القرضاوي والخضر عليه السلام

علي حسين كبايسي

في مقال للعلامة القرضاوي في موقعه يجيب في مسألة الخضر عليه السلام:

يقول: " إنما يميل الناس دائمًا إلى الغرائب والعجائب والقصص والأساطير، ويصورونها تصويرًا من عند أنفسهم ومن صنع خيالهم، ثم يضفون عليها ثوبًا دينيًا، ويروج هذا بين بعض السذج، ويزعمون هذا من دينهم، ولكن ليس هذا من الدين في شيء... والحكايات التي تحكي عن الخضر إنما هي مخترعات ما أنزل الله بها من سلطان. " إه.

في صحيح البخاري:

6858 -حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ذُكِرَ الدَّجَّالُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَيْنِهِ وَإِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ.

764- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا أَنَّ النَّاسَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ هَلْ تُمَارُونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ قَالُوا لَا قَالَ فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْ فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الشَّمْسَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الْقَمَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الطَّوَاغِيتَ وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا فَيَدْعُوهُمْ فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ….

إنطلاقا من هذين الحديثين على سبيل المثال لا الحصر ومن صحيح البخاري، ألا يمكن لنا الحكم عليها أنها غرائب وعجائب وقصص وأساطير ليست من الدين في شيء، تجسيم وتشبيه لله وهدم للتوحيد، أليس هذا قمة في السذاجة والبلاهة والجهل بالله سبحانه وتعالى، واستخفاف بعقول الناس؟؟.

لوعدنا بالشيخ إلى صباه وحدثناه ما يجري اليوم في عالم تكنولوجيا الإعلام والاتصال لقال: غرائب وعجائب وقصص وأساطير، ولذا يستوجب علينا فهم دوائر الماصدق لكل من الإمكان العملي والإمكان العلمي والإمكان المنطقي، فطعام عزير عليه السلام الذي لم يتسن ممكن علميا وذلك بجعل الطعام بعيدا عن المؤثرات المؤكسدة والجراثيم المتلفة، بينما النار التي أصبحت بردا وسلاما على سيدنا إبراهيم عليه السلام غير ممكنة علميا لتناقضها مع المبدأ الأساسي للديناميكا الحرارية مع إمكانها العقلي بتدخل عالم الأمر، وعليه وجب أن نحدد حدود الإمكان واللا إمكان، ثم نحكم على الأشياء.

ويقول: " بعض الناس يقولون عن الخضر: إنه عاش بعد موسى إلى زمن عيسى ثم زمن محمد عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين وأنه عائش الآن وسيعيش إلى يوم القيامة. وتنسج حوله القصص والروايات والأساطير بأنه قابل فلانًا، وألبس فلانًا خرقة، وأعطى فلانًا عهدًا... إلى آخر ما يقصون وينسجون من أقاويل ما أنزل الله بها من سلطان. ليس هناك دليل قط على أن الخضر حي أو موجود - كما يزعم الزاعمون - بل على العكس، هناك أدلة من القرآن والسنة والمعقول وإجماع المحققين من الأمة على أن الخضر ليس حيًا. " إه.

 في صحيح البخاري:

5451 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَرَأَيْتُ رَجُلًا آدَمَ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ اللِّمَمِ قَدْ رَجَّلَهَا فَهِيَ تَقْطُرُ مَاءً مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ أَوعَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقِيلَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَعْدٍ قَطَطٍ أَعْوَرِ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقِيلَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ.

في صحيح مسلم:

3184- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ نَافِعٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ

ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَيْنَ ظَهْرَيْ النَّاسِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ وَأَرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فِي الْمَنَامِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ كَأَحْسَنِ مَا يُرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ رَجِلُ الشَّعَرِ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ وَهُو يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا هَذَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ثُمَّ رَأَيْتُ رَجُلًا وَرَاءَهُ جَعْدًا قَطِطًا أَعْوَرَ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَنٍ وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلٍ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ.

 6484 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَرَأَيْتُ رَجُلًا آدَمَ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ اللِّمَمِ قَدْ رَجَّلَهَا تَقْطُرُ مَاءً مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ أَو عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقِيلَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ثُمَّ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَعْدٍ قَطَطٍ أَعْوَرِ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقِيلَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ.

1288 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو وَيَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ.

صحيحا الشيخان يجزمان بوجود المسيج الدجال قبل ووقت وبعد الرسول الكريم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم، وهل الباء تجر عند الدجال ولا تجر عند الخضر عليه السلام.

 ويقول: " وسئل عنه شيخ الإسلام [ الأموي ] ابن تيمية، فقال:" لوكان الخضر حيًا لوجب عليه أن يأتي النبي ـ صلى الله عليه [وآله ] وسلم ـ ويجاهد بين يديه ويتعلم منه، وقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم [وآله ] ـ يوم بدر: " اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض" وكانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا معروفين بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم، فأين كان الخضر حينئذ؟ فالقرآن، والسنة، وكلام المحققين من علماء الأمة ينفي حياة الخضر كما يقولون. " إه.

على طريقة شيخه منظر الإسلام الأموي يجزم ويقطع بقضية كلية موجبة بإجماع المحققين في كل ما يصبون إليه من تدليسات ولحاجات شيطانية دون دراسة تحقيقية قائمة على منهجية علمية، ولذا نقول للقرضاوي أن يخبر شيخه أن الخضر غاب عن غزوة بدر لغياب المسيح الدجال، فالند يستلزم نده، ونسأله لماذا لم ينزل السيد عيسى المسيح عليه السلام من السماء، ما دام سينزل عند نهاية الزمان، وهل الإسلام الأموي جعله ملما بكل مقاصد الشريعة، وكل الغايات؟؟.

يقول القرضاوي: " فإن كان الخضر نبيًا، فليس هو بأفضل من موسى، وإن كان وليًا فليس أفضل من أبي بكر. " إه.

يرى القرضاوي على فرضية أن الخضر عليه السلام ولّي، يكون بحكمه دون أبي بكر منزلة، حكم جزافي قائم على عصبية مذهبية وأهواء سلطانية، مع غياب الروح العلمية المستوجبة لتحديد مفهوم الولي ومصاديقه، إن كانت الأفضلية من منطلق الولاية السياسية، فالخليفة الأول اغتصبها يوم سقيفة بنبي ساعدة بحجة العصبية القبلية والروح القبلية، ولذا قال فيها الخليفة الثاني أنها فلتة، وإن كانت الولاية العلمية والمعارف الشهودية " فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً [الكهف: 65] "، فالخضر قال لسيدنا موسى عليهما السلام " قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً [الكهف: 67]"، فهل بإمكان الخليفة الأول أن يدعي بذلك؟؟.

الخليفة الأول قطع يسار سارق ولم يعلم القطع لليمنى، وقضى في الجد سبعين قضية، ولم يعرف حكم الكلالة، وقال أقول فيها برأي فإن يك صوابا فمن الله وأن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، فهل الخضر خرق السفينة وقتل نفسا برأيه الذي يحتمل الصواب والخطأ؟، ويعترف الخليفة الأول أن الشيطان يعتريه، " قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [صـ: 82 - 83]"، فكيف يكون مخلَصا، وأي حكم من السبعين حكم في الجد لم يعتريه فيها الشيطان؟؟.

الخليفة أصيب بذعر وهلع في غار ثور رغم كونه بصحبة النبي، تحرسهم عين الله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم " ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 40]"، ولماذا حُرم من السكينة التي أُختص بها الرسول ( ص ) دونه، وما عرفها عند موته إذ قال: ليتني تبنة في لبنة، " أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس: 62] " فمن أين له الولاية؟؟.

الخليفة الأول فر يوم أحد وخيبر وحنين" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ [الأنفال: 15]"، وهل فر الخضر عليه السلام من المسؤوليات الموكلة على عاتقه؟.

ويقول: " فالعلماء قد اختلفوا في ذلك، ولعل الأظهر أنه نبي - كما يبدو من الآية الكريمة التي تلوناها من سورة الكهف... (وما فعلته عن أمري) فهي دليل على أنه فعل ذلك عن أمر الله، ومن وحيه لا من عند نفسه. فالأرجح أنه نبي وليس مجرد ولي. " إه.

يٌسبِق صاحب فقه الأولويات ولي بكلمة: مجرد، ويغفل أنها تنقيصية ويخالف كتاب الله عز وجل في تعظيم الولاية "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة: 55] "، واعلَم لو أن الخليفة الأول لو تصدق بخاتمة أثناء الصلاة، لكانت حركت سلب تسقط صلاته، ولاتتحقق إيجابية الفعل إلا في آل محمد ( ص ) " ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [آل عمران: 34]".

آصف بن برخيا عند نقله عرش بلقيس، ألم يكن بأمر من الله، وهل معجزته تستوجب أن يكون نبيا؟؟، ولماذا يجعل القرضاوي القرآن عضين فلوتدبر في "فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا "،" فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ "، لعرف أن للخضر عليه السلام ولاية تكوينية، وأنه يتصرف من بأحكام الولاية ذات العلوم الباطنة بخلاف سيدنا موسى مظهر اسم الله الظاهر، له علوم الرسالة والنبوة والتشريع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحكم بالظاهر، ولذلك كانت معجزاته في غاية الوضوح والظهور، ولذا أراد الله تكميل موسى بالجمع بين التجليات الظاهرة والباطنة وعلوم النبوة وما في استعداده من علوم الولاية كما كمل سيدنا إبراهيم الخليل بالولاية " وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة: 124]".

ويقول: "وما الحكمة في أن يبقى طيلة هذه المدة - كما يزعم الزاعمون - في الفلوات والقفار والجبال؟ ما الفائدة من هذا؟ ليس هناك فائدة شرعية ولا عقلية من وراء هذا."

يحسب بعلمه القاصر أن الخضر عليه السلام هائم في الفلوات والقفار والجبال بلا فائدة شرعية ولا عقلية، وهل أحاط القرضاوي بكل شيء علما ففاق سيدنا موسى عليه السلام "وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً [الكهف: 68] "، وتوصل برأيه الذي يعتريه الشيطان أن الخضر مات دون أن يحدد سنة الوفاة؟؟.

يقول الالوسي نقلا عن القيصري في روح المعاني: "وقال القيصري: كان سليمان قطب وقته ومتصرفاً وخليفة على العالم وكان آصف وزيره وكان كاملاً وخوارق العادات قلما تصدر من الأقطاب والخلفاء بل من وراثهم وخلفائهم لقيامهم بالعبودية التامة واتصافهم بالفقر الكلي فلا يتصرفون لأنفسهم في شيء، ومنّ الله تعالى عليهم أن يرزقهم صحبة العلماء الأمناء يحملون منهم أثقالهم وينفذون أحكامهم وأقوالهم."، ومنه نفهم ضرورة وجود الأقطاب في تسيير العالم، وضرورة وجود صاحب الولاية المطلقة، فلولاه لساخ العالم، فافهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 22/كانون الأول/2011 - 26/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م