أصدر القصر السلطاني أمرا سلطانيا، يقضي باعتماد صورة السلطان
المرفقة مع التعميم كصورة وحيدة للسلطان، مصحوبة بالتعليمات التالية:
يجب أن تُلصق الصورة في كل وزارة ودائرة ومؤسسة، ويجب أن يكون مقياس
الصورة في مدخل المؤسسات أربعة أمتار في ستة، أما في غرف الموظفين
ثلاثة أمتار في مترين ونصف،
ألا تكون الصورة بالقرب من دورات المياه، أو في المطابخ والمخابز
والمقاهي وأماكن اللهو المبتذلة!
يجب ألا يوضع مع الصورة صورة أخرى، أو تكون معها على الجدار نفسه.
أن تُحفظ الصورة ضمن إطار وبرواز من محلات ابن أخت السلطان، أما
الصورة فمن مطابع ابن أخ السلطان، ويُحظر أن توضع الصورة في الأماكن
المعرضة للرياح والمطر!
وكل من يخالف هذه التعليمات، يُعاقب بالحبس لمدة لا تقل عن المؤبَّد،
ولا تزيد عن مدى الحياة!
ويُعاقب بالعقوبتين معا كلٌ من لا يلقي التحية على صور السلطان عند
الدخول والخروج!
توضيح... من الجدير بالذكر أن صورة السلطان المرفقة، التقطتْ له منذ
اثنتي عشرة سنة، وقام خبراء التصوير بإعادة رسمها من جديد، وعرضوها على
السلطان، فأعجب بشطارة المصورين والرسّامين، وأصدر أمره لمسؤول المال
بأن يكافئهم، مكافأة مُجزية، فمنحهم مسؤول المال مبلغا، وألزمهم
بالتوقيع على المبلغ الذي أخذوه، وترك بعد المبلغ البسيط مكانا لعدة
أصفار، توضعُ بعد خروجهم من القصر !
أما سببُ فرض حظر على كل الصور، ماعدا صورة السلطان التي اعتمدها
بنفسه، فيعود إلى تقاطيع وجه السلطان وهيئته التي خلقه اللهُ بها، فهو
قصيرٌ دميم، حُظر على كل المصورين أن يلتقطوا له الصور من الخلف، حتى
لا يظهر قصيرا محدودب الظهر.
كما أن كل الصور التي تُلتقط للسلطان يجب أن يعاينها قسمُ الإعلام
في البلاط، قبل بثها باثنتي عشرة ساعة على الأقل !
وأصدر مكتب الإعلام في السلطنة بلاغا إلى جميع المدارس، بأن تُعلق
صور السلطان في ساحات المدارس العامة، وفق التعليمات السلطانية
المتَّبعة السابقة، وأن تكون الصورة محاطة بعلمين للسلطنة، علم من
اليسار عند الرأس، وآخر عن اليمين !
أما في الكتب المدرسية، فيجب أن يكون الدرس الأول في كل المناهج، عن
سيرة السلطان المرفقة، ومعها قصيدة" سلطان الزمان" لشاعر البلاط ابن
طوعان، على أن تكون القصيدة أول المحفوظات الإلزامية، ويجب ألا تخلو
ورقة من أوراق الاختبارات من سؤال في فقه القصيدة، ومدلولات الألفاظ.
وقد أرسل كبيرُ مستشاري السلطان رسالة استدعاء إلى أبرز مديري مراكز
الدعاية والإعلان، وطلب منه أن يقوم بتصميم مجموعة من الصور للسلطان،
لغرض أن تُرفع في كل ساحات السلطنة الرئيسة، بحيث تكون من موادَّ لا
تتأثر بالريح أو الرطوبة والمطر والصدأ، مهما كان ثمنها وتكلفتها !
واقترح مسؤول دار النشر والإعلان أن يأخذ مقاولة إقامة نُصبٍ كبير،
لطلعة السلطان البهية من رخام إيران واليونان النادر، تسنده أعمدة من
حديد ستانلس ستيل المستورد من اليابان، على أن تتكفل شركة الإعلان
بالاستعانة بخبراء من الدول الإسكندنافية لتصميم تمثال السلطان، وقهقه
مستشار السلطان على وقع ابتسامة مسؤول دار الإعلان، فقال:
مشروعٌ رائع نقتسمه نحن الاثنان، بشرط الكتمان! |