الدعارة... تجارة تتجاوز الأعراف وتتخطى الإنسانية

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: صار الاتجار بالجنس وممارسة البغاء والدعارة من حالات فردية ضمن حدود مكانية ضيقة إلى تجارة واسعة النطاق، تدار من قبل شبكات عالمية "مافي، عصابات، مؤسسات حكومية، جماعات متطرفة...الخ" تمتد في اغلب دول العالم، بل وأصبح من الصعب الكشف عن هذه التنظيمات دون الاستعانة بجهود دولية مشتركة.

وفي هذا السياق تعاني الآلاف من النساء اللاتي اجبرن على ممارسة البغاء، من ظروف صحية سيئة ومعاملة لا تمت للإنسانية بصلة بعد أن أصبحت المرأة مجرد سلعة مادية، في حين تحول الأمر -لدى البعض منهن- إلى مهنة تدر النقود وتوفر فرصة للعمل، حتى وان كان الثمن هو بيع الجسد.

بطلة تنقذ شابات البغاء

فهي أشبه بمتقاعدة خجولة في الثانية والستين من عمره، لكن أنورادا كوارالا تتمتع بصفات البطلة الحقيقية بالنسبة إلى آلاف النيباليات اللواتي أنقذتهن من العبودية الجنسية، فقبل 18 عاما تركت أنورادا كوارالا مهنة التدريس كي تتفرغ لتجار الجنس الذين يستدرجون نساء وأطفالا إلى بيوت بغاء هندية حيث غالبا ما يتعرضون للاغتصاب وللمضايقات ويتركون من دون طعام، ومن إنشاء ملجأ لهؤلاء الضحايا في العاصمة النيبالية كاتماندو وصولا إلى الحملات الجريئة على بيوت البغاء في بومباي، تقول هذه المرأة انها قدمت العون إلى أكثر من 10 آلاف ضحية، وتشدد في ردها "أحلم في اليوم الذي لا أضطر فيه إلى الاهتمام ولا بضحية واحدة، هدفي أن يوضع حد للاتجار بالأشخاص بهدف الاستغلال الجنسي"، فسنويا تقع نحو 12 ألف نيبالية ضحية الاتجار الجنسي، بحسب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهؤلاء الشابات غالبا ما يسقطن في دوامة البطالة وعدم الاستقرار بالإضافة إلى وقوعهن ضحايا للتمييز الجنسي ولما خلفته الحرب الأهلية الطويلة التي استمرت 10 سنوات في وجه الثوار الماويين.

ويقدر البعض عدد النساء اللواتي يقعن في فخ هذه التجارة المربحة بـ200 ألف امرأة، وبحسب المنظمات غير الحكومية التي تتخذ من بومباي مقرا لها، نحو 40% من المومسات اللواتي تمكن من الهرب من بيوت البغاء في المدينة كن نيباليات.في العام 1993، أنشأت أنورادا كوارالا جمعية خيرية أطلق عليها اسم "مايتي نيبال" (بيت الأم في اللغة النيبالية)، وفي آب/أغسطس 1999، عرضت حياتها للخطر عندما قصدت أحد الشوارع المشهورة في بومباي حيث غالبية القاصرات النيباليات اللواتي وقعن تحت سيطرة مالكي بيوت البغاء واضطررن لبيع أجسادهن لرجال أعمال والأجانب الذي يقصدون البلاد من أجل السياحة الجنسية بالإضافة إلى السكان المحليين، وفي كاماتيبورا "الحي الأحمر" في كاتماندو، انتحلت هذه الناشطة شخصية إحدى المعجبات بالنائب سونيل دات المعروف بعمله الاجتماعي إلى جانب المومسات، لكن أمرها كشف وباءت مهتمها بالفشل. بحسب فرانس برس.

وتستعيد تلك الحادثة فتروي "أصبح أصحاب بيوت البغاء وشركاؤهم عنيفين، وراحوا يرموننا بالأحذية وبأدوات المطبخ، غالبية الشابات كن قاصرات، بعضهن بالكاد كن يبلغن الـ12 من عمرهن وكن محتجزات في أماكن حيث كن يتمكن بالكاد من استنشاق الهواء"، أما مهمتها اليوم فقد توسعت لتبلغ المناطق الريفية القريبة من كاتماندو حيث الإتجار الجنسي ينتشر بشكل كبير، فرجال شباب أو في متوسط العمر يتزوجون من شابات فقيرات من القرى ليبيعون زوجاتهم الجديدات إلى بيوت بغاء في الهند بعدما يضعون مخدرا في شرابهن خلال السفر، وتقول كوارالا "فيجدن أنفسهن في مكان مجهول حيث يتحدث الموجودون لغة غريبة، وتبدأ من هذه اللحظة حياتهن البائسة"، اما الشابة في السادسة عشرة من عمرها تفضل عدم الكشف عن هويتها كانت تستغل من قبل رجل في الثانية والعشرين من عمره وعدها بتأمين وظيفة لها في بومباي، فتروي "إذا ما كنت أرفض ممارسة الجنس مع الرجال، كانوا يحرمونني من الطعام ويعذبونني لساعات"، وعاشت هذه المراهقة جحيما على مدى عشرة أشهر قبل أن يتم إنقاذها خلال حملة على بيت للبغاء شنتها "مايتي نيبال" إلى جانب رجال من الشرطة.

هذه المراهقة التي لا تعلم ماذا حل بأهلها، تتابع دراستها اليوم في مدرسة تديرها الجمعية، وهي تعتبر كوارالا "منقذتها"، فتقول "لم أكن أظن بأنني سأتخلص من الجحيم، أنا أدين لها بحياتي الجديدة، وهي اليوم بمثابة أم لي"، و"مايتي نيبال" التي تحظى اليوم بدعم شخصيات عدة من أمثال الممثلة الأميركية ديمي مور، كانت قد جذبت أنظار الإعلام إليها في العام 1998 خلال زيارة قام بها الأمير تشارلز وريث عرش بريطانيا الذي تبرع للجمعية بمبلغ تخطى 100 ألف دولار جمعه من بيع لوحات له، وتدير الجمعية اليوم ملجأ ومدرسة بالإضافة إلى "مراكز مراقبة" للاتجار البشري على طول الحدود الهندية النيبالية.

ضبط شبكة دعارة في بيرو

الى ذلك تمكنت الشرطة البيروفية من إنقاذ 244 امرأة، بينهن 10 فتيات قاصرات، كن يجبرن على العمل في الدعارة القسرية في مخيم معزول لتعدين الذهب في البلاد، وفي غارة على المكان، عثرت السلطات على فتاة عمرها 13 عاما في مخيمات بغاء، وفقا لمساعد وزير الأمن البيروفي لويس ألبرتو أوتارول، وقال أوتارولا "لقد شهدت شخصيا على الحالة التي كانت فيها الفتاة، كن يجبرن جميعا على ممارسات قاسية من الاستغلال الجنسي"، وقد ألقي القبض على أربعة رجال، وتم توجيه اتهامات لهم تتعلق بالاتجار بالبشر والبغاء القسري، بينما قال مسؤولون إن السلطات ضبطت شاحنة محملة ببضائع مهربة في ذات الغارة، وتعتبر الدعارة غير قانونية للنساء فوق سن 18 عاما في بيرو، وتحقق السلطات في ما إذا كان أكثر من 10 فتيات قاصرات كن من بين مئات وجدن أثناء الغارة، بسبب أن منهن من يكذبن في البداية بشأن عمرهن، ويدفع الفقر المتجذر في أدغال الأمازون النائية، حيث وقعت الغارة، العديد من النساء والفتيات، إلى العمل في بيوت الدعارة في تلك المناطق، وفقا لجمعية خيرية لإنقاذ الطفولة مقرها الولايات المتحدة. بحسب سي ان ان.

وقالت تيريزا كاربيو، مديرة صندوق إنقاذ الطفولة في بيرو "صحيح إن بعضهن لا يريد ترك البغاء، لأنهن ولأول مرة في حياتهن يحصلن على المال، فخارج بيوت الدعارة، يشترين الثياب والمكياج، وهي أشياء لم يكن يستطعن شراءها من قبل"، وقالت إن النساء غالبا ما يرسلن الأموال التي يحصلن عليها إلى أسرهن، لافتة إلى أن "المافيات" تسيطر على مخيمات البغاء تلك، ودعارة الأطفال جريمة عقوبتها من خمس إلى 12 سنة في السجن، وفقا لوزارة الخارجية الأميركية التي نشرت تقريرا حول حقوق الإنسان في بيرو، والذي أشار إلى أن ذلك البلد كان "مقصدا للسياحة الجنسية للأطفال، خصوصا في منطقتي كوسكو وإكيتوس".

كنيسة تحولت لبيت دعارة

في سياق متصل اتهمت السلطات في مدينة فينيكس بولاية أريزونا الأمريكية، كنيسة محلية بأنها بيت للدعارة، وأعلنت أن التحقيقات التي استمرت لمدة ستة اشهر أسفرت عن اعتقال 20 من النساء والرجال العاملين هناك، وقالت السلطات إنها ما تزال تبحث عن 17 شخصا آخرين، تم توجيه الاتهام لكل منهم، وفقا لما أكده ستيف مارتوس، المتحدث باسم شرطة فينيكس، والذي أشار إلى أن 20 شخصا اعتقلوا حتى الآن في تهم تتعلق بالدعارة، وخلال عملية تفتيش لكنيسة فينيكس واثنين من المواقع ذات الصلة بها في منطقة سيدونا القريبة، ضبطت الشرطة أدلة تثبت أن "الذكور والإناث العاملين في المعبد كانوا يقومون بأفعال جنسية في مقابل هبات نقدية، بحجة ممارسة طقوس التانترا العلاجية"، وأبلغ مارتوس بأن "بيت الدعارة المزعوم كان يدر عشرات الآلاف من الدولارات شهريا"، مضيفا أن "شكاوى الجيران كانت من بين العوامل التي دفعت السلطات إلى إجراء تحقيقات سرية". بحسب سي ان ان.

وقال مارتوس "ما هو غير عادي هو أنهم كانوا يحاولون التستر وراء الدين أو الكنيسة، وتحت ستار الحرية الدينية، غير أنهم بالفعل ارتكبوا أعمال الدعارة"، وأضاف "بالتأكيد نحن نحترم التعديل الأول من الدستور، ولكن الحرية الدينية لا تسمح بالأعمال الإجرامية،" لافتا إلى أن موقع الكنيسة الإلكتروني كان "يتحدث عن الدين فيما يبدو، إلا أن هناك تلميحا إلى أنهم يقدمون العلاج الجنسي"، ويقول موقع الكنيسة الذي يحمل صورة لامرأة عارية، "الجنس مقدس، والقوة الإلهية المقدسة الباعثة على الشفاء موجودة في الصميم، وبمجرد أن يعتنق إخواننا هذه القوة بدلا من إنكارها، فعندئذ تصبح ناجحة، ونتحول نحن إلى أقوياء وناجحين"، وقالت الشرطة إنه تم القبض على امرأة يعتقد أنها كانت تدير العمل، وتدعى تريسي إيليز، وهي في الخمسينيات من عمرها، ووجهت إليه تهمة البغاء غير القانوني، والقوادة، وإنشاء منزل للدعارة.

الجبر على البغاء

من جهتها وفي بعض القرى الهندية، ترسل الأسر فتياتهن لممارسة الدعارة، وهو تقليد بدأ بالتزام ديني في الماضي، لكنه الآن أصبح من أجل المال، وهو سلوك تحاول المنظمات القضاء عليه.ومثل هذه القصص شائعة في مقاطعة باراتبور بولاية راجستان في غرب الهند، حيث تباع الفتيات إلى بيوت الدعارة بمجرد أن يصلن سن البلوغ، ويحتفل السكان المحليين بطقوس البلوغ بحفل اسمه "ناثني أوتارنا،" والذي يترجم إلى "خلع حلقة الأنف،" في إشارة إلى أن الفتاة أصبحت مستعدة لإرسالها إلى تجارة الجنس، وتقول منظمة "بلان إنديا،" وهي مؤسسة خيرية تعمل في القرية للقضاء على تلك التقاليد، إن هذه الاحتفالات كانت شائعة في السابق، ولكن الآن أصبح من الصعب العثور على أسرة تعترف بأنها أقامت أحد تلك الطقوس. بحسب سي ان ان.

ويقول النجم السينمائي الهندي أنيل كابور، باعتباره راعيا للمنظمة إن "هناك الكثير من النساء اللواتي أعيد تأهيلهن يعملن جاهدات على ضمان أن لا يزج بالفتيات من أسرهن في تلك الممارسة، إنها خطوة صغيرة، ولكنها في الاتجاه الصحيح"، وحيث تشق الطفلة بوجا طريقها، بين فتيات يدفعن في كثير من الأحيان إلى تجارة الجنس من قبل الآباء والأشقاء، الذين لا يرون بأسا في تلك الممارسة، ويقول الرجال في تلك القرية إن إرسال بناتهم وشقيقاتهم إلى الدعارة، تقاليد تم تناقلها عبر الأجيال، وبدأت مع ثقافة "ديفداسي،" التي تعني "خدمة الإله،" حيث تكرس الفتيات أنفسهن للعمل في الجنس باسم الدين، وفي البداية، كانت الفتيات يخدمن رجال الطبقة العليا في المجتمع المحلي، ويضطلعن بمهمة الترفيه عن الأمراء وكبار الملاك، عبر الغناء والرقص، وتدريجيا، مهد هذا الأمر الطريق نحو حياة الدعارة، وكثير من النساء، مثل بريا والدة بوجا، وجدن أنفسهن في نهاية المطاف، في مناطق الدعارة من المدن الكبرى في الهند.

وفي مناطق تعيش معاناة مع الفقر المدقع، فإن ارسال البنات إلى تجارة الجنس ينظر اليه باعتباره وسيلة للآباء للتخلص من أعباء الأطفال، وطريقة سريعة ومربحة لجني المال، وتقول مومس سابقة إنها كانت تكسب 20 دولارا ليوم عمل في منطقة للدعارة في العاصمة نيودلهي، وهو مبلغ كبير من المال بالنسبة لعائلات تعيش على أقل من دولار واحد يومي، وكانت والدة بوجا، بريا، تعمل في بيت للدعارة في نيودلهي، وتعيش هناك لبضعة أشهر، وتكسب مبالغ سخية، ثم تعود إلى قريتها لبضعة أسابيع لقضاء بعض الوقت مع عائلته، وتقول إنها لا تزال تعمل كمومس لأنها لا تريد لبناتها أن يصبحن مثلها، مضيفة "ماذا فعلنا؟، نحن لا نريد لأبنائنا أن يفعلوا ذلك، ينبغي ألا يحدث ذلك لأي إنسان".

تحقيق في الجزائر

من جهة اخرى فتحت السلطات الجزائرية تحقيقا موسعا حول تورط بعض الشباب الذين يحملون جنسيات عربية مختلفة في خداع فتيات جزائريات بوهم الزواج لاستغلالهن في أعمال الدعارة بدول بسوريا ولبنان ودول الخليج، وقالت صحيفة "الشروق" الجزائرية نقلا عن مصدر قضائي إن خيوط القضية بدأت بعد أن قام الأمن الوطني بفتح تحقيق موسع مع لبناني لديه شركة في الجزائر العاصمة ويعمل كشريك في إحدى المؤسسات الهامة على خلفية إيهام الكثير من الفتيات الجزائريات بالزواج وتسفيرهن لسوريا ثم لبنان من خلال وثائق مزورة ومحاولة استغلالهن في الدعارة بالخارج، وكانت إحدى ضحاياه فتاة تبلغ من العمر 25 سنة تقطن بالبليدة، التحقت السنة الماضية بمؤسسة أجنبية في الصحراء وتعرفت على الشاب اللبناني وعرض عليها فيما بعد الزواج واشترط عليها التنقل لسوريا قبل لبنان وأن تكون محجبة واستغل الرعية الأجنبي ظروف الفتاة الجزائرية التي تعيش فيها ليكون الزواج بحضور بعض الأصدقاء فقط تفاديا للشبهات.

وسافرت الضحية بصحبته الى سورية وتنقل بعدها معها للبنان حيث أقامت بصحبة مجموعة من النساء أوهمها أنهن أهله، وبعد مرور شهور اكتشفت الفتاة الجزائرية أنها وقعت ضحية وأن زواجها غير مثبت في وثائق رسمية وكان الشاب اللبناني يريد توظيفها في شبكة دعارة مستغلا جمالها وشبابه، واكتشفت الفناة أن اللبناني متزوج وأب لأطفال، وبعد أن اتصلت الضحية ببعض أقاربها وأعطت معلومات عنه خاف وأوصلها لمطار بيروت حيث ودعها وقطع علاقته بها بعد أن أوهمها أن زواجهما شرعي، وتبين من خلال عدد من الضحايا الجزائريات اللواتي التحقن بالعمل في شركات أجنبية بترولية وشركات مقاولة في الجنوب الجزائري، أن بعض الأجانب يوهمون هؤلاء الموظفات بالزواج ويربطون معهن علاقات غير شرعية ثم يتم نقلهن لسوريا ومن ثم الى لبنان ودول خليجية أخرى لاستغلالهن في شبكات دعارة دولية، وتجري أجهزة الأمن حاليا تحريات حول بعض الأجانب الموظفين في شركات بالجنوب والمستثمرين في الجزائر على إثر بعض الشكاوي التي وردت لأجهزة الأمن من جانب فتيات في مقتبل العمر وقعن في خدعة بوثائق مزورة أو بطرق احتيالية محكمة على يد رعايا عرب متواجدين في الجزائر.

بوتسوانا وتشريع البغاء

على صعيد مشابه وطوال خمسة عشر عاما، اعتمدت ثاتو سيريتيه البغاء مصدر رزق لها على الطريق السريع الأكثر زحمة في بوتسوانا والذي يسلكه سائقو الشاحنات المتجهون إلى جنوب إفريقيا عبر الطريق الرئيسي، وباتت سيريتيه البالغة من العمر 35 عاما خبيرة في تفادي دوريات الشرطة ولكن رئيس بوتسوانا السابق فستوس موغاي يسعى إلى وضع حد للعبة الهر والفأر هذه بتشريع البغاء على أمل تخفيض إحدى أعلى نسب الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (ايدز) في العالم، وتقول سيريتيه "هم يلاحقوننا باستمرار ونحن نهرب منهم أو نختبئ، أحيانا يعاكسنا الحظ فيقبضون علينا وننفق أموالنا على الغرامات، ويطلب منا بعض الشرطيين الوقحين ممارسة الجنس معهم مجانا مقابل الحصول على حريتنا"، والجدير بالذكر أن راشدا واحدا من أصل أربعة في بوتسوانا مصاب بالايدز، وبالكاد انخفضت هذه النسبة في السنوات العشر الأخيرة على الرغم من ازدهار البلاد النسبي، ولا تتتبع بوتسوانا نسبة الإصابة في أوساط العاملين في مجال الجنس ولكن الطرقات المؤدية إلى جنوب إفريقيا والتي يسلكها سائقو الشاحنات لطالما اعتبرت من الأسباب الرئيسية لانتشار هذا المرض. بحسب فرانس برس.

وتقول سيريتيه "تعاني المومسات مع بعض الزبائن الذين يرفضون الدفع بعد الحصول على مبتغاهم أو يطلبون ممارسة الجنس من دون وقاية، الوضع صعب جدا في الشارع"، ويعتبر موغاي وهو رئيس المجلس الوطني لمكافحة الايدز أن تشريع البغاء قد يساعد العاملين في مجال الجنس على تفادي الإصابة بالمرض، ويقول "عدم تجريم العمل في مجال الجنس لا يعني تشجيعه بل قد يمهد الطريق لسياسات تحمي النساء اللواتي دخلن هذا المجال قسرا"، ويضيف "سوف يتمكن من الإبلاغ عن الرجال الذين يعرضونهن قسرا لخطر الإصابة بالفيروس وبالتالي لن يتمكن الرجال الذين يسعون وراء خدماتهن من استغلالهن كما يحصل اليوم"، ويقول إن تشريع تجارة الجنس يمكن الشرطة من التركيز على جرائم أخرى عوضا عن مطاردة نساء راشدات يمارسن الجنس بملء إرادتهن مع زبائنهن، ويعتزم موغاي رفع توصياته إلى الحكومة والبرلمان، ولم يعلن الحزب الديمقراطي الحاكم في بوتسوانا والذي تولى موغاي رئاسته في الماضي عن موقفه من هذا الاقتراح بعد، فيما قال زعيم المعارضة بوتسالو نتوانيه إنه يدعم مبادرة تشريع هذه "المهنة".

ولكن هذا الاقتراح أثار حفيظة المجموعات الدينية في هذا البلد المحافظ، ويقول الأب وليام هورلو المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية "الجنس بحسب القيم المسيحية يمارسه الأزواج الذين يسعون إلى الإنجاب، وممارسة الجنس مقابل المال هي من المحرمات وآمل أن بوتسوانا لن تسمح بتشريع هذه التجارة كونها بلدا مسيحيا"، ويرد موغاي أن القيود الدينية لم تعط ثمارها ولا يمكن الاستناد إليها لأنها فشلت في الماضي، ونال الرئيس السابق دعم حزب المعارضة الرئيسي وشبكة بوتسوانا الخاصة بالأخلاقيات والقانون والايدز، ويقول مدير الشبكة أويابو ندادي إن "تجريم تجارة الجنس يعرض العاملين في هذا المجال للاستغلال الجنسي والجسدي ولخطر الإصابة بفيروس الايدز"، ويضيف "ليس هؤلاء الوحيدين المعرضين للخطر بل أيضا الرجال الآخرين الذين يطلبون خدماتهم وشركاء هؤلاء الرجال، إنها حلقة مفرغة ينبغي كسرها".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 22/كانون الأول/2011 - 26/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م