العراق والفرصة التاريخية... البحث عن إستراتيجية

كتب علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: بعد أن أعلنت الحكومة العراقية عن انسحاب كامل للقوات الأمريكية من البلاد، بعثت هذه الخطوة ارتياح لدى الشارع العراقي وأثبتت مصداقية قادة العراق من انهاء هذا الملف. ويقع الآن على عاتق القادة العراقيين مسؤولية تحقيق مستقبل أفضل للبلاد، ومع وجود الكثيرر من المخاطر التي تحيط بالبلاد لايزال الهدف بعيدا عن تسديدات ناجحة من قبل القادة، وسيكون أمام العراق فرصة لتحقيق ذلك وهذا يتوقف على ارساء مبادىء الديمقراطية التي طالما تم ابعادها عن العملية السياسية والتي تمثل بر الأمان لبناء دولة حرة ومستقرة.

فالحكومة العراقية لم يكن لديها خطة سياسية واقتصادية وأمنية مما دفع كل ذلك إلى ارباك العملية السياسية التي تعصف بها خلافات طائفية وحزبية. العراق لا يزال يدفع ثمن الديكتاتورية، ويتحتم على المسؤولين والقادة أن يدرسوا أخطاء الماضي بعناية من أجل عدم تكرار التجارب الفاشلة. واللافت للنظر أن الأزمة بين الكتل السياسية تعتمد على كشف الأوراق، وان جميع الأطراف لم تتردد في اعلان الحرب إلا أن الجميع على مايبدوا لايفهمون أن سمعتهم على المحك، وان الشعب العراقي ينظر الى مايجري على الساحة، وهذا بطبيعة الحال سيقلل مستقبلا من دعم العملية.

وهناك ملفات كثيرة مطروحة على الطاولة ستؤثر وربما ستحد من قدرة الحكومة من الحفاظ على صورة البلد، حيث يرى محللون سياسيون أن مايجري من مهاترات سياسية وعمليات فساد وعنف قد دفع من تدويل القضايا وجعل البلد عرضة للتدخلات الخارجية. وبالتالي عقد الأمر أكثر حتى اصبحت المشاكل بين الكتل تحل عبر تدخلات دول أخرى.

يجب أن يعترف الجميع بأن البلد يحتاج الى استراتيجية واضحة تستند الى قرارات شرعية. ولكن تبين أن لا قدرة للكثير من القادة على ادارة العملية السياسية بالشكل المطلوب. ان اصرار بعض الكتل السياسية من عدم انهاء المشاكل العلقة وفق الدستور والقانون قد يحدث تحولا نحو تغيير مسار الديمقراطية، وهذا له دوافع أولهما يتمثل في مقاضات الكثير من الشخصيات المتهمة بملفات  فساد وعنف وغيرها، والأمر الثاني هو البقاء في السلطة.

ويرى محللون سياسيون أن القضاء العراقي هو المتهم الأول في عدم اتخاذ دوره بشكل مطلوب وأن البرلمان العراقي لايعمل وفق أطر صحيحة وأن الجهات التنفيذية تعمل وفق منظر حزبي واستغلال المنصب.

قد يبدو أن التنازلات في هذا المسار ايجابية بالنسبة لمن يؤمن بالديمقراطية، لكن الصورة هذه لاتتطابق مع الواقع السلبي لفقدان شروط كثيرة منها عدم تمكين القضاء من اداء واجباته بصورة صحيحة وثانيا نظام المحاصصة والتوافقات السياسية غير السليمة.

على الرغم من الخطابات التي يلقيها المسؤولين العراقيين فالقوى جميعها عاجزة من حل الأزمات، ويبقى انهيار الوضع السياسي أكثر خطورة من موضوع الأمن، لقد اتبع الجميع اجندة معينة مما صعَب حصر المشاكل السياسية داخل اروقة الحكم، لتنزل الى الشارع بشكل علني يؤجج المشاعر ويولد الحقد بين ابناء الشعب. في وقت يفترض فيه ان يسعى الجميع الى تحقيق الشراكة وفق الأطر الصحيحة.  لقد جربت جميع الكتل سياساتها بلا جدوى، ولم يتم تحقيق شيء، لذلك لا بد من إعادة النظر في سبل العمل. لا يمكن أن يبقى العراق هكذا. لا يمكن للقادة ان يستهينوا بمقدرات الشعب العراقي.

ان مايحدث في العراق ينذر برحلة الى المجهول مما يتطلب عقد قمة للقادة، وخصوصا بعد ان انسحب القوات الأمريكية من العراق ومن اجل اثبات ان العراق قادر على حكم نفسه وقادر على حل الأزمات. وخصوصا ان هناك جهات حكومية ودولية تريد اسقاط العملية السياسية يرى فيها محللون ان هذه الخطوات سترجع العراق الى المربع الأول مما يتطلب المحافظة على وحدة البلاد. كذلك يتطلب من الجهات الدينية الكبيرة في البلد التدخل سريعاً لحل الخلافات فان مايجري لايمكن السكوت عنه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 21/كانون الأول/2011 - 25/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م