النفط وأزمة الأسعار... هل أيقظت حرب نائمة؟

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: في ظل نظرة تشاؤمية نحو الاقتصاد العالمي وما الت اليه الاوضاع الاوربية جراء احتمالية انهيار خيمة اليورو بعد 12 سنة من دورها الفعال اقتصادياً وسياسي، تتنامى المخاوف –ايضاً- من تفعيل عقوبات اكثر صرامة تجاه ايران وانعكاساتها النفطية على الاسواق العالمية والتي من شائنها ان تزيد الامور تعقيد، خصوصاً وان اسعار النفط –بحسب المحللين- ما زالت غير مستقرة وتعاني الكثير من التقلبات السعرية.

ومع التطمينات المقدمة من دول اخرى كالسعودية التي وعدت –كعادتها- بزيادة سقف انتاجها النفطي في حال فرض عقوبات تشمل شراء النفط الايراني لسد اي نقص في الامدادات العالمية واضافة الى الاكتشافات الضخمة لاحتياطيات جديدة من النفط يمكن استخراجها من الصخور والرمال النفطية في الولايات المتحدة والبرازيل وكندا واستراليا وغيره، الا ان الوضع الاقتصادي العالمي "كما يشير اغلب المتابعون" لا يتحمل المزيد من المغامرات التي قد تؤدي الى عواقب وخيمة يصعب معها الخروج من الازمة بيسر وسهولة.  

النفط الى 250 دولار

حيث توقع رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان الايراني ارسلان فاتح بور حسبما نقلت عنه صحيفة كيهان ان سعر برميل النفط سيقفز الى 250 دولارا اذا قررت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي فرض عقوبات على شراء النفط الايراني، وقال فاتح بور "اذا فرضت الولايات المتحدة وبعض الدول الاوروبية عقوبات على النفط والغاز الايرانيين، فان سعر برميل النفط سيقفز الى 250 دولارا"، وقد وسع الاتحاد الاوروبي مؤخراً لائحة الشركات والشخصيات الايرانية المشولين بالعقوبات التي تستهدف برنامج ايران النووي المثير للجدل، واعلن دراسة اجراءات جديدة ضد قطاعي النفط والغاز في ايران، وتامل فرنسا والمانيا خصوصا في فرض حظر على شراء النفط الايراني، وتشكل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتركيا ابرز الدول التي تشتري النفط الايراني، لكن طهران تبيع مع ذلك حوالى 450 الف برميل في اليوم -قرابة 18% من صادراتها- لدول الاتحاد الاوروبي وخصوصا ايطاليا واسبانيا وفرنسا، بحسب ارقام وزارة الطاقة الاميركية، وفي الوقت نفسه، صوت مجلس الشيوخ الاميركي الخميس على عقوبات ضد البنك المركزي الايراني الذي يشرف على كل التعاملات بشان النفط على الرغم من تحفظات ادارة الرئيس باراك اوباما الذي يخشى اضطرابات في السوق النفطية، وقد ادت التوترات بشان ايران، ثاني منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) بعد السعودية، الى زيادة اسعار النفط في الايام الاخيرة. بحسب فرانس برس.

أزمة عالمية

الى ذلك قال أنطوان بريندر، كبير الاقتصاديين في مؤسسة "يكسيا" لإدارة الأصول، إن الحكومات الأوروبية تدرس بداية فك الارتباط باليورو والعودة إلى العملات الأصلية، ولكن حذر من التكلفة ستكون باهظة جدا، ونتائجها غير معروفة على أوروبا والعالم، ورأى بريندر أن اليورو، وبصرف النظر عن المشاكل التي يواجهها، إلا أنه "أقوى من جميع العملات، باستثناء الين الياباني، مما يعني أن احتمال انهياره في الفترة الحالية ضعيف،" مشيراً إلى أن آثار فك الارتباط مع اليورو بين هذه الدول ستكون كارثية أيضا على دول الشرق الأوسط، وحذر المحلل الاقتصادي من أزمة مالية واقتصادية تعم العالم في حال ارتفاع أسعار النفط عن حاجز مائة دولار للبرميل، والذي بدوره سوف يخفض أسعاره مرة أخرى إلى أقل من 35 دولارا، كما حصل في عام 2008، وسوف يبقى في هذا المستوى، وقال بريندر في لقاء مع الصحفيين بالمنامة، إن ألمانيا، صاحبة أقوى اقتصاد في أوروبا، هي تحت الضغط الآن، بينما فرنسا تحت المراقبة، أما الأزمة المالية فقد مرت إلى ايطاليا بعد اليونان، في طريقها إلى أسبانيا، التي وصلت مديونية الدولة فيها إلى أكثر من 65 في المائة من إجمالي الدخل القومي. بحسب سي ان ان.

وأشار إلى أن أوروبا مجتمعة تسعى إلى عدم إفلاس أي بنك  فيها، كما حصل لبنك "ليمن براذرز" الأمريكي، الذي أدى إلى الأزمة المالية العقارية في أمريكا والتي انتشرت أثارها على الاقتصاديات العالمية، وفي منطقة اليورو قال بريندر "سوف يحصل انزلاق إلى حالة من الركود الاقتصادي، لاسيما وأن الاقتصاد الأوروبي فقد زخمه بشكل واضح، ومن المرجح حدوث ركود اقتصادي معتدل الآن و يجب حدوث تحوّل سياسي إذا ما رغب الأوروبيون بوضع حد نهائي لأزمة الديون السيادية وانكماش أكبر في اقتصادهم"، وتوقع المحلل الاقتصادي حصول هذا التحول "خلال الشهور المقبلة،" إلا أن وتيرة التذبذب سوف تظل مرتفعةً حتى ذلك الوقت، ورجح أن تظل أسعار فائدة سندات الخزانة الألمانية المستحقة بعد 10 سنوات عند مستوياتها المنخفضة الراهنة لفترة من الزمن، وعن النفط، قال بريندر بأن سعر النفط الحالية أعلى قليلا من المعقول، وأنه من الخطأ رفع أسعار النفط في الفترة المقبل لان الاقتصاديات العالمية لا تتحمل ذلك، خصوصا أن الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك المجموعة الأوروبية ليس لديها سياسية مالية تستطيع التأثير على الاقتصاد والقطاع المالي خصوصا أن نسبة الفائدة الآن هي صفر، مع وجود نقص في السيولة في جميع أنحاء العالم، باستثناء السعودية والصين، وتوقع ان يستمر الاقتصاد الأمريكي في نموه الضعيف جدا مع عدم تغير السياسة المالية ونسبة البطالة التي هي أكثر من المتوسط بقليل، على أن تشهد أوروبا بوادر كساد في ظل تعثر عدد من الدول في سداد مديونيتها.

رغم ازمة منطقة اليورو

في سياق متصل توقع محللون ومنتجون ان يبقى سعر برميل النفط في 2012 قريبا من سعره الحالي بمئة دولار لان طلب الدول النامية الكبرى لم يتغير رغم ازمة منطقة اليورو، وقال رئيس شركة "بي بي" البريطانية روبرت دادلي خلال المؤتمر العالمي للنفط الذي ينظم في الدوحة ويختتم اعماله الخميس "نرى ان الطلب في آسيا على حاله، وبالتالي نتوقع لهذه السنة (2012) سعرا يراوح بين 90 و100 دولار، يبدو انه مستوى ثابت"، وكان سعر برميل النفط اثار قلقا في كانون الثاني/يناير 2008 عندما تجاوز المئة دولار لاول مرة وبات مذاك جزءا من المشهد الاقتصادي العالمي جراء النمو الكبير في الصين والهند والبرازيل، وقال الامين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) عبدالله البدري في الدوحة ان الاسعار الحالية "مرضية للمنتجين والمستهلكين على السواء" و"الافراط في المضاربة" يضر بالاثنين، وتعقد منظمة اوبك اجتماعا الاسبوع المقبل في فيينا، لكن الدول الاعضاء في الكارتل التي تنتج حاليا حوالى 30 مليون برميل يوميا، اي نحو ثلث الانتاج النفطي العالمي، لم تكشف في الدوحة اي نية في تغيير حصصه، وهذا نبأ سيء لوكالة الطاقة الدولية التي تدعو اوبك بانتظام الى زيادة انتاجها لاعطاء دفع للاقتصاد. بحسب فرانس برس.

وقالت الامينة العامة لوكالة الطاقة الدولية ماريا فان دير هوفن في الدوحة ان "اسعار النفط تبقى مرتفعة" لان سعر برميل يقارب المئة دولار "مصدر قلق"، وقال روبرت دادلي ان الاسعار حاليا "على حافة الهاوية" وقد يؤثر ارتفاع طفيف في الاسعار على الاقتصاد العالمي عموما والاقتصاد الاميركي خصوص، وكان سعر برميل (خام غرب تكساس) الاميركي 101،01 دولار وسعر نفط برنت لبحر الشمال 110،36 دولارات، وفي الاسواق، لم تعد بعد الاثار الجيوسياسية قائمة اذ ان الانتاج النفطي في ليبيا استؤنف اسرع مما كان متوقعا -مع عودة انتاج طبيعي يقدر ب1،6 مليون برميل يوميا تتوقعه اوبك في منتصف 2012- ما يساهم في دعم العرض العالمي، وعلى العكس، وبعد الشكوك نتيجة الربيع العربي، باتت التساؤلات تركز على وقع الحظر الاوروبي المحتمل على النفط الايراني، ففي تقريرهم الاخير، توقع المحللون في دويتشي بنك ان يصل سعر برميل (خام غرب تكساس) الاميركي الى 105 دولارات وبرنت الى 115 دولارا العام المقبل على اساس سيناريو نمو عالمي نسبته 3،4%.

وقال المصرف "في حال بقي نمو اجمالي الناتج الداخلي العالمي ما فوق 3% نعتقد ان الاسعار في اسواق الطاقة ستبقى ثابتة"، مؤكدا ان "كل الطلب الاضافي للنفط يأتي تقريبا من دول خارج منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية"، ففي الدول المتطورة، يتوقع ان يسجل الطلب ركودا لان آفاق منطقة اليورو قاتمة، "لكن العكس صحيح في الولايات المتحدة" بحسب دويتشي بنك، وعلى الرغم من الازمة، يستبعد مصرف بي ان بي باريبا ايضا سيناريو الخفض مع برميل (خام غرب تكساس) الاميركي بسعر 105 دولارات لفصل الشتاء و104 دولارات لكامل العام 2012 وهي توقعات رفعت في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر بثلاثة دولارات، ويقول المحللون في المصرف الفرنسي ان "الطلب العالمي على النفط كان ثابتا خصوصا في الاسواق الناشئة، ففي حين ان الشتاء يحل بسرعة في النصف الشمالي من الكرة الارضية، سيزيد الطلب العالمي على النفط بشكل موسمي"، واضاف المصرف انه في موازاة ذلك لم يتغير الوضع داخل منظمة اوبك ونمو الانتاج خارج الكارتل لا يزال مخيبا.

الرياض وزيادة انتاجها النفطي

فيما اكد سناتور اميركي نافذ ان السعودية مستعدة لزيادة انتاجها النفطي لتجنب اي اضطراب في سوق النفط العالمية في حال فرض عقوبات اميركية جديدة على ايران، وقال مارك كيرك للصحافيين "اجريت حديثا معمقا مع السفير السعودي في الولايات المتحدة الذي ابلغني ان السعودية عازمة بقوة على زيادة انتاجها" النفطي، وتقدم السناتور الجمهوري في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر بمشروع قانون امام مجلس الشيوخ يهدد بمعاقبة اي مؤسسة مالية اجنبية على صلة بالمصرف المركزي الايراني، واوضح كيرك ان قيام السعودية بزيادة انتاج النفط من شانه احتواء اي ارتفاع لاسعار النفط الخام قد ينتج من اقرار مشروع القانون المذكور، واضاف "لا يزال امامنا وقت للعمل الدبلوماسي، لتستقر الاسواق، والاهم من كل ذلك ليزيد السعوديون انتاجهم" النفطي، لكن كيرك شدد على ان "حصول ايران على السلاح النووي سيزعزع استقرار الاسواق العالمية اكثر من اي خطوة يتخذها مجلس الشيوخ" الاميركي"، مؤكدا ان "الوقت ليس لمصلحتنا"، واعلنت واشنطن ولندن والاتحاد الاوروبي فرض عقوبات جديدة على ايران في ضوء تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية عزز شكوك الدول الغربية في "بعد عسكري محتمل" للبرنامج النووي الايراني، ورفضت ايران هذا التقرير مكررة ان برنامجها النووي مدني بحت.

من جهته قال وزير المال السعودي ابراهيم العساف ان المملكة مستمرة في مواصلة دورها "كقوة استقرار" في اسواق النفط العالمية، مشيرا الى العمل بصورة معمقة مع الشركاء في مجموعة العشرين التي تضم اكبر اقتصادات العالم، واضاف امام منتدى حوار الطاقة الذي ينظمه مركز الملك عبدالله للدراسات النفطية في الرياض ان السعودية تواصل "ممارسة دورها كقوة استقرار في اسواق النفط العالمية"، واوضح انه في ما يتعلق بدور المملكة في الاقتصاد العالمي "من الضروري ملاحظة ان التزامنا هو اكثر طمأنة في الاوقات التي تتعرض فيها الاسواق المالية للضغوط وحينما تكون اسواق النفط متقلبة"، واشار الى ان "صندوق النقد الدولي اقر بالدور المهم الذي تمارسه المملكة في استقرار مستويات الانتاج"، وغالبا ما تؤكد السعودية، اول مصدر للنفط الخام في العالم، حرصها على استقرار سوق النفط، واعلنت الوكالة الدولية للطاقة ان الانتاج السعودي بلغ 8،8 ملايين برميل يوميا في نيسان/ابريل الماضي لكن بعض الخبراء يقدرون انه ازداد منذ ايار/مايو لمنع ارتفاع الاسعار بشكل يرتد سلبا على الاقتصاد العالمي. بحسب فرانس برس.

الى ذلك، قال العساف ان بلاده "تواصل العمل بصورة معمقة مع شركائها في مجموعة العشرين على مستوى واحد وعلى مستوى مكمل مع صندوق النقد الدولي، كما انها لا تهمل دورها الاقتصادي الاقليمي والريادي"، واكد "قوة ومتانة الاقتصاد السعودي الذي تمكن بفضل سياساته من الصمود امام رياح الازمة المالية منذ بدأت العام 2008 وحتى الآن فالاقتصاد السعودي يسجل نموا في وقت انكمشت فيه اقتصادات دول كبرى اخرى"، لكنه استدرك قائلا "اذا تحولت الامور الى الاسوأ فانني على ثقة من امتلاكنا الوسائل الكفيلة بالتعامل مع اي تحديات مستجدة" من دون ان يحدد هذه الوسائل، وتطرق الى ازمات الاقتصاد العالمي الذي بات "يواجه حاليا مخاطر واضحة وملحة على صعيد النمو العالمي وخصوصا النظام المالي العالم"، واكد ان الازمة الاوربية "لا تزال تمثل تحديا محوريا للنمو العالمي ولها آثار ونتائج عديدة فكل الدول تتأثر بفعلها ما يؤدي الى تباطؤ اقتصادي اكثر انتشارا وان كان هذا في دول معينة اكثر من غيرها بالتأكيد"، وتابع العساف "هناك حاجة الى مواجهة انعدام التوازن بين التوقعات الاجتماعية وقدرة صانعي السياسة على التسليم في فترات قصيرة واعدة".

ايران تطالب السعودية والكويت بخفض انتاجهما

من جهته اعلن وزير النفط الايراني ان بلاده تامل بان تخفض السعودية والكويت "الفائض في انتاجهما" النفطي على خلفية عودة النفط الليبي الى الاسواق، وذلك عشية الاجتماع الوزاري الذي تعقده منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)  في فيين، وقال رستم قاسمي كما نقلت عنه وكالة شانا التابعة لوزارة النفط "اليوم، عاد التوازن الى سوق العرض والطلب، ايران ترفض زيادة انتاج دول اوبك وتامل ايضا بان توقف بعض الدول الفائض في انتاجها بعد عودة النفط الليبي الى الاسواق"، ولم يسم قاسمي هذه الدول، لكنه يشير ضمنا الى الكويت وخصوصا الى السعودية التي زادت انتاجها النفطي منذ الربيع الفائت لتعويض وقف الصادرات الليبية اثر النزاع في هذا البلد وتجنب ارتفاع اسعار النفط في الاسواق العالمية، وكانت طهران طالبت تكرارا بخفض فائض الانتاج هذا منذ عاودت ليبيا انتاج النفط في ايلول/سبتمبر، ولكن من دون جدوى، وضخت السعودية، اول منتج للنفط داخل اوبك، ما معدله 9،34 ملايين برميل في اليوم في الفصل الثالث من هذه السنة مقابل 8،13 ملايين برميل يوميا في العام 2010. بحسب فرانس برس.

واوضح قاسمي ان "انتاج ليبيا سيبلغ العام المقبل مليون ونصف مليون برميل يوميا وانتاج العراق الى ازدياد، نعتقد اذا ان على الدول التي زادت انتاجها بسبب الازمة الليبية ان تعود الى سقف الانتاج السابق"، وتوقع خبراء ان تحافظ اوبك التي تتولى ايران حاليا رئاستها الدورية، على حصص انتاج دولها في اجتماع وزاري، واعلنت السعودية التي تشهد علاقاتها مع ايران توترا منذ الربيع الفائت، استعدادها لزيادة انتاجها في شكل اكبر لتفادي اي ازمة في الاسواق، علما ان بعض دول الاتحاد الاوروبي تفكر في فرض حظر على شراء النفط الخام الايراني في اطار تشديد العقوبات بسبب البرنامج النووي لطهران، واكد قاسمي الاحد لوكالة مهر للانباء ان هذا الحظر في حال اعلانه "سيؤدي الى ارتفاع كبير في اسعار النفط" ما سيحدث "اضطرابا في السوق العالمية"، واضاف انه حتى لو فرض الحظر الاوروبي، فان "ايران لن تواجه مشكلة في ايجاد مشترين اخرين" خارج اوروبا للكميات الحالية التي تصدرها للاتحاد الاوروبي والبالغة نحو 450 الف برميل يوميا.

يذكر ان انتاج منظمة البلدان المصدرة للنفط اوبك بلغ 30 مليونا و785 الف برميل يوميا في تشرين الثاني/نوفمبر، ليمثل اعلى معدل انتاج للمنظمة التي تضم 12 بلدا منذ ثلاث سنوات، في الوقت الذي تضخ السعودية قرابة 10 ملايين برميل يوميا، بحسب ارقام اوردتها دورية ميس المتخصصة، فباستثناء العراق، التي لا تخضع لنظام اوبك للحصص بسبب الاضطرابات التي تعانيها بغداد، ضخت اوبك 27،94 مليون برميل يوميا في تشرين الثاني/نوفمبر، اي اعلى بما يقارب 800 الف برميل يوميا عن الشهر السابق، حسب المصدر ذاته، وجاء نحو نصف الزيادة الشهرية من السعودية، التي رفعت انتاجها من 9،5 ملايين برميل يوميا في تشرين الاول/اكتوبر الى نحو 9،9 ملايين الشهر الماضي، وبحسب حصص الانتاج الرسمية لاوبك حدد انتاج المنظمة ب24،84 مليون برميل يوميا باستثناء العراق، وهو الحد المتفق عليه منذ كانون الثاني/يناير 2009، غير ان اغلب بلدان المنظمة، ومنها الكويت والامارات، قد تجاوزت الحصص المحددة لها لتلبية الطلب المتزايد، وبحساب الانتاج الزائد عن الحصص واضافة انتاج العراق تكون بلدان اوبك قد امدت العالم بنحو 34% من حاجته من الخام.

عوائد الخليج من النفط في 2015

من جهة اخرى توقعت دراسة لمعهد التمويل الدولي أن ترتفع العوائد النفطية لدول الخليج بحلول عام 2015 إلى تريليون دولار، بزيادة 200 مليون دولار عن معدل العوائد البالغ حجمها 800 مليار دولار في عام 2010، وتأتي هذه الأرقام على خلفية التوقعات بأن يسجل الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي نمواً حقيقياً قدره 6.7 في المائة في العام 2011 بعد تحقيق معدل نمو 5.2 في المائة في عام 2010، وأشارت الدراسة إلى أن المملكة العربية السعودية  حققت أكبر نمو على مستوى دول الخليج من حيث حجم الناتج المحلي الإجمالي بقيمة 571 مليار دولار، تليها الإمارات بنحو 368 مليار دولار، وقطر ثالثاً بقيمة 174 مليار دولار، تليها الكويت بنحو 168 مليار دولار، ومن ثم  سلطنة عمان محققة 73 مليار دولار، وأخيراً البحرين بنحو 26 مليار دولار، وتمتلك دول الخليج ربع الاحتياطي العالمي من النفط، وتنتج 16 مليون برميل يوميا، ومن المتوقع أن تصل إلى 24 مليون برميل في 2020، بينما ستصل العوائد النفطية إلى ما يعادل 90 في المائة من الدخل القومي لهذه الدول، وأشار محللون إلى أن هذا الارتفاع هو نتيجة زيادة الإيرادات النفطية والتوسع في الإنفاق الحكومي التي بلغ نسبته قرابة 31 في المائة ورغم تلك الزيادة في تلك الإنفاقات إلا أن فائض الميزانية المتوقعة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي سيبلغ 10.4 في المائة مقارنة بـ6.5 في المائة للعام الماضي، وتوقع التقرير أن يتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لتلك الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان إلى نحو 4 في المائة العام المقبل مقارنة بنسبة 5 في المائة العام الحالي. بحسب سي ان ان.

السعودية وثورة النفط الصخري

على صعيد متصل قالت شركة أرامكو السعودية المملوكة للدولة ان دورها المهيمن في معروض النفط العالمي تغير بسبب احتياطيات كبيرة جديدة في أمريكا الشمالية مما يجعل تطوير احتياطيات المملكة أقل الحاح، وأقر خالد الفالح الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو بأن انتاج النفط من المصادر غير التقليدية سيغير ميزان القوى في مجال الطاقة ويقلل اعتماد الولايات المتحدة على نفط الشرق الاوسط وهو أول تصريح من نوعه يصدر من المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم، وقال الفالح ان وفرة الموارد والتوزيع الجغرافي الاكثر توزانا للاحتياطيات غير التقليدية قلل المخاوف بشأن أمن الطاقة التي كانت في وقت من الاوقات القوة الدافعة لسياسات الطاقة والتي هيمنت على الجدل العالمي في قطاع الطاقة، وعلى مدى سنوات اعتبرت أسواق النفط أن الطاقة الانتاجية الفائضة للسعودية هي خط الدفاع الاخير ضد ارتفاع الاسعار، وقال الفالح ان جزءا كبيرا من الجدل العالمي في قطاع الطاقة قبل بضع سنوات كان يقوم على افتراض الندرة الشديدة في الموارد والتداعيات الاقتصادية والسياسية لذلك، وأضاف أنه بدلا من الندرة أصبح المعروض النفطي عند مستويات مريحة على الرغم من النمو المتسارع للطلب في دول مثل الصين والهند، وقال وزير البترول السعودي علي النعيمي انه يرى أن أسواق النفط متوازنة. بحسب رويترز.

وتشكل مشروعات الرمال النفطية في الولايات المتحدة وكندا الجزء الاكبر من مشروعات النفط غير التقليدي اذ يبلغ الانتاج العالمي منها في العام الحالي 2.3 مليون برميل يوميا أي ما يعادل انتاج النرويج التي ليست عضوا في أوبك، وقال الفالح في أوائل أكتوبر تشرين الاول انه لا يرى حاجة لان تزيد أرامكو طاقة انتاج النفط الخام بشكل كبير في الاجل المتوسط بسبب ارتفاع الانتاج التقليدي من دول مثل البرازيل والعراق، وقال في مؤتمر في العاصمة السعودية الرياض ان البيانات الاقتصادية الامريكية الضعيفة وأزمة الديون السيادية في منطقة اليورو والمخاوف من تعرض البنوك الكبرى للازمة زادت احتمالات الدخول في حالة ركود عالمي جديدة، وأضاف أن كل ذلك يجعل الانفاق على برامج ضخمة للطاقة أمرا غير مرجح، وقال الفالح في المؤتمر ان أرامكو تحفر هذا العام عددا من ابار الغاز غير التقليدي لاختبار الجوانب الجيولوجية وستواصل هذه العملية في 2012.

فيما قالت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ان العالم عليه أن ينتظر عشر سنوات على الاقل قبل أن يرى إمدادات كبيرة من النفط الصخري مماثلة لثورة الغاز الصخري في الولايات المتحدة لكن احتياطيات النفط الصخري يمكن أن تنافس احتياطيات النفط التقليدية التي تحوزها السعودية، وقالت أوبك في تقرير ان الاحتياطيات العالمية من النفط الصخري تبلغ نحو 300 مليار برميل أعلى من التقديرات الحالية لاحتياطيات النفط التقليدية السعودية عند حوالي 265 مليار برميل، وقال التقرير "من الممكن أن يرتفع انتاج النفط الصخري خلال عشر سنوات بمستويات كبيرة نسبيا على أساس سنوي بافتراض أن تظل الاسعار فوق 60 دولارا للبرميل ولا تقوم دول مثل الارجنتين واستراليا وكندا بتقييد الانشطة"، وقالت أوبك التي تضخ حاليا ثلث الانتاج العالمي من النفط "في الوقت الحاضر رغم ذلك لا ينظر الى النفط الصخري إلا كمجرد مصدر لاضافات ضئيلة"، والنفط الصخري هو أحد أشكال الخام الخفيف ويوجد في الصخور العميقة تحت سطح الارض ويتم استخراجه "بالتكسير" من خلال آبار أفقية عميقة، وتهيمن حاليا الرمال النفطية على عمليات استخراج النفط من المصادر غير التقليدية في الولايات المتحدة وكندا مع بلوغ الانتاج العالمي في 2011 نحو 2.3 مليون برميل يوميا أو ما يعادل انتاج النرويج وهي ليست عضوا في أوبك، وقالت أوبك ان الانتاج العالمي من النفط من المصادر غير التقليدية سيرتفع الى 3.4 مليون برميل يوميا بحلول عام 2015 حيث لا تزال تهيمن عليه الرمال النفطية ثم الى 5.8 مليون برميل يوميا في 2025 والى 8.4 مليون برميل يوميا في 2035 عندما سيلعب النفط الصخري دورا أكبر.

آبار جديدة يمكنها تعديل ميزان القوة

من جانب اخر في شرق ولاية أوهايو الأمريكية، كانت جرارات حديثة للغاية تغادر أراضي الوكلاء التي تخاطفها المزارعون المحليون، وحيث أنهم أصبحوا أثرياء فجأة بعد أن هطلت عليهم المكافآت لتأجيرهم حقوق الحفر عن النفط والغاز في أراضيهم، التي تبلغ قيمتها في العادة ما بين 1،500 و4،000 دولار للفدان، استثمروا سريعاً أرباحهم المفاجئة في شراء معدات جديدة، فقبل سنوات قليلة كان من الممكن بيع عقود التأجير هذه مقابل 15 دولاراً للفدان الواحد. والفرق الآن هو أن شرق ولاية أوهايو يقع في قلب منطقة أصبحت المنطقة الأكثر تحفيزاً لتطوير النفط والغاز في أمريكا الشمالية، صخر يوتيكا الزيتي، خلال العامين الماضيين، استيقظت الصناعة على التوقعات بأن الطبقة الصخرية الممتدة عبر شمال شرق القارة، من ولاية كينتاكي الأمريكية، إلى مقاطعة أونتاريو الكندية، غنية بالنفط والغاز، و''سوائل الغاز الطبيعي'' مثل الإيثان، والبروبان، اللذين يستخدمان كلقيم للصناعة الكيماوية، وأنفقت الشركات الرئيسة فيما بينها –بما فيها ''تشيسبيك إنيرجي''، و''إكسونموبيل''، و''هيس''– مليارات الدولارات في الحصول على ملكيات الأراضي، وحقوق الحفر.

إن تقديرات احتياطيات الصخر الزيتي في يوتيكا غير دقيقة، ولكن أوبري مككلندون، الرئيس التنفيذي لشركة تشيسبيك، قال إنه يعتقد أن في المنطقة حوالي 25 مليار برميل من النفط والغاز، قرابة الاحتياطيات المثبتة بأكملها الباقية في بحر الشمال، وتذكر ''تشيسبيك'' فعلياً أن هناك ''نتائج حفر مبدئية قوية للغاية'' من أول آبارها في يوتيكا في شرق ولاية أوهايو، وغرب ولاية بنسلفاني، ويبدو أن التوقعات بالنسبة إلى الولايات الأمريكية التي تقع ضمن نطاق حزام الصدأ (ولايات الشرق والغرب الأوسط الصناعية في الولايات المتحدة) التي تعاني من التعثر منذ فترة طويلة، تكتسب زخم، وتعتبر طفرة الجرارات شرق ولاية أوهايو مجرد مؤشر صغير واحد على ما يعتبره العديد من الناس ثورة اقتصادية وشيكة الحدوث، إلى عدة عقود، حينما تراجعت معدلات التشغيل في المصانع بشكل حتمي، وتضاءلت هيمنة الولايات المتحدة على قطاع التصنيع، كانت صناعتها تبحث عن حبل نجاة، والآن، ربما أنها وجدت واحداً على شكل الغاز والنفط الصخري، موارد طالما كان يعتقد أن من المستحيل الحصول عليها على صعيد تجاري، ولكن تم الإفراج عنها بواسطة أساليب أصبحت مثالية خلال العقد الماضي.

هناك بلدان أخرى عديدة، بما فيها الصين، يعُتقد أن فيها كذلك احتياطيات كبيرة من الغاز الصخري، ونشرت بريطانيا تقارير تتعلق باكتشاف كبير في مقاطعة لانكشاير في شمال غرب انجلتر، وعلى أية حال، تعتبر الولايات المتحدة في المقدمة تماماً، من حيث الدراية الفنية في استخراج الغاز، وتولد تلك المعرفة ميزة تنافسية مهمة، حيث تبدو الشركات الأمريكية مصممة على استغلالها، ليس فقط في قطاع استخراج الغاز والنفط، وإنما كذلك في قطاعات الصناعات الكيماوية، والصلب، والقطاعات الأخرى، بتأسيس أسواق سريعة النمو لمعدات وخدمات الإنتاج، وتوفير طاقة ومواد خام رخيصة الثمن، يعقد منتجو الصخر الزيتي الآمال على نهضة صناعية أمريكية، ويقول أندرو ليفريس، الرئيس التنفيذي لشركة داو للمواد الكيماوية، ويعتبر داعماً عالي الصوت لقطاع التصنيع الأمريكي ''إنها فرصة استثنائية، وهذه هبة قدمها رجال الأعمال الأمريكيون، والمغامرون، وشركات الحفر عن النفط والغاز إلى البلاد وليس هناك أي بلد في العالم لا يرغب في الحصول على ذلك، ثم استغلاله''، على أية حال، مثلما هي الحال في معظم القصص الخيالية، تأتي الهبة مع لعنة، وتتعرض خطط استغلال هذه الهبة الهيدروكربونية السخية إلى التهديد من جانب الجمهور القلق بشأن التكسير الهيدروليكي –العملية التي تستخدم لإطلاق الغاز والنفط بضخ الماء والمواد الكيماوية تحت الأرض بضغط عالٍ- ويعتبر الرئيس باراك أوباما داعماً كبيراً للصخر الزيتي، والجمهوريون عموماً أكثر منه كذلك، ومع ذلك، إذا سببت الصناعة أي تلوث خطير، فإن رد فعل الجمهور قد يبقي هذه الموارد محصورة تحت الأرض.في وقت كئيب بالنسبة إلى الاقتصاد الأمريكي، فإن قطاع النفط والغاز عبارة عن مشعل يحترق بشكل مضيء، وإضافة إلى التشغيل المباشر في الاستكشاف والإنتاج الذي ازداد بحوالي 17 ألف وظيفة خلال العام الماضي، إلى 177 ألف وظيفة، حيث تولد الصناعة آلاف الوظائف في قطاع مورديه، فعلى سبيل المثال، في بلدة يونغستاون شرق ولاية أوهايو، تبني شركة فالوريك الفرنسية مصنعاً بتكلفة 650 مليون دولار لصناعة أنابيب الصلب من أجل آبار النفط والغاز، وبالنسبة إلى منطقة لم تتعاف بالكامل من تراجع صناعة الصلب في سبعينيات القرن الماضي، فإن المصنع بمثابة نعمة لم يكن بالإمكان تخيلها قبل بضع سنوات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 19/كانون الأول/2011 - 23/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م