تدخين النساء... رشاقة للجسد أم تدمير للذات؟

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يعد تدخين التبغ اخطر وباء عرفه العالم لأنه سفاح يفتك بكل من يتعاطاه، اذ تشكل نسبة  وفياته أكثر من نسبة وفيات جميع الأمراض الوبائية مجتمعة مثل الطاعون والكوليرا والسل والجذام والتيفوئيد وكذلك الإيدز، ويحصد أرواح 5 مليون مدخناً سنويا سواء كان رجلا أو امرأة أي يقتل: 13700 شخص باليوم و570  شخص بالساعة و9 أشخاص بالدقيقة و شخص كل 6 ثواني، وسوف يرتفع العدد إلى 10 ملايين فرد عام 2030 إذا لم يحد من انتشاره.

ويؤثر التدخين على النساء كما يؤثر على الرجال ولكن أضراره تختلف تبعا لتركيبة جسم المرأة الفيسيولوجية، كما ان عدم وجود التوعية والتثقيف بأضرار التدخين، يفاقم من هذا الوباء، ومن الاسباب  تقليـد المشاهير أو كبار العائلة أو بدعـوى الوجـاهة أو الحـرية أو إثبات الذات أو بسبب البيئة المحيطة أو لحب الاستطـلاع لعالم التدخيـن أو لمصاحبة صديقات السـوء أو للفراغ الكبير أو بتأثير الدعاية أو التمرد على العادات بين الفتاة والشاب أو المنافسة لأفعال الشباب والرجال، أو التهـاون في التربية والانشغال في الامـور المعاشية. هذه كلها اسباب تؤدي الى انتشار ظاهرة تدخين النساء كانتشار النار في الهشيم، لذلك أصبح من الواجب مكافحة هذه الظاهرة حفاظا على صحة المرأة التي تمثل النصف الاخر للمجتمع.

اما بالنسبة للمدخنات الحوامل، فالتدخين له اثر كبير في منع الحمل، اذ انه يقلل نجاح عمليات الاخصاب إلى النصف، وهناك اثار جانبية عديدة على الام وطفلها، كضعف الانتباه والتركيز وانقطاع المشيمة المفاجئ مما يهدد حياة الأم والجنين وغيرها من الاثار.

النساء المدخنات

وفي هذا الصدد قال باحثون أميركيون إن النساء قد يكن أكثر تعرضا للإصابة بالآثار السامة لتدخين السجائر موضحين أن النساء المدخنات يصبن بأضرار في الرئة في وقت مبكر من العمر مقارنة بالمدخنين من الرجال، كما أن إصابتهن تأتي مع تدخين عدد أقل من السجائر مقارنة بالرجال، وقالت الدكتورة إينغا سيسيلي سورهيم من مستشفى بريغهام للنساء في مدينة بوسطن الأميركية وجامعة برغن في النرويج التي قدمت نتائجها البحثية في اجتماع الجمعية الأميركية لأمراض الصدر في سان دييغو بولاية كاليفورنيا إن الباحثين يشتبهون بالفعل في إصابة النساء بآثار التدخين أكثر من الرجال لكن تنقصهم الأدلة حتى الآن، وأعربت سورهيم عن اعتقادها أن الاختلافات قد تكون لها صلة بالخصائص التشريحية وقالت إن النساء لديهن ممرات هوائية أصغر حجما من الرجال مما يجعل كل سيجارة من الممكن أن تكون أخطر وأضافت أن الهرمونات قد تلعب دورا أيضا، وقالت الدكتورة إينغا سيسيلي سورهيم في بيان يعتقد العديد من الأشخاص أن تدخينهم محدود للغاية بحيث أنه غير ضار بمعنى أن عددا قليلا من السجائر في اليوم يمثل حدا أدنى للخطر لكن في المجموعة التي تعرضت للتدخين بشكل أقل في هذه الدراسة عانت نصف النساء بالفعل من مرض انسداد الشعب الهوائية المزمن بشكل حاد، وقام الفريق البحثي بتحليل 954 شخصا في النرويج يعانون مرض انسداد الشعب الهوائية المزمن ومن بينهم أشخاص يعانون من مشاكل في الرئة تتدرج من الالتهاب الشعبي المزمن إلى انتفاخ الرئة. بحسب رويترز.

ويصيب مرض انسداد الشعب الهوائية المزمن حوالي 210 ملايين شخص في العالم، وتتضمن الأعراض الأكثر شيوعا قصر النفس والسعال وضعف القدرة على ممارسة التمرينات الرياضية، وشكل الرجال 60% من الأشخاص الذين شملتهم الدراسة والنساء 40% وكلهم مدخنون حاليا أو كانوا مدخنين، وبشكل عام أظهرت المجموعتان مشاكل متشابهة في الرئة لكن عندما درس الباحثون الأشخاص الأصغر سنا وهم أولئك الذين تقل أعمارهم عن 60 عاما أو أولئك الذين كانوا يدخنون عددا أقل من السجائر وجدوا أن النساء لديهن مرض أشد وتدهور في وظائف الرئة أكثر من الرجال، وتشير تقديرات إلى أن الولايات المتحدة بها 12 مليون شخص يعانون مرض انسداد الشعب الهوائية المزمن وهو رابع أهم أسباب الوفاة هناك. 

المدخّنـــات لَسن أكــثر رشاقة

لطالما اعتقدت النساء أن تدخين السجائر يعد إحدى الطرق للحفاظ على الجسم رشيقاً أو لتفادي السمنة، إلا أن أبحاثاً جديدة كشفت أن الحقيقة معاكسة تماماً لهذا الاعتقاد، إضافة إلى إيقاف نمو الأولاد، وهي الدراسة الكندية الضخمة التي بينت التأثير السلبي للعادة المؤذية والمؤثرة في قياس خصر وطول المراهقين، وقد خضع للدراسة 1250 مراهقاً بين عمر 12 و17 عاماً، من خلال مقارنة المدخنين مع غير المدخنين كل ثلاثة أشهر، حيث خلصت الدراسة الى أن المدخنات لم ينته بهن المطاف أكثر رشاقة من الأخريات اللائي لا يدخن، وبالأحرى، يحظين بطول ومؤشر كتلة جسم متساوٍ، بينما كشفت الدراسة أن الأولاد المراهقين من المدخنين كانوا أقصر بمعدل 2.54 سنتيمتر مقارنة بآخرين من غير المدخنين.

وبينت الدراسة أن النتائج كانت واضحة خصوصاً مع وجود الكثير من المراهقين الذين يربطون بين تقليل الوزن والتدخين، وتبين أن الكثير من المراهقات اللاتي لا يشعرن بالرضا حيال أوزانهن يتخذن من التدخين عادة، اعتقاداً منهن أنها ستحولهن إلى أشخاص أكثر رشاقة، إلا أن الدراسة بينت أن التدخين لا يؤثر في إنقاص الوزن أو التحكم به عند المراهقات، مشيرة إلى أن الاهتمام بالشكل الخارجي أمر مهم للمراهقين من الأولاد أيضا مما يعني أن النتائج قد تهم كلا الجنسين من المراهقين وتؤكد أن التدخين ليس له أي تأثير إيجابي في المظهر الخارجي. 

انقطاع الطمث

بينما ذكرت دراسة طبية ان النساء المدخنات قد ينقطع عندهن الطمث مبكرا بنحو عام عن غيرهن غير المدخنات. ونوهت الدراسة ايضا الى ان الانقطاع المبكر للطمث قد يزيد من مخاطر الاصابة بامراض القلب والعظام، وجمعت الدراسة التي نشرت بدورية مينوبوس الطبية بيانات من عدة دراسات سابقة شملت نحو ستة آلاف سيدة في الولايات المتحدة وبولندا وتركيا وايران، وفي المتوسط يحدث انقطاع الطمث عند السيدات غير المدخنات بين العام السادس والاربعين والعام الواحد والخمسين ولكن وفي كل الدراسات باستثناء اثنتين حدث انقطاع الطمث لدى المدخنات مبكرا بين العام الثالث والاربعين والعام الخمسين في الاجمال، وقال فولودمير دفورنيك مؤلف الدراسة من جامعة هونج كونج "نتائجنا تقدم دليلا جديدا على ان التدخين مرتبط بدرجة كبيرة "بانقطاع الطمث" مبكرا عن موعده وتقدم سببا جديدا اخر للسيدات لتجنب هذه العادة،؟ وحلل دفورنيك وزملاؤه ايضا خمس دراسات اخرى حددت سن الخمسين والواحد والخمسين فقط لتصنيف انقطاع الطمث بين "المبكر" و"المتأخر". ومن بين أكثر من 43 الف سيدة شملتهن الدراسة كان احتمال حدوث انقطاع الطمث المبكر أعلى بنسبة 43 في المئة بين المدخنات بالمقارنة بغير المدخنات، وربطت الدراسة انقطاع الطمث المبكر والمتأخر ايضا بمخاطر الاصابة بالامراض. فعلى سبيل المثال يزيد انقطاع الطمث المتأخر احتمالات الاصابة بسرطان الثدي لأن احد عوامل خطر الاصابة بالمرض هو التعرض لهرمون الاستروجين لفترة اطول، وابلغ دفورنيك رويترز عبر البريد الالكتروني قائلا "الاجماع العام هو ان انقطاع الطمث المبكر يرتبط على الارجح بزيادة اعداد ومخاطر الاصابة بامراض ما بعد انقطاع الطمث ومنها هشاشة العظام وامراض القلب والسكري والبدانية والزايمر وغيرها، وقال ان الانقطاع المبكر للطمث يعتقد انه يزيد بدرجة بسيطة مخاطر وفاة المرأة في السنوات التالية، وقالت جيني كلاين المتخصصة في علم الاوبئة بمدرسة ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا في نيويورك انه توجد نظريتين عن ارتباط التدخين بانقطاع الطمث مبكرا، ويؤثر التدخين على كيفية تكوين جسم المرأة للاستروجين او التخلص منه. وقالت كلاين ان بعض الباحثين يعتقدون بدلا من ذلك ان مركبات بعينها في دخان السجائر قد تقتل البويضات، ولم يكن لدى دفورنيك معلومات عن فترات اعتياد النساء على التدخين او عدد السجائر التي اعتدن على تدخينها يوميا ولذا لم يتمكن فريقه من تحديد كيف يمكن لأي منهما التأثير على موعد انقطاع الطمث، ويقول الباحثون انه لهذا السبب ولنقص البيانات عن عوامل صحية وعوامل اخرى مرتبطة بنمط الحياة لا تعد هذه الدراسة كافية للاجابة على تساؤلات مستمرة بشأن العلاقة بين التدخين وانقطاع الطمث. بحسب رويترز.

 وقالت كلاين انه قد يكون لكل من الكحوليات والوزن والمناخ وايضا عدم الانجاب ادوار في تحديد موعد انقطاع الطمث ولكن الأدلة الخاصة بكل الاسباب بخلاف التدخين متفاوتة، ويمكن ايضا ان تحدد نفس العوامل المؤثرة على موعد انقطاع الطمث ما اذا كان للسيدة متاعب مرتبطة بالخصوبة من عدمها او كيفية الانجاب في سن متأخرة، ومع ذلك تقول كلاين "توجد دواع للاقلاع عن التدخين افضل من القلق بشأن موعد انقطاع الطمث.

يزيد سرطان الثدي

الى ذلك أفادت دراسة علمية حديثة أن النساء اللواتي يدخّن تزداد لديهم خطر الإصابة بسرطان الثدي، خصوصا إذا بدأن التدخين في سن مبكرة، ويزداد خطر الإصابة بالمرض بين المدخنات الشرهات، وتصل إلى 28 في المائة بين من يدخن علبة سجائر يومياً على مدى 30 عاماً، وتنخفض إلى 6 في المائة بين المواظبات على التدخين مقارنة بالنساء اللائي لم يسبق لهن التدخين، وقالت كارين ميشيل، أستاذ علم الأوبئة السرطانية وأمراض النساء، والمؤلف الرئيسي للدراسة: "لن نضع التدخين على قائمة عوامل الخطر الهامة، ولكن عندما ننظر إلى مجموعة فرعية من المدخنين الشرهين الذين يبدأون التدخين في سن مبكر ولفترة طويلة، فالأمر عندها أكثر خطورة، ويشار إلى أن دراسة سابقة أجريت للربط بين التدخين وسرطان الثدي جاءت نتائجها مختلطة، فقد وجد بعضها أن التدخين يزيد من خطر الإصابة به، ولم تجد أخرى أي تأثير له، وذهب البعض إلى ربط التدخين بتقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي، ففي حين أن دخان السجائر مادة مسرطنة قوية، فالتدخين يقلل أيضا مستويات هرمون الأستروجين، وأحد الأسباب الأساسية وراء سرطان الثدي، وفي الدراسة التي نشرت في أرشيف الطب الباطني وأوردتها مجلة الصحة، قام الباحثون في بيانات تعود لثلاثين عاماً لأكثر من 110 آلاف امرأة شاركن في دراسة صحية، وأصيبت خلال تلك الفترة 8227 مشاركة بسرطان الثدي، وقالت جوان موريتايمر، مدير برنامج سرطان المرأة في مركز مدينة الأمل للسرطان في كاليفورنيا: ليس من المستغرب أن الخطر كان منخفضا جدا لأن سرطان الثدي توجهه عوامل هرمونية، وأضافت: خطر سرطان الثدي ويكمن في الفترة الانتقالية للهرمون بين الفترة التي تسبق سن اليأس وبلوغه، حيث تحدث الكثير من التغييرات في وظائف الهرمون، بحسب السي ان ان.

ووجدت الدراسة أن التدخين عقب بلوغ سن اليأس يخفض خطر الإصابة بسرطان الثدي مقارنة بغير المدخنات، أطلقت منظمة الصحة العالمية حملة لمكافحة أنشطة تسويق التبغ التي تستهدف النساء والفتيات، وتُعد المرأة هدفاً رئيسياً لدوائر صناعة التبغ التي تحتاج إلى ضم مدخنين جدد لتعويض نصف المدخنين الحاليين الذين سيموتون قبل الأوان من جراء الإصابة بالأمراض التي يتسبب فيها تعاطي التبغ، علماً أن تعاطي التبغ قد يتسبب في وفاة مليار شخص خلال هذا القرن.

تدخين الحوامل

فيما كشفت دراسة جديدة أن تدخين الأمهات أثناء الحمل يتسبب بولادة أطفال يعانون من اضطرابات سلوكية في سنوات العمر الأولى، وقال باحثون أشرفوا على هذه الدراسة التي نشرت في العدد الأخير من مجلة علم الأوبئة وصحة المجتمع إنه بالإمكان ملاحظة هذه المشكلة حتى عند الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم الثالثة، محذرين من أن التدخين أثناء الحمل قد يتلف دماغ الجنين، ولذا من الضروري امتناع الأمهات عنه في هذه الفترة، وراقب الباحثون من جامعتي يورك وهول في ولاية إلينوي الحالة الصحية لأكثر من 14 ألف امرأة وطفل شاركوا في دراسة أجريت في المملكة المتحدة ما بين عامي 2000 و2001، وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية أنه تمّ تصنيف الأمهات على أنهن إما نساء يدخن بشكل خفيف أو قوي اعتماداً على عدد السجائر التي دخنّها في فترة الحمل، ثم طلب من هؤلاء النسوة تقييم الحالة السلوكية لأطفالهن عبر تعبئة استبيانات حول مشاكلهن السلوكية ونشاطهن المفرط أو اضطرابات التركيز عندهن وذكر مستوياتهن العملية وأعمارهن وأوضاعهن الاجتماعية، وتبين أن الأمهات اللواتي كنّ يدخن بشكل خفيف زاد احتمال أن يعاني أطفالهن الذكور من الاضطرابات السلوكية بحوالي 44%، وازدادت هذه النسبة إلى 85% عند الأمهات اللواتي كنّ يدخن بشكل قوي، وقالت البروفسورة كايت بيكيت التي قادت فريق البحث إن النتائج التي توصلت إليها الدراسة تتطابق مع دراسات أخرى عن النساء اللواتي ينجبن في سن متأخرة. بحسب يوناتيد برس.

مشيرة إلى أن التدخين في فترة الحمل قد تكون له نتائج مباشرة على نمو دماغ الجنين ونشاطه، وهذا ما أظهرته دراسة أجريت على الجرذان، وقال رئيس كلية الصحة العامة في بريطانيا البروفسور ألن ماريون دافيز إن هذا سبب إضافي كي تبذل الأمهات كل جهد ممكن من أجل الإقلاع عن التدخين ومن الأفضل أن يكون ذلك قبل الحمل، وأشار إلى وجود حوالي أربعة آلاف مادة سامة في السجائر والكثير منها ينتقل إلى أدمغة الأجنة، ومن المحتمل أن تؤثر هذه على الطريقة التي تعمل فيها كيمياء الدماغ.

ضعف الانتباه والتركيز

من جهة اخرى أفادت دراسة طبية جديدة بأن الشبان الذين كانت أمهاتهم يدخن خلال الحمل وهم أنفسهم من المدخنين يعانون من مشاكل في الانتباه والتركيز مقارنة بنظرائهم الذين لم يتعرضوا للتدخين، ووجد باحثون من كلية طب جامعة ييل في نيوهيفين اختلافات متعلقة بنوع الجنس في أثر التعرض للنيكوتين حيث كشفت الدراسة أن الإناث اللواتي يتعرضن للنيكوتين أظهرن نقصا في الانتباه البصري والسمعي بينما أظهر الأبناء صعوبات تتعلق بالانتباه السمعي فقط، ومن المعروف أن النيكوتين يلتصق بالمستقبلات وهي خلايا الاستجابة لمثيرات الحسية المعنية بنمو المخ، كما رصدت الدراسة مشاكل فكرية وسمعية لدى أبناء المدخنات حيث تعد كل من فترة ما قبل الولادة والمراهقة أوقاتا حساسة بالنسبة لنمو المخ، ورصدت صلة بين التدخين ومشاكل الذاكرة والانتباه لدى المراهقين، ومن أجل فهم أفضل لأثر التعرض للنيكوتين على الانتباه أجرى فريق البحث سلسلة تجارب شملت 181 مراهقا لتقييم مدى إدراكهم للتلميحات البصرية والسمعية، وأجريت فحوصات بالأشعة على المخ على 63 مراهقا أثناء خضوعهم للاختبارات، ومن بين 92 تعرضوا لدخان السجائر وهم في الرحم أصبح 67 منهم يدخنون يوميا، كما أن 44 من الأطفال لأمهات غير مدخنات هم حاليا مدخنون بينما لا يدخن 45 منهم، وأظهر المدخنون الذين تعرضوا لنيكوتين وهم في رحم الأم أسوأ النتائج فيما أظهر غير المدخنين الذين لم يتعرضوا له وهم في الرحم أفضل النتائج، وجاء بين هذا وذلك ممن شملتهم الدراسة المدخنون حاليا فقط أو الذين كانت أمهاتهم من المدخنات، فقد عملت مناطق معينة في المخ بشكل أكثر صعوبة خلال الاختبارات التي أجريت على مراهقين تعرضوا للنيكوتين بما يوحي بأن التعرض للنيكوتين يقلل من كفاءة الدورة الدموية في المخ، وقال الباحثون إن هذه النتائج تشير إلى أن النمو السمعي للذكور ربما يكون عرضة بشكل خاص للتأثر بالتعرض للنيكوتين بينما النمو السمعي والبصري لدى الإناث عرضة على حد سواء للتأثر بالتعرض للنيكوتين، وخلص الباحثون إلى أن النتائج الحالية تشدد على أهمية تنمية برامج منع التدخين التي تستهدف النساء في سن الإنجاب. بحسب رويترز.

ونفس السياق قالت دراسة طبية إن التدخين أثناء الحمل يزيد مخاطر الإصابة بانقطاع المشيمة المفاجئ مما يهدد حياة الأم والجنين على السواء، وفي حالة الانقطاع المفاجئ فإن المشيمة تنفصل عن جدار الرحم، قبل الولادة مما يتسبب في نزيف حاد وبناء على درجة الانفصال فإن ما يصل إلى 40% من الأجنة تموت، ودرس باحثون من كلية طب روبرت وود جونسون في نيوجيرسي بالولايات المتحدة ومن معهد كارولينسكا في ستوكهولم بالسويد تأثير التدخين على انقطاع المشيمة وهل يقتصر على الحمل الذي تدخن الأم فيه أم ينتقل تأثيره إلى حمل لاحق أيضا، ومن النتائج تبين أن التدخين أثناء الحمل يرفع خطر الانقطاع المفاجئ للمشيمة خلال هذا الحمل ولكن ليس له تأثير يذكر على ما يبدو على خطر الإصابة بذلك خلال مرات الحمل المقبلة، وبغض النظر عن ما إذا كانت الحامل تدخن أم لا فإن الانقطاع المفاجئ للمشيمة يزيد بصورة كبيرة خطر الإصابة بانقطاع آخر حيث ثبت أنه يضاعف خطر الإصابة به ما بين ثلاث وخمس مرات عند غير المدخنات، أما مقارنة بالمدخنات اللواتي لم يصبن به في السابق، فكانت النسبة بين تسع وعشر مرات.

المدخّنات في السعودية

على صعيد متصل كشف تقرير أعدته الجمعية الخيرية للتوعية بأضرار التدخين بمكة المكرمة، أن نسبة المدخنات في السعودية تجاوزت 5.7٪ من جملة الإناث بالمملكة ليصل عددهن قرابة مليون و100 ألف مدخنة، الأمر الذي يجعل المملكة تحتل المرتبة الثانية خليجياً والخامسة عالمياً من حيث عدد النساء المدخنات، وأوضح التقرير، الذي نشرته الصحف الإلكترونية، أمس، أن الشعب السعودي يستهلك أكثر من 40 ألف طن من التبغ سنوياً بتكلفة مالية تجاوزت (12 مليار ريال)، وتجاوز بذلك عدد المدخنين من الرجال أكثر من ستة ملايين مدخن وبنسبة فاقت 45٪ من أعداد الذكور، ليجعل المملكة تحتل المركز 29 عالمياً في أعداد المدخنين، وبين التقرير أن معدل التدخين في المملكة وصل إلى 2130 سيجارة للفرد (المدخن) سنوياً، فيما وصلت قيمة الإنفاق اليومي على التدخين قرابة 18 مليون ريال. وأكد التقرير الذي وزعته الجمعية على زوار معرض التوعية بأضرار التدخين والمخدرات، المقام حالياً بثانوية الحسين بن علي بمكة المكرمة، أن عدد الوفيات سيصل إلى 10 ملايين شخص سنوياً نتيجة التدخين في العالم عام ،2020 منهم 70٪ في دول العالم الثالث وتحديداً البلدان العربية والإسلامية.

وأشار التقرير إلى أن أعلى نسبة من شريحة المدخنين في دول مجلس التعاون سجلها قطاع الأطباء والعاملين في القطاع الصحي وطلاب وطالبات كليات الطب بنسبة تراوح بين 30 و50٪، بينما تصل نسبة الطبيبات الخليجيات المدخنات إلى نحو 15٪ من إجمالي شريحة المدخنين. فيما جاءت شريحة المدخنين من طلاب المدارس الثانوية بين 15و27٪ من إجمالي شريحة المدخنين. وحذر التقرير من أن نسبة الوفاة الناتجة عن التدخين وتحديداً أمراض سرطان الرئة قد بلغت 30 ألف حالة وفاة، فيما بلغت النفقات العلاجية التي تصرفها دول مجلس التعاون على الأمراض الناتجة عن التدخين أكثر من 15٪ من ميزانياتها الصحية . بحسب وكالة الانباء وكالة الانباء الالمانية.

الشيشة والمرأة العربية

بينما  عرف الشرق الأوسط الشيشة أو النرجيلة منذ بضع مئات من السنين لكنها توارت لفترة و اقتصر تدخينها في الأماكن العامة على الطبقات الشعبية، أما الآن فقد عادت لتفرض نفسها و بقوة في بلادنا العربية بين كل الفئات و الأعمار، البعض لا يستغنى عنها و البعض يضطر لتدخينها لمجاراة الرفاق والبعض الآخر لا يطيقها لكن الأكيد أن وجودها في المقاهي العربية أصبح القاعدة وليس الاستثناء، داخل أحد مقاهي الشيشة بلندن أشعر كأنني انتقلت إلى إحدى العواصم العربية... معظم رواد المقهى من العرب يتكئون على وسائد وثيرة و يتبادلون الحديث والضحكات بينما يستمعون للغناء العربي و يحتسون الشاي في أكواب زجاجية، اللافت للنظر أن غالبية هؤلاء كن من النساء. تتباين هيئاتهن كثيرا فمنهن من ترتدي الجينز ومنهن من ترتدي عباءات طويلة... بعضهن محجبات و البعض الآخر كاشفات شعورهن... لكن كلهن التففن حول الشيشة التي لا يتوقف دخانها عن التصاعد، أثار المشهد فضولي فسألت سامي صاحب المقهى عن مدى إقبال النساء على تدخين الشيشة. أجابنى بأن الحال تغير فبعدما كانت النساء تأتين مع أزواجهن أو عائلاتهن أصبحن يأتين بمفردهن أو في جماعات من النساء. وسامي سعيد بأن زبائنه من النساء يعرفن أنواع التبغ ويحكمن على جودة الشيشة و"تجدن راحتهن" في المقهى لديه حتى أنهن يستخدمن قاعة خاصة بمقهاه لتنظيم "حفلات شيشة للنساء فقط، ولا يختلف الحال في دولنا العربية، حيث أصبحت مقاهي الشيشة في كل شارع وصار تواجد النساء بها أمرا معتادا. فما السر في إقبال المرأة العربية على الشيشة.

أجرت الباحثة شاهيناز خليل دراسة ميدانية، أثناء إعداد دراسة الماجستير بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، عن انتشار تدخين النساء للشيشة في المقاهي ووصلت لنتيجة رئيسية مفادها أن المرأة المدخنة تشعر في كثير من الأحيان برفض المجتمع، لكنها "تريد أن تثبت للمجتمع أنه لا فرق بينها وبين الرجل وأنها قد تحررت وحطمت كل قيودها. وتضيف شاهيناز أن هذا لا يعني بالضرورة أن تلك طريقة إيجابية للتعبير عن الحرية لكنها موجودة على أية حال.  بحسب بي بي سي.

ويرى الدكتور هاني شعيب الطبيب النفسي المقيم بلندن أن تدخين النساء للشيشة يكون في أغلب الأحوال لإثبات أنهن قادرات على كسر التابوهات وقادرات على الدخول في المناطق المحظورة. ويضيف أنهن "يأخذنها على أنها نوع من التحدي، و تتفق معه فتاة عربية تقول إنها لا تدخن و لاتحب الشيشة لكنها تضطر للذهاب للمقهى مع صديقاتها اللاتي تدخن في الأماكن العامة فقط حتى يظهرن أنهن تمارسن نوعا من الحرية التي لم تكن متوفرة في الماضي وأنهن مستقلات و"In control" على حد تعبيرها، وعلى الرغم من السلاسة والعفوية في صوت أماني وهي توجه سؤالها، إلا أنه سؤال غير مقبول بالنسبة للبعض، وجهت نفس السؤال لأحد السواح العرب بلندن أثناء إحتسائه للشاي في أحد المقاهي بادجوار رود الذي يرتاده الكثير من العرب فأعترض على توجيه مثل هذا السؤال، و أضاف "لأ ما تشرب شيشة.. . إحنا نعرف إن الرجل رجل و المرأة مرأة، مو المرأة تقارن نفسها بالرجل وتشرب شيشة. هل الشيشة زادتها هذه، الكثيرات يرون أنها "زادتهن" أو أضافت لهن، فاطمة فتاة يمنية تقول إنها تحب الشيشة "لأني بحس نفسي في راحة لما بشيش .. بعمل مزاج". وإيفيلين من سوريا تقول إنها تحبها وأنها اعتادت عليها. و تضيف أن الشيشة تضفي نوعا من الجاذبية و القوة على الفتيات، مدخنة أخرى لا تتعدى العشرين من العمر استبدلت السجائر بالشيشة لأن طعم الشيشة أحلى كما أنها تجعلها صافية المزاج لكن أكثر ما يعجبها في الشيشة هو اختيار نكهات التبغ المختلفة، يعضد هذا رأي مصطفى الذي يقوم بإدارة أحد مقاهي الشيشة بلندن منذ أكثر من عشر سنوات. فمصطفى يرى أن شركات إنتاج التبغ تلجأ إلى إنتاج تبغ ذي نكهات أقل مرارة من السجائر لجذب النساء للتدخين، وعندما يجربنه، يعجبهن، ويتحول الأمر إلى عادة. عندما سألته عن أكثر النكهات رواجا بين النساء، قال إن التفاح والعنب تتصدران القائمة بلا منازع، سألت إحدى المدخنات إن كانت ترى أن تدخين الشيشة يضفي جاذبية على المرأة؟ فأجابتني بدون تردد أن الشيشة تضفي نوعا من الجاذبية والقوة على الفتيات وأن طريقة قبضة الفتاة على الشيشة قد تدل على شخصيتها، ربما تقبل بعض الفتيات على تدخين الشيشة رغبة في أن يصبحن أكثر جاذبية، فهل هذا ما يراه الشباب، عادل يحبذ الزواج بفتاة تدخن الشيشة فالتدخين يشعره أنها شخصية قوية تستطيع أن تجلس وسط الرجال بدون خوف، كما أن هذا يعني أنه سيستطيع تدخين الشيشة في البيت وسيخرجان سويا للتدخين فى مقاهي الشيشة، أما وليد فيرى أن الشيشة تفقد المرأة بعضا من أنوثتها لأنها تشعره كأنه يجلس مع أحد زملائه في العمل... "هو بيدخن وأنا بادخن". بينما يحيى الذي يدخن الشيشة أيضا فيرى أن التدخين عموما شيء سلبي لأنه يضر بالصحة. وأنه "ابتلاء" بالنسبة للنساء والرجال، الدكتور بابيكر مخير مؤسس المجلس الأهلي العربي ضد الإدمان يقوم حاليا بدراسة انتشار تدخين الشيشة في لندن ويرى أن تدخين الشيشة قديم حتى بين النساء لكنهن كن يدخن في داخل بيوتهن. أما الآن، كما يقول الدكتور بابيكر، فقد خرجت المرأة العربية من بيتها وأصبحت تطالب بحقوقها وتعمل مثل الرجل. لذلك فإن تدخينها في الأماكن العامة هو مجرد مظهر طبيعي من مظاهر مساواتها مع بالرجل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 27/تشرين الثاني/2011 - 1/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م