كمال الأجسام.. كذبة الجـسد المريض!

 

شبكة النبأ: لطالما قدم لنا التاريخ صوراً وأساطير لابطال أقوياء ذوي أجساد فتية، من جلجامش إلى هرقل، إلى المجالدين والمصارعين. فقد سعى الانسان منذ القدم إلى أن يملك جسداً قوياً، حيث يرى الكثيرون أن القوة عنوان كل شيء، وقد استمر ذلك عبر قرون طويلة، ويظهر الآن في أبطال أفلام الحركة (الاكشن) مفتولي العضلات، الذين يتباهون بأجسادهم على شاشات السينما، ليقدموا للشباب والمراهقين أمثلة للقوة، دفعت هؤلاء إلى ممارسة الرياضات التي من شأنها أن تجعل لهم مثل تلك الاجسام القوية، وعلى رأسها رياضة كمال الاجسام.

فمنذ زمن بعيد باتت «كمال الأجسام» رياضة خاصة، يقصدها الكثيرون من أجل تربية عضلاتهم وتنميتها لتبلغ الحد الأقصى من طاقتها، وذلك بأداء التمارين المكثّفة والمنظّمة بالأوزان الحديدية، والآلات الرياضية المخصصة لكل عضلة، إضافةً إلى تناول الغذاء بشكل مكثف يوازي حجم التمارين المؤدّاة، إضافة إلى الراحة الكافية يومياً لحث العضلات على النمو.

الاهتمام بالمظهر

اذ تقول الأستاذة الجامعية والباحثة في شؤون الجندر، عزّه شرارة بيضون، «ما ألاحظه شخصياً هو أن كثيراً من الذكور يظهرون، في مطلع مراهقتهم، اهتماماً بتكبير عضلاتهم، يدفعهم إلى ذلك التعجل في عملية الولوج إلى المرحلة العمرية اللاحقة، ومحاكاة أقرانهم الذين سبقوهم إلى ذلك»، مضيفة أن «التكبير المذكور يوفّر لهؤلاء الوهم بحيازة رِفعة المقام والسلطة وفق القاعدة الطفولية التي ترى أن الأكبر حجماً هو الأحسن لأنه الأقوى وصاحب الامتيازات الأعلى، وهو ما اختبروه في طفولتهم غير البعيدة في الزمن، سواء في علاقتهم مع الأهل أو في علاقاتهم مع أقرانهم.

وتضيف بيضون أنه وفق التصوّرات الطفولية والمعتقدات الجندرية التي ترى أن الإناث عكس الذكور، فإن تكبير العضلات ونفخها يخدم أيضاً التمايز عن الإناث (الصغيرات، الناعمات، الرخوات.. إلخ). إن التمايز المذكور آلية تبدو ضرورية لتحقيق الهوية الذكرية الطفولية، وتتكرر أهميته في مرحلة المراهقة. وتؤكد الباحثة بيضون أن الأضرار الصحية الناجمة عن تناول المنشطات من أجل تسريع وتضخيم عملية التكبير المذكورة تبدو للشبّان قليلة الأهمية بالمقارنة مع المكتسبات التي يجنونها.

ففي مرحلة الشباب، يتصدّر تحقيق ذكورة هؤلاء المرتبة الأعلى في سلّم اهتماماتهم، وحيث هم في عطلة من أمرهم، وقليلو الصبر على تأجيل إشباعاتهم الآنية، فيختارون أسهل الطرق وأكثرها شيوعاً وقبولاً في زمنهم. ويلعب الإعلان، والإعلام دوره في تسويق هذه الممارسات وتقديم مثالات قدوة تُحتذى من الرياضيين ونجوم السينما وغيرهم من نجوم هذا العصر.

يقول المدرب طوني تابت من نادي «رايم هلث كلوب»، بمنطقة الرابية، شرق بيروت «لقد زاد عدد رواد النوادي الرياضية بنحو 30٪ خلال السنوات الاخيرة ويرجع ذلك إلى انتشار الوعي بأهمية الرياضة ومنافعها الصحية من جهة، وازدياد الاهتمام بالمظهر الخارجي من جهة ثانية».

ويضيف «يتناول بعض الشبان المنشطات والعقاقير التي تسهم في بناء أجسامهم بأسرع وقت ممكن وهي مضرة جداً، ولكن يجب التفريق بين المنشطات والبروتينات التي تسهم في تضخيم العضلات وتزيد النشاط، وهي غير مضرة». ووفقاً لتابت «تسهم وسائل الإعلام بشكل أساسي في تحفيز الشبان للاهتمام بشكلهم الخارجي للوصول إلى الشكل الأمثل، فيقصدون النوادي، كما يلجأ البعض إلى العقاقير التي ينصحهم بها عادةً مدربوهم، بهدف الربح المادي».

وتقول الطبيبة إفلين حتي، من قسم الطوارئ بمستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، التي تجري دراسة حول المنشطات التي يتناولها الشباب في النوادي الرياضية، للوكالة الالمانية أنه «لا وجود لدراسات في لبنان تتناول هذه الظاهرة، ونحن نجري دراسة لمعرفة نسبة النساء والرجال الذين يتناولون مثل هذه المنشطات، والعوامل التي تدفع الناس لتناولها والعناصر المؤثرة في هذه الظاهرة (كالعمر والجنس والطبقة الاجتماعية). وتضيف أن هناك العديد من أنواع المنشطات، منها «التوستسترون»، وهو هرمون موجود في الجسم، يتم تناوله بواسطة الحقن بكمية كبيرة بهدف تنمية العضلات، وينطوي تناوله على العديد من المخاطر، كانتقال الامراض المعدية وأبرزها مرض نقص المناعة المكتسبة (ايدز)، والتهاب الجلد الذي قد يصل حتى المفاصل، وخفض مستوى الخصوبة لدى الرجل، وتعطيل وظائف الكبد، ورفع مستوى الكوليسترول، وخفض نوعه الجيد، وتوقف عملية نمو العظام لدى المراهقين في حال تم تناوله في فترة المراهقة.

تقول إيمان حصري التي تمارس الرياضة بانتظام «لا يعجبني الشاب الناعم ولا الشاب الذي يبالغ في تنمية عضلاته. ولا أجد أن بروز العضلات مظهر من مظاهر الرجولة، أفضّل الشاب الذي يهتم بمظهره الخارجي وبتنمية عضلاته ولكن بمقدار». أما الشاب داني حمصي الذي يمارس رياضة كمال الأجسام فيقول «أرتاد النادي لأحسن مظهري الخارجي، وهذا الأمر يريحني نفسياً وأشعر بأني أفضل، بالإضافة إلى شعوري بأني محط إعجاب الفتيات. ويضيف «لا بأس من تناول القليل من المنشطات للوصول إلى النتائج الفضلى باقصى سرعة ممكنة، مع العلم أني شخصياً لا أتناولها».

وتقول حتي «هناك منشطات أخرى منها (البيتا أغونست) الذي يعطي المزيد من الطاقة والنشاط، لكنه يسبب مشكلات في القلب. بالإضافة الى (إيبو) الذي يستخدم لزيادة خلايا الدم الحمراء في الجسم، وهو مسؤول عن زيادة النشاط وزيادة نسبة الأوكسجين في العضل، ولكنه قد يسبب جلطات في الرئتين أو الرأس أو الأرجل. ويقدر المهتمون بهذه الظاهرة أن نسبة كبيرة من حبوب تضخيم العضلات أو تخليص الجسم من الدهون، يتم تسريبها وتداولها في السوق السوداء عبر عملاء ومهربين، وأن نسبة 20٪ منها تنقل وتباع عبر أندية رياضية.

وتشرح حتّي أن هناك أنواعاً من الأدوية يمنع دخولها إلى لبنان، لكنها تدخل تحت أسماء أخرى، ويشترى معظمها من السوق السوداء وهي غير مضمونة، إذ يمكن خلطها بالمورفين أو أنواع أخرى من المخدرات. وتشير المعلومات المتاحة إلى حدوث وفيات بين عدد كبير من الشبان جراء تناولهم هذه العقاقير، خصوصاً أن استخدامها في الغالب يتم دون استشارات متخصصة.

وهناك أيضا عقار «غرووث هورمون»، وهو نوع من الأدوية يسبب تضخماً غير طبيعي في الشكل الخارجي في حال تم تناوله بكميات غير مدروسة، وكذلك «الكرياتين» وهو نوع من البروتين الذي يسبب تضخماً في العضل، ولكنه يعطل عمل الكليتين لمن يعاني من مشكلات في الكلى. وتتابع حتي «لاحظت في عملي في الطوارئ وجود عدد من الإصابات نتيجة استخدام هذه المنشطات. وحسب إحصاء نقوم به حالياً، تبين أن نسبة استخدامها من قبل الشباب اللبناني مرتفعة. وتقول الصيدلانية ريما داوود رباع أنه منذ أسبوعين أرسلت نقابة الصيادلة تعميماً لجميع الصيدليات العاملة في لبنان يقضي بمنع بيع المنشطات بشكل نهائي، إلا بوصفة طبية. وتضيف «هذه المنشطات هي أدوية لها منافع عديدة ويصفها الأطباء في حالات كثيرة وهي موجودة إجمالاً في الصيدليات لأنها توصف لحالات مرضية. بحسب وكالة لانباء الالمانية

ووفقاً لداوود، هناك بعض الصيادلة الذين يبيعون حقن (التوستسترون) مع علمهم أن لها مساوئ عديدة، وذلك لأسباب تجارية، وعلى وزارة الصحة أن تراقب وتلاحق عمليات بيع هذه المنشطات لتلافي أضرارها. ورغم محاولتنا الاتصال مرات عدة بوزارة الصحة لاستيضاح أمر المنشطات وكيف تجد تلك المنشطات طريقها إلى السوق اللبنانية، لم تتمكن من الحصول على جواب.

أضرار بالجملة

من جهته، قال الاختصاصي في التغذية ومدرب الرياضة باتريك موريتس، إن «الحصول على العضلات يعتمد على نوعية الجسم وبناء العضل، وكذلك كمية هرموني التيستسترون والبروجيسترون الموجودين في الجسم، إذ نلاحظ أن بعض الشباب يحصل على نتيجة واضحة وبسرعة، فيما البعض يأخذ وقتاً أطول»، مشيراً إلى أن البروتين هو المادة الأساسية التي يحتاج إليها الجسم لتربية العضل، كما يفضل أن تؤخذ هذه المادة من الطعام الطبيعي دون الحاجة إلى الذهاب إلى المكملات الغذائية، إذ يمكن الحصول عليها من خلال اللحوم والأسماك والبيض والجبن.

وفضّل موريتس الإبقاء على نظام متوازن، للإيفاء بحاجة الجسم للبروتين، مضيفاً «يحتاج كل كيلوغرام واحد عند الرجل إلى ما يقارب غرامين من البروتين يومياً، لذا إن كان وزن الشخص 80 كيلوغراماً فهو يحتاج إلى 160 غراماً من البروتين يومياً، فيما المرأة تحتاج غراماً واحداً من البروتين يومياً، عن كل كيلوغرام من وزنها»، مؤكداً أن الجسم لا يمكنه أن ينمو، لاسيما العضل، إلا من خلال ممارسة الرياضة، منوهاً إلى وجوب اعتماد الشباب على الرياضة كسبيل لتربية العضلات، لأنه على الرغم من كونها تتطلب وقتاً أطول للحصول على النتيجة، إلا أنها أكثر أماناً.

ويحرص عارضو الأزياء على المحافظة على جسم جميل، ومنذ ما يقارب الشهرين توفي عارض الأزياء السوري سامر الياس بسبب جرعة زائدة من الهرمونات، ما أدى إلى دخوله في غيبوبة أنهت حياته. وأكد عارض الأزياء الفلسطيني المقيم في دبي محمد علي، أنه ليس من الضروري أن يرتكز جمال جسم عارض الأزياء على العضلات المنفوخة بواسطة الهرمونات، منوهاً إلى أنه لم يستخدم الهرمونات إطلاقاً، وأنه يمارس الرياضة، ويتناول البروتين كمكمل غذائي. وأشار علي الذي يقوم بعرض الأزياء هواية وليس مهنة رئيسة، إلى أنه يعرف مضار الهرمونات، لهذا لا يمكن أن يقدم يوماً على تناولها، فهو يلعب رياضة بناء العضلات منذ تسع سنوات. ولفت إلى وجوب توعية الشباب حول مخاطر الهرمونات، لاسيما أنها تنتشر بينهم من دون رقابة.

وذكر موريتس أن هناك الكثير من الأعراض الجانبية التي تسببها الهرمونات، كما أنه ليس هناك من دراسات أجريت على المدى الطويل، ولا يعرف أحد ما سيؤول إليه تناولها بعد 10 سنوات. وتابع «زمن العضلات الكبيرة جداً ولى، فاليوم الناس تبحث عن مظهر طبيعي وحجم مقبول، فالعضلات الضخمة جداً لم تعد موضة للشباب، والجسم المثالي يكون بالحصول على ما يقارب الخمسة إلى 10 كيلوغرامات من العضلات. ولفت إلى أن النتائج التي تترتب على حقن الهرمونات خطرة، فهي لا تؤثر في الجسم فحسب، بل أيضاً في الحالة النفسية، فيصبح المرء مزاجياً إلى حد ما، أما العضلات التي تُكتسب بفعل الهرمونات، فلن تدوم فترة طويلة، حسب موريتس، إذ سيخسر المرء قسماً كبيرا منها بعد التوقف عن تناولها.

واعتبر موريتس أن العضل ينمو عندما نتحدى الجسم، ويكون ذلك من خلال الأوزان الثقيلة، ولكن لا يمكن تحديد الأوزان لأنها تتبع حالة الجسم والوزن، ولكن يجب ألا تكون ممارسة هذا النواع من الرياضات أكثر من مرتين خلال الأسبوع، وكذلك ألا تكون الجلسة أكثر من ساعة، لأن طاقة الجسم لا يمكن أن تتحمل الضغط أكثر من هذه المدة، مستطرداً «النتائج بفعل رفع الأوزان تبدأ بالظهور في أول ثلاثة أشهر من ممارسة الرياضة، لأن النتيجة المميزة تكون في هذه المدة، وبعد ذلك يعتمد الجسم على الرياضة، ويدخل في حالة من الثبات، لذا غالباً ما أنصح بالمواظبة على الرياضة على الأقل مرتين خلال الأسبوع للمحافظة على النتيجة، ولكون الرياضة تحافظ على صحة الجسم من الداخل».

وأوضح الاختصاصي في الصحة العامة الدكتور شوقي غملوش، أن هرمون التيستستيرون مسؤول عن تنمية الأعضاء الذكورية الثانية كالصوت وتوزيع الشعر، ومسؤول كذلك عن نمو الحيوانات المنوية، بالإضافة إلى تأثيره في نمو العضلات، ويفرز هذا الهرمون في الجسم كل 24 ساعة، وله فترة حياة عادية في الجسم، حيث إن قسماً منه يذهب مع فضلات الجسم، مشيرا إلى أن تأثير التيستستيرون على المدى البعيد كبير في الصحة الجنسية عند الرجل، وأحياناً قد ينتج عنه العقم، كما أنه يؤثر في غدة البروستات، ما يؤدي إلى تضخمها، وقد يكون التضخم حميداً، أو على العكس من ذلك، بالإضافة إلى أنها قد تؤدي أحياناً إلى سرطان الثدي، عند الرجال. وشدد غملوش على ضرورة الالتفات إلى الطرق الطبيعية التي تعمل على زيادة العضل، أي الرياضة مع الحرص على أخذ الفيتامينات والبروتينات اللازمة عن طريق الغذاء، لأن هذه الهرمونات تعمل على تغيير عملية الحرق في الجسم، وبالتالي فإن تعامل الجسم مع السكريات والدهون والبروتينات يتبدل، ما يؤثر في الجهاز العصبي، ويدخل الإنسان، لاسيما مع الجرعات الزائدة، في أمراض شتى تصل إلى الغيبوبة، مضيفا «اعتماد جمع الهرمونات مع الأنسولين للحصول على نتيجة أفضل، أمر في غاية الخطورة، لأنه يؤدي إلى تضارب في الأدوية، كما أن الأنسولين له الكثير من الأعراض الجانبية على المدى البعيد».

وأكدت خبيرة المكملات الغذائية والصيدلانية سمر بدوي أن الهرمونات التي يأخذها الشباب لتكبير العضل لا تعتبر من المكملات الغذائية، بل هي مواد هرمونية 100٪، لاسيما إن كانت تحت مسمى صيدلاني وطبي، حيث يصفها الأطباء لمعالجة بعض المشكلات كالعقم أو لعلاج مشكلات الإنجاب عند الرجل، مضيفة «هذه الأدوية موجودة في السوق السوداء كما ان بعض النوادي الصحية تروج لها، وهنا تكمن خطورة الموضوع»، لافتة إلى وجود الكثير من البدائل الطبيعية التي يمكن أن يتناولها الشاب، ومنها مركب «دي اتش إي إيه» الذي يعمل على تنشيط الغدد لإفراز الهرمونات الذكورية عند الرجل، وهو معروف بكونه مضاداً للشيخوخة والأكسدة. لكنها نبهت إلى وجوب تناوله وفق استشارة طبية، لأنه ينبغي عدم تجاوز الجرعة المطلوبة، لاسيما أن هناك أكثر من معيار طبي (25 مليغراماً وخمسة مليغرامات)، وتعمد بعض السيدات إلى تناول المعيار الخفيف، أي الـخمسة مليغرامات كمضاد للشيخوخة والأكسدة.

وذكرت بدوي أن زهرة البطاطا البرية موجودة مكملاً غذائياً، وتحتوي على هرمون النمو الطبيعي، وتتوافر على شكل حبوب أو شراب.

أما التأثيرات السلبية للحقن الهرمونية فتتمثل، كما أوضحت بدوي، في كسل الغدة التي تفرز الهرمونات، كما أنها تسبب العقم عند الرجال، حيث لا تعود الغدد قادرة على صناعة الهرمونات بشكل جيد، وغالباً ما يواجه الرياضيون هذه المشكلة، في وقت لاحق، بسبب اعتيادهم على الحقن الهرمونية.

الأنسولين

في سياق متصل، حذر الخبراء من أن ممارسي رياضة كمال الأجسام الذين يستخدمون الأنسولين يمكن أن يصابوا بمرض السكر حيث تتوقف أجسامهم عن إنتاج الهرمون بشكل طبيعي. وكان الدكتور ريتشارد لينش هو من ألقى الضوء على هذه المشكلة عندما فحص أحد ممارسي كمال الأجسام وهو فاقد للوعي.وتشابهت الأعراض التي ظهرت عليه مع الأعراض التي تظهر على مرضى السكر الذين يعانون من انخفاض في معدلات السكر بالدم.

غير أن الطبيب اكتشف بعد ذلك أن المريض لاعب كمال أجسام وأنه كان يأخذ الأنسولين لتكبير حجم عضلاته. ويعتاد ممارسو رياضة كمال الجسام الذين يستخدمون هرمون الأنسولين على تناول كميات كبيرة من السكريات لوقف هبوط معدلات السكر في الدم. غير أن المريض الذي أصيب بفقدان للوعي ويبلغ من العمر 31 عاما كان على وشك الدخول في مسابقة ومن ثم كان يمارس نظاما غذائيا قاسيا وهو ما زاد المشكلة تعقيدا. وعلى الرغم من تعافي الرجل تماما بعد ذلك، إلا أن الدكتور لينش أصر على تقديم هذا التحذير لممارسي رياضة كمال الأجسام. وقال "هذا الدواء القاتل قد تكون له عواقب خطيرة وتجعل الأمور تتطور للأسوأ وخاصة أنه يستخدم سرا. وهذا ما يعرض مستخدمه لخطر انخفاض معدلات السكر بالدم لفترات طويلة قد تغيب فيها المساعدة الطبية مما قد يسفر عن الوفاة."

وما زال المصدر المحدد لشراء الأنسولين غير معروف على الرغم من الشائعات التي تقول بان مرضى السكر يبيعون لممارسي رياضة كمال الأجسام هرمون الأنسولين الذي يصفه لهم الأطباء. من جانبها، قال متحدثة باسم مركز السكر بالمملكة المتحدة إنه لأمر خطير للغاية أن يأخذ الأنسولين غير المصابين بمرض السكر. وأضافت "إن هؤلاء الأشخاص لديهم بالفعل كميات كافية من الأنسولين، وما يفعلونه خطير للغاية." كما أوضحت المتحدثة ان عملية التدريب على التشخيص الجديد للنوع الأول من مرض السكر لتحديد الكمية الفعلية التي يحتاجها كل مريض كانت عادة ما يتم تنفيذها، في المراحل الأولى على الأقل، في المستشفى عن طريق أطباء وممرضات خبراء في مرض السكر. بحسب بي بي سي.

كما يشتبه في استخدام الأنسولين في بعض الأنشطة الرياضية كبديل للمنشطات التي يمكن اكتشاف تناولها عن طريق إجراء اختبارات.وعلى النقيض، فإن الحقن بالأنسولين لا يمكن تتبعه. وقد تم نشر هذه الدراسة في الدورية البريطانية للطب الرياضي.

هرمونات خطرة

من جانب اخر، قال طارق قاسم «خلال فترة ممارسة رياضة كمال الأجسام، تناولت بعض الهرمونات من حبوب وحقن لتساعد على نمو العضلات بشكل سريع، ومع مرور الوقت توقفت عن ممارسة الرياضة وشعرت بالتعب وتمزق في العضلات وترهل في جسمي، كما خسرت كثيراً من وزني». وأيده محمد المصري قائلاً «كنت أمارس رياضة كمال الأجسام مدة طويلة، وخلال هذه الفترة تناولت بعض حبوب الهرمونات المستوردة، حصلت عليها من السوق السوداء، وأحياناً كنت أستعمل الهرمونات الخاصة بالخيل لأنها تساعد بشكل كبير على «نفخ» العضلات، لكن مع مرور الوقت قررت الزواج  فواجهتني بعض الصعوبات  الجسدية والجنسية» موضحاً أنه «أصيب جسمي بترهل العضلات وضعف جنسي، وأكد لي الطبيب أن تناول الهرمونات التي كنت أتجاهل خطرها هي السبب. 

وأشار عباس خوالدة إلى أنه ظل يمارس رياضة كمال الأجسام لمدة ثلاث سنوات لم يتناول أي هرمونات أو حبوب منشطة، مضيفاً «كنت أهتم بتنظيم غذائي وممارسة الرياضة بشكل منتظم مما جعلني أحافظ على لياقتي البدنية التي بدورها جعلت العضلات تنمو بشكل طبيعي من دون مشكلات صحية».

وأفاد محمد نوري مدير صالة رياضية في الشارقة بأن «لدينا أنواع عدة من المنشطات المقوية التي يتناولها بعض الشباب أثناء فترة التدريب» مشيراً إلى أن المحل يبيع بعض المنشطات الكيماوية من دون وصفة طبية، لعدم وجود طبيب مختص في الصالة».

وقال عادل الحايك، مدير نادٍ صحي يوجد بعض الشباب الذين يتناولون الهرمونات والحبوب الكيماوية المنشطة من أجل أن نمو عضلاتهم بشكل أسرع»، ناصحاً الشباب الذين يمارسون الرياضة بعدم استخدام تلك الهرمونات سواء كانت حبوباً أو حقن عضل، لأنها تتسبب في أمراض عدة وتؤدي إلى الموت المحتم حال تناولها بجرعات متزايدة من دون استشارة الطبيب المختص.  ومن جهته نفى مسؤول في بلدية الشارقة وجود محال أو صالات رياضية تبيع أي هرمونات أو منشطات كيماوية، مؤكداً أن البلدية تقوم بحملات تفتيش في جميع الصالات الرياضية للتأكد من عدم بيعها للحبوب الهرمونية.

وقال مستشار وزارة الصحة الدكتور عبدالغفار عبدالغفور: لابد من استشارة طبيب مختص في التغذية عند تناول أي هرمونات أو مقويات بدنية، وأكد أن الوزارة تراقب دخول مثل هذه الهرمونات ناصحاً بعدم استخدام الهرمونات غير المرخصة، لأنها قد تؤدي إلى أمراض خطرة.

وأضاف أن «الوزارة لديها جهة مختصة لفحص هذه الهرمونات لأن سوء استخدامها يسبب أعراضاً صحية كثيرة، مثل تليف في الكبد وضعف في عضلات القلب والنمو غير المتوازن للجسم، مشيراً إلى مصادرة تلك الهرمونات التي لا تكون مطابقة للمواصفات الصحية، مطالباً بضرورة تشديد الرقابة على دخول الهرمونات والحبوب المنشطة المستوردة، حتى يتم فحصها والموافقة عليها. 

 أفاد أخصائي التغذية الدكتور أشرف حمادة، بأن استعمال الهرمونات من دون استشارة الطبيب، يؤدي إلى أضرار شديدة، وخصوصاً عند الرياضيين الذين يتناولون تلك المنشطات والمقويات الكيماوية بشكل غير صحيح، مؤكداً أنها تؤدي إلى أمراض السرطان، وتليف في العضل والكبد، وتضخم في الأطراف، وكذلك تضخم في حجم الفك السفلي، وترهل العضلات في جميع أنحاء الجسم. وأكد أن اللجوء إلى برنامج غذائي سليم وممارسة الرياضة، يجعلان العضلات تنمو بشكل طبيعي من دون أن يتم التأثير في الصحة البدنية، كما يمكن تناول بعض الهرمونات مثل الأستروجين والبروجستيرون، وهما خليط من المواد الطبيعية وبأقل الأعراض.

وقال حمادة لا أنصح بتناول الهرمونات إلا في الحالات الضرورية، مثل توقف النمو عند الأطفال، وتوقف الطمث لدى النساء، لأنه يساعد على تنظيم النوم وعلى زيادة الماء في الجسم، ويتناولها من يعانون من هشاشة العظام، ولكن يجب استعمال الهرمونات بوصفة طبية ولفترة محددة. 

منشّطات

من جانب اخر، كشف بطل سابق للدولة في كمال الأجسام فضّل الإشارة إلى اسمه بـ(ع.م) ويبلغ حالياً من العمر 40 عاماً، إنه تعاطى تلك المنشطات في مرحلة مبكرة، حين كان في السابعة عشرة، لكنه ظل يدفع ثمن ذلك التعاطي سنوات عدة، بعدما أصيب بأعراض مرضية، بينها أورام في منطقة الصدر ومشكلات أخرى في الكلى والكبد.

ودعا البطل السابق إلى محاربة مصادر تلك الهرمونات التي يدخل بعضها الأسواق بطريقة غير شرعية ولا تخضع للرقابة. مؤكداً أنها تنتشر على نحو واسع في الصالات الرياضية، ولدى ممارسي ألعاب كثيرة بينها كرة القدم، بعدما كانت تقتصر على بناء الأجسام. ولفت إلى نوعين من الهرمونات والمنشطات بعضها لتكبير العضلات، والآخر لإبرازها من خلال تنشيف الجسم من السوائل، الأمر الذي ينتج عنه نقص حاد في البوتاسيوم، وتالياً تعريض عضلة القلب للتوقف. وأوضح أن بعض الرياضيين يتعاطون إلى جانب الهرمونات حبوباً ذات تأثير قوي بينها حبوب «الأمينو اسد» وهي بحجم الحصى. واعترف بأنه كان يأخذ منها 15 حبة يومياً إلى جانب البروتينات والفيتامينات. ووصف «الأمينو اسد» بأنها خطرة للغاية، وأنها خلّفت لديه آلاماً في الكلى وحصى استخرجها بعملية ليزر. وقال إن المشكلات الصحية التي ظهرت بعد ثلاث سنوات من التوقف عن اللعب لم تتوقف عند ذلك الحد، إذ بدأ يشتكي من آلام في الرجل، ونقص حاد في فيتامين (د) وهشاشة في العظام.

وكشف (ع.م) أن كثيراً من أبطال كمال الأجسام ممن يشتهرون بعضلاتهم وضخامة أجسامهم، يعانون ضعفاً جنسياً حاداً، وقال إن «من شأن الهرمونات والحبوب المنشطة التي يتناولونها أن تنمّي الغدد الذكورية لدى الإناث والغدد الأنثوية لدى الذكور»، وأشار إلى أنه يعرف أصدقاء له أصيبوا بالعقم التام نتيجة تلك المنشطات.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 3/كانون الأول/2011 - 7/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م