النفط... واقع حرج ومستقبل مقلق

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: مع تزايد اعتماد العالم على "النفط" كمادة "أساسية" في استمرار ازدهار الحياة البشرية، بعد أن سيطر على اغلب المفاصل الصناعية والاقتصادية والإنتاجية...الخ، فقد برزت الحاجة الملحة لإيجاد البديل الذي يحل محل هذه المادة السحرية، في طموح قارب الخيال منه إلى الواقع، برغم وجود عشرات البدائل الصناعية والطبيعية، لكنها -إلى ألان- لم تستطيع ان تؤدي دور البديل أو الشريك.

وقد أشارت التوقعات (وبالأخص توقعات وكالة الطاقة الدولية في تقريرها السنوي)  إلى احتمالية ارتفاع النفط على مستوى "السعر والطلب" إذا لم يتمكن الاقتصاد العالمي من التعافي سريع، فيما أشارت تقارير أخرى عكس ما ذهبت إليه التوقعات السالفة، خصوصاً مع تفاقم التوترات الأوربية بفعل الديون وعودة ليبيا إلى السوق النفطية، فضلاً عن سوق الرمال والصخور النفطية الواعدة.

سعر النفط في الاجل القريب

حيث قالت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها السنوي ان من المتوقع أن تصل أسعار النفط الى 150 دولارا للبرميل في الامد القريب اذا تراجع الاستثمار في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا المنتجة للخام، وقالت وكالة الطاقة الدولية التي تقدم المشورة للبلدان الرئيسية المستهلكة للنفط ان الطلب العالمي على الخام سيرتفع بشكل مطرد على مدى السنوات العشرين المقبلة ليصل الى نحو 99 مليون برميل يوميا بحلول 2035 وعلى الاستثمارات في الانتاج الجديد أن تواكب ذلك، وقال التقرير "في الفترة بين 2011 و2015 اذا تراجع الاستثمار في الشرق الاوسط وشمال افريقيا بمقدار الثلث عن مبلغ 100 مليار دولار المطلوب سنويا فقد يواجه المستهلكون ارتفاعا في سعر النفط في الامد القريب الى 150 دولارا للبرميل"، ووصلت أسعار النفط الى مستويات تاريخية مرتفعة هذا العام مع تجاوز متوسط العقود الاجلة لخام برنت والخام الامريكي الخفيف 100 دولار للبرميل ويرجع ذلك جزئيا الى توقف انتاج النفط في ليبيا أثناء الحرب الاهلية، وقال فاتح بيرول كبير الخبراء الاقتصاديين لدى وكالة الطاقة الدولية ان أسعار النفط المرتفعة تهدد بتراجع النمو الاقتصادي على مستوى العالم. بحسب رويترز.

وأضاف "بلغ متوسط سعر النفط حتى الان في 2011 نحو 102 دولار للبرميل وهذا يعني أن التعافي الاقتصادي العالمي يتعرض لمخاطر، نحن في منطقة الخطر بالنسبة للاقتصاد العالمي عند المستويات الحالية"، وقال بيرول في مؤتمر صحفي "هناك احتمال بأن يكون نمو الانتاج في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا ليس بالمستويات التي يحبذها المستهلكون"، وتابع "ربما تصل أسعار النفط بحلول عام 2015 الى 150 دولارا بالمعدلات الحقيقية والى 176 دولارا بالمعدلات الاسمية (اذا كانت الاستثمارات منخفضة للغاية)"، وقالت الوكالة ان الضغوط قصيرة الاجل على أسعار النفط تتراجع مع تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وبدء عودة النفط الليبي الى السوق بعد أشهر من الحرب لكن من المرجح ارتفاع الاسعار في الاجل الطويل، ورفعت الوكالة توقعها لسعر النفط في 2035 الى نحو 212 دولارا للبرميل من 204 دولارات قبل عام، وقالت الوكالة إن انتاج النفط التقليدي سيتراجع تدريجيا الى نحو 68 مليون برميل يوميا بحلول عام 2035 لتخفض بذلك توقع العام الماضي بمقدار 0.5 مليون برميل يومي، وقال بيرول "نعتقد أن المشكلة الرئيسية التي تواجه قطاع النفط بجانب النمو الكبير في الطلب تتمثل في تراجع انتاجية الحقول الحالية.

واضاف، "سيتم فقدان ما يعادل 47 مليون برميل يوميا على مدى 25 عاما القادمة وهذا يعني أن علينا أن نجد ونطور 47 مليون برميل يوميا لنحافظ على مستويات الانتاج الحالية الان، علينا أن نجد ونطور شرق أوسطين جديدين، وهذه مهمة صعبة"، وقالت الوكالة انها تتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على الغاز 1.7 في المئة سنويا الى 4.75 تريليون متر مكعب بحلول 2035، ورغم ذلك فان الغاز الوفير على الامد القصير من مصادر غير تقليدية مثل الغاز الصخري سيواصل الضغط على الاسعار.وتوقعت الوكالة نمو امدادات الغاز من المصادر غير التقليدية الى ما يزيد عن 20 في المئة من اجمالي انتاج الغاز بحلول 2035 من نحو 13 في المئة في 2009، وقال التقرير إن كارثة مفاعل فوكوشيما النووي في اليابان ستؤدي الى تباطؤ نمو الطاقة النووية لكن رغم ذلك سيظل الانتاج العالمي للطاقة النووية يرتفع ليصل الى 70 في المئة بحلول عام 2035 بقيادة الصين وكوريا والهند.

الطلب العالمي في 2035

من جهتها قالت الحكومة الامريكية انه على الرغم من ارتفاع أسعار النفط فمن المتوقع أن يرتفع الاستهلاك العالمي على مدى العقدين المقبلين بأكثر مما كان متوقعا في السابق، وقالت إدارة معلومات الطاقة في تقريرها السنوي عن الطاقة ان من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط الى 112.2 مليون برميل يوميا في 2035 بزيادة نسبتها 1.4 بالمئة عن تقدير سابق، وقالت الوكالة "أغلب النمو في استخدام السوائل النفطية يأتي من قطاع النقل في ظل غياب تطورات تكنولوجية كبيرة"، وقد يرتفع الاستهلاك العالمي للنفط 26.9 مليون برميل يوميا في الفترة من 2008 الى 2035 ويلبي انتاج النفط التقليدي نحو نصف هذه الزيادة عند 11.5 مليون برميل يومي، ومن المتوقع أن يزيد انتاج الوقود السائل من المصادر غير التقليدية مثل الوقود العضوي الى 13.1 مليون برميل يوميا في 2035 من 3.9 مليون برميل يوميا في 2008، ومن المتوقع ان يرتفع استهلاك الطاقة العالمي اجمالا 53 بالمئة بحلول عام 2035 وتقود النمو دول نامية مثل الصين والهند. بحسب رويترز.

فيما قالت وكالة الطاقة الدولية يوم الثلاثاء ان هناك حاجة لاستثمارات تصل الى 38 تريليون دولار في مشروعات الطاقة حول العالم للوفاء بالطلب على الطاقة حتى عام 2035، وفي عرض تقديمي خلال اجتماع وزاري قالت الوكالة ان هناك حاجة لاستثمارات بعشرة تريليونات دولار في قطاع النفط و16.9 تريليون دولار في قطاع الكهرباء و9.5 تريليون دولار في قطاع الغاز الطبيعي.

استطلاع رويترز

من جهة اخرى أفاد استطلاع جرى في وقت سابق، أن من المتوقع أن تظل أسعار خام برنت أعلى بكثير من مستوى 100 دولار للبرميل رغم توقعات واسعة النطاق بحدوث تباطؤ اقتصادي، وأظهر الاستطلاع الذي شمل 35 محللا أن متوسط سعر خام برنت سيبلغ 80ر 106 دولار للبرميل في العام المقبل و108.60 دولار في 2013 اذ أن المعروض يظل شحيحا بسبب الطلب على الوقود من الصين والاقتصادات الناشئة، ومن المتوقع أن يبلغ متوسط سعر الخام الامريكي الخفيف الذي يعرف أيضا بخام غرب تكساس الوسيط 92 دولارا للبرميل في 2012 و99.50 دولار في 2013 .ولم تتغير التوقعات بوجه عام عن استطلاع رويترز اذ أن المستثمرون يوازنون استراتيجية المخاطرة بين قوة الاسواق الحاضرة التي منحت أسعار النفط الفورية علاوة كبيرة فوق الاسعار الاجلة وبين التوقعات الاقتصادية المتشائمة، وقال مايكل ويتنر المحلل لدى سوسيتيه جنرال "ارتفاع مستوى الغموض يدفع المتعاملين في سوق النفط للتعامل على أساس وضع السوق الفورية القوي بدلا من التوقعات غير المؤكدة أو المتشائمة". بحسب رويترز.

ومنذ نشر الاستطلاع الشهري السابق لرويترز عن أسعار النفط في 28 سبتمبر أيلول ارتفعت العقود الاجلة لخام برنت نحو سبعة بالمئة الى أكثر من 111 دولار للبرميل، وفي ذلك الوقت لم يتغير السعر المتوقع لخام برنت للعام المقبل وتراجعت التوقعات لعام 2013 من 110.40 دولار، وتراجع السعر المتوقع للخام الامريكي للعام المقبل بمقدار 60 سنتا فقط، وخفض عدة محللين كبار توقعاتهم ومن بينهم بنك جولدمان ساكس الذي يعرف بتوقعاته المرتفعة نسبي، وخفض جولدمان توقعاته لاسعار النفط بسبب مخاوف من أن تكبح الازمة المالية الاوروبية النمو الاقتصادي وتخفض الطلب العالمي على الوقود، وخفض جولدمان توقعه لسعر برنت للعام المقبل الى 120 دولارا من 130 دولارا قائلا ان السوق لا تزال تركز على احتمال تجدد الركود الاقتصادي، وتثير أزمة ديون منطقة اليورو قلق المحللين، ويرى البعض أن هناك افراطا في التفاؤل بشأن احتمال التوصل الى حل وأن هذا قد ينذر بتصحيح للاسعار، وقال كريستوف باريت محلل النفط لدى كريدي اجريكول "بينما تظل السوق الحاضرة شحيحة وهو ما يعطي دعما للاسعار الفورية الا أن توقعات الطلب تبقى متشائمة"، وبالرغم من المخاوف بشأن الاقتصاد توقع 27 من أصل 35 محللا شملهم الاستطلاع أن يظل سعر برنت فوق 100 دولار للبرميل العام المقبل.

الربيع العربي يعطل الاستثمارات

فيما قالت وكالة الطاقة الدولية ان الربيع العربي يعرقل خطط الاستثمار في مشروعات للنفط والغاز مع تحول تركيز بعض الحكومات في المنطقة الى تلبية المطالب المتزايدة لشعوبه، وقال فاتح بيرول كبير الخبراء الاقتصاديين بوكالة الطاقة الدولية على هامش اجتماع وزاري للوكالة استمر يومين ان ذلك يمكن أن يدفع أسعار النفط للصعود في السنوات الخمس القادمة، وقال بيرول ان هناك احجاما من بعض منتجي النفط على الاستثمار بشكل كاف.وأضاف "هناك علامة استفهام فيما يخص منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا حيث من الضروري تلبية احتياجات الطلب المتزايد ومواجهة الانخفاض في الانتاج الحالي"، وتابع "يبدو أن بعض الدول تتبع سياسات نفطية مختلفة لن تزيد الانتاج بالقدر الذي تتوقعه السوق"، في دول أخرى لا يستطيعون ضخ أموال في مشروعات على الطاولة نظرا لان لديهم قضايا أخرى ملحة لتلبية مطالب شعوبهم". بحسب رويترز.

وقال "لا تمضي المشروعات قدما في بعض الدول كما نتوقع بسبب الاضطرابات"، وقالت الوكالة ان 90 بالمئة من النمو في انتاج النفط في العشر سنوات القادمة ينبغي أن يأتي من دول الشرق الاوسط وشمال أفريقي، وقالت الوكالة في مقتطفات من توقعات الطاقة العالمية التي ستنشر في التاسع من نوفمبر تشرين الثاني ان هناك حاجة لاستثمارات بعشرة تريليونات دولار في قطاع النفط و16.9 تريليون دولار في قطاع الكهرباء و9.5 تريليون دولار في قطاع الغاز الطبيعي من 2011 وحتى 2035، وقال باولو سكاروني الرئيس التنفيذي لشركة ايني الايطالية ان لديه أسبابا جيدة للتفاؤل رغم أن تأثير الربيع العربي على أمن الطاقة من الصعب تقييمه الان، وأضاف "بداية كانت الطريقة التي تفجرت بها الازمة في ليبيا هي الاستثناء لا القاعدة" مضيفا أن ليبيا عادت الى الانتاج سريعا جدا بعد أشهر من الحرب، وكانت ايني أكبر منتج أجنبي للنفط في ليبيا قبل تفجر القتال، وقال ان سبب تفاؤله الرئيسي بشأن امدادات النفط من منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا يتمثل في العراق رغم أنه لم يتضح بعد ما اذا كانت بغداد ستتمكن من الوصول الى الانتاج الذي تستهدفه في عام 2017 عند 12 مليون برميل يوميا.

الاعضاء الخليجيون في أوبك

الى ذلك قد تكون أسعار النفط أقل 20 دولارا عن ذروتها المسجلة في ابريل نيسان عندما بلغت 127 دولارا للبرميل لكن ذلك ليس مدعاة للفزع في الرياض أو الكويت أو أبوظبي، بل ان الامر أبعد ما يكون عن ذلك، واقع الامر أن مسؤولي السياسة النفطية في عواصم دول الخليج العربية الاعضاء في أوبك السعودية والكويت والامارات العربية المتحدة مسترخون ولن تقض مضاجعهم اذا تراجعت الاسعار أكثر، وقال مسؤول رفيع بالمنطقة أن من المستبعد أن يخفض هؤلاء المنتجون الامدادات لمحاولة كبح جماح التراجع في أسعار النفط ما لم ينزل الخام عن 90 دولارا للبرميل لفترة طويلة، ولم يحدد اخرون نطاقا سعريا مثاليا لكن قالوا انهم سيواصلون الانتاج المرتفع وقد يتقبلون مزيدا من الانخفاض في الاسعار، وسجل سعر مزيج برنت 107 دولارات في معاملات سابقة وقد تراجع نحو 15 دولارا منذ مطلع أغسطس اب مع تدهور التوقعات الاقتصادية وفي أعقاب اطلاق كميات من احتياطيات المستهلكين وضخ المنتجين الخليجيين في أوبك امدادات اضافية في يونيو حزيران. بحسب رويترز.

وبدأت الاسعار تتأثر أيضا باحتمال عودة النفط الليبي الى السوق بعد تصدير أول شحنة منذ انتهاء الحرب، وتأمل ليبيا في استئناف الانتاج الكامل في غضون 12 الى 15 شهر، وقال مسؤول من بلد عربي خليجي عضو في أوبك "السعر تراجع لكنه مازال فوق 100 دولار .. 90 دولارا يظل سعرا مرتفعا"، وكان المنتجون الخليجيون الثلاثة قد رفعوا المعروض بشدة في يونيو اثر فشلهم في اقناع سائر أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول بدعم مقترح لاجراء زيادة رسمية، ورغم التوقعات بتجدد الركود تظل الامدادات الخليجية مرتفعة ولا يبدو أن السعودية وحلفاءها الخليجيين مستعدون للتدخل ودعم الاسعار عن طريق خفض وشيك للامدادات، وقال مسؤول من منتج خليجي اخر في أوبك "لا أتوقع أن تخفض دول الخليج انتاجها بدرجة كبيرة، ستكون العملية تدريجية أكثر ولا أعتقد حقا أن ليبيا ستعود خلال الاطار الزمني المعلن، أما بالنسبة للسعر فهو مازال مرتفعا"، وعادة ما يكون الاعضاء الخليجيون هم الاكثر اعتدالا بشأن الاسعار بين دول منظمة أوبك الاثنتي عشرة حيث لا يريدون لتكاليف الطاقة المرتفعة أن تكبل النمو الاقتصادي والطلب في المدى الطويل على مصدر ايرادات التصدير الرئيسي بالنسبة لهم، لكن اخرين مثل ايران وفنزويلا والجزائر الذين عارضوا الدعوة الى ضخ مزيد من نفط أوبك في يونيو يملكون احتياطيات نفطية أقل وعدد سكان أكبر ويفضلون ابقاء الاسعار مرتفعة قدر الامكان.

الامير تركي: الاصول السعودية امنة

في سياق متصل قال الرئيس السابق للمخابرات السعودية ان المملكة واثقة من أن قوة أمنية مكونة من 35 ألف عنصر قادرة على حماية المنشات النفطية في أكبر بلد مصدر للنفط في العالم من خطر الهجمات الارهابية المتزايد في المنطقة، وقال الامير تركي الفيصل في كلمة بمعهد الكانو الملكي في مدريد ان موجة الانتفاضات التي اجتاحت العالم العربي هذا العام وأطاحت بحكومات في المنطقة خلقت بيئة خصبة للجماعات الارهابية، لكن السعودية مازالت واثقة من أن المليارات التي أنفقت على حماية أكبر مصادر ايراداتها تجعل البنية التحتية لقطاع الطاقة "محصنة"، وقال الامير تركي "في ظل الضعف الحالي لحكومات اليمن وليبيا وتونس ومصر وسوريا ودول أخرى فالاوضاع مثالية لخلايا القاعدة لمد جذورها وارتكاب أعمال متهورة وشريرة وفوضوية"، وأضاف في الكلمة التي ارسلت نسخة منها للصحفيين "لكن رغم حالة الاضطراب المهيمنة على الصورة العامة في كل ما يحيط بالسعودية التي تقبع في مركز تلك العواصف الكثيرة فيسعدني أن أقول ان السعودية مازالت مستقرة وامنة". بحسب رويترز.

وتابع "يسعدني ايضا ان اقول لكم ان البنية التحتية لانتاج النفط في السعودية اثبتت انها محصنة ضد الهجمات وستستمر في اثبات ذلك"، وبدأت السعودية تشكيل قوة أمنية لحماية المنشات الصناعية في 2006 بعد هجوم فاشل للقاعدة على أكبر منشأة لمعالجة النفط في العالم في أبقيق، وقال الامير تركي ان المملكة حققت نحو 85 بالمئة من ايراداتها في 2009 من النفط ومن المتوقع أن تؤدي قفزة في أسعار الخام في 2011 لتعزيز عائدات النفط الى 300 مليار دولار هذا العام وحوالي 250 مليار دولار في المتوسط سنويا على مدى السنوات الخمس المقبلة، ويقول محللون ان حزم الانفاق التي أعلنتها السعودية في وقت سابق من العام الجاري ساعدتها حتى الان في تفادي السخط الشعبي المنتشر في أنحاء من العالم العربي لكنها زادت احتياج المملكة لعائدات النفط.

سوق النفط متوازنة

على صعيد مشابه قالت السعودية وايران العضوان المتنافسان في منظمة أوبك ان سوق النفط العالمية متوازنة على صعيد العرض والطلب وذلك بعد هبوط أسعار النفط الاخير بفعل تجدد المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي، وزادت السعودية أكبر بلد مصدر للنفط في العالم وحلفاؤها الخليجيون انتاجهم في يونيو حزيران بعد أن أخفقوا في اقناع ايران ودول أخرى متشددة بشأن الاسعار في أوبك بالموافقة على زيادة رسمية لحصص الانتاج في المنظمة لتعويض فقدان النفط الليبي، وقالت ايران ومعها فنزويلا والجزائر حينئذ ان افاق الاقتصادي العالمي غامضة للغاية مما لا يسمح بزيادة الانتاج رافضين نصيحة لجنة استشارية لاوبك بأن هناك حاجة لمزيد من النفط في الاشهر التالية، وخفضت أوبك منذ ذلك الحين توقعاتها استجابة لقتامة الافاق الاقتصادية، وفي الوقت الحاضر فان السعودية وايران اللتين تختلفان في أغلب الاحوال على سياسة الانتاج تتفقان على توازن السوق، ونقلت وكالة الانباء السعودية الرسمية عن وزير البترول السعودي علي النعيمي قوله ان السوق حاليا تتسم بالتوازن بين الامدادات والطلب وان المملكة مستعدة لتلعب دورا ايجابيا في استقرار السوق. بحسب رويترز.

وقال محمد علي خطيبي مندوب ايران لدى أوبك لوكالة أنباء مهر الايرانية شبه الرسمية ان الانخفاض في أسعار النفط مع هبوط خام برنت نحو 14 دولارا للبرميل منذ أوائل أغسطس اب يعد مبررا لمن عارضوا مقترح السعودية بزيادة الانتاج في يونيو، ونقلت الوكالة عنه قوله ان الطلب لم يرتفع على الاطلاق على عكس توقعات بعض الدول العربية وانه يوجد حاليا توازن نسبي في السوق العالمية بين العرض والطلب وليس هناك حاجة لزيادة سقف الانتاج، وهبطت أسعار النفط نحو 25 دولارا للبرميل عن ذروة صعودها الى 127 دولارا للبرميل في ابريل نيسان في ظل مخاوف من احتمال تراجع الطلب العالمي بفعل أزمة ديون أوروبا وتوقعات عودة النفط الليبي الى السوق، ورغم الانخفاض قال مسؤولون بقطاع النفط من الرياض والكويت وأبوظبي لرويترز الاسبوع الماضي انهم لا يتوقعون خفض الانتاج لدعم الاسعار اذا لم تتراجع الاسعار بشكل أكبر، وعادة ما تضخ ايران التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية لمنظمة أوبك أقصى ما يسمح به قطاعها النفطي لكنها تعارض زيادة انتاج أوبك خوفا من تراجع ايراداتها النفطية، وقالت مصادر دبلوماسية ان اجتماع أوبك القادم في ديسمبر كانون الاول سيرأسه وزير النفط الايراني رستم قاسمي الذي سيسمح له بحضور الاجتماع في فيينا رغم وجود اسمه في قائمة عقوبات الاتحاد الاوروبي.

مستقبل مشرق للنفط الصخري

من ناحيتها قالت منظمة البلدان المصدرة للبترول ان العالم عليه أن ينتظر عشر سنوات على الاقل قبل أن يرى إمدادات كبيرة من النفط الصخري مماثلة لثورة الغاز الصخري في الولايات المتحدة لكن احتياطيات النفط الصخري يمكن أن تنافس احتياطيات النفط التقليدية التي تحوزها السعودية، وقالت أوبك في تقرير ان الاحتياطيات العالمية من النفط الصخري تبلغ نحو 300 مليار برميل أعلى من التقديرات الحالية لاحتياطيات النفط التقليدية السعودية عند حوالي 265 مليار برميل، وقال التقرير "من الممكن أن يرتفع انتاج النفط الصخري خلال عشر سنوات بمستويات كبيرة نسبيا على أساس سنوي بافتراض أن تظل الاسعار فوق 60 دولارا للبرميل ولا تقوم دول مثل الارجنتين واستراليا وكندا بتقييد الانشطة"، وقالت أوبك التي تضخ حاليا ثلث الانتاج العالمي من النفط "في الوقت الحاضر رغم ذلك لا ينظر الى النفط الصخري إلا كمجرد مصدر لاضافات ضئيلة"، والنفط الصخري هو أحد أشكال الخام الخفيف ويوجد في الصخور العميقة تحت سطح الارض ويتم استخراجه "بالتكسير" من خلال آبار أفقية عميقة، وتهيمن حاليا الرمال النفطية على عمليات استخراج النفط من المصادر غير التقليدية في الولايات المتحدة وكندا مع بلوغ الانتاج العالمي في 2011 نحو 2.3 مليون برميل يوميا أو ما يعادل انتاج النرويج وهي ليست عضوا في أوبك، وقالت أوبك ان الانتاج العالمي من النفط من المصادر غير التقليدية سيرتفع الى 3.4 مليون برميل يوميا بحلول عام 2015 حيث لا تزال تهيمن عليه الرمال النفطية ثم الى 5.8 مليون برميل يوميا في 2025 والى 8.4 مليون برميل يوميا في 2035 عندما سيلعب النفط الصخري دورا أكبر. بحسب رويترز.

ارتفاع احتياطيات الخام لايران

من ناحية اخرى أفادت وكالة الطلبة الايرانية للانباء أن احتياطيات النفط الايرانية بلغت 158 مليار برميل وذلك في زيادة طفيفة عن التقديرات السابقة لطهران، وكانت ايران رفعت في أكتوبر تشرين الاول الماضي تقديراتها للاحتياطيات الى 150.31 مليار برميل من 138 مليار برميل اثر قيام العراق بخطوة مماثلة، ولم يذكر تقرير الوكالة طريقة حساب الزيادة الجديدة لكنه نقل عن وزير النفط رستم قاسمي قوله ان خطته للتركيز على استخراج الخام من الحقول المشتركة مع دول أخرى ستعزز الانتاج، ونسب الى قاسمي قوله "بنهاية خطة التنمية الخمسية (2010-2015) قد يزيد انتاج البلاد من النفط الى 5.2 مليون برميل يوميا وسيحدث هذا من الحقول المشتركة"، ويقدر المسؤولون انتاج ايران الحالي بين 3.6 مليون وأربعة ملايين برميل يوميا وكان أحدث تقدير عند 3.92 مليون برميل يوميا وأدلى به هرمز قلاوند مدير شركة نفط الجنوب الوطنية الايرانية التي تديرها الدولة في تصريحات لوكالة أنباء فارس شبه الرسمية، ويخضع رابع أكبر بلد مصدر للنفط في العالم لعقوبات دولية -تفرضها عليه دول لديها بواعث قلق بشأن برنامجه النووي- مما أجبر الشركات الغربية على الانسحاب من قطاع الطاقة الايراني. بحسب رويترز.

انتهى زمن الغاز الرخيص

بدوره قال مسؤول بشركة نفط البحرين (بابكو) خلال مؤتمر للطاقة بدبي ان على مستهلكي الشرق الاوسط الذين تمتعوا لفترة طويلة بالغاز الطبيعي المدعم أن يتأقلموا مع زيادة أسعار الوقود الذي يكتسب شعبية متزايدة لتشغيل محطات توليد الكهرباء، وحذرت وكالة الطاقة الدولية من أن دعم الوقود الاحفوري بمئات المليارات يشجع على الاهدار في الاستهلاك ويعوق الاستثمارات مشيرة الى أن ايران والسعودية تقدمان أكبر دعم للوقود في العالم، وفي ما قد يكون نقطة تحول بمنطقة ازدهرت فيها الصناعة على استهلاك الغاز بأسعار مخفضة لسنوات يواجه القطاع الصناعي في البحرين زيادة بواقع 75 سنتا في سعر الغاز ليصل الى 2.25 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية اعتبارا من أول يناير كانون الثاني 2012 قررتها الحكومة وتقوم بتحصيلها بابكو التي تديرها الدولة، وقال محللون ومسؤولون بشركات طاقة غربيون في المؤتمر ان اجراء تقليص الدعم على صغره خطوة تأخرت طويلا تجاه خفض الهدر وتشجيع الاستثمار في اكتشافات جديدة لتلبية الاحتياجات المستقبلية في المنطقة، وقال داود ناصف رئيس قسم الاستراتيجية وتطوير الاعمال لدى بابكو في مؤتمر الشرق الاوسط للنفط والغاز في دبي ان زمن الغاز الرخيص قد انتهى بالشرق الاوسط. بحسب رويترز.

وتعادل الزيادة المزمعة في سعر الغاز للقطاع الصناعي في البحرين التي تبلغ 75 سنتا اجمالي التكلفة التي لا يزال يتمتع بها المستهلكون الصناعيون في السعودية المجاورة حيث لا تزال الاسعار تعكس التكلفة التي لا تذكر لانتاج الغاز من حقول النفط السعودية، ولا يزال السعر الجديد البالغ 2.25 دولار التي تواجهه شركة ألومنيوم البحرين (ألبا) أكبر مستهلك للغاز في البلاد ليس الا جزء بسيط من أكثر من 15 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية تدفعها دول اسيوية مقابل الغاز الطبيعي المسال الذي من المرجح أن تحتاجه البحرين في غضون سنوات قليلة، ويواجه انتاج الغاز في البحرين صعوبات لتلبية الطلب القوي من جانب محطات الكهرباء والصناعات الثقيلة مما اضطر البلاد وهي منتج صغير للنفط غير عضو في منظمة أوبك للتطلع للخارج بشكل متزايد لتلبية احتياجاتها من الغاز في المستقبل، ولتلبية الطلب المستقبلي الذي يتزايد سريعا في انحاء الشرق الاوسط قال ناصف ان بابكو تجري محادثات بشأن عدة مشروعات محتملة لاستيراد الغاز عبر أنابيب وتتطلع لتوقيع صفقات امداد قصيرة الامد للغاز الطبيعي المسال للقيام بمشتريات فورية منه، وقال ناصف على هامش المؤتمر "نجري محادثات مع عدد من الموردين" لكنه لم يذكر أسماء، وأضاف أن من المتوقع أن تتسلم الشركة أولى الشحنات قرب نهاية 2014 أو مطلع 2015.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 8/كانون الأول/2011 - 12/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م