استبدال أطراف الجسد... نجاح علمي قريب من المنال

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تعد زراعة الأطراف الطبيعة والصناعية للإنسان  بمثابة ثورة في عالم الطب، إذ أنها ستفتح أبواب الأمل أمام الكثير من المرضى وضحايا الكوارث والحروب، كما سيمهد الطريق أمام الاستغناء عن إجراء التجارب على الحيوانات المختبرية، وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها المؤسسات المعنية بعمليات زراعة الأطراف على المستوى الدولي، إلا أنه لا يمكننا التوصل إلى مصدر دقيق يمدنا بالأعداد والنسب والنتائج وكل أنواع عمليات زراعة الأعضاء على الصعيد العالمي؛ وأفضل ما يمكننا التوصل إليه هو مجرد تقديرات، ولا يبشر هذا بنتائج جيدة في المستقبل، وبالتالي فإن تعزيز آليات جمع البيانات وتحليلها على مستوى دول العالم كافة يعد من أهم الأولويات اللازمة لإنشاء تحالف عالمي في مجال زراعة الأعضاء.

من جهة أخرى تمكن فريق من الباحثين والعلماء الذين يعملون على تطوير الأطراف من تطوير تقنية جديدة تسمح للجلد بالحركة والإنثناء مع المعدن الخاص بالأطراف الصناعية، ناهيك عن التجارب المختبرات المتواصل في علميات زراعة الأطراف حيث تمكن علماء ألمان من إنتاج جلد بشري، وهذا من شأنه أن يجعل مستقبل الأبحاث في مجال زراعة الأطراف أكثر إشراقا.

زراعة ساعدين

فقد أعلن مستشفى بريغهام في مدينة بوسطن الأميركية زرع ساعدين جديدين في جراحة نادرة لرجل (65 عاما) كان قد فقد ساعديه وساقيه، وذلك في عملية جراحية استمرت 12 ساعة، ونجحت كتيبة تضم أكثر من 40 طبيبا وممرضة ومسعفا في زرع الساعدين لريتشارد مانغينو، وقال مانغينو إنه يتكيف مع الساعدين الجديدين تدريجيا، ولم يعد في حاجة "للقيام بمعجزة" يوميا لعمل أشياء بسيطة مثل إعداد قدح من القهوة أو ارتداء ملابسه، وأضاف في مؤتمر صحفي حيث كان يجلس على مقعد متحرك واضعا ذراعية ويديه على مجموعة من الوسائد، أنه صلى من أجل أن يتمكن من لمس وجوه أحفاده وأن يمسح بيده على شعر رؤوسهم وأن يعلمهم كيف يقذفون الكرة، وفقد مانغينو الذي يقيم في حي ريفر بولاية ماساتشوستس ساعديه وساقيه بعدما أصيب بتسمم دموي عام 2002، وقالت المستشفى إن الجراحة المعقدة تضمنت زراعة جلد وأوتار وعضلات وأربطة وعظام وأوعية دموية بالساعدين واليدين. بحسب رويترز.

وقال الأطباء إن مانغينو حرك بشكل مستقل أصابعه بعد أيام قليلة من الجراحة، ووصفوا النتائج بأنها تمثل "نجاحا مدويا، وسيستغرق شفاؤه عدة أشهر، ويتوقع الأطباء أن يستعيد إحساس اللمس في غضون ما بين ستة وتسعة أشهر مع استمرار العلاج لمساعدته في تعلم التقاط الأشياء والإمساك بها، وزراعة يدين هي الجراحة الثانية التي تقوم بها مستشفى بريغهام، وهي مؤسسة فرعية تابعة لكلية الطب بجامعة هارفرد، وتم زرع يدين لأول مرة في فرنسا عام 1998 في حين جرت أول جراحة في الولايات المتحدة بعد ذلك بعام.

لأول مرة في بريطانيا

في سياق متصل من المقرر أن تجري أول عملية زراعة يد، في بريطانيا بعد افتتاح وحدة جديدة لعمليات زراعة اليد في إحدى المستشفيات المتخصصة بهذا النوع من العمليات الجراحية، وقالت صحيفة "ديلي ميرور"، إن 6 متطوعين يجري تقييمهم حالياً من قبل جرّاحين لإجراء عملية زراعة يد، والتي ستكلف الواحدة منها وزارة الصحة 10 آلاف جنيه استرليني، وهي نفس الكلفة تقريباً لعملية زرع الكلى، وأضافت أن جرّاح التجميل البروفسور سايمون كاي، المسؤول عن الوحدة الجديدة لعمليات زراعة اليد في المشفى التعليمي في مدينة ليدز، أكد أن العمل في الوحدة يتقدم بسرعة، لكن اختيار أول المتلقين سيكون معقداً، وأشارت الصحيفة إلى أن البروفسور كاي وزملاءه يعملون حالياً على التعرف على المانحين المحتملين المتوفين سريرياً لكن قلوبهم ما تزال تعمل، والذين من المرجح أن يكونوا من الشباب الذين عانوا من إصابات في حوادث المرور، أو من السكتات الدماغية القاتلة. بحسب يونايتد برس.

وقالت إن البروفسور كاي وزملاءه يقيّمون المرشحين لإجراء عمليات زراعة يد بعناية ويختبرون لياقتهم البدنية والنفسية، بعد أن تقدم 6 منهم حتى الآن لإجراء مثل هذه العمليات، ونقلت عن البروفسور كاي قوله إنه "من المهم مطابقة يد المستفيد بيد الجهة المانحة، لكن من غير الضروري أن تكون من اللون نفسه.

زرع يد بشرية مبتورة

على الصعيد نفسه كان الأطباء قد أجروا هذه العملية في المستشفى اليهودي بمدينة لويزفيل بولاية كنتاكي في يناير/كانون الثاني قبل الماضي على رجل يبلغ من العمر ثمانية وثلاثين عاما، وقد اعتمد الأطباء على ذراع انتزِعت من شخص مات في الثامنة والخمسين من عمره، وزرعوها لشخص يدعى مات سكوت كان قد فقد ذراعه في حادث ألعاب نارية حين كان يبلغ من العمر أربعا وعشرين سنة، ومنذ عام 1964 أصبح الأطباء قادرين على ربط الأعضاء المقطوعة، لكن نقل عضو من شخص ميت إلى آخر حي، يعد تقنية حديثة نسبيا، ووصف أطباء مستشفى كنتاكي في تقرير نشروه في مجلة نيو إنجلند الطبية، العملية الأخيرة بأنها ناجحة، فقد أصبح بإمكان سكوت أن يكتب بيده ويقلّب صفحات الجرائد ويقذف كرة المضرب ويربط خيطي حذائه، كما أن بوسعه تحسس درجات الحرارة، وكان سكوت محروما من القيام بكل هذه الحركات قبل أجراء العملية، وقد استخدم الأطباء الأمريكيون عقاقير مختلفة لإيقاف رفض جسد سكوت لليد المزروعة، وتواجه اليد خطر رفض نظام مناعة جسد مات سكوت لها باعتبارها جسما جديدا وغريبا ولذلك فهو يحاول مهاجمتها. بحسب البي بي سي.

وقد تعرضت بالفعل لمحاولة الرفض ثلاث مرات متفرقة، غير أن العقاقير التي يستخدمها الأطباء لتفادي ردود فعل نظام المناعة، تحمل في طياتها مجموعة من المخاطر، وأكد الدكتور جون جونز رئيس الفريق الذي أجرى العملية، إنه بوسع العقاقير المتوفرة حاليا أن تقاوم رفض جهاز المناعة لليد، وقال إنه بالإمكان النجاح في زرع اليد اعتمادا على ما هو متوفر حاليا من عقاقير مضادة للمناعة، واعتبر أن أكثر المصابين حظوظا في نجاح عملية الزرع، هم أولئك الذين يتناولون عقاقير مضادة للمناعة بسبب مرض يهدد حياتهم.

اليد الآلية

فيما اختار رجل صربي يدعى ميلو بتر يده المصابة للحصول على ذراع آلية يستطيع أن يستخدمها حتى للكم والإمساك بالأشياء، وأجريت لميلو الذي يبلغ السادسة والعشرين عملية تعتبر الثانية من نوعها في العالم، وكان ميلو الذي يعيش في النمسا منذ طفولته قد تعرض لحادث على دراجته النارية أدى إلى إصابة ساقه وكتفه، وقد تم بتر اليد اليمني لميلو، وفور شفاء الجرح سيجري زرع اليد الآلية، ويتولى إجراء العملية الطبيب النمساوي أوسكار أسمان الذي تعاون مع شركة أوتو بوك الألمانية التي تقوم بصناعة الأذرعة الآلية، وقال ميلو ستغير العملية حياتي. أنا أعيش بهذه اليد منذ عشر سنوات، ولا تتحسن، والحل الوحيد هو استبدالها بيد آلية، وقد اتخذ ميلو قراره بعد أن جرب استخدام يد هجينة، أي استخدام يد آلية إلى جانب يده المصابة، وتستقبل اليد الآلية الإشارات من الدماغ كاليد الحقيقة تماما، ويمكن إدارة الرسغ بشكل يدوي باستخدام اليد السليمة.

وأجريت العملية الأولى من هذا النوع لنمساوي يدعى باتريك في الرابعة والعشرين من عمره، وهو الآن يستطيع بيده الآلية أن يفتح بها زجاجة وأن يربط رباط حذائه بنفسه، ويقوم باتريك الآن بتجربة يد جديدة ستمكنه من القيام بحركات إضافية، حيث بها مجسات تمكنها من قراءة إشارات مختلفة في نفس الوقت وهذا يمكن مستخدمها من ليها مثلا، وكل هذا باستخدام نفس الإشارات اللتي يرسلها الدماغ لأي يد سليمة. بحسب البي بي سي.

زراعة لسان

كما تمكن فريق طبي سعودي في مستشفى عسير المركزي جنوب المملكة ولأول مرة من زراعة لسان لمريض مصاب بالسرطان، وقال المشرف العام على المستشفى الدكتور فؤاد عباق في تصريح إنه تم خلال العملية استئصال اللسان وتنظيف الرقبة تماما من الغدد الليمفاوية وعمل جراحة تجميل وزراعة اللسان عن طريق شريحة جلدية تم أخذها من الفخذ وجرى نقل توصيل الشرايين والأوردة من الفخذ إلى اللسان، من جهته أكد استشاري التجميل في المستشفى الدكتور مريع القحطاني أن العملية تكللت بالنجاح بعد جهد كبير من الفريق الطبي الذي قام بالعملية والتي تعد الأولى من نوعها في المنطقة الجنوبية، مشيرا إلى أن المريض (65 عاما) كان يعاني من السرطان وكان لا بد من إجراء العملية. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وكان فريق طبي سعودي تمكن العام الماضي من استئصال ورم سرطاني من حنجرة مريض سعودي (50 عاما) بعد إجراء عملية جراحية استغرقت 15 ساعة.

بعد توقفه لسنوات

من جهة أخرى أثارت حالة المراهقة الإنجليزية، هانا كلارك، فضول العلماء، حيث بعد 14 سنة من عملية زرع قلب إضافي في صدرها للتخفيف عن قلبها المصاب بورم، والتي أجراها الجراح المصري الشهير مجدي يعقوب، تمكن قلبها من شفاء نفسه بنفسه، مما حولها من فتاة عليلة إلى شابة تطمح بأن تعيش حياتها طولاً وعرضاً أسوة بأقرانها، وأفاد بول، والد هانا بأن حالتها مرت بتقلبات غاية في العسر، إذ أنها صنفت بأنها مريضة بورم في القلب، مما دفع يعقوب إلى أن يجري لها عملية فريدة من نوعها، وذلك عبر زرع قلب إضافي في صدرها، تاركاً قلبها الأصلي ليرتاح ويشفى، وذكر بول أن الأطباء اضطروا إلى إعطاء هانا أدوية مضادة للمناعة، وذلك للحيلولة دون أن يفرز جسمها إفرازات تعطل عمل "القلب الجديد"، وهو ما أدى إلى إصابتها بالسرطان، مما دفعها إلى خوض معركة جديدة مع المرض الخبيث، زيادة على حالة قلبها.

أكثر من هذا، بحسب والد هانا، فإن الأدوية المضادة للمناعة لم تعد فعالة، مما هدد حياتها، وهو الأمر الذي دفع مجدي يعقوب، رغم تقاعده، إلى العودة إلى غرفة العلميات وإجراء عملية لإزالة القلب الإضافي، وذلك بناء على نظرية مفادها أنه من الممكن أن يكون قلب هانا الأصلي قد بات قوياً بما فيه الكفاية ليصمد وحده. بحسب السي ان ان.

وذكر يعقوب أنه بعد سنوات من مراقبة قلب هانا، تبين أنه شفي "بطريقة سحرية"، وكأنه لم يكن مصاباً بشيء، مما يشكل ثورة حقيقية في مثل هذه الحالات، وقال يعقوب "كان قلب هانا لا ينبض نهائياً، فوضعنا القلب الجديد كي يضخ الدم عوضاً عنه، والآن نلاحظ أن قلبها الأصلي بات يعمل بصورة طبيعية، وذكرت هانا أنها لم تعد الآن تتناول أي أدوية، وقالت "لقد ظننت بعد إزالة القلب الإضافي بأنني سأظل في المستشفيات، ولكنني الآن حر.

قلب رضيعة

الى ذلك نجح الأطباء الألمان في زراعة قلب لطفلة رضيعة عمرها ستة أشهر، وتجاوزت الطفلة ـ وهي من مدينة روستوك الألمانية ـ آثار العملية التي قام بها فريق طبي من مدينة برلين بنجاح. وقالت المتحدثة باسم مركز القلب الألماني باربارا نيكولاوس، إن الطفلة واسمها مارلا قد تعافت من آثار العملية قبل مرور نحو شهر عليها، بحيث يمكنها الآن أن تنقل إلى عيادة العلاج الطبيعي، مبينة أن مثل هذه الجراحة نادرة الحدوث في حالات الأطفال. وظهرت مارلا برفقة أمها داريانا أمام الرأي العام ، وأضافت نيكولاوس أن الطفلة كانت ولدت في فبراير الماضي بعيب فادح في عضلة القلب أدى إلى ضعفه ضعفاً شديداً، ما جعل توقعات حياة الطفلة لا تتعدى أشهراً عدة، مبينة أن هذا الوضع استدعى مساعدتها بتركيب قلب اصطناعي خلال مايو الماضي. وأوضحت نيكولاوس أن عدداً من الأجهزة الطبية استخدم لدعم دورة القلب الدموية الضعيفة، مشيرة إلى أن الخبر السار جاء بعد أسابيع عدة بوجود قلب من أحد المتبرعين يلائم حالتها، وتم نقله لها إلا أنه لم يذكر عن هذا المتبرع أية معلومات سوى أنه طفل أصغر من مارلا سناً وأنه ليس من الضروري أن يكون في مـثل سنها حال وفاته.

وبينت نيكولاوس أن مارلا لم تتجاوز آثار العملية الجراحية في سن خمسة أشهر فحسب، وإنما استطاع جسمها لحسن الحظ أن يمارس نموه الطبيعي المناسب لعمرها، مشيرة إلى أن السلبية الوحيدة هي أن الطفلة يجب أن تتناول أدوية مثبطة طوال عمرها حتى لا يقوم الجسم بطرد القلب الغريب. وذكرت نيكولاوس أنه على الرغم من ذلك تعد حالة مارلا حالة إيجابية تماماً، حيث إن أصحاب الأمراض الشديدة لا يجدون دائماً العضو الذي يحتاج جسمهم إليه في الوقت المناسب وقد تبرع به أحدهم. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وتقول بيانات مؤسسة زراعة الأعضاء الخيرية في ألمانيا إن نحو 1000 مريض يموتون في ألمانيا سنوياً لأنهم لا يجدون متبرعين بالأعضاء، وكان استطلاع قام به المركز الاتحادي للتنوير الصحي أثبت أن 17٪ من الألمان فقط هم الذين يحملون بطاقة تبرع بالأعضاء حال وفاتهم.

زراعة خلايا القلب

من جهتهم قال باحثون يتطلعون إلى إيجاد سبل لتحويل الخلايا الجذعية إلى أنماط من خلايا القلب يحتاجون إليها إنهم اكتشفوا وسيلة لإيجاد نمط مهم لدى الفئران. فقد اكتشفوا الخلايا التي تؤدي إلى نمو عضلات بطيني القلب، وهما الحجيرتان اللتان تضخان الدم إلى خارج القلب، وقالوا إنهم سيحاولون استخدام هذه المعلومات لتحويل الخلايا الجلدية، أو الدموية العادية، إلى هذا النسيج المهم في القلب. وأوضح الباحثون، أول من أمس، أن الخلايا التي تسمى الأولية، أو المؤسسة كما وصفت في تقرير في دورية «ساينس»، يتعين كذلك أن تؤدي إلى طرق أفضل لدراسة أمراض القلب واختبار الأدوية.

وكتب كينيث تشين، من معهد هارفارد للخلايا الجذعية في ماساتشوستس وزملاء له، «مع التقدم الأخير في جيل الخلايا الجذعية المستحثة ذات القدرات المتعددة، يجب أن يكون ممكناً الآن عزل الخلايا الأولية للقلب الخاصة بالمريض والمرض». والخلايا الجذعية هي الخلايا الرئيسة للجسم، وتؤدي إلى نشوء الخلايا الأخرى «المختلفة» والأنسجة في الجسم، وهي تتكاثر بشكل هائل في المختبرات، وتعيش إلى الأبد تقريباً ما يجعلها أداة قوية. وعندما توجه الخلايا بطريقة صحيحة، يمكن أن تستخدم في تشكيل خلايا نسيج القلب، أو خلايا النسيج العظمي، أو خلايا الدم، أو غيرها من الخلايا. لكن، في أثناء تحولها إلى هذه الأنسجة، فإنها تفقد قدرتها على البقاء والتكاثر. ولذا، يرغب العلماء في الحصول من المرضى على خلايا جذعية جنينية، أو خلايا تشبه الخلايا الجذعية المستحثة، ذات القدرات المتعددة، وزراعتها في المختبر لاستخدامها في البحث والعلاجات الطبية. ولكونها متماثلة، أو متناظرة جينياً إلى حد كبير، سيكون من السهل زراعتها مرة أخرى لدى المرضى. بحسب رويترز.

واستخدم فريق تشين الهندسة الوراثية لتتبع الواسمات الفلورسنتية في خلايا قلوب الفئران، بما يجعل البطين الأيمن يتوهج باللون الأحمر، ثم تمكنوا من إيجاد وعزل الخلايا الأولية في أجنة الفئران التي تعمل على نمو عضلة البطين بشكل خاص، وهي أحد الأنواع العديدة في خلايا عضلات القلب. ثم استخدموا هذه الخلايا لإنماء قطع من الأنسجة، تنبض كما يجب أن تنبض خلايا القلب. وقال الباحثون إنه نظراً إلى تشابه قلوب جميع الثدييات إلى حد كبير، سيكون ممكناً الآن إيجاد نسخ بشرية من هذه الخلايا لدراستها.

رئة صناعية

في حين كشفت دراستان عن تطوير أنسجة رئوية بالمختبرات من شأنها اختبار آثار العقاقير الجديدة عند استخدامها في الزراعات المستقبلية، حيث توجد الرئة الاصطناعية التي تحاكي الرئة البشرية على رقاقة صغيرة، وتسمح بدراسة الأنسجة الحية والكشف عن صحة الرئتين دون الحاجة لإجراء عمليات جراحية للبشر أو الحيوان، وتمكن العلماء من زراعة رئات اصطناعية في المختبر، فيما اعتبر خطوة رائدة في زراعة أنسجة حية ربما يمكن أن تحل يوما ما محل الرئتين المريضتين أو التالفتين.

وبينما قام فريق من العلماء لدى جامعة هارفرد ومستشفى الأطفال في بوسطن بزراعة خزعة من خلايا الرئة والدم في رقاقة صغيرة بالمختبر، قام فريق آخر في جامعة ييل بزراعة أنسجة حية أدت بعض الوظائف التي تقوم بها الرئة الحقيقية من ضمنها مبادلة الأوكسجين بثاني أكسيد الكربون، الرئة الاصطناعية من شأنها اختبارالسموم البيئية ومعرفة آثار العقاقير الجديدة والقيام بوظيفة الرئة الحقيقية ومساعدة الحيوانات على التنفس وإمداد دمها بالأوكسجين، وقد أشارت صحيفة ذي غارديان البريطانية إلى أن الدراستين نشرتا في دورية ساينس، لكنها أوضحت أن دراسة جامعة هارفرد ستوظف على الغالب لمعرفة كيفية عمل وأداء الأنسجة الحية في الرئيتين دون الحاجة لإحداث عمليات جراحية بجسم الإنسان أو الحيوان. بحسب أسوشيتد برس.

وبينما يمكن استخدام الرئة الاصطناعية الصغيرة المكونة من أنسجة بشرية ومواد صناعية كأداة اختبار للسموم البيئية أو معرفة آثار العقاقير الجديدة، فإنه يمكنها القيام بوظيفة الرئة الحقيقية ومساعدة الإنسان والحيوان على التنفس وإمداد الدم بالأوكسجين المتجدد، من جانبه قال الدكتور دونالد إنغبار المشرف على فريق الدراسة بجامعة هارفرد إن دراسة "أعضاء على رقاقات" يمكن أن تحل محل الكثير من الدراسات، بينما ذكرت الدكتورة لورا نيكسلون من جامعة ييل أن "هذه خطوة مبكرة في تجديد الخلايا لرئات كاملة لحيوانات أكبر حجما وللإنسان نهاية المطاف"، وتبرز الدراستان -اللتان نشرتا البارحة- أوجه التقدم في تصنيع الأنسجة والتي يمزج فيها الباحثون بين مواد صناعية وخلايا بشرية بهدف أن تؤدي الوظائف التي تقوم بها الأعضاء الطبيعية.

مصنع للأنسجة البشرية

على صعيد مختلف يعد إنتاج جلد الإنسان على خط التجميع بمثابة نهضة جديدة في ميدان الطب، إذ أنه سيفتح أبواب الأمل أمام مرضى سرطان الجلد وضحايا الحروق، إذ إن المحاولات الرامية إلى إنتاج أنسجة اصطناعية قريبة إلى الجلد البشري في المختبر، لم يحالفها حتى الآن إلا قدر ضئيل من النجاح. كما أن التجارب الخاصة بتصميم وإنتاج الأنسجة الطبيعية من الخلايا الحية، عبر ما يسمى بـ "هندسة الأنسجة" تستغرق الكثير من الوقت وتتطلب عملا مكثفا في المختبرات. وكما تقول البروفيسورة هايكه فاليس من معهد فراونهوفر للهندسة والتكنولوجيا البينية، فإن ما سبب لها الانزعاج لفترة طويلة هو "أننا لم نتقدم على النحو الصحيح لافتقارنا إلى التكنولوجيا المناسبة، بحيث اضطررنا إلى إنجاز كل شيء يدويا، وهذا من شأنه أن يجعل المنتجات في نهاية المطاف باهظة الثمن والنوعية ليست جيدة بما فيه الكفاية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن وقتا طويلا جدا يمر قبل الوصول إلى مرحلة التطبيق والاستخدام في المجال الطبي، ومن هنا نشأت فكرة تطوير نموذج لإنتاج الأنسجة بشكل صناعي، وعملت فاليس على مدى ثلاث سنوات مع فريق من العلماء والمهندسين لتنفيذ الفكرة، وقد تكللت تلك الجهود بالنجاح. ومنذ أبريل من عام 2011  ينتج "مصنع الأنسجة البشرية" قطع أنسجة تعادل جلد الإنسان يبلغ حجمها حجم طابع البريد، ويتم ذلك بطريقة آلية بالكامل في سابقة أولى من نوعها، وبسرعة وجودة عاليتين وبأسعار معقولة وثابتة. أما من حيث الكمية المنتجة فيمكن إنتاج 5 آلاف وحدة شهريا. وكما تقول فاليس فإن ذلك العمل "كان بالفعل عملا رائدا، وقد أثبتنا للمرة الأولى، توفر الإمكانية لتحقيق تلك الخطوة. وفي الوقت الراهن نعمل على إنتاج نماذج جلد مكونة من طبقتين، وإذا ما سار كل شيء حسب الخطة الموضوعة، فسيصبح من الممكن اعتبارا من عام 2012 إنتاج الجلد البشري بكامل سمكه، وهذا يعني الجلد وطبقات الأنسجة العليا والسفلى وكل ذلك بطريقة آلية." وفي العامين المقبلين سيتم تطوير التكنولوجيا بحيث يمكن إنتاج أنسجة أخرى كأنسجة الغضروف على سبيل المثال، نشأت هندسة الأنسجة في الأصل عبر المحاولات الهادفة لاستزراع الأنسجة والأعضاء البشرية المختلفة من خلايا المرضى المحتاجين إلى زراعة عضو ما. وجاءت الأبحاث في هذا المجال إلى ندرة الأعضاء البديلة، ويتم هنا الاعتماد على التكنولوجيات الرئيسية في الطب التجديدي بالاستناد على تطبيق المعارف والأساليب المستخلصة من مختلف مجالات العلوم كعلم الأحياء والكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية والطب والهندسة والعلوم المادية.، وبحسب فاليس فإن "من المهم على المدى الطويل توفير الأنسجة المناسبة لإجراء التجارب على سبيل المثال لاختبار الأدوية الجديدة أو مستحضرات التجميل الجديدة، الأمر الذي سيلغي الحاجة إلى إجراء التجارب على الحيوانات، وهذا الأمر لا يعتبر  على قدر كبير من الأهمية لتوفيره الحماية للحيوانات، وإنما أيضا لأن "التجارب عبر استخدام هذه النماذج، تعطي نتائج أكثر دقة. وإذا ما اتخذنا من نماذج الجلد البشري مثالا، فالتجارب ستجرى على نموذج  عن جلد الإنسان وليس على جلد الحيوان. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

إلا أن فاليس وضعت أهداف جديدة نصب عينيها، وهي استزراع الأورام الجلدية على نماذج الجلد الاصطناعي، وذلك بهدف الحصول على معلومات أكبر حول نشوء سرطان الجلد وابتكار طرق جديدة للعلاج. ولا يزال أمام فريق الباحثين في معهد IGB الكثير من العمل، على سبيل المثال في مجال ابتكار نظم مركبة من الجلد والعظام والقولون والكبد والكلى، من أجل مراقبة انتشار الأورام مثلا، أو أيضا مراقبة امتصاص وتوزيع العقاقير في الجسم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/كانون الثاني/2012 - 23صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م