عن الكنى والالقاب

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: في المجتمعات الغربية، حين يريد احد الاشخاص ان يشجعك على رفع الكلفة والحرج بينكما يطلب منك ان تناديه باسمه الاول..للدلالة على الالفة والحميمية التي يريد اشعارك بها.. في مجتمعاتنا الامور تختلف. فانت لا تستطيع ان تنادي شخصا ما او تخاطبه باسمه دون القاب وخاصة اذا كان متزوجا وله اطفال وخصوصا ذكور.. الواجب ان تخاطبه بصيغة (ابو...فلان) والا اعتبر ذلك انتقاصا منه وتقليلا من هيبته.. وقد برع جورج بوش الاب بذلك حين كان يخاطب (صدام) هكذا باسمه فقط دون القاب.

كثيرا ما تلفت انتباهك اسماء وكنى والقاب تسمع بها او تقرأها على اللوحات واللافتات في الشوارع العامة، منها ما يجعلك تبتسم ومنها ما يجعلك تضحك بصوت عال وقسم منها يصيبك بالدهشة والذهول.

تسمع تلك الاسماء وانت تردد بين نفسك (للناس في تسمياتهم والقابهم وكناهم مذاهب).. وهي مذاهب عديدة ومتنوعة.. حين تقرأ مثل هذا الاسم (..... سختة قيطاز الملك شاهي) تتساءل عن تلك المفارقات العديدة فيما احتوت عليه كلماته.. فهو خليط من ثقافات عربية وكردية وفارسية.. مثلا: (سختة) كلمة اصلها كردي من ساخت وتعني حيلة وخدعة ومنها (سختجي) بمعنى الحيّال، المخادع، النصّاب.

ولا ادري ما ذنب (سختة) الذي جناه وهو يخرج الى النور من بطن امه لكي يحمل هذا الاسم الذي ظل رفاقه سنوات طوال ينادونه به.. جاء الحيال، ذهب النصاب، اضافة الى كثرة التعليقات التي سمعها بأذنيه حين يردد احدهم اسمه.

ولا ادري ما هو تفسيرك وانت تقرأ الاسم التالي وكنيته (جاسم ابو خانقهه) وتذهب بك التفسيرات مذاهب شتى.. لربما اشتهر عن جاسم هذا خنقه للقطط التي تعتدي على طيوره فوق سطح الدار، او ربما هو خنق قطته في ليلة زواجه الأولى لإخافة عروسه وإفهامها انه رجل البيت، او هو ربما قد خنق بوادر الفتنة الطائفية اذا اخذنا بالاعتبار منطقة سكناه، او ربما هناك تفسيرات اخرى لا يمكننا الاحاطة بها.

ولعل المثل الابرز للالقاب والاسماء والكنى والذي له شهرة واسعة في عموم العراق اضافة الى منتوجه ذي الجودة العالية هو (الحاج زبالة) صاحب محل (شربت الحاج زبالة) والكائن منذ تأسيسه في شارع الرشيد في مدينة بغداد.

ومن الاسماء والالقاب ما أطبق على الانفاس ونشر الخراب في البلاد وبين العباد.. من ذلك صدام حسين التكريتي حيث اصبح هذا اللقب في السبعينيات والثمانينيات رمزا لكل قوة غاشمة يمكن ان تمثلها سلطة مستبدة في اي مكان من العالم.

كان صدام من عشيرة البو ناصر وهم من ضاحية مدينة تكريت ومسكنهم الحقيقي في العوجة وفي الغالب لايتفق عليهم اصلا لقب تكريتي.

لقب التكريتي كان يفيد انك من اقارب السيد النائب او السيد الرئيس بعد تنحية احمد حسن البكر واقالته، ويعني هذا اللقب حق التملك في بغداد دون النظر الى قيد الولادة الذي شمل جميع العراقيين.. وهو يعني جواز مرور شديد الفعالية لتجاوز تعقيدات الروتين والبيروقراطية الحكومية، وهو يعني ايضا انه الرابح الاكبر في اي نزاع قضائي مع الاخرين عظيما كان او تافها، ان كانت هناك دعوى اصلا وخرجت منها سالما باقل الاضرار الممكنة.

وعمل هذا اللقب على (ترييف) السياسة العراقية اي زحف الريف وثقافته على مؤسسات الدولة.. ومن تلك الالقاب التي شهدت صعودا ونزولا تبعا لتغيرات اماكن الحظوة والقرب من صاحب الالقاب الاول (الجبوري – الدليمي –السامرائي – العبيدي – الدوري) وغيرها من القاب تحيل الى العشيرة او الموقع الجغرافي.

ومن اللقب الى الكنية، حيث اشتهر القائد الضرورة بكنيته التي اصبحت مدار الهتافات والغناء الشعبي وهي (ابو حلا) والاغنية الشهيرة (حياك يا ابو حلا) وانتشر على اثر هذه الكنية اطلاق اسم (حلا) على الكثير من الفتيات العراقيات، قبل ان تتحول كنيته الى (ابو الشبلين) التي صارت بدورها اغنية لاحد المبوّقين المشهورين في العراق قبل ان يقتل هذا الشبلان على يد القوات الامريكية بعد العام 2003 بعد ان اذاقا العراقيين ويلات التعذيب والاغتصاب والتعدي على الاعراض.

ان الاسماء والالقاب والكنى تخضع لعدة عوامل ومؤثرات تتعلق معظمها كما يؤكد علماء اللغة، بتطورات المجتمع وتقاليده ومعتقداته وانماط سلوكه.. ويمكن رؤية ذلك في الاختلافات الكبيرة الموجودة بين اسماء الجيل الماضي والجيل الحالي او بين المجتمعات الريفية والمجتمعات المدينية.

من اهم العوامل في تحديد التسميات:

الدين – المناسبات بمختلف انواعها – العوامل الشخصية – الاسم الحسن – الاعلام – الكنية – البدائبة – الحداثة – اسماء الدلع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 31/كانون الثاني/2012 - 7/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م