الفكرة قابلة للنقاش والشخصية قابلة اما للقبول او الرفض والكتابة
عن كل ما له اثر في التاريخ من حيث التحليل والاستنتاج تعد من الامور
التي لها ايجابياتها في توضيح الصورة التي كان عليها هذا المشهد
التاريخي او ذاك وليس بالضرورة ان يكون الاستنتاج سليم ولكن على اقل
تقدير ان اعتمد حقائق ووثائق للوصول الى نتيجة بحثه فعندها يكون جدير
بالقراءة وفي نفس الوقت اذا كان الحديث مجرد انشائي او ترجمة حالة على
ارض الواقع الى كلمات تحريرية او شفوية بالنقد او المدح فان مثل هكذا
اراء تؤثر بالذين يحملون افكارا رومانسية.
وانا اطالع مجلة نصوص معاصرة العدد العاشر ربيع 2007 لفت انتباهي
اول موضوع فيها وهو عن المرحوم الدكتور علي شريعتي وقد استوقفتني
الارقام التي ذكرت عن عدد نسخ كتبه ومرات طباعتها في ايران والقبول
المزدحم عليها بين عامي 1978 1981 فقد ذكر مير حسين موسوي ان 90% من
حزبه الجمهوري الاسلامي يطالع كتب شريعتي. وهذا امر طبيعي لانه كان
ممنوع في زمن شاه واصبح مباح بل حتى كتب الناصبية تجدها في مكتبات
ايران الشيعية والممنوع مرغوب، واليوم كتبه على الارصفة لدى الباعة
ويبيعها بالجملة بثمن بخس ولا اقبال عليها.
المهم جعلتني هذه العبارات ان اطالع كتاب التشيع العلوي والتشيع
الصفوي لانني لا اتفق بما ورد في هذا الكتاب حول الاسلوب وليس الفكرة.
يتطرق شريعتي الى حالات سلبية لدى رجال الدين وهذا ما لا يختلف عليه
اثنان حتى انفسهم رجال الدين لو قلت لهم هل يوجد بعض المنحرفين ممن
تلبس بلباس الدين سيؤكد وجود هكذا نماذج ولكن الاراء الرومانسية
الفارغة التي تطرق اليها شريعتي جعلتني اكتب هذا المقال مكتفيا بالنقد
لاول صفحات الكتاب.
الغريب ان شريعتي يستخدم الكلمات التي تظهر للسامع بانه يدافع عن
الاسلام وان الاسلام يجب ان تكون كلمته العليا ولا يجوز الانحدار الى
الطائفية اذا ما تعرض الاسلام الى اعتداء وان هنالك من استخدم الاسلام
للوصول الى مآرب شخصية وتطرق الى نظرية في علم الاجتماع الا وهي عندما
تصبح الحركة نظام فعندها تسقط الحركة واستدل ببعض الامثلة كلها سليمة
ولكن اين هو مصداقها؟ وماذا فعل شريعتي غير الكلام بخصوص تحقيق اهدافه؟
يقول شريعتي في ص 67 (لقد تمكنت الامبراطورية العثمانية من توحيد
مختلف الاقوام والاجناس تحت راية الاسلام) ومن ثم يقول (المتطرف عندنا
ينظر الى الكيان العثماني من موقع شيعي متعصب فيعتبره بالتالي سنيا
عمريا منكرا للامامة) ويرى شريعتي (ان نظرتهم صحيحة من زاوية ثانية في
حال ان من شروط النظرة العلمية الصحيحة ان تكون شاملة ومتعددة الزوايا
والابعاد وذات طابع نسبي).
بداية وانصافا لبحث الباحث ما كان عليه ان يصف مخالفه بالراي متطرف
ومتعصب ويظهر مما ذكرنا ان شريعتي غير ملم بكل حيثيات سياسة الدولة
العثمانية الداخلية والخارجية وانه يريد ان يضفي الشرعية على افكاره
فاعتمد الفكرة المبتورة واستخدم نفس الاسلوب الذي يستخدمه السياسي
الظالم عندما يريد شحذ الهمم للدفاع عن الوطن.
وانا اسال شريعتي كيف تكونت الدولة العثمانية؟ هل احتلت العراق
لانهم نصارى؟ هل احتلت الجزيرة العربية لانهم يهود؟ هل كانت نوايا
احتلالها الحفاظ على الاسلام؟ ومن المفروض عندما يكون بحث شريعتي منطقي
وحسب ما يدعي هو ان تكون النظرة شاملة ومتعددة لم لم ينظر الى رجال
الدين الشيعة ومقلديهم الذين ذاقوا الامرين من العثمانيين وقفوا معهم
للدفاع عن الوطن ضد الانكليز طبقا للمبادئ التي يدافع ويصرخ بها
شريعتي، هل يعلم شريعتي ان سبب انكسار الدفاع الشيعي هو تخاذل
العثمانيين وانسحابهم من ارض المعركة؟ هل يعلم شريعتي لماذا؟ لان
الدولة العثمانية بالاسم فقط انها اسلامية وانها بعيدة كل البعد عن
تطبيق التعاليم الاسلامية اما انك تتوقع للشيعي ان ينصره صلاح الدين
الايوبي وخالد بن الوليد فان مثل هذه الافكار هي للضحك على عقول السذج
مثلما تعتقد ان رجال الدين الدجالين يضحكون على السذج وكلاكما وجهان
لعملة واحدة.
ثم يذكر حروب الصفوية ضد العثمانيين بانها هجوم غادر، ولست بصدد
الدفاع عن الصفوية فان عليها كثير من المآخذ التاريخية ولكنه لماذا لم
ينصف قومه ويذكر الصفحات الغادرة للعثمانيين بحق ابناء قومه ودينه
لماذا هجومهم غادر وحروب العثمانيين تحرير اسلامي؟
الاسلام واجه عدة قوى عدائية منهم كل الذين ذكرتهم بدون استثناء
(العثمانية الصفوية الروم الاستعمار الغربي واليهود) والذين يفكرون
مثلك ضمنهم.
اليوم لو كان شريعتي على قيد الحياة هل سينصر القاعدة تحت نفس
المسميات التي استخدمها لنصرة الامبراطورية العثمانية؟!! |