أمنيات عراقية: منع الرجل من قيادة السيارة وحصرها بالمرأة!

عصام حاكم

 

شبكة النبأ: ما أن يتردد أسم السياقة حتى يتبادر الى ذهنك رغبة ملحة وحاجة ماسة للوقوف على اعتاب تلك القواعد العامة، التي طالما سمعنا بها ولم نلسمها من ذي قبل كالفن والذوق والاحترام، وهي بمثابة القاعدة الام التي تستند عليها او تنطلق منها مهنة السياقة، كي تقيها من خطر الاصابة بالاعراض التي كانت تتوعدها، لاسيما وهي تأتي متزامنة مع دخول وافد جديد، الا وهو العنصر النسائي، لتكون امام تحدي حقيقي لمقاييس الوعي المجتمعي السائد، الذي اعطى لمهنة السياقة عنوان تندرها على ان تكون حكرا على الرجال، هذا مما افرز مساحة من التساولات عن مدى تقبل المجتمع لهذه التجربة، وهل هناك ثمة اشكالات او ممارسات يمكن ان تواجهها النساء اثناء السياقة، واليكم ما اورده بعض المواطنيين عن هذه التجربه الجديدة على واقعنا العراقي.

حذام طاهر يوسف اعلامية وهي تتسائل بحذر شديد: ماذا لو كانت شوارع بغداد المزدحمة بالسيارات... ماذا لوكانت مزدحمة بسيارات تقودها النساء فقط؟

وتتابع، ما رأيكم لنتخيل فقط بأن السيارات على نفس هذه الازدحامات واختناق السيارات لكن السائقين هم فقط من النساء. وتضيف، لا تستعجلوا التعليق فقط تخيلوا الشارع كيف سيكون؟ أتوقع سيكون هادئ، او على الاقل أهدأ ولا نسمع أصوات منبه السيارة بشكل يدعو الى النرفزة. وسيكون الشارع جميل بمنظر نساءنا الجميل فكل واحدة ستكون بزي ولون شعر يختلف عن الاخريات...

وتعلق ايضا: سيكون الصباح جميل وانت تبدأه بهذه الوجوه الهادئة والمطمئنة ولن يكون هناك زخم على محطات البنزين.. وحتى نقاط السيطرة ستتعامل بهدوء وأدب جم مع صاحبات السيارات،

وتضيف طاهر متساءلة: ستقولون اذن السيارات تقودها النساء.. فقط فكيف سيذهب الرجال الى أماكن عملهم.. سأقول لكم.. كل يذهب مع من تعنيه من النساء.. ماهي المشكلة؟ فقط جربوا ولن تخسروا شيئا وفي هذه التجربة عدة فوائد، اولها ستكون المراة أكثر حذرا في الشارع وأكثر هدوء وهي تسوق (ربما ستكون خائفة) لابأس، لكن المهم هي غير متسرعة في سياقتها، ولاتنافس من على الجانبين وهذا سيؤدي الى قلة حوادث السيارات، التي تقول آخر التقارير أنها اكثر عددا نسبة الى الحوادث الاخرى.

وتردف قائلة: سيكون لك مجال للانتباه الى روعة ملامح زوجتك او حبيبتك والتي كنت غافلا عنها كل هذه المدة وبالتالي ستستعيد أيام غزلك لها وهذا ما سيوطد العلاقة بينكم.
وستمنحك هذه الفرصة أن تتشطر عليها بأن تكون المرشد لها في حالة لم تستدل على الطريق المطلوب وهذا سيزيدك نشوة واعتداد بنفسك.

وتضيف: ان عدد المخالفات المحررة من قبل رجال المرور ستكون أقل بالتأكيد، وهذا ما سيجعل رجال المرور ممنونين منك على هذه الالتفاتة الكريمة من لدنك.

وتعلق طاهر قائلة: ربما ستتسائلون مالذي جعلك تفكرين بهذا الموضوع ؟ سأقول لكم.. قبل أيام وأنا في طريقي الى عملي في الكرادة اوقفت تاكسي ليقلني الى مكان عملي وكان رجل كبير في السن لكنه (مراهق) كسائق.. لقد اخذ الطريق كله يضغط على منبه السيارة وبدون مبرر أذ خط السيارات كله متوقف ولم يكن احد يقصده هو بهذا الازحام، لكنه مع ذلك ضغط وبغضب على منبه السيارة لينبه من في المقدمة ان تحركوا وكأنهم مستمتعين بهذا الازحام والانتظار الممل.. على كل لن أطيل عليكم حصل عطل في سيارته ولم يكن يستطع ان يوقف سيارته بسهولة فطلب مني النزول اذ انه لن يجازف بسيارته التي ربما ستصطدم بمن امامه فحمدت الله (ليس لعطل سيارته اكيد) ولكن لاني خلصت منه دون ان اكلف نفسي واتذمر من منبه سيارته...

وتستدرك قائلة: هل أبتعدت عن الموضوع ؟ أعتذر.. المهم نزلت من السيارة لاوقف سيارة أخرى واكمل طريقي الى العمل فقد تأخرت فعلا.. وفي هذه الاثناء وقفت بجانبي سيارة صغيرة تقودها أمرأة جميلة وأنيقة بطريقة هادئة ودون مبالغة وسألتني الى أين تذهبين ترددت لحظة وقلت كرادة داخل،فاجابتني (على طريقي أصعدي) صعدت الى السيارة واخترقت انفي رائحة عطر جميلة جدا وهادئة بحيث حال صعودي أحسست بشعور جميل، وعطر السيارة أيضا منحني شيء من الراحة..

وتضيف: أضافة الى ادبها وذوقها الرفيع بالسياقة فأخذت أراقبها وهي ممسكة بالمقود وتلفه للدوران برشاقة لايفعلها أي من الرجال.. بصراحة وهذا ليس تحيز لبنات جنسي.. لكنها فعلا كانت تسوق برشاقة ولم تستخدم المنبه نهائيا وحتى شرطي المرور كان يدعونا للمرور وأبتسامة جميلة مرسومة على وجه.. فهل هناك احلى من هكذا صباح؟ بصراحة هل تخيلتم؟

نوال اليوسف اعلامية من المملكة العربية السعودية، حدثتنا عبر الماسنجر قائلة: على ما اظن بان المجتمع العراقي اليوم هو اكثر وعيا وتحضرا من المجتمعات الاخرى وخصوصا بالنسبة الى الدول المجاورة الى العراق ففي المملكة العربية السعودية على سبيل المثال هناك اجماع حكومي على عدم سياقة المرأة للسيارة، وعلى ما اظن بأن الوعي الشعبي ايضا من الداعمين لهذا القرار

وتضيف اليوسف: في اعتقادي باني هذا التوجه هو نوع من انواع التمييز العنصري والاضطهاد ضد المرأة، فليس هناك ثمة مانع او مسوغ حقيقي يمنع المرأة عن ممارسة السياقة، على الرغم من أن التقرير العلمية تشير الى حقيقة كون المرأة اشد حذرا من الرجال وهي متانية في السياقة مما يجعل من انسيابية السير منتظمة.

اما رشيد فليح فهو يذهب بالقول بأن الشارع العراقي ربما يتقبل هذه الفكرة، الا ان اغلب السواق هم من فصيلة الشباب، هذا مما يجعلها عرضة للمضايقة او التحرش عن طريق اطلاق الكلمات او النظرات.

ويقول فليح: ربما هناك بعض الصبية المتطفلين ينحدرون الى ممارسة نوع خطير من المضايقة اثناء السير وذلك بدوافع شبابية طائشة وليست بدوافع عدائية، حيث يعتبرون مهنة السياقة مهنة خشنة وتقبل التحدي والمخاطرة، وهذا حسب اعتقادهم لا يتناسب مع طبيعة المرأة الشفافة..

ويضيف: ما جعل عتقادي يصاب بخيبة امل وخسران، انني زرت بلدان عدة، ووجدت الكثير من النساء يمارسن مهمة السياقة وفق الشروط والضوابط المرورية، وهي تخضع لنفس القانون وليس هناك من تمييز بين الرجال والنساء بقدر ما يتعلق الامر بآلية أحترام النظام.

سليم كاظم سائق قديم ويرى بوجود المرأة في مجال السياقة معنى من معاني الحضارة، اذ لا يمكن حرمان نصف المجتمع من ممارسة حقها المشروع، وليس هناك من ضرر اذا كانت المرأة تعرف السياقة، فلربما تقتضي ساعة من الساعات الحرجة الى ان نعض اصبع الندم على كون المرأة لا تعرف سياقة السيارة فيقول في هذا الصدد: عندما يتعرض رب الاسرة او احد افراد تلك الاسره الى حادث عند منتصف الليل وليس هناك من احد يسعفه وقد تتطلب حالته الذهاب الى المستشفى فالاجدى ان تكون المرأة على اطلاع كامل بالسياقة ليتسنى لها ممارسة دورها الاعتيادي في قيادة السيارة الى المستشفى.

ويردف قائلا: واذا كان العكس فربما تنتهي حياة ذلك الرجل او يتعرض الى تفاقم حالته الصحية، فيجب على الجميع ان يعمل على توفير الاجواء المناسبة والمناخات الطيبة من اجل السعي الى تثقيف الشعب او المجتمع بضرورة التفهم لهذا الحالة، بعيدا عن الثقافات البدائية التي كانت تنظر للمرأة على انها شىء لا يذكر وهي ليست قادرة على تحمل بعض الصعاب.

اما محطتنا التالية فكانت مع احد رجال المرور، وهو يرى ان السياقة معنى من معاني العصر وهي كالسباحة في اوقات ما فعندما تكون في وسط البحر ولا تعرف السباحة ستتعرض حياتك الى الموت وهكذا الحال بالنسبة الى السياقة فهي ضرورية جدا في السياقات الحياتية..

ويقول في هذا الصدد: ليس هناك من مانع من ان تمارس المرأة سياقة السيارة، وهناك امثلة في واقعنا العراقي، حيث وجدت في الشارع نساء يعملن كسائقات اجرة، وهن يساعدن عوائلهن وازواجهن.

ويستدرك ايضا فيقول: ولكن ربما تتعرض المرأة اثناء السياقة الى بعض التصرفات الصبيانية من بعض السواق، وذلك عائد للثقافة المتخلفة التي ترسخت في اذهان بعض الناس، على ان المرأة ضعيفة، وهذه معلومة تفتقر الى الدقة خصوصا وانى اتابع شخصيا عملية انتظام المرور، فلم اجدها الا اكثر اتزانا واكثر حذرا وحرصا وامتثالا من الرجال.

ويضيف: لم يتسنى لي ان شاهدت امرأة تسير عكس السير، ولم اسجل مخالفة واحدة ضد أي أمرأة لانهن في مقاييس الانظباط المروري في اعلى مستوياته، وربما اعلى من الرجال وهذه نقطة قد تسجل لصالح النساء في كل العالم وليس على مستوى العراق فقط.

اما محطتنا الاخيرة فكانت مع حسن هادي وهو استاذ مادة التربية الرياضية فيقول في تعليق على الموضوع: ثمة اراء ساذجة قد يطرحها المجتمع وهي غير ذات قيمة او جدوى بل ربما تكون ارتجالية ولا تعتمد على افق عالي، وهذا قد يبدد الرايء القائل بان المجتمع قد اجمع على ذلك الرايء.

ويضيف: اني انظر للمجتمع كما انظر للفرد، فان رأيه يحتمل الصواب والخطأ وكذلك هو المجتمع، فليس كل ما يرفضه المجتمع هو خاطىء، وهذا قد يقودنا الى معنى ذلك الاستطلاع وما هي نظرة المجتمع الى المرأة التي تمارس دور قيادة السيارة، وهذا بتصوري كمن يسأل عن جدوى القراءة او الكتابه او ممارسة شهوة الاكل او الشرب.

ويردف هادي معقبا: المرأة هي كائن اجتماعي كما هو الرجل، فكل ما يصلح للرجل يصلح للمرأة، الا ان المجتمعات المريضة والمتخلفة قد تصور ذلك الحال بخلاف الواقع الصحيح، ونحن غير معنيين بالتصورات المغلوطة التي تستنبط من وحي مدلولات العهود الماضية التي كانت تصف المرأة بالنكرة.

ويضيف ايضا: هذا خلاف الواقع المعاش فالمرأة اليوم تجسد كل المجتمع، فهي الام والاب وهي المربية وهي المعلمة حيث اخذت كل ادوار الرجل وخصوصا في العراق، لذا كان يجب ان نقف سدا منيعا امام كل التخرصات التي تجهض احلام المرأة في العمل ومنها دورها في قيادة السيارة، فهذا حق طبيعي ومشروع وهو ابسط واقل من تطلعات المرأة العراقية المجاهدة....

ومن هنا قد تبدو تلك الاراء في حالة سباق واعد نحو خط النهاية وهي تملي على نفسها ضرورة التسامي على القيم البالية، من اجل صنع الحياة باطار جديد من خلال استبعاد دورة التهميش للمكون الاساس في الحياة الا وهي المرأة.

فقد كانت وما زالت النساء تقدم الدليل تلو الاخر، على مدى قدرتها وصبرها وحكمتها غير المحدودة في صنع الحياة، وهي شاهد حي على صدق تلك التوقعات، ولربما كانت مهمة السياقة بالنسبة للمرأة من ابسط مقومات ذلك الشعور الذي حصد العديد من الاوسمة والانواط لمواقفها التي تكاد ان تهز الجبال.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 29/كانون الأول/2011 - 4/صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م