سفينة الاقتصاد العالمي وثقب منطقة اليورو

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: إن أزمة اليورو التي تجتاح الأسواق المالية قد تهدد العوامل الداعمة للاقتصاد العالمي، في ظل ألازمة المالية الطاحنة التي تتخبط فيها أوروبا منذ نحو عامين.

فيما يسعى قادة الاتحاد الأوروبي للتوافق على خطة عمل في سبيل الوصول لحلول حاسمة لأزمة الديون السيادية التي تعصف بمنطقة اليورو، وللعودة بالمنطقة إلى النمو الاقتصادي ووضع حد للركود الذي يتربص بعدد من دول أوروبا، لكن بعض دول الاتحاد الأوروبي مستاءة من هيمنة فرنسا وألمانيا، إذ طالب زعيما هاتان الدولتان بتوحيد الضرائب على الشركات في دول منطقة اليورو، وفرض ضريبة على التعاملات المالية من خلال صياغة معاهدة جديدة تطبق السياسة الضريبية، وان دخول الوافد الجديد إيطاليا لمنطقة اليورو زاد من تفاقم الوضع، بينما حذرت الوكالة العالمية للتصنيف الائتماني بخفض التصنيف لـ 15 دولة بمنطقة اليورو المشكلة من 17 دولة، مع تفاقم أزمة الديون السيادية  لتلك المنطقة، فيما أعرب الجانب الأمريكي عن قلقه من الأزمة، وهو الأمر الذي يعرقل النمو الاقتصادي والتجاري لدول أفريقيا، بسبب اعتماد القارة السمراء على التصدير إلى الأسواق الأوروبية بدرجة كبيرة، بينما يرى المحللون أن قارة آسيا ليست بمعزل عن توترات منطقة اليورو، وإنها يمكن أن تتأثر سلبا عبر قطاعي التجارة والمال، على الرغم من وضعها الجيد الآن. إلا أن الصين لا تزال تثق في اليورو ومستعدة لاستخدام وسائل متعددة لمساعدة الاتحاد الأوروبي في التغلب على تلك ألازمة، ويرى المسؤولون في الاتحاد الأوربي ان تغلب أوروبا على أزمة الديون يحتاج لسنوات، وبالتالي أصبح مصير منطقة اليورو والعملة الأوروبية الموحدة مجهولاً لحد الآن. 

معاهدة جديدة

فقد دعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى صياغة معاهدة جديدة للاتحاد الأوروبي تفرض قواعد أشد صرامة على ميزانيات الدول الأعضاء في منطقة اليورو، وتستعيد الثقة في قدرة دول الاتحاد الأوروبي على سداد ديونها، وقبل أربعة أيام من انعقاد قمة حاسمة للاتحاد الأوروبي يمكن أن تحدد ما إذا كانت منطقة اليورو قادرة على تجاوز أزمتها المالية الحالية، اقترح ساركوزي وميركل أربعة إصلاحات رئيسية للاتحاد، وعلى الرغم من أن الزعيمين يفضلان التوصل إلى معاهدة جديدة تضم كل أعضاء الاتحاد الأوروبي، وعددهم 27 دولة، فإنهما أعربا أيضا عن استعدادهما لقبول معاهدة تضم فقط دول منطقة اليورو وعددها 17 دولة، وأضاف الزعيمان الأوروبيان أن دول منطقة اليورو ستكون مطالبة بوضع قواعد دستورية تلزمها بالتمسك بميزانيات خالية من العجزن وقال ساركوزي، في مؤتمر صحفي بقصر الإليزيه بعد اجتماعه مع ميركل، إن الاتفاق الفرنسي الألماني هو الأكثر كمالاً، ويتضمن اقتراحات من بينها فرض إجراءات عقابية تلقائية على الدول التي يتجاوز العجز فيها 3% فضلاً عن إنشاء صندوق مالي أوروبي، وستوضع الاقتراحات في رسالة توجه إلى رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فون رومبوي عشية القمة الأوروبية، وذكر ساركوزي أن فرنسا وألمانيا لا تعتبران أن إصدار سندات أوروبية هو الحل لأزمة الدين في بعض الدول، مضيفا إننا نريد ألاّ يتكرر الخلل في التوازن لذلك نأمل بمعاهدة جديدة.. إن فرنسا وألمانيا تتفقان تماما على أنه لا يمكن أبدا أن تشكل سندات اليورو حلا.. إنه لا يمكنهما تسديد ديون دول أخرى دون ضبط هذه الديون، وستواجه الدول غير الملتزمة بقواعد عجز الميزانية عقوبات يمكن تطبيقها فورا بمجرد تجاوز معدل العجز مستوى 3% من إجمالي الناتج المحلي، وهو المعدل القائم حاليا ولكن أغلب دول الاتحاد تتجاهل الالتزام به. بحسب فرانس برس.

 وسيكون لمحكمة العدل الأوروبية إصدار حكم بشأن مدى التزام الحكومات بتعهداتها بشأن خفض عجز الميزانية، دون أن يكون للمحكمة حق إصدار حكم بما إذا كانت الميزانية صالحة أم غير صالحة، ويمثل الاتفاق الألماني الفرنسي حلا وسطا بين اقتراحات ألمانيا إقامة وحدة مالية تقودها المفوضية الأوروبية، وإصرار فرنسا على ضرورة  احتفاظ الحكومات الوطنية للدول الأعضاء بالسيطرة على ميزانياتها، ويأتي ذلك بينما دعا الزعيمان إلى ضرورة أن يعقد زعماء دول منطقة اليورو اجتماعات شهرية دورية إلى حين حل أزمة الديون السيادية التي تعترض طريق عملتهم الموحدة.

توحيد الضرائب

من جانبهم طالب زعماء فرنسا والمانيا بتوحيد الضرائب على الشركات في دول منطقة اليورو وفرض ضريبة على التعاملات المالية، وعلى ان تطبق السياسة الضريبية الجديدة اولا .

في المقابل قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون انه سيطلب ضمانات لحماية القطاع المالي البريطاني في بروكسيل، ويقول كاميرون ان الضريبة على المعاملات المالية لن تكون ذات معنى ما لم تطبق على نطاق عالمي، وفي بروكسل كريس موريسان مواقف الاطراف المختلفة تزداد تشددا، وقال مسؤول الماني كبير انه اكثر تشاؤما مما كان عليه، فبعض الدول لم تدرك بعد مدى خطورة الوضع، واعتبر الحديث عن اعتماد اتفاقية مالية ضمن المعاهدات الاوروبية الحالية مجرد خدعة، واشار خطاب ميركل وساركوزي الى ان الازمة الحالية كشفت النواقص في اتفاقية الاتحاد المالي، وانتقد احد المفوضين الاوروبيين علنا فكرة ان العقوبات وحدها يمكن ان تجبر الدول الاعضاء في اليورو على الالتزام بقواعد الانضباط المالي، وقال مفوض الشؤون الاجتماعية لازيو اندور على تويتر: العقوبات الفورية مزحة، فالاتحاد النقدي يتطلب اتخاذ القرارات بشكل جماعي وديمقراطي كي تواجه التحديات وتتعامل مع الطلب الجماعي، وقال ان دول الاتحاد الاوروبي الصغيرة مستاءة من سيطرة المانيا وفرنسا على عملية اتخاذ القرارات. بحسب البي بي سي.

انتقاد سياسة ميركل

فيما اتهم وزير المالية الألماني السابق بير شتاينبروك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بسوء الأداء في تعاملها مع أزمة الديون في منطقة اليورو، وقال إنها لم تطلع على تاريخ أوروبا، وقال شتاينبروك متهكما في كلمة ألقاها اليوم أمام مندوبي حزبه الاشتراكي الديمقراطي "أوروبا ليست فيزياء.. أوروبا أكثر من ذلك"، ملمحا بذلك لدرجة الدكتوراه التي حصلت عليها ميركل في الفيزياء، وشتاينبروك الذي يمكن أن يحظى بترشيح حزبه لمنصب المستشار، انتقد ظهور ألمانيا على المستوى الأوروبي بشكل مثالي رغم أنها ليست مثالية على الصعيد الداخلي، معتبرا أنها توزع مساعدات على دول متعثرة في أوروبا من خلال فرض المزيد من الضرائب على المواطنين الألمانيين. بحسب وكالة الإنباء الألمانية.

 وأضاف أن المساعدات الألمانية تنفذ رغم سوء الظروف التي تمر بها البلاد، وفي ضوء أزمة اليورو التي تهدد بإفلاس عدد من الدول الأعضاء بمنطقة اليورو وعلى رأسها اليونان، كما انتقد شتاينبروك السياسيات الاقتصادية الداخلية، حيث طالب بإنهاء المضاربات في أسعار السلع الغذائية وإنهاء المتاجرة بالتأمينات على القروض التي لم تسدد، وأكد على أن الشعب هو صاحب السيادة وليس السوق، مطالبا بالعودة لاقتصاد السوق الاجتماعي، وأعرب عن رفضه لزيادات كبيرة في الضرائب، محذرا حزبه من أن أي توجه لزيادة في الضرائب من شأنه أن يفقده الكثير من الأصوات الانتخابية، مطالبا بالاعتبار من تجارب رفاقه في الحزب الذين خسروا انتخابات في ولاياتهم عندما كانت زيادة الضرائب في برنامجهم الانتخابي.

صندوق النقد في منطة اليورو

الى ذلك اتفق وزراء منطقة اليورو على زيادة حجم صندوق إنقاذ المنطقة ولكن لم يستطيعوا تحديد حجم الزيادة وربما يلجئون لصندوق النقد لمزيد من المساعدة في الوقت الذي تقترب فيه المنطقة من كارثة مالية اثر قفزة كبيرة في تكلفة اقتراض ايطاليا وبعد مرور عامين على بداية أزمة الديون الاوروبية يفر المستثمرون سوق سندات منطقة اليورو حيث تتخلص البنوك الأوروبية من السندات الحكومية وتفقد بنوك جنوب أوروبا المودعين ويلوح كساد في الأفق مما يعزز الشكوك بشأن بقاء العملة الموحدة، ووافقت مجموعة اليورو التي تضم وزراء مالية منطقة اليورو على خطة مفصلة لضمان أول 20 إلى 30 في المئة من اصدارات السندات الجديدة للدول التي تواجه صعوبات تمويلية وتأسيس صناديق للاستثمار المشترك لجذب مستثمرين أجانب لشراء سندات حكومية بمنطقة اليورو، وقال جان كلود يونكر رئيس مجموعة اليورو إنه الآليتين ستدخلان حيز التنفيذ بحلول يناير كانون الثاني وسيجري توفير نحو 250 مليار يورو من صندوق انقاذ منطقة اليورو للاقراض وذك بعد تمويل برنامج انقاذ ثان لليونان، وقال يونكر في مؤتمر صحفي ان ما تسعى اليه المجموعة ان يقدم صندوق النقد الدولي مبلغا مماثلا ويدعم آلية الاستقرار المالي في اوروبا، وتابع وافقنا ايضا على ان نعجل بدراسة زيادة موارد صندوق النقد الدولي من خلال قروض ثنائية في أعقاب تفويض من قمة مجموعة العشرين كي يتمكن صندوق النقد من مضاهاة الحجم الجديد لآلية الاستقرار المالي في اوروبا والتعاون بشكل وثيق، ولكن مع توخي الصين و صناديق سيادية كبيرة أخرى الحذر إزاء الاستثمار في سندات منطقة اليورو قال كلاوس ريجلينج رئيس صندوق الانقاذ الاوروبي انه لا يتوقع ان يلتزم مستثمرون بتقديم مبالغ كبيرة لخيارات إقراض، وقال انه لا يستطيع تحديد الحجم النهائي للصندوق، وأعلن رئيس مجموعة يوروغروب جان كلود يونكر ان وزراء مال منطقة اليورو سيعملون سريعا على زيادة موارد صندوق النقد الدولي ليتمكن من مساعدة اوروبا في مواجهة ازمة الديون في شكل افضل، وقال يونكر توافقنا على ان نبحث سريعا في زيادة موارد صندوق النقد الدولي عبر قروض ثنائية. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

لكن منطقة اليورو تناقش خيار قيام البنك المركزي الاوروبي باقراض صندوق النقد لتعزيز قدرته على مساعدة الدول التي تعاني صعوبات في منطقة اليورو في مواجهة انتشار ازمة الديون، وقال وزير المال البلجيكي ديدييه رايندرز اثر الاجتماع ان دور البنك المركزي الاوروبي هو قيد النقاش، وكذلك دور صندوق النقد الدولي" بحيث "يستطيعان ربما اداء دور اكبرن وقال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية أولي رين لدى وصله للمشاركة في الاجتماع الوزاري بالعاصمة البلجيكية بروكسل "ندخل الآن مرحلة خطيرة .. لاستكمال وإنهاء رد فعل الاتحاد الأوروبي على الأزمة". وأضاف "يتعين علينا ضمان امتلاكنا قدرات مالية يعتمد عليها بشكل كاف لاحتواء اضطرابات السوق، وقال دبلوماسيون إن خيارات إصدار ضمانات على نطاق الاتحاد الأوروبي قوبلت بالرفض، في حين انه من المرجح أن يوافق الوزراء فقط على تنسيق الخطط الوطنية، كما يسعى التكتل إلى إنشاء ما يطلق عليه مسؤولون "تكتل الاستقرار" كرد فعل على أزمة الديون المستمرة، في نهج ربما يشمل مستقبلا إجراء تعديلات على معاهدة إنشائه.

من ناحية أخرى أشارت وزيرة المالية النمساوية ماريا فيكتر إلى أنها "مسألة تتعلق بحجم التكلفة الذي ستتحمله الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي … نحن كأوروبيين يجب أن نضع في أذهاننا أن صندوقا النقد منظمة عالمية وليس مؤسسة خاصة فقط بمنطقة اليورو، وبدت الولايات المتحدة غير راغبة في وضع مبلغ إضافي عندما أثيرت القضية الشهر الماضي خلال قمة مجموعة العشرين لكبرى الاقتصادات المتقدمة والصاعدة في العالمن بمنتجع كان الفرنسي، واقترح البعض ضرورة قيام البنك المركزي الأوروبي بدور في العملية رغم أن الكثيرين أشاروا بشكل سريع إلى أن استقلال البنك سيترك عملية اتخاذ القرار إليه، وقال وزير المالية السويدي أنديرس بورج: "أرى ان استقرار الأسعار آمن في أوروبا وبالتالي هناك بعض المجال للمناورة أيضا بالنسبة للبنك المركزي في هذه القضية". غير أن وزير المالية الهولندي يان كيس دي ياخر حذر من أنه لا يوجد علاج بسيط لحل الأزمة.

رفض أوروبي

وعلى صعيد متصل أعربت جهات أوروبية عن عدم اقتناعها بالتحذير الذي أصدرته وكالة ستاندرد آند بورز العالمية للتصنيف الائتماني بخفض التصنيف لـ15 دولة بمنطقة اليورو المشكلة من 17 دولة، مع تفاقم أزمة الديون السيادية للمنطقة، وشملت الوكالة بتحذيرها دولا ذات تصنيف ائتماني متميز بدرجة (AAA) هي ألمانيا وفرنسا وهولندا وفنلندا والنمسا ولوكسمبورغ، وجعلته قيد المراقبة مع احتمال الخفض في خطوة غير مسبوقة، إدارة البنك المركزي الألماني (بوندسبنك) أبدت استغرابها وعدم تفهمها لتحذير الوكالة بخفض التصنيف الائتماني لألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد بأوروبا، وشكك رئيس مجلس إدارة البوندسبنك يواخيم ناجل في صحة المعايير التي استندت إليها الوكالة في هذه الخطوة، مشيرا في الوقت نفسه إلى تفهمه لتقديرات ستاندرد آند بورز للدول الأوروبية المتأثرة باضطرابات أزمة الديون السيادية بالمنطقة، ورأى ناجل أن استدلال الوكالة في تحذيرها بعوامل سياسية ضعيفة "مسألة غير مقنعة، وحذرت الوكالة من خفض تصنيف ألمانيا الائتماني لديونها السيادية بمقدار درجة واحدة إلى (AA+)، كما اعتبرت الوكالة أن فرنسا تتعرض لخطر خفض تصنيفها بمقدار درجتين إلى (AA)، التحذير اعتبر وزير المالية الفرنسي فرانسوا باروان أنه يؤكد الحاجة إلى القاعدة الذهبية التي تتطلب من دول منطقة اليورو أن تبذل جهودا مستميتة من أجل تحقيق موازنات منضبطة. بحسب فرانس برس.

من جهته اعتبر المفوض الأوروبي لشؤون الأسواق الداخلية ميشال بارنييه تحذير الوكالة مجرد رأي من بين آراء أخرى، وأضاف أن تلك الآراء تنطوي على الكثير من الأهمية والثقل، لكنها ليست بالمحرك للإدارة الأوروبية، وفي إشارة للخطط التي قدمتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاثنين بتعديل معاهدات الاتحاد الأوروبي لفرض ضوابط أكبر على الميزانيات داخل منطقة اليورو، قال بارنييه إن قادة الاتحاد الأوروبي لا ينتظرون ستاندرد آند بورز ليتحركوا.

ايطاليا تقر إصلاحات مؤلمة

وفي السياق ذاته أعلنت الحكومة الجديدة في ايطاليا عن إصلاحات كبيرة استجابة لأزمة الديون في منطقة اليورو التي دفعت تكاليف الاقتراض في فرنسا واسبانيا إلى ارتفاعات حادة ودفعت عشرات الألوف من اليونانيين للخروج إلى الشوارع في اثينا، وكشف رئيس الوزراء الإيطالي الجديد ماريو مونتي إصلاحات كاسحة لإخراج البلاد من الأزمة وقال إن الإيطاليين يواجهون حال "طوارئ خطيرة، وفاز مونتي الذي يتمتع بتأييد بنسبة 75 بالمئة حسب نتائج استطلاعات الرأي بارتياح في تصويت بالثقة على حكومة الجديدة في مجلس الشيوخ الخميس بموافقة 281 صوتا مقابل اعتراض 25 صوتا، وقال موتي الذي أدى اليمين الدستورية كرئيس لحكومة من الخبراء سيمكننا الاسهام في إصلاح اوروبا لكن فقط عندما نتجنب النظر إلينا باعتبارنا حلقة الوصل الضعيفة في أوروبا، وفي اثينا خرج 50 ألف يوناني على الأقل في احتجاجات تمثل أو اختبار للحكومة الوحدة الوطنية الجديدة التي يرأسها شخص غير منتخب والتي يتعين عليها ان تفرض خفض الانفاق وزايدة الضرائب لتتجنب اليونان الافلاس. بحسب رويترز.

بينما اجبرت الحكومة الاسبانية على دفع أكبر تكلفة للاقتراض منذ 1997 على سندات ذات أجل عشر سنوات إذ ارتفعت العائدات بحدة 1.5 نقطة فوق عن متوسط العائدات في مزادات هذا العام، وتراجع اليورو نتيجة لذلك، وكان اداء فرنسا افضل بعض الشيء لكنه اضطر كذلك لدفع المزيد لتحويل سندات حكومة بقيمة سبعة مليارات يورو وكانت المخاوف من انزلاق فرنسا ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو إلى أزمة الديون قد أدخل أزمة منطقة اليورو إلى مستوى جديد .       

قلق أميركي إزاء أزمة اليورو

من جهته وصل وزير الخزانة الأميركي تيموثي غيثنر إلى ألمانيا للاجتماع مع مسؤولين بمنطقة اليورو لحثهم على اتخاذ إجراء حاسم لدعم الوحدة النقدية وحل أزمة الدين، فيما يتصاعد قلق إدارة أوباما تجاه الأزمة في أوروبا خشية تعرض الاقتصاد الأميركي لضربة قوية توقف وتيرة نمو الوظائف التي ما زالت ضعيفة، ومن من شأنها تهديد آمال أوباما بشأن إعادة انتخابه، وقام غيثنر بعدة رحلات لأوروبا في الأشهر الأخيرة مع تنامي مخاوف الولايات المتحدة من تفاقم الأزمة، واستنادا لتصريحات صادرة عنه وعن أوباما، فان وزير الخزانة ربما ينضم لمن يطالبون المركزي الأوروبي بالتحرك بشكل أكثر حسما لتسوية الأزمة. بحسب رويترز.

تعرقل نمو أفريقيا

من جانب اخر قال مدير منظمة التجارة العالمية باسكال لامي إن أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو من شأنها أن تعرقل النمو الاقتصادي  والتجاري لدول أفريقيا، عازيا الأمر إلى اعتماد القارة السمراء على التصدير إلى الأسواق الأوروبية بدرجة كبيرة، ورجح لامي حدوث تراجع كبير في معدلات النمو في الاقتصاديات الأفريقية إذا واصلت أزمة منطقة اليورو تفاقمها، وجاءت تصريحات لامي في مؤتمر صحفي على هامش اجتماع وزراء تجارة دول الاتحاد الأفريقي في العاصمة الغانية أكرا، وحث لامي دول أفريقيا على السعي للاعتماد بدرجة أكبر على مصادر أخرى للتجارة بجانب السوق الأوروبية، حيث تعد أوروبا الشريك التجاري الأول لأفريقيا حاليا، وبحسب مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) فإن قيمة التجارة بين دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين والدول الأفريقية بلغت 373 مليار دولار عام 2008.

وتشير الأبحاث الاقتصادية إلى أن تناقص النمو الاقتصادي في أوروبا بنسبة 1% يعني نقصا نسبته 0.5% في النمو الأفريقي، وتصدر الدول الأفريقية السلع الأولية والمواد الخام مثل الأخشاب والتبغ والكاكاو والنفط إلى أوروبا إضافة إلى المنسوجات، بينما تستورد المنتجات .  

آسيا ليست في مأمن

من جهة اخرى حذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، من أن قارة آسيا ليست بمعزل عن توترات منطقة اليورو، وإنها يمكن أن تتأثر سلبا عبر قطاعي التجارة والمال، على الرغم من وضعها الجيد الآن، وأضافت لاغارد خلال مؤتمر صحفي أن آسيا حاليا تواصل قيادة الانتعاش الاقتصادي العالمي ولكن التوترات الأوروبية قد تطالها، وحثت دولا آسيوية كبيرة على رأسها الصين لتقديم المساهمات لصندوق انقاذ منطقة اليورو، وحذرت لاغارد، من دخول الاقتصاد العالمي دوامة جديدة، نتيجة أزمة الديون السيادية التي تعصف بدول اليورو، ودعت إلى تضافر جهود القوى الاقتصادية الكبرى، لتجنب عاصفة تقلبات قد تجتاح مختلف أسواق العالم، وقالت لاغارد، في كلمتها أمام منتدى التمويل الدولي بالعاصمة الصينية بكين، إن على الاقتصاديات الأكثر تقدماً في العالم أن تعمل معاً من أجل استعادة النمو والثقة إلى الأسواق التي تأثرت بأزمة الديون الأوروبية، والتي ذكرت أن تداعياتها قد تطال دول آسيوية لن تكون بمأمن منها، وبينما وصفت مديرة صندوق النقد الدولي الخطط الأوروبية وقرارات قمة مجموعة العشرين، لدعم جهود إنقاذ اليونان بأنها "خطوة في الاتجاه الصحيح، بحسب السي ان ان.

فقد حذرت من أن الاقتصاد العالمي قد يكون دخل مرحلة يكتنفها الغموض، لا يمكن التكهن بما قد تؤدي إليه، ودعت لاغارد الصين، التي تمتلك أكبر احتياطي للعملات الأجنبية في العالم، يصل إلى نحو 3.2 تريليون دولار، إلى تحويل نمط نموها الاقتصادي من "نمو يقوده التصدير، إلى نمو أكثر توازناً"، كما طالبت بكين بالسماح بارتفاع سعر صرف العملة الوطنية للصين اليوان إلى قيمته الحقيقية.

الصين لازلنا نثق في اليورو

وأخيراً قال وزير الخارجية الصيني يانغ جي تشي ان الصين لا تزال تثق في اليورو ومستعدة لاستخدام وسائل متعددة لمساعدة الاتحاد الاوروبي في التغلب على أزمة الديون السيادية في بعض الدول الاعضاء، وظهرت تعليقات يانغ في تقرير رسمي نشر قبل قمة لزعماء الاتحاد الاوروبي لبحث مقترحات من اجل توثيق التكامل بين دول منطقة اليورو يأمل الزعماء الاوروبيون بأن تساعد في نزع فتيل ازمة الديون التي تعصف بمنطقتهم، وقال التقرير الذي بث في الموقع الالكتروني لوزارة الخارجية الصينية ان يانغ أبلغ نظيره الالماني جيدو فيسترفيله اثناء اجتماع في برلين كشريك استراتيجي شامل وشريك تجاري رئيسي للاتحاد الاوروبي فان الصين لديها ثقة في اوروبا واليورو، سنعمل مع المجتمع الدولي لمواصلة استخدام وسائل متعددة لدعم جميع مساعي الاتحاد الاوروبي للتصدي لازمة الدين السيادين حفاظ الاتحاد الاوروبي على الاستقرار واستمراره في التطور سيعود بالنفع على كل دولة في العالم". ومع امتلاكها أكبر احتياطيات من النقد الاجنبي في العالم فان الصين واحدة بين عدد قليل من الحكومات التي لديها سيولة مالية كافية لشراء جزء كبير من الدين الحكومي الاوروبي وانتشال المنطقة من ضعفها الاقتصادي، لكن فو يينغ في حين ان حجم الاحتياطيات الصينية هو الاكبر في العالم فان محللين يقولون ان ثلثي تلك الاحتياطيات محبوسة في اصول دولارية لا يمكن بيعها وهو ما يتيح لبكين جزءا أكثر تواضعا يبلغ حوالي 470 مليار دولار للاستثمار كل عام. بحسب رويترز.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 10/كانون الأول/2011 - 14/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م