العنوسة... ظاهرة تقلق أجمل النساء!

 

شبكة النبأ: في ظل ارتفاع المهور وتكاليف الحياة في بلدان الشرق الأوسط انتشرت ظاهرة العنوسة كالهشيم في النار بسبب تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تلك البلدان، حيث تشير الإحصاءات المتاحة من بعض الدول العربية أنها فعلا ظاهرة من حيث العدد ومن حيث الانعكاسات النفسية والاجتماعية على السواء، ففي مصر كشف إحصاء رسمي وغير رسمية أن عدد الشبان والشابات الذين لم يتزوجوا بعد على الرغم من بلوغهم الخامسة والثلاثين عاما قد بلغ قرابة 9 ملايين نسمة ناهيك عن الجزائر التي باتت تلقب بدولة العزاب وكذلك الأمهات العازبات في تونس وزواج الانترنت في المغرب.

إذ باتت المرأة وحدها من تواجه مشكلة العنوسة، من خلال استخدام عدة وسائل عصرية كالانترنت الذي غيرة نمط العلاقات الاجتماعية ومنها الأشكال التي تتم عبرها الخطوبة والزواج، فهل يجب اتخذ قرار أممي لحدا من هذه الظاهرة ام تقدم المرأة الى خطوبة الرجل ام يصبح الزواج الكترونيا كلها أسباب زاد من هذه وتعد افة اجتماعية الاكثر انتشار في البلدان النامية.

تتزوج باسم شقيقتها

فقد دفع شبح العنوسة فتاة مصرية إلى الاستيلاء على شهادة ميلاد شقيقتها الصغرى منذ 15 عاماً، وبموجبها تزوجت من شاب يصغرها بعشر سنوات، وذكر أنه عندما كبرت الصغيرة فوجئت بأن شقيقتها تزوجت باسمها، وعندما خشيت على نفسها من العنوسة حررت محضراً ضد شقيقتها وتمكنت مباحث الأحوال المدنية من القبض عليها، وأوضحت التحقيقات أن الأخت الكبرى خشيت أن ترفضها أسرة الشاب الذي ارتبطت به لكبر سنها ما دفعها إلى سرقة شهادة ميلاد شقيقتها التي تصغرها بـ12 عاماً وتزوجت باسم شقيقتها في غفلة من زوجها، وعندما كبرت الصغيرة اكتشفت جريمة شقيقتها وكلما تقدم شاب لخطبتها رفضته أسرتها خشية افتضاح أمرهم، مما دفعها إلى تحرير محضر ضد شقيقتها الكبرى لتتمكن من الزواج.

الصينيات

فيما أظهرت نتائج دراسة حديثة أجرتها الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ونشرتها صحيفة «تشاينا ديلي» أن المرأة الصينية تقف اليوم في مفترق طرق بين إكمال تحصيلها العلمي وصولاً إلى أعلى الشهادات العلمية «الدكتوراه»، وبين الزواج وتكوين الأسرة وإنجاب الأطفال، فحسب تلك الدراسة، تعذّر على أكثر من 90% من النساء الصينيات الحائزات درجة الدكتوراه، العثور على الزوج المناسب بعد أن مضى بهن قطار العمر وتخطين العقد الرابع من أعمارهن، وحددت الدراسة ثلاثة أسباب رئيسة وراء تلك الظاهرة، أولها الفكرة التقليدية القائلة إنه «لابد من الزواج من شخص في نفس المستويين التعليمي والمادي، والثاني إضاعة أفضل سنوات العمر في الدراسة والتحصيل العلمي، والثالث التعود على استقلالية القرار في مشوار الحياة من دون تدخل أي شريك. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

جمعية لمحاربة العنوسة

في سياق متصل بادرة هي الأولى من نوعها في الأردن، تم إطلاق جمعية لمناصرة تعدد الزوجات في المملكة، وذكر أن الجمعية التي تتخذ من مدينة الكرك مقراً لها، دشنت عملها رسمياً بزفاف أحد أعضائها، المدعو محمد الزبون للمرة الثالثة، وأن الدعوة إلى الزفاف الثالث لعضو الجمعية أثارت جدلاً كبيراً ما بين معارض ومرحب، وبخاصة في أوساط النساء في المنطقة، التي تشهد تعدداً للزوجات، و يجب أن يمتثل له الجميع، مشيرةً إلى أن بعض الفضائيات روجت لمحاربة تعدد الزوجات، وهذا أمر لا يمكن السكوت عليه، ولفتت الجمعية إلى ارتفاع ظاهرة العنوسة في الأردن، التي وصفتها بالظاهرة الاجتماعية الخطيرة تقود للانحلال الأخلاقي في المجتمع، وحسب دراسات اجتماعية، فإن نسبة العنوسة في المجتمع الأردني في ارتفاع، وقدر عدد النساء اللواتي لم يسبق لهن الزواج، ممن تبلغ أعمارهن 30 سنة فأكثر، نحو 98633 امرأة في السنوات القليلة الماضية، بزيادة قدرها 91943 امرأة عن العام 1979، أي أن هذا الرقم تضاعف 15 مرة خلال الفترة 1979 - 2009. بحسب يونايتد برس.

الأمهات العازبات

على الصعيد نفسه تعد ظاهرة الأمهات العازبات من التبوهات داخل المجتمع التونسي، الذي لا يزال يرفض في غالبيته العظمى تقبل فكرة أطفال يولدون خارج إطار الزواج. أما على الصعيد الرسمي، فلم يكن هذا الموضوع يطرح إلا من جانب واحد وهو كيفية رعاية الأطفال ولم يطرح أبدا من جانب الأمهات. وكان يطلق على المواليد، الذي يولدون خارج إطار الزواج ولم يُعترف بهم من قبل آبائهم، اسم "أطفال بورقيبة"، نسبة إلى الرئيس الأسبق الراحل الحبيب بورقيبة، الذي كان أحدث دورا لرعاية هؤلاء الأطفال، وتؤكد السيدة مليكة الورغي من إدارة الأسرة بوزارة شؤون المرأة التونسية أنه يقع تسجيل ما بين 1200 و1500 ولادة سنويا خارج أطر الزواج القانونية.

وتبين مختلف الأرقام الصادرة عن الجهات الرسمية أن غالبية هذه الولادات تسجل لدى فتيات عازبات تتراوح أعمارهن بين 15 و24 سنة. ويلاحظ أن المستويات التعليمية للأمهات العازبات، تتراوح بين الأمية التامة أو لا تكاد تتجاوز المرحلة الابتدائية وفي أفضل الأحول التعليم الثانوي. كما بينّت الدراسات أن تلك الفتيات تنتمين لأوساط اجتماعية ضعيفة إقتصاديا وتعليميا.

وتشير مختلف المعطيات إلى أن الأمهات العازبات، قد تعرضن في الأغلب للاغتصاب أو التغرير بهن ووعدهن بالزواج. كما تظهر أن عددا كبيرا من هذه الأمهات هن فتيات قدمن من المناطق الريفية النائية للعمل كمعينات منزليات (خادمات) بالمدن الكبرى. ووفقا للمعطيات الرسمية فإن غياب الثقافة الجنسية وضعف الرقابة العائلية يساهمان في استفحال هذه الظاهرة، وتختلف قصص الأمهات العازبات من حالة إلى أخرى.

يجب ا أن تتم لتوعية داخل المعاهد والجامعات وأماكن العمل. وأن معالجة هذا الموضوع تبقى رهينة وعي اجتماعي بحجم هذه الظاهرة ومعالجتها بشكل واقعي لتتحمل مؤسسات الدولة وهياكلها الاجتماعية جزء من المسؤولية ومؤسسات المجتمع المدني الجزء الآخر، وإن "التثقيف الجنسي للمراهقات في المدارس والمعاهد، وإعادة الاعتبار لمؤسسة الأسرة ومساعدة الشباب على الزواج المبكر وتقنين العمل لفتيات الأرياف والأوساط الضعيفة، كفيل بالمساهمة في الحد من تفشي هذه الظاهرة الاجتماعية.

دولة العُزاب

الى ذلك أطلق شباب جزائريون عبر شبكة التواصل الاجتماعي حملات لتسليط الضوء على مشكلة العزوبية وتدعو إلى تخفيف أعباء الزواج، من خلال مواجهة المهور الغالية وباقي التكاليف التي تثقل كاهل الشباب الراغب في الزواج وتجبر معظمهم على الانتظار وتأجيل الدخول إلى القفص الذهبي إلى وقت غير معلوم. وهذا ينعكس سلباً على ظاهرة عنوسة البنات، التي يصفها الشيخ شمس الدين بروبي بـ"القنبلة الموقوتة" في المجتمع الجزائري.

"لا لغلاء المهور في الجزائر"، "الشعب يريد الزواج"، "معا لتيسير الزواج، صرخات في صفحات الفيسبوك أطلقها شباب يعانون من العزوبية. ويرمي أصحابها إلى توجيه رسالة لأولياء الأمور بعدم المغالاة بمهور بناتهم، وأن يحرص الولي على اختيار شريك حياة ابنته من الشباب الذي يقدرها، ويقدس الحياة الزوجية بحلوها ومرها. واختار القائمون على هذه الصفحات شعارات مختلفة في حملتهم لتوعية الناس بالأخطار الكبيرة التي تهدد المجتمع الجزائري جراء غلاء المهور وتكاليف الزواج غير المبررة. ويقول أحمد (33 عاماً)، وهو أحمد المشاركين في هذه الحملة: "ابتعد الناس كثيراً عن القيم والعادات التي كانت تحكم المجتمع في الماضي، وصاروا يلهثون وراء المال والجاه". ويضيف أحمد بالقول: "لقد رفض أحد الآباء تزويج ابنته لزميلي الجامعي، بحجة أن الأخير لا يستطيع توفير حاجياتها، رغم أن صديقي موظف في إحدى الشركات الوطنية، ويملك سكناً مستقلاً عن عائلته، فقط لأنه غير ثري ولا صاحب سلطان رفض من قبل عائلة البنت التي كانت متمسكة به لما لمسته فيه من أخلاق عالية.

وتشكل العادات الجديدة الوافدة على المجتمع الجزائري، التي تحولت مع الأيام إلى تقاليد راسخة لا يجوز تجاوزها، عقبة كبيرة، فمثلاً في إحدى ولايات شرق البلاد تحول خاتم الخطوبة إلى خواتم عديدة من الذهب الأصفر والأبيض. تحكي الطالبة الجامعية هدى (22 عاماً): "أن الشباب في منطقتنا أصبح مجبراً على تقديم خاتم عند أول لقاء بين العائلتين قبل قراءة الفاتحة، ثم خاتم آخر أثناء العقد الشرعي، يضاف إليهما خاتم أغلى وأبهى من الذهب الأبيض الخالص عند العقد الإداري. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وتكشف الأرقام المقدمة كل سنة من قبل الديوان الوطني للإحصائيات أن نسبة العزوبية في الجزائر بلغت 30 بالمائة في أوساط السكان الذين يفوق سنهم الـ 15 عاماً، أي أن 9 ملايين جزائري من الجنسين هم عزاب. وبلغت نسبة العزوبة في صفوف الرجال 32.5 بالمائة وهو ما يعادل نحو خمسة ملايين أعزب، في حين قدرت في صفوف النساء فوق 15 سنة بـ27 بالمائة أي نحو 4 ملايين امرأة عزباء، وهي بذلك تحتل المرتبة الأولى عربياً، وحسب الإحصائية نفسها فقد شهد معدل سن الزواج هو الأخر ارتفاعاً ملموساً، حيث كشفت الأرقام أن معدل سن الزواج لدى الذكور في 1966 كان لا يتعدي 23.2 عاماً إلى أنه وصل الآن إلى 35.4 عاماً. أما بالنسبة إلى النساء فقد كان معدل زواج المرأة عام 1966 لا يتعدي الـ18.1 عاماً قبل أن يرتفع إلى 32.2 عاماً فما فوق خلال 2010.

تأخر سن الزواج بالمغرب

كما تشير الإحصائيات الرسمية المغربية إلى أن سن الزواج بالمغرب وصل إلى 27,2في صفوف النساء، و31,8 عند الرجال، وهذا يعني أن سن الزواج قد تأخر بأربع سنوات منذ 1987، وتشير الإحصائيات التي أصدرتها المندوبية السامية للتخطيط المغربية، إلى أن 7 ملايين امرأة تعشن العزوبة منهن مليون و26 ألف لم يتجاوز عمرهن الثلاثين سنة.

لكن الباحث الاجتماعي علي شعباني، ينظر لهذه الإحصائيات بنوع من التشكك موضحا أن سن الزواج تأخر أكثر مما تدل عليه الأرقام الرسمية، ويشرح هذا التأخر قائلا"هناك العديد من العوامل التي تتدخل في ذلك كطول المسار الدراسي ثم تأتي مرحلة الاستعداد للدخول في الحياة المهنية، لأن الانسان يحاول الاستفادة من السنوات التي قضاها في التحصيل الدراسي، وبعد كل هذه المراحل يجد الإنسان نفسه قد تجاوز الثلاثين من العمر.

ويوضح الباحث الاجتماعي أن العوامل الثقافية تتدخل كذلك في هذا الأمر، لأن الشباب حاليا اصبح يهتم بالسفر والاطلاع على حضارات أخرى، كما أن الإعلام لعب دورا مهما في هذه المسألة. بالإضافة إلى الظروف المادية التي تساعد كذلك على تأخر سن الزواج كإيجاد البيت المناسب والحصول على دخل محترم يؤمن العيش الكريم للأسرة كما يقول شعباني الذي يؤكد أن الزواج حاليا لم يعد أمرا خاضعا لإدارة العائلة، وأنه أصبح مسألة شخصية تهم المتزوجين فقط.

ويبدي شعباني تحفظه على استخدام كلمة "العزوف عن الزواج" لأن هذه الكلمة تعني، برأيه، الرفض واتخاذ موقف من الزواج في حين أن الأمر يتعلق، حسب الباحث الاجتماعي، بجعل سن الزواج يتم فترة معينة يكون فيها الاستعداد النفسي والمادي أفضل. كما يوضح علي شعباني أن الوكالات التي فتحت أبوابها في المغرب صارت تلعب دور "الخاطبة" وتوفر الظروف الملائمة للبحث عن زوج عن طريق تقديم بعض المعلومات الخاصة بالشاب أو الشابة.

وكالة للبحث عن شريك العمر بأوروبا

من جهة أخرى تعتبر وكالة unicis من أهم الوكالات الفرنسية فيما يتعلق بخدمات البحث عن النصف الثاني عبر أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، ويقول مؤسس فرعها في المغرب أنه فكر في إنشائها لأنه لاحظ أن 75 في المائة من سكان المغرب من الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 25 سنة، وعدد كبير منهم من النساء اللواتي يقدسن الزواج وييحثن عن نصفهن الثاني، ويضيف باسكال مدير الوكالة أن الوكالة يتوافد عليها نساء من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، وقبل أن يفتح لهن ملفا في الوكالة يطرح عليهم الكثير من الأسئلة لمعرفة مستواهم الثقافي وميولاتهم وهواياتهم، كما يضم الملف مجموعة من الصور والمعلومات الخاصة، ما أن يجد باسكال الشخص المناسب لأي فتاة يعرض عليها ملفه، ويضيف قائلا "لدينا اطلاع على جميع الملفات الموجودة بالوكالات الأخرى، ونعمل على ربط الاتصال بين الشريكين المناسبين عبر الهاتف والانترنت، وإذا تفاهم الشخصان يزور المشترك المغرب لإتمام الزواج" فيما يصل ثمن كل ملف إلى 1200 درهم مغربية أي ما يناهز 120 أورو.

ويضيف باسكال بأن جميع الزيجات التي تعهدت بها الوكالة كللت بالنجاح ولم تصل أي حالة إلى الطلاق، ويعزي باسكال هذا الأمر إلى قدرة المغربيات على الحفاظ على الترابط الأسري لتقديسهن للزواج، على حد تعبير باسكال فورجي، الذي يضيف أن بعضا من هذه الأسر تعيش في المغرب إذا كان الزوج متقاعدا، أما إذا كان لا يزال يعمل فتنتقل زوجته إلى بلده.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/كانون الثاني/2012 - 24صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م