب حال إكماله الصف الدراسي ونسلمه للطالب التالي وحسب
ضوابط وتعليمات تصدرها التربية وأغنتنا تلك العملية حتى عن المختبرات
العلمية لكونها، الأجهزة اللوحية، ستحتوي على تلك التجارب والمصورات
الملونة عالية الدقة مع فيديوات إضافية توسع من مدارك الطالب العلمية
والفكرية والجانب الثاني هو أن العالم يخطو خطوات تكنولوجية سريعة وعلى
طلبتنا إذا ما أردنا لهم أن يجاروا طلبة العالم أن يبدأوا في إستخدام
تلك التقنية لتكون قريبة من عقولهم وسهلة الاستخدام عندما يصلوا الى
مراحل معنية في الدراسات الجامعية والعليا أو حين يتم ابتعاثهم للدراسة
في خارج القطر.. الكثير من طلبتنا لم تتوفر لهم الفرصة للمس حاسوب
الكتروني في حياتهم وسيكون من المهم أن نقدم له تلك الفرصة لنكسب بذلك
الفضل في أننا قد منحناهم الأمل للمستقبل.
3. بتقديراتنا فأن تلك الخطوة كفيلة أيضاً بتطوير التعليم، المعلمين
والمدرسين، ودفعهم للخروج من الطرق التدريسية التقليدية الى مجال أوسع
وأرحب ويدفعهم بالتالي الى زيادة البحث والتقصي عن مجمل التطورات التي
حصلت في مجال التعليم من خلال برمجيات مركزية يتم توجيهها الى الحواسيب
اللوحية العائدة للمدرسين والتي تحتوي حتى على مصادر خارجية لتخصصاتهم
وحتى ما تم تعلمه من قبلهم في مراحلة دراستهم الجامعية ليبقوا على
تواصل معها مع إمكانية تجهيزها بسجلات الدرجات لكافة للمراحل.
4. في حال وجود تغيير في المناهج سوف لن نحتاج الى تغيير اللوحيات
الخاصة بالطلبة.. بل سنغير البرامج المدرسية الموجودة بها بإشراف
المشرفين الذين تم تحديدهم في (1) أعلاه من خلال توجيههم لشحن اللوحيات
بالمواضيع الجديدة وبالإمكان تغيير مواضيع كثيرة خلال نفس العام من
خلال برمجة اللوحيات بها ومحو القديمة.
5. سنوفر بتلك العملية خط شروع جديد لبدأ خطة تعليمية واضحة المبادئ
والتطبيق مستندة الى حقائق علمية بدأ العالم المتحضر أتباعها منذ فترة
وجيزة ودخولنا بها يمنحنا الفرصة الكاملة كي نخلي ذمتنا كمؤسسة بأننا
قد أتبعنا كل الطرق الكفيلة برفع مستوى التعليم في العراق مع متابعة
دقيقة وفق نظام متناسق لمتابعة الموضوع مركزياً من قبل الحكومة لحين
ثباته مع إحصائيات لمدى نجاحه والتي نعتقد جازمين بأنها ستكون بنسب
عالية.
6. بالإمكان برمجة اللوحيات بالكثير من المعلومات الحياتية والنصائح
الإرشادية والطبية لأولياء أمور الطلبة بطرق التعاون مع المدرسة في
تطوير قابليات ابناءهم، مع بعض القصص المصورة واجزاء تسلية لطلبة
المراحل الأولى تدفعهم الى التعلق بمدرستهم وحبهم للتعلم، كما بالإمكان
برمجة تلك اللوحيات بكافة الجداول الخاصة بالدروس والامتحانات.
7. من المكن أن نبدأ اليوم بتجربة تلك التجربة مع مدارس محدودة داخل
حدود مدينة بغداد ليتم تعميم التجربة بعد فترة قليلة على المدارس
الأخرى وتلك خطوة أيضاً ستكون ذات فائدة كبيرة حيث سيام الاستفادة من
الفروقات التي نحصل عليها من طباعة الكتب في تطوير بنايات مدارسنا
وتجهيزاتها.
نحن نمتلك كل شيء، الحمد لله،.. المال والبشر إلا إننا وللأسف لا
زلنا نخوض في التقليد في كل شيء وأهمها مشاريعنا التنموية التي نبغي
منها أن تكون علامات بارزة في تطور العراق.. وتطوره منذور بتطور
مشاريعنا واختيار أفضلها فما الضير من القفز على واقعنا لنتجاوز بقية
الدول الإقليمية في تطبيق تلك التقنية، ونمنح ابناءنا فرصة الى النظر
للمستقبل بعين واسعة يحدوها الأمل.. نظرة علها تزيح عن عيونهم ركام
الماضي والحاضر من التخبط في زحام المشاكل السياسية والاقتصادية..
ليفخر العالم بأبنائنا كما نفخر نحن بهم احياناً!
zzubaidi@gmail.com |