ازمة الكبار!!

جواد العطار

جاءت دعوات مشاركة القوى السياسية من غير الممثلة في الحكومة والبرلمان بالمؤتمر الوطني المزمع؛ بادرة ايجابية استحقت القبول والثناء في حينها من المعنيين بها وغير المعنيين، واستبشر المتابعون بداية خيرا بالمؤتمر ونتائجه؛ لانه جاء مرافقا لمرحلة الانسحاب الامريكي المهمة والحساسة قبل نهاية العام الماضي وامكانية معالجة تحديات ما بعد الانسحاب الحالية.

لكن الدعوات؛ في الممارسة السياسية بالعراق؛ شيء والتطبيق شيء آخر مختلف تماما، فقد تعرض مشروع المؤتمر الى هزات سياسية وامنية عنيفة جدا غيرت مساراته وتوجهاته من الاتفاق العام بين مختلف القوى على ادارة البلاد والسير بها نحو بر الامان والتطور في مرحلة ما بعد الانسحاب؛ الى البحث عن حلول لقضايا جزئية ومواقف آنية لاستقلالية القضاء في قضية الهاشمي التي هي تحصيل حاصل في النظام البرلماني القائم على الفصل التام بين سلطاته الثلاث او لانسحاب ممثلي العراقية من مجلسي النواب والوزراء او الدخول في متاهات تنفيذ الاتفاقات السياسية السابقة وتداخلات الخروق الامنية وخلافات متعددة آخرها الجدل حول مكان انعقاد المؤتمر بين بغداد واربيل..

كل ما تقدم شأن وخلافات الكتل الكبيرة حصرا؛ لذا ينبغي حلها بعيدا عن المؤتمر لانها ليست من اسبابه، كما انها ان ادرجت على جدول اعماله لذهبت مرة اخرى بالفرصة ادراج الرياح، ولعدنا الى مربع صراعات القوى التي تسمي نفسها "اساسية" والذي لا ولن ينتهي لانها تدير الازمة باتجاهين :

الاول – استباق المؤتمر بالتصعيد، املا بالحصول على مكاسب من الطرف المقابل او في مقرراته وتوصياته.

الثاني – الجلوس منفردة على طاولة المؤتمر التحضيرية للاستئثار بمساراته وحصاد نتائجه.. وفي الاتجاهين تسعى الى المكاسب لنفسها دون غيرها عن طريقين :

- استلام القيادة والمبادرة وتوجيه المؤتمر كيفما تشاء، لضمان عدم انفلات زمامه او مشاركة القوى الاخرى فيه.

- زيادة رصيدها الجماهيري.

ان الجلسة التحضيرية للمؤتمر التي عقدت مطلع الاسبوع الماضي وتم تأجيل اجتماعاتها الى الاسبوع الحالي.. خير دليل على انفراد الكتل الفائزة بالمؤتمر القادم من جانب. ووأد دعوات مشاركة القوى غير الممثلة بالبرلمان من جانب آخر، الى درجة ان بعض القوى البرلمانية الصغيرة لم تتم دعوتها اصلا؛ فكيف الحال مع القوى غير الممثلة؛ ومنها العراقية البيضاء مثلما اعلنت؛ او المستقلين وحتى احد كيانات الائتلاف الوطني اغلقت الابواب بوجه ممثله عند محاولته الدخول الى قاعة المجتمعين؛ فأي ارضية سيبنى عليها المؤتمر القادم واي مقررات ستصدر عنه؟؟

السؤال لا يحتاج الى اجابة.. لان المؤتمر سيعقد لحل ازمة سياسية اعقبت الانتخابات التشريعية الماضية طرفاها الرابحون الكبار فقط، وبالتالي لا نصيب للخاسرين فيه الا من باب الظهور الاعلامي او تجميل التوصيات النهائية للمؤتمرين حتى تنال الشرعية المطلوبة.. شرعية الفائز وضمن شروطه التي تضمن وتعزز مكاسبه!!.

لذا فان قبول الدعوة من القوى غير الممثلة لحضور المؤتمر؛ يجب ان تكون مشروطة بالدور والمشورة الفعلية ليس في قبة المؤتمر فحسب؛ بل منذ اللحظة الاولى وعند بداية التئام اللجان التحضيرية، وان لم يكن كذلك وهو طبيعي لن يكون.. وفق المعايير المطروحة حاليا، فان تلك القوى مدعوة اكثر من اي وقت مضى للتقارب البناء فيما بين اطرافها؛ الصغيرة والكبيرة؛ من اسلاميين وعلمانيين وشيوعيين وتيارات ديمقراطية وحتى مستقلين ونشطاء مدنيين دون استثناء.

اما اللقاءات التي تتم مثل اجتماع ممثلي الاحزاب السياسية الذي عقد برعاية الشيوعي العراقي قبل شهرين او مؤتمر الاحزاب السياسية غير الممثلة الذي انعقد ببغداد بتاريخ 21/1/2012 تحت عنوان (رؤية للحل)، ما هي الا محاولات جادة بحاجة الى انضاج وبلورة فعلية للدخول بمشروع وطني يوحد هذه القوى.. تكون بوابته المؤتمر الوطني القادم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 25/كانون الثاني/2012 - 1 /ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م