العراق وأمريكا... التحديات الكبرى

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: بات العراق يخلو من القوات الأجنبية، بعد أكثر من ثمان سنوات كانت تلك القوات تصول وتجول في ربوعه دون رادع، لتستبدل القوات المهاجرة وجودها بقوات عراقية ناشئة، يراهن العراقيون بحزم على قدرتها في حفظ امن بلادهم بالرغم من تشكيك بعض الفصائل السياسية في كفاءتها.

وهو ما يطرح عدة تساؤلات حول ما سيترتب من تلك الإسقاطات الجديدة على المشهد العراقي في الأيام القادمة، إلا إن معظم الإجابات لن تكون وافية ما لم توضع القدرات العراقية على المحك، وهي تجربة وجب على العراقيين خوضها وان بعد حين.

فالتحديات الداخلية قد لا تقل خطورة على التحديات الخارجية، والملفات الشائكة التي وجب على العراق معالجتها لم تنجح الولايات المتحدة على مدى السنوات الماضية في الحد من مخاطرها، وفي خضم ما يكتنف العراق ما عسى المرء إلا أن يستشهد بالمثل القائل أهل مكة أدرى بشعابها، فالعراقيون باتوا لوحدهم.

أكبر مهمة منذ الحرب العالمية

ففي ذروة الحرب الأمريكية في العراق كان للجيش الامريكي أكثر من 170 الف جندي و500 قاعدة تزخر بالخيام والمراحيض والمطابخ وساحات توقيف السيارات وخط جوي يسير مئات الرحلات يوميا في أنحاء البلاد، ويعتقد أن الانسحاب الأمريكي من العراق بعد ما يقرب من تسع سنوات من الحرب أحد أكبر مهام الانسحاب في التاريخ، وفي بداية العام أحصى خبراء الامداد والتموين ان هناك ما يقرب من 3 ملايين قطعة من المعدات يتعين نقلها من الطائرات وطائرات الهليكوبتر والدبابات لأجهزة الكمبيوتر المحمولة والمصابيح. بحسب رويترز.

وقال كولونيل جيري بروكس وهو مؤرخ عسكري أمريكي هذا هو أكبر تحريك لمعدات عسكرية قمنا به منذ الحرب العالمية الثانية، وستكون كل القوات قد خرجت من العراق قبل عيد الميلاد، ويقول مسئولون أمريكيون إن حوالي مليوني قطعة من المعدات نقلت منذ سبتمبر ايلول 2010 بعضها الى الولايات المتحدة والبعض الاخر الى أفغانستان أو غيرها من المواقع، ويعني انتهاء الحرب في العراق اغلاق القواعد الامريكية التي بلغ عددها 505 قواعد في ذروة الحرب وكانت تضم كل شيء من مستودعات الوقود الصحراوية الصغيرة الى المنشات الضخمة التي كان الأمريكيون يتحصنون بها لسنوات.

احتفال متواضع

وفي سياق متصل كانت مراسم الاحتفال رسميا متواضعة في العراق بحضور نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن بانسحاب القوات الأمريكية بعد نحو تسع سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، وجرى الاحتفال في قصر الفاو في المنطقة الخضراء شديدة التحصين والذي بناه الرئيس الراحل صدام حسين الذي أنهى غزو العراق حكمه في ابريل نيسان من العام 2003، ومهد إسقاط صدام الى إجراء انتخابات برلمانية ومحلية وتشكيل حكومة ضمت جميع شرائح المجتمع العراقي وبدعم من القوات الأمريكية، وعبر الرئيس العراقي جلال الطالباني في كلمته أمام القوات الامريكية عن الامتنان ونحملهم تحياتنا الى الشعب الامريكي والى الرئيس باراك اوباما وللكونجرس ونعاهدهم ان العراق الذي حقق السيادة الوطنية الناجزة سيظل وفيا للعهود وللمواثيق وصديقا للولايات المتحدة الامريكية، وقال الطالباني ان العراق يتطلع في المرحلة المقبلة الى مرحلة جديدة من التعاون وضعت ملامحها وآفاقها في اتفاقية الاطار الاستراتيجي المعقودة بين الدولتين والتي صارت اساسا للعلاقات المستقبلية بين بلدينا، وكان العراق وأمريكا قد وقعا نهاية العام 2008 اتفاقية تضمنت إطارا عاما ومستقبليا للتعاون الاستراتيجي بين البدين في جميع المجالات. وتضمنت الاتفاقية جداول زمنية لانسحاب القوات الامريكية من البلاد سيكون اخرها نهاية العام الجاري حيث يتوجب على القوات الامريكية انهاء كامل انسحابها من العراق، وجرت الاحتفالية بحضور عدد من الوزراء والنواب العراقيين والسفراء العاملين في العراق وكبار القادة العسكريين العراقيين والامريكيين والسفير الأمريكي في العراق، وكان قادة عسكريون وسياسيون عراقيون قد عبروا عن قلقهم من ان يؤثر انسحاب القوات الامريكية على الوضع الامني بسبب عدم اكتمال استعداد قوات الأمن العراقية، وفشل البلدان بعد أشهر طويلة من المفاوضات في الاتفاق على مستوى معين من الوجود العسكري الامريكي في العراق بعد ان رفضت الحكومة العراقية منح الحصانة للجنود الأمريكيين وهو الشرط الذي أصرت عليه الإدارة الأمريكية، وعبر الطالباني قبل أيام عن قلقه بشأن استعداد القوات المسلحة العراقية وقال ان تقارير القادة العراقيين العسكريين بينت الحاجة الى استمرار نوع ما من الوجود العسكري الامريكي لمساعدة العراقيين على الدفاع عن اراضيهم في وجه أي اعتداء خارجي محتمل وتدريبهم على استعمال الاسلحة التي اشتراها العراق من أمريكا، وأعلن مسئولون عراقيون وأمريكيون في وقت سابق ان اتفاقا تم التوصل اليه بين البلدين يقضي بإبقاء نحو 700 مدرب امريكي في العراق بعد نهاية العام الحالي لتدريب القوات العراقية. وقال مسئول أمريكي أن المدربين لن يتمتعوا بالحصانة لكنهم سيكونون جزءا من بعثة السفارة الأمريكية في العراق، وعبر نوري المالكي رئيس الحكومة في كلمته عن ضرورة وجود مدربين أمريكيين لتدريب القوات العراقية، وقال ان هناك حاجة "لوجود مدربين امريكيين لإغراض محددة تقتضيها الضرورة وهو اجراء روتيني تعمل به جميع جيوش العالم عند استخدامها للأسلحة الحديثة، ووصف المالكي الانسحاب بأنه "انتصار تاريخي لخيار المفاوضات، وقال ان هذا خيار "كنا قد اعتمدناه كطرفين في فترة صعبة وحساسة من تاريخ العراق الحديث في التعاطي مع قضية وجود القوات وهو خيار... لاقى الكثير من الصعوبات والاتهامات والتشكيك في داخل العراق وخارجه، وعقب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة اندلعت موجة من الاقتتال الطائفي ومعارك عديدة اخرى لجماعات مسلحة عراقية كانت تقاتل الوجود الامريكي في العراق. وتسببت العمليات المسلحة في حصد ارواح عشرات الآلاف من العراقيين، وتقول منظمات غير عراقية ان أعداد القتلى من العراقيين خلال الفترة الماضية قد تصل الى مليون قتيل وهي أرقام تنفيها السلطات العراقية، وقال المالكي أن عملية الانسحاب سوف تسقط جميع الشعارات واللافتات المفضوحة التي ظلت تختفي وراءها بعض الدول والجهات الخارجية من اجل التدخل في الشؤون الداخلية للعراق وهو التدخل الذي كانت له تداعيات خطيرة على الوضع العام في البلاد وخصوصا في المجالات الأمنية والتنموية والاقتصادية والسياسية. بحسب رويترز.

الاستعداد للانسحاب  

وعلى هذا صعيد خلت أماكن صف المركبات في قاعدة كامب ايكو وعاد متعهدو تقديم الطعام الى الوطن منذ وقت طويل، بينما طليت من جديد الجداريات التي كانت تصور هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، وقاعدة ايكو واحدة من اخر سبع قواعد عسكرية أمريكية في العراق وهي تسابق الزمن ليتسلمها العراقيون، فيما يحزم الجنود الامريكيون هناك أمتعتهم ويستكملون مهمتهم الاخيرة وهي حماية ما تبقى من جنود أثناء انسحابهم باتجاه الجنوب عبر حدود العراق مع الكويت، وبعد نحو تسعة أعوام من الغزو الذي أطاح بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين تختتم المهمة الامريكية في العراق اذ لم يتبق سوى 13 الف جندي في البلاد، ويغادر المئات يوميا حتى نهاية العام الحالي، وتوجهت مئات القوافل من المركبات العسكرية والشاحنات المدنية الى الكويت منذ أعلن الرئيس الامريكي باراك أوباما الشهر الماضي أن القوات سترحل كما هو مقرر مما ينهي الوجود الامريكي واسع النطاق على الأراضي العراقية، وقال السارجنت بالجيش الأمريكي فريد فوكس في كامب ايكو بالديوانية على بعد 150 كيلومترا جنوبي بغداد حان الوقت، الرئيس والجميع يقولون حان الوقت، بذلنا ما في وسعنا، وأضاف حان الوقت لنعود الى وطننا ونتركهم ليعتنوا بوطنهم، ومازال الجنود الذين تبقوا في كامب ايكو على غرار قواعد أخرى في العراق يقومون بدوريات لحماية أنفسهم والطريق السريع الى الجنوب والقاعدة على الرغم من حزمهم أمتعتهم وتسليمهم معدات بدءا من المركبات وانتهاء بأجهزة تكييف الهواء للقوات المسلحة العراقية، في معسكر ايكو تصطف سيارات بيضاء رباعية الدفع وعربات من التي تستخدم في أعمال البناء وسيارات جيب في انتظار المسؤولين العراقيين ليفحصوا قوائم الجرد الامريكية. وستترك القوات الامريكية كل ما سيكلفها شحنه الى أماكن أخرى مبالغ كبيرة مثل الحواجز الخرسانية، على مقربة تستعد مدرعات للخروج في دورية لتأمين الطريق السريع رقم 1 ، وتراجعت أعمال العنف في العراق بشدة منذ ذروة الصراع الطائفي عامي 2006 و 2007 حين كان انتحاريون يقتلون المئات يوميا وعانت بغداد ومدن أخرى من جرائم القتل ذات الدوافع الطائفية بين السنة والشيعة، ومازالت الهجمات والتفجيرات تتكرر بشكل شبه يومي، وتكافح القوات العراقية حركات مسلحة سنية متشددة وميليشيات شيعية تدعمها إيران، وفي ذروة الحرب كان العراق يشهد اكثر من 100 هجوم يوميا. وقتل 4500 جندي أمريكي تقريبا خلال ثمانية اعوام ونصف العام فيما لقي 60 الف عراقي على الاقل حتفهم في أعمال العنف، وتشير الإحصاءات الحكومية الى مقتل 17800 عراقي في عام 2006 وحده، والهجمات على القوات الأمريكية أقل شيوعا الان غير أن مسؤولين حذروا من أن المتشددين ربما يحاولون تصعيد هجماتهم في الايام الأخيرة من الانسحاب الأمريكي. بحسب رويترز.

القاعدة الرئيسية وقصور صدام

فيما أعاد الجيش الامريكي أكبر قاعدة له في العراق الى الحكومة العراقية وهي مجمع ضخم بالقرب من مطار بغداد كان يوجد فيه مركز عمليات أمريكي واحتجز فيه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين قبل إعدامه، وكان مجمع فيكتوري بيس كومبلكس الذي تحيطه أسلاك شائكة وحوائط خرسانية بطول 42 كيلومترا مركزا للقيادة الامريكية في حرب العراق منذ أن دخلت القوات الامريكية بغداد وأسقطت تمثال صدام عام 2003، ويمثل تسليم الموقع حجر زاوية مهم في الانسحاب الامريكي من العراق بينما تعزز واشنطن وجودها في بغداد في سفارتها الضخمة المطلة على نهر دجلة في المنطقة الخضراء شديدة التحصين في العاصمة العراقية، وأضاف لم تعد القاعدة تحت السيطرة الامريكية وهي الان تحت السلطة الكاملة لحكومة العراق، وتنهي القوات الامريكية عملياتها منذ شهور في فيكتوري كومبلكس الذي كان يضم في يوم من الايام نحو 42 ألف جندي أمريكي و20 ألف اخرين من طاقم الدعم. بحسب رويترز.

 وأقام كبار قادة الحرب الامريكيين من ريكاردو سانشيز الى ديفيد بتريوس الى القائد الحالي الجنرال لويد اوستن في احدى الفيلات التي كان يملكها صدام في القاعدة وهي عبارة عن قصر من 20 غرفة مقام على مساحة 25 ألف قدم مربع، واستخدمت القوات الامريكية قصر الفاو الذي كان يملكه صدام ليكون مركز عمليات الحرب وهو مقام على مساحة 450 ألف قدم مربع ويضم 62 غرفة بينها 29 دورة مياه، وقال مسؤولون أمريكيون انهم سيتركون مقعدا خشبيا كبيرا أعطاه الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لصدام، وذكر مسؤولون أمريكيون أن صدام كان مسجونا في فيكتوري بيس لمدة عامين في منشأة محصنة بنيت وسط حطام فيلا قصفت وكانت تستخدمها قوات ابنه عدي.

بايدن

من جهته اكد نائب الرئيس الاميركي جوزف بايدن في بغداد ان الانسحاب الاميركي من العراق يطلق مسارا جديدا بين دولتين تتمتعان بالسيادة، مشددا على ان هذه الشراكة تشمل علاقة امنية قوية، وقال بايدن في افتتاح اجتماع لجنة التنسيق الاميركية العراقية العليا ان "قواتنا تغادر العراق ونحن نطلق مسارا جديدا معا ومحطة جديدة في هذه العلاقة، علاقة بين دولتين تتمتعان بالسيادة، فيما اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما في 21 تشرين الاول/اكتوبر ان القوات الاميركية ستنسحب من العراق بحلول نهاية العام 2011 تطبيقا لاتفاقية امنية موقعة بين الجانبين. ولا يزال هناك 13800 جندي اميركي في العراق، فيما تبقى سبع قواعد عسكرية يتوجب تسليمها للعراقيين قبيل نهاية العام. وقد اخفقت حتى الآن مفاوضات بين واشنطن وبغداد بشان مهمات تدريب للاميركيين في العراق بسبب رفض العراق منح المدربين الاميركيين الحصانة، وقال بايدن ان الولايات المتحدة حافظت على وعدها بسحب جنودها من العراق بحلول نهاية العام. بحسب فرانس برس.

 وتابع ان اوباما والمالكي متفقان على ان سحب قواتنا لا يصب في مصلحة العراق فقط، بل ايضا في مصلحة الولايات المتحدة، مضيفا انه خلال شهر ستكون قواتنا قد انسحبت من العراق لكن شراكتنا الاستراتيجية ستتواصلن وتاتي زيارة بايدن غير المعلنة الى العراق بعد اسبوع دام قتل خلاله اكثر من ستين شخصا واصيب العشرات بجروح في عموم العراق. وقتل خلال الاشهر الماضية من العام الحالي ما لا يقل عن 2488 شخصا واصيب 4072 بجروح جراء اعمال عنف في عموم البلاد، وفقا لمصادر رسمية،الا ان البلاد لا تزال تشهد منذ ذلك الحين اعمال عنف شبه يومية قتل فيها عشرات الاف العراقيين وآلاف الجنود الاميركيين.

المالكي

في المقابل قال رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي في اجتماع مع نائب الرئيس الامريكي جو بايدن ان العراق يتطلع الى علاقات وطيدة وتعاون مشترك مع الولايات المتحدة بعد انتهاء الوجود العسكري الامريكي في العراق، بينما تظاهر المئات من اتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في عدة مدن عراقية ضد الزيارة، وقال المالكي ان حكومته تتطلع الى قدوم الشركات الامريكية للمساعدة في اعادة الاعمار والبناء والتطوير،كما نريد انجازات في هذا المجال...سواء في المجال الخدمي او الاقتصادي او التعليمي، ويحتاج العراق حاليا الى اعادة بناء اقتصادة المتهالك وبنيته التحتية المتردية بسبب سنوات طويلة من الحروب والعقوبات الدولية التي فرضت على العراق قبل العام 2003. كما تسبب الصراع الطائفي في العراق والعمليات المسلحة التي كانت تستهدف الوجود الامريكي فيه في السنوات الماضية الى اجهاض ما تبقى من مشاريع خدمية. بحسب رويترز.

مواقف متباينة

من جهتهم يتبنى المسؤولون العراقيون، قبل الانسحاب الكامل للقوات الاميركية من البلاد، مواقف متباينة حيال قدرة الجيش الوطني على حماية اجواء العراق من دون اية مساعدة اميركية.

وتستعد القوات العراقية باذرعها البرية والجوية والبحرية، إذ وتتحضر القوات العراقية للتعامل مع وضع امني هش حيث تعصف بالبلاد منذ عام 2003 اعمال عنف شبه يومية، فيما تنتشر الميليشيات المسلحة التي يتمتع بعضها بغطاء سياسي، وتتركز الانظار على قدرة الجيش العراقي في حماية حدود البلاد، وخصوصا المجال الجوي اذ ان العراق لا يزال يفتقد الى انظمة الدفاع المناسبة، وسط خلافات حول امكانية طلب ابقاء قوات اميركية او مدربين للمساعدة في هذا المجال، فيما قال المتحدث العسكري باسم الجيش اللواء محمد العسكري انها تهدف الى "التاكيد على جهوزية تسلم الملف الامني، من جهته اكد رئيس لجنة الامن والدفاع البرلمانية حسن السنيد على هامش المناورة انه بالنسبة الى طيران الجيش، ليس هناك من داع لاي مدرب اميركي.

واعتبر انه اتضح من خلال مناورة الصقر الجارف ان طيران العراق جاهز ومقتدر لتنفيذ المهام المطلوبة منه، ووصف النائب عن ائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي المناورة بانها تمثل رسالة الى شعبنا بان جيشنا والقوات الامنية قادرة على ان تمسك زمام المبادرة بعد الانسحاب الاميركي، وتابع هناك رسالة اخرى الى اعداء العراق تؤكد ان الصقر العراقي والمارد العراقي ما يزال مقتدرا وجاهزا للعمل على ردع اي عدوان او اي تجاوز يتعرض له العراق وسيادته، غير ان المناورة التي شملت ست مروحيات قتالية واستمرت لحوالى ثلاث ساعات، لم تظهر جهوزية كبيرة لدى القوات الجوية العراقية التي حاولت مروحياتها طوال التمرين ان تدمر اهدافا مكشوفة بينها دبابة، الا انها لم تلق نجاحا كبيرا في ذلك، وشهدت المناورة ايضا تغييرا في الخطة المرسومة لها عدة مرات من قبل قائد طيران الجيش الفريق الطيار الركن حامد عطية بعد فشل الطيارين بشكل متكرر في اصابة احد الاهداف، وعلى الرغم من ذلك، قال محمد العسكري ان المناورة تثبت ان "قدراتنا وطاقاتنا بمستوى التحديات، وتابع في المؤتمر الصحافي الذي اعقب المناورة "سيكون لدينا قوة طيران مميزة في المنطقة، فيما شدد السنيد على ان "قدراتنا وقيادة الدفاع الجوي تثبتان ان العراق لن يكون خاصرة رخوة لاي عدو سواء اكان قوة اقليمية او دولية، وقبيل بدء المناورة عقد عدد من قادة سلاح الطيران العراقي اجتماعا مع السنيد، قال خلاله قائد طيران الجيش ان هناك قدرة عالية من الكفاءة والجهوزية (...) نحن علمنا خبراءنا ولم نكن بحاجة لخبراء اجانب، وتتناقض هذه التصريحات مع تقرير اميركي نقل نهاية تشرين الاول/اكتوبر عن رئيس اركان الجيش العراقي الفريق بابكر زيباري قوله ان العراق لن يكون قادرا على حماية اجوائه وحدوده قبل عام 2020 على الاقل، وقال التقرير الذي اعده المفتش العام الاميركي لشؤون اعادة اعمار العراق نقلا عن زيباري ان "العراق لن يكون قادرا على الدفاع عن اجوائه قبل 2020، في اقرب تقدير"، مؤكدا ان "جيشا بدون غطاء جوي يعد جيشا مكشوفا، وكان الجيش العراقي مقيدا لسنين بالصراعات الداخلية الامر الذي منعه من تطوير نفسه، في الوقت الذي يقول ضباط اميركيون انه بحاجة الى الانتقال الى دور اكثر تقليدية لرد الاعتداءات الخارجية. بحسب رويترز.

وقد اكد المسؤولون العسكريون الاميركيون في العراق مرات عدة ان القوات العراقية قادرة على الحفاظ على الامن داخليا لكنها لا تستطيع حماية المجال الجوي والمياه الاقليمية والحدود، وفي غياب انظمة الدفاع الجوي المناسبة.

اتفاقية مع حلف الأطلسي

وفي ذات الشأن أعلن المتحدث باسم الحكومة العراقية ان العراق يدرس حاليا اتفاقية مع حلف شمال الاطلسي تهدف الى تدريب القوات العراقية، من دون ان تنص على اعطاء حصانة لجنود الحلف او ان ترقى الى مستوى الغطاء الجوي، وقال علي الدباغ في مداخلة تلفزيونية عبر قناة العراقية ان مجلس النواب اتم بقراءة اولى اتفاقية مع الناتو وينتظر القراءة الثانية للمصادقة عليها، مشيرا الى انها اتفاقية تدريب محدودة، وتابع ان هذه الاتفاقية لا ترقى الى ان يغطينا الناتو جويا او ان يعطينا غطاء جويا. لا يوجد في الاتفاقية شيء من هذا القبيل، واوضح الدباغ ان الاتفاقية هي لتدريب قواتنا"، مشددا على انه "لن تكون هناك حصانة" تمنح لجنود الحلف، وتابع ان "العراق يريد ان ينوع حاجته من التدريب مع الناتو حلف الاطلسي والولايات المتحدة ودول اخرى، ولكن بشروط عراقية، من جهته، قال المتحدث باسم الجيش الاميركي اللواء جيفري بيوكانن ان "العراق يعمل على وضع اللمسات الاخيرة على اتفاقية تدريب الناتو قد تشمل حوالى 150 من المدربين، واضاف ان "الحكومة العراقية تسعى الى تحديد علاقتها بالحلف الاطلسي، وياتي الحديث عن الاتفاقية بين العراق والحلف الاطلسي في وقت تستكمل القوات الاميركية انسحابها من العراق. بحسب وكالة الانباء فرانس برس.

وكان الاميرال صامويل لوكلير قائد القيادة الجنوبية للحلف الاطلسي اعلن نهاية العام الماضي ان الحلف يبدي انفتاحا حيال مواصلة مهامه الى ما بعد الانسحاب التام للقوات الاميركية، وبدأ حلف شمال الاطلسي الذي لم يشارك في حرب العراق بسبب معارضة فرنسا والمانيا، مهامه في هذا البلد العام 2004 لتدريب قوات الامن بناء على طلب من حكومة بغداد، وخضع حوالى تسعة الاف ضابط في الشرطة الاتحادية لتدريبات الدرك الايطالي المشارك ضمن قوات حلف الاطلسي منذ تشرين الاول/اكتوبر 2007، واجرى الاطلسي العام الماضي دورات جديدة لتدريب قوات الشرطة على حماية المنشآت النفطية.

حزب الله

من جانب أخر قال رئيس هيئة الأركان الامريكية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي ان السلطات العراقية تدرس طلب الولايات المتحدة ان تبقي واشنطن نشط حزب الله الاسير علي موسى دقدوق في عهدتها بدلا من تسليمه الى بغداد قبل نهاية العام، وسلمت الولايات المتحدة كل المحتجزين الباقين لديها في العراق الى الحكومة العراقية ماعدا دقدوق المتهم بتدبير حادث خطف ادى الى مقتل خمسة عسكريين امريكيين في عام 2007، ويخشى مشرعون امريكيون ان يعجز العراق عن الاستمرار طويلا في حبس دقدوق المولود في لبنان وحذروا من ان المحاكم العراقية قد لا تستطيع ادانته، وترك المسؤولون الامريكيون الباب مفتوحا امام امكانية احضاره الى منشأة امريكية للمحاكمة امام لجنة عسكرية او في محكمة مدنية، ولم يخض ديمبسي في الحديث عن السيناريوهات القانونية المختلفة التي يجري دراستها بشأن دقدوق لكنه أقر في مقابلة بان السلطات العراقية ما زالت تدرس طلب الولايات المتحدة الابقاء عليه في عهدتها، وذكر في وقت سابق ان الولايات المتحدة تسعى الى الابقاء على دقدوق في عهدتها. . بحسب رويترز.

وقال ديمبسي وهو عائد الى واشنطن بعد رحلة الى لندن "المرة السابقة التي تطرقت فيها الى هذا الامر والتي كانت قبل ذهابي في هذه الرحلة كنا في الوضع الذي ذكرتموه تماما وهو اننا قدمنا عدة طلبات، وهم يدرسون الامر في اطار نظامهم القانوني ولم يردوا علينا بعد، وكان ديمبسي سافر الى لندن، وقال رئيس الاركان ان المسألة بحاجة لان تحسم قبل انتهاء المهلة المحددة لذلك في 31 ديسمبر كانون الاولن وسألته عن احتمال اتخاذ قرار في اللحظة الاخيرة فقال "يحدث هذا في معظم الامور.

تراجع عدد القتلى

وأخيراً أظهرت إحصائيات وزارة الصحة أن عدد المدنيين العراقيين الذين قتلوا في هجمات تراجع في نوفمبر تشرين الثاني على الرغم من المخاوف من أن الانتهاء الوشيك للوجود الامريكي المستمر منذ ثماني سنوات قد يفتح الباب مجددا لإراقة الدماء، وأظهرت احصاءات وزارة الصحة ان 112 مدنيا قتلوا في الهجمات في نوفمبر نزولا من 161 في أكتوبر تشرين الاول. وقالت وزارتا الداخلية والدفاع ان 42 شرطيا و33 جنديا عراقيا لاقوا حتفهم ايضا، وكان أدنى احصاء لعدد القتلى المدنيين حتى الان خلال هذا العام في مايو ايار عندما قتل 102 من المدنيين في هجمات. بحسب رويترز.

 وخلال ذروة اعمال العنف قبل اربع أو خمس سنوات كان العدد الاجمالي الرسمي للقتلى المدنيين شهريا حوالي 3000 شخص في المتوسط، وقتلت قنبلة 10 اشخاص وأعدم مسلحون ثمانية اخرين في محافظة ديالى المضطربة. وقبل أيام قلائل قتل انتحاري 19 شخصا على الاقل في هجوم على قاعدة للجيش في منطقة التاجي شمالي بغداد، وأظهرت تلك الهجمات الوضع الامني الهش في العراق في الوقت الذي يحزم فيه اخر الجنود الامريكيين وعددهم 12 إلفا أمتعتهم للمغادرة، وتتباين مشاعر كثير من العراقيين حيث يرى البعض في الوجود الامريكي عازلا يساهم في تخفيف التوترات الطائفية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 8/كانون الأول/2011 - 12/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م