بيل هاربور... معركة غيرت موازين العالم الحديث

 

شبكة النبأ: كان نحو 120 ناجيا مسنا من الهجوم على الاسطول الامريكي في بيرل هاربر من بين خمسة الاف شخص أحيوا ذكراه السبعين قبل ايام في مراسم هادئة ومشحونة بالمشاعر.

وتساقطت أمطار خفيفة بينما تذكر المتحدثون من قتلوا او أصيبوا منذ سبعة عقود علاوة على الناجين الذين قاتلوا خلال الحرب العالمية الثانية بعد هجوم جوي وبحري شنته اليابان في السابع من ديسمبر كانون الاول 1941 مما أدى الى خوض الولايات المتحدة الحرب.

وقال مال ميدلسوورث (88 عاما) وهو محارب قديم من الناجين من الهجوم في كلمة "نجتمع هنا اليوم لاحياء الذكرى السبعين لواحد من أهم أحداث القرن العشرين. "افضل وسيلة لهذا هي تكريم كل من ضحوا بأرواحهم في جميع القواعد العسكرية بجزيرة اواهو في ذلك الاحد وليس بيرل هابر وحسب." وكان ميدلسوورث في الثامنة عشرة من عمره ويخدم بقوات مشاة البحرية على متن المدمرة سان فرانسيسكو في ذلك الصباح. وأسفر الهجوم عن مقتل نحو 2400 شخص واصابة 1178 اخرين وغرق او تدمير 12 سفينة حربية أمريكية و323 طائرة مما ألحق أضرارا هائلة بأسطول المحيط الهادي.

وقال منظمون ان نسبة حضور الاحتفال هي الاكبر منذ عام 1991 الذي شهد احياء الذكرى الخمسين للهجوم. وكان نحو نصف من لاقوا حتفهم في الهجوم على بيرل هاربر بحارة على متن البارجة اريزونا التي أغرقتها طوربيدات يابانية في بداية الهجوم مما أسفر عن مقتل 1177 من جملة 1400 هم أفراد طاقمها.

ما زال يذرف الدموع

ففي فجر السابع من كانون الأول/ديسمبر من العام 1941، أوقظت اليابان "العملاق الأميركي النائم" عبر استهداف أسطوله القابع في المحيط الهادئ في قاعدة بيرل هاربور في جزر هاواي. وخلال ساعتين من الوقت، تم إغراق وتضرر حوالى عشرين سفينة حربية وتدمير 164 طائرة.

أدان الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت ما جرى قائلا بأن هذا اليوم "سوف يطبع التاريخ إلى الأبد كيوم عار"، معلنا في الوقت نفسه الحرب على اليابان. فأحدث بذلك تغييرا على مجرى الحرب العالمية الثانية في حين كان مواطنوه يأملون بالتملص من القتال.

اليوم، ما زلنا قادرين على رؤية حطام السفينة الذي يلامس سطح المياه. ويبرز أحد أبراجه الدوارة الصدئ واضحا، يعلوه علما أميركيا. وفي كل يوم، يحضر إلى الموقع مئات الزائرين لرؤية السفينة من على نصب تذكاري شيد فوق الحطام مباشرة.

من هناك، من ذاك الموقع الذي يعلو السفينة الحربية التي تعتبر رسميا مقبرة عسكرية، رأى السائح الكندي غورد وودوارد أن "هذا جزء كبير من التاريخ. وهو مؤثر جدا".

إلى ذلك، تلفت قطرات الوقود أنظار السياح.. فهي تعلو على سطح المياه كل عشرين أو ثلاثين ثانية. ويخبر أحد المرشدين من على متن النصب التذكاري أن "البعض يطلق على تلك القطرات +الدموع السوداء+، كما لو أن الرجال ما زالوا يبكون داخل السفينة" الغارقة.

قبل وقوع الهجوم، كانت خزانات "أريزونا" مملوءة ب 5700 طن من الوقود. فالسفينة الحربية كانت جاهزة للابحار في حال وقوع حرب. دمر الانفجار جزءا من الخزانات، أما تلك الخلفية فتصدعت، بحسب ما يشرح دانيال مارتينيز وهو مؤرخ مرتبط بالهيئة الوطنية لإحياء ذكرى الهجوم على بيرل هاربور.

منذ ذلك الحين، تسرب السفينة الغارقة 3,5 ليترات من الوقود يوميا، بحسب المؤرخ الذي يعتبر أن "الأمر لا يعتبر مشكلة كبيرة في ما يتعلق بالشق البيئي". لكنه يقر "لا نعرف ما هو الحجم الفعلي للوقود المتبقي داخل السفينة".

ومارتينيز الذي قصد مرات عدة داخل جسم السفينة، يشير إلى وجود بقعة من الوقود تتراوح سماكتها بين 30 سنتيمترا ومترا واحدا، في كل طبقة من طبقات السفينة. وهو يؤكد أن "أريزونا" تحولت إلى شعاب مرجانية تستقبل آلاف الأنواع من الأسماك.

يضيف أن "سلحفتين بحريتين وجدتا لنفسيهما ملجأ في الداخل". ويقر المؤرخ بأن التسرب النفطي قد يجتاح مرسى "بيرل هاربور" إذا ما انهار الحطام كليا مطلقا دفعة واحدة ما يحتويه من وقود. ويقول آملا "ندرك جيدا هذه المخاطر، لكن السفينة تبدو متينة كفاية وقادرة على منع تسرب كبير للوقود".

وقد بينت بعض الدراسات أن هيكل السفينة الحربية المعدني الذي بني خلال الحرب العالمية الأولى، قادر على الصمود ما بين 600 و800 سنة إضافية. ويؤكد مارتينيز أنه في أسوء الأحوال "يمكن تشييد حواجز تطوق الحطام كليا خلال 30 دقيقة".

هل أخفى روزفلت علمه؟

على صعيد متصل تشير احدى النظريات الى ان الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت الذي كان قد ابلغ بهجوم ياباني وشيك على قاعدة بيرل هاربور، فضل إلتزام الصمت معتبرا ان من شأن هذه الصدمة اقناع مواطنيه بالمشاركة في الحرب.

لكن دانيال مارتينيز يقول جازما ان ذلك "خرافة". حيث استهدف الطيران الياباني الأسطول الأميركي في المحيط الهادئ في السابع من كانون الأول/ديسمبر 1941، الأمر الذي حمل الولايات المتحدة على دخول الحرب العالمية الثانية. ويضيف "هذا شكل من اشكال نظرية المؤامرة المختلقة بهدف بيع الكتب".

وإذا كان صحيحا ان الرئيس روزفلت (1933-1945) كان يائسا اذ لم يكن ينجح باقناع الأميركيين بالمشاركة في الحرب، فان أولويته في تلك المرحلة قبل الهجوم على بيرل هاربور لم يكن القتال في المحيط الهادئ وإنما في اوروبا التي كانت ترزح تحت النازية.

ويشرح مارتينيز ان روزفلت "كان يريد قتال الألمان. وآخر ما كان يرغب به هو القتال على جبهتين".. الألمانية واليابانية. ويبدو ان الأميركيين نسوا ان بلادهم لم تكن في العام 1941 تشكل قوة عسكرية. ويذكر المؤرخ ان "سلاحنا البري كان متواضعا وبحريتنا كانت متواضعة وسلاح الجو كان متواضعا جدا".

وعشية الهجوم على بيرل هاربور، بعث روزفلت برسالة الى الامبراطور الياباني يحاول فيها يائسا تفادي الحرب مع طوكيو، بحسب ما يشير مارتينيز. واذا ما كانت أجهزة استخبارات واشنطن تعلم بحتمية وقوع قتال وشيك مع طوكيو، فانه لم يكن هناك ما يشير الى ان القاعدة العسكرية في هاواي سوف تستهدف.. فالأميركيون كانوا يتوقعون هجوما يستهدف قواعدهم في الفيليبين.

وعلى الرغم من اجهزة راداراتهم، لم يتمكن الأميركيون من التقاط حاملات الطائرات الست التابعة للبحرية الامبراطورية اليابانية وهي تقترب من جزر هاواي مع طائراتها الحربية (حوالى 400)، لترسو على بعد حوالى 350 كيلومترا من هدفها.

واوضح مارتينيز ان "نظام مراقبتنا لم يكن متطورا"، مضيفا ان شعور التفوق والاستعلاء اعمى الولايات المتحدة بشكل خاص. ويذكر مارتينيز ان "الشعور الذي كان يغلب هو ان اليابانيين غير قادرين على القيام بذلك. كنا نعتبر اليابانيين أدنى درجة عسكريا منا وحتى عرقيا".

وغداة الهجوم على بيرل هاربور، أعلن الكونغرس الأميركي رسميا الحرب على اليابان. وبعد ثلاثة أيام، أعلنت المانيا بدورها الحرب على الولايات المتحدة. وهكذا انطلقت حرب واشنطن على جبهتين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 12/كانون الأول/2011 - 16/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م