الرسوم المسيئة... دوافع الكراهية والتمييز العنصري

شبكة النبأ: في ظل الحرية الغربية المزعومة للصحافة الساخرة، تتواصل اعتداءات الصحف الغربية على شخصية رسول الله صلى الله عليه واله، بنشر المزيد من الرسوم المسيئة عن شخصه الكريم، تحت ظل ديمقراطية تخلو في الكثير من الأحيان من المبادئ، واحترام مقدسات الاخرين، وبدت الصحف الفرنسية قد أصيبت بالصمم في رجع صداها الإعلامي، مما حدث للصحف الدنماركية، وكان نشر رسوم كاريكاتيرية للنبي محمد في صحف الدانمارك عام 2005 قد أثار احتجاجات غاضبة في العالم الاسلامي قتل خلالها 50 شخصا على الاقل، وقاد الى حملات مقاطعة اقتصادية كلفت اقتصاد اوروبا الكثير.

ولا تزال التداعيات الإسلامية تتنوع في اشكالها وتجلياتها حول التعدي السافر للغرب على مقدسات الاسلام والمسلمين، فمن احراق لبنايات الصحف المسيئة الى اختراق  المواقع الالكترونية، تتباين المواقف لتصل الى ارسال رسائل تهديد للقائمين هذه الوسائل الاعلامية.

نشر الرسوم

فقد قال رئيس تحرير مجلة (شارلي ابدو) الفرنسية الساخرة ان النيران اشتعلت بمكتبها من جراء القاء قنبلة حارقة بعد أن نشرت صورة للنبي محمد على غلافها. وقال ستيفان شاربونييه رئيس تحرير المجلة لاذاعة (أوروبا 1) المبنى لايزال قائما. المشكلة هي أنه لم يعد هناك شيء بداخله." ونشرت المجلة رسما كاريكاتيريا للنبي محمد تصاحبه عبارة "100 جلدة اذا لم تمت من الضحك". وحمل العدد عنوان "شريعة ابدو" في اشارة الى الشريعة الاسلامية وورد فيه أن النبي محمد شارك في تحريره.

وأكد مصدر بالشرطة ان سبب الحريق قنبلة حارقة وقال انه شب حوالي الساعة الواحدة صباحا (منتصف الليل بتوقيت جرينتش) مضيفا أن أحدا لم يصب فيه. وبدا أن موقع المجلة على شبكة الانترنت تعرض للاختراق وظهرت عليه صور لمسجد وعبارة "لا اله الا الله".

وأظهرت لقطات تلفزيونية تناثر المخلفات على رصيف مبنى المجلة واحتراقه تماما من الداخل. وقال رئيس التحرير "من الواضح استحالة اصدار صحيفة في هذه الظروف... في كل الاحوال لن نقدم تنازلات للاسلاميين.. وسنستمر." وأضاف أن المجلة تلقت عدة رسائل بالبريد الالكتروني تحمل شتائم وتهديدات. بحسب رويترز.

وقال جان فرانسوا كوبيه رئيس حزب الاتحاد من اجل الحركة الشعبية المحافظ لاذاعة أوروبا 1 "ندين بأقوى العبارات هذا الهجوم على مطبوعة في دولة يجب أن تجسد حرية التعبير."

صحيفة ليبراسيون

في السياق ذاته، صدرت صحيفة "تشارلي إبدو" الاسبوعية الساخرة في صيغة ملحق وزع مع احدى الصحف الفرنسية الرئيسية، بعد الهجوم على مقرها اثر اعلانها عن عدد يضم رسوما كاريكاتيرية تمثل النبي محمد. وكان مقر الصحيفة هوجم بقنبلة مولوتوف تسببت في احراق مكاتبها، بعد يوم واحد من اعلان نيتها نشر اسم النبي محمد كرئيس تحرير لعددها القادم، الذي يضم رسوما كاريكاتيرية تمثله.

ووزعت الصحيفة في صيغة ملحق باربع صفحات مع صحيفة ليبراسيون اليسارية اليومية ،  بعد يوم واحد من من الهجوم على مقر الصحيفة بباريس. ولم تدع اي جهة المسؤولية عن الهجوم على مقر الصحيفة الذي وقع قبيل ساعات من توزيع عدد الجريدة الذي وضعت على غلافه رسما افتراضيا كاريكاتيريا للنبي محمد وهو يقول "مئة جلدة لكل منكم إذا لم تموتوا من الضحك". وقد اشتهرت صحيفة ""تشارلي إيدو" بمعالجتها بسخرية واستخفاف للمؤسسات السياسية والشخصيات الدينية، وقد أعلنت في بيان أنها ستغير إسمها ليكون "شريعة إبدو"، وان عددها صدر تحت اسم رئيس تحرير- ضيف هو النبي محمد.

واضاف بيان الصحيفة إن ذلك "بهدف الاحتفال بفوز حزب النهضة الإسلامي في تونس ،طلبت مجلة (تشارلي إبدو) من (محمد) أن يكون رئيس تحريرها بصفة استثنائية في العدد القادم".

وانتقل كادر عمل صحيفة "تشارلي إبدو" بعد حادث القاء القنبلة على مكاتبهم الى مكاتب جريدة ليبراسيون، ومن هناك اصدرت عددها الجديد في صيغة ملحق للصحيفة. وحملت الصفحة الاولى للملحق عنوانا "بعد اليونان، انقذوا تشارلي" في اشارة الى الصحيفة الساخرة. وقد وضعت هذه الحادثة التقليد الاوروبي عن حرية التعبير والعلمانية في مواجهة التقليد الاسلامي الذي يحظر تصوير الشخصيات الدينية الكبرى او تقديم صور كاريكاتيرية لها.

وعلى الرغم من انتقاد الجماعات الاسلامية الفرنسية لما قامت به الصحيفة، الا أنها ادانت ايضا الهجوم بقنبلة مولوتوف على مقر الجريدة.

وادان رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون في بيان اصدره الهجوم على مقر الصحيفة قائلا إن "حرية التعبير حق لا تمكن مصادرته في ديمقراطيتنا، وكل الهجمات على حرية الصحافة يجب ان تدان بشدة وبثبات".

تهديدات متواصلة

فيما اكد احد قراصنة الكمبيوتر الاتراك الذين اعلنوا مسؤوليتهم عن مهاجمة الموقع الالكرتوني لصحيفة "شارلي ايبدو" الفرنسية الساخرة لصحيفة "لو جورنال دو ديمانش" انه "يدافع عن بلاده" مهددا صحيفة "ليبيراسيون".

وكانت مكاتب الصحيفة الساخرة تعرضت لحريق متعمد في اليوم الذي نشرت فيه رسما كاريكاتوريا للنبي محمد. كما تعرض موقع الصحيفة الالكتروني لعملية قرصنة. وقال اكبر وهو شاب في العشرين من العمر اجرت الصحيفة مقابلة معه في اسطنبول "اذا استمرت ليبيراسيون (التي استقبلت فريق شارلي ايبدو في مقرها بعد الحريق) في نشر هذه الرسوم سنتولى امرهم ايضا". واضاف اكبر لصحيفة "لو جورنال دو ديمانش"، "سندافع عن بلادنا ومؤسساتنا". وتابع اكبر العضو في مجموعة قراصنة الكمبيوتر الاتراك التي تطلق على نفسها اسم "بلاك ابل"، "لا نعتقد اننا قمنا بشىء سيء لاننا لم نضرب مثلا حسابات مصرفية. انه احتجاج على اهانة قيمنا ومعتقداتنا".

لكن الصحيفة قالت ان اكبر اكد ان لا علاقة له بالقاء زجاجة حارقة على مقر شارلي ايبدو. واوضح الشاب وهو طالب جامعي ومهندس في المعلوماتية "لا نؤيد العنف. الاسلام دين سلام. هذه الاعمال يرتبكها افراد يستغلون الدين". بحسب وكالة فرانس برس.

وقال اكبر انه لم يسمع بصحيفة شارلي ايبدو من قبل، لكن مجموعته قررت التحرك بعد ان قرأت على الانترنت مقالات صحافية عن صدور عدد خاص للصحيفة باسم "شريعة ايبدو".

تعيد النشر

من جهة اخرى، أعادت مجلة فرنسية أسبوعية ساخرة نشر رسم للنبي محمد كانت نشرته على غلاف عددها الأسبوعي مع رسوم كاريكاتيرية أخرى في ملحق خاص جرى توزيعه مع احدى الصحف الفرنسية البارزة بعد أن تعرض مقر المجلة في باريس للحرق جراء القاء قنبلة حارقة.

ودافعت مجلة (شارلي ابدو) الاسبوعية عن "حرية السخرية" في الملحق الذي جاء في أربع صفحات وغلف نسخ عددها من صحيفة ليبراسيون اليومية الفرنسية اليسارية بعد الهجوم الذي دمر مكتب المجلة في باريس. ولم يعلن أحد مسؤوليته عن الهجوم الذي وقع قبل ساعات من وصول عدد المجلة الذي نشر على غلافه الرسم الكاريكاتيري للنبي محمد الذي صاحبه تعليق يقول "100 جلدة اذا لم تمت من الضحك". ويحمل عدد المجلة التي اشتهرت بتعاملها الذي لا يتسم بالاحترام مع المؤسسة السياسية والشخصيات الدينية عنوان "شريعة ابدو" في إشارة الى الشريعة الاسلامية وقالت ان النبي محمد شارك في تحرير هذا العدد.

وتمثل الحادثة مواجهة بين التقاليد الاوروبية في حرية التعبير والعلمانية وبين تعاليم الاسلام التي تحظر أي تصوير للنبي. وكان نشر رسوم كاريكاتيرية للنبي محمد في صحيفة دنمركية عام 2005 أثار احتجاجات غاضبة في العالم الاسلامي قتل خلالها 50 شخصا على الاقل.

وبينما انتقدت جماعات اسلامية فرنسية ما قامت به المجلة الا أنها نددت أيضا بالهجوم. وقال دليل أبو بكر امام مسجد باريس في مؤتمر صحفي "انني مرتبط بشدة بحرية الصحافة حتى لو كانت الصحافة لا تتفق دائما مع المسلمين والاسلام ومسجد باريس. وأضاف "لا شأن لمسلمي فرنسا بالاسلام السياسي."

وانتقل العاملون في مجلة شارلي ابدو بعد الحريق مباشرة للعمل مؤقتا من مقر صحيفة ليبراسيون. وشاركت المطبوعتان في انتاج الملحق الذي جرى توزيعه مع عدد الصحيفةوالذي أعاد نشر الرسم الكاريكاتيري في مقال على غلافه الخلفي. وقال ستيفان شاربونييه رئيس تحرير المجلة في الملحق "كنا نعتقد أن الخطوط تحركت وأنه سيكون هناك احترام أكبر لعملنا الساخر وحقنا في أن نسخر. فحرية الاضحاك لا تقل أهمية عن حرية التعبير." بحسب رويترز.

وتضمن الملحق عددا من الرسوم الكاريكاتيرية الاخرى التي أعدها رسامو الكاريكاتير في مجلة شارلي ابدو. وقال لوز رسام الكاريكاتير صاحب الرسم المنشور على غلاف المجلة انه لم يتضح بعد من نفذ الهجوم. وقال في الملحق  "لنلتزم الحذر. هناك اعتبارات قوية تدعونا للاعتقاد بأن هذا من فعل أصوليين ولكن من الممكن أن يكون من فعل اثنين من السكارى."

قرصنة

الى ذلك تبنت مجموعة من "قراصنة المعلوماتية" الاتراك اختراق الموقع الالكتروني لصحيفة شارلي ايبدو الفرنسية الساخرة التي احرق مكتبها ليل في باريس، كما اعلن موقع حافي. وبررت هذه المجموعة التي تطلق على نفسها اسم اكينجسيلار عملها على انه "احتجاج على منشورة تهاجم معتقداتنا وقيمنا الاخلاقية". ودمر مقر صحيفة "شارلي ايبدو" الفرنسية الساخرة التي تنشر على صفحتها الاولى رسما كاريكاتوريا للنبي محمد، في حريق متعمد ما اثار استنكار السلطات التي لم تستبعد وقوف اسلاميين اصوليين وراء الحادث.

والصحيفة التي تبيع حوالى 60 الف نسخة، قررت جعل النبي محمد "رئيس تحريرها" لعددها الجديد "للاحتفال بفوز" حزب النهضة الاسلامي في تونس واعلان ان "الشريعة ستكون مصدر التشريع في ليبيا".واجتاح صفحة الصحيفة على موقع فيسذبوك سيل من التعليقات التي يتسم بعضها بالتطرف، لمسلمين عبروا عن استيائهم من الصحيفة او عن ارتياحهم لاحراق مقرها او شددوا على مبادىء الاسلام.

اما الموقع الالكتروني للصحيفة فقد عطلته الشركة التي تستضيفه "بلوفيجن" التي تتخذ من بليجكا مقرا لها بعد "تلقيه تهديدات بالقتل"، كما ذكرت الصحافية المسؤولة عن الموقع فاليري مانتو. واوضحت ان صفحة الصحيفة على فيسبوك ستغلق ايضا بعد سيل التعليقات التي وردتها.

محاكمة نرويجية

على صعيد متصل، نفى الثلاثة المتهمون بتدبير اعتداء على الصحيفة النرويجية التي نشرت رسوما مسيئة للرسول محمد عام 2006 التهم الموجهة إليهم اثناء مثولهم أمام محكمة نرويجية. وقد وجهت سلطات الإدعاء النرويجية للثلاثة، ميكال داود ،وهو من أقلية اليوغور الصينية المسلمة ويحمل الجنسية النرويجية ويعتقد أنه على صلة بتنظيم القاعدة ، وكذلك شوان صادق سعيد ، وهو كردي عراقي يعيش في النرويج وديفيد جاكبوسون ، وهو أوزبكي يحمل الجنسية النرويجية ، وجهت إليهم تهمة التآمر لتنفيذ هجوم إرهابي وحيازة مواد تستخدم في صنع المتفجرات .

وقال الإدعاء إن المتهمين الثلاثة حاولوا في البداية تنفيذ هجوم ضد صحيفة يلاندز بوستين ، ثم تحول هدفهم إلى رسام الكاريكاتير كورت فيسترجارد حيث عزموا على قتله. ويذكر أن فيسترجارد كان صاحب أكثر الرسوم الكاريكاتيرية للرسول محمد إثارة للجدل، حيث صوره كشخص يحمل فتيل قنبلة تحت عمامته، وقد أثارت تلك الرسوم موجات من الغضب العارم الذي وصل حد العنف في بعض أنحاء العالم الإسلامي.

وكان المتهمون الثلاثة قد اعتقلوا في يوليو تموز من العام الماضي 2010 بعد أن جلبوا إلى النرويج مواد تستخدم في صنع المتفجرات ، حيث عثرت الشرطة على مادتي بيروكسايد الهيدروجين والأسيتون مخبأتين في قبو يمتلكه واحد منهم. وقدمت المخابرات النرويجية معلومات مفادها أن الرأس المدبر للعملية هو ميكال دواد وأنه يرتبط بصلات مع تنظيم القاعدة الذي وفر له التدريب على صنع واستخدام المتفجرات في أحد المعسكرات في باكستان بين عامي 2008 و 2010.

وقال ممثل الإدعاء النرويجي غيير إيفانغير إن هذه المعلومات من شأنها زيادة ثقل القضية لإنها تضفي عليها بعدا دوليا، وهو حقيقة أن منظمة إرهابية عالمية قد حولت نظهرها إلى شمال أوروبا، وذلك تطور خطير بلا شك. وقال إيفانجيير إن السلطات عثرت في حوزة المتهمين على كاتالوجات أنواع من الأسحلة وتعليمات عن كيفية صنع المتفجرات ومنشورات تدعو إلى الجهاد ومقاطع فيديو لأيمن الظواهري الزعيم الحالي لتنظيم القاعدة.

وقد نفى ميكال داود أي علاقة له بتنظيم القاعدة وقال محاميه إن موكله لم يسبق له أبدا السفر إلى باكستان منذ وصوله إلى النرويج عام 1999. ولكن اثنين من المتهمين ، من بينهم داود ، كانا قد اعترفا في تحقيقات الشرطة عقب القبض عليهما بأنهما خططا لتنفيذ هجوم انتقاما من نشر الرسوم المسيئة للرسول ، ولكنهما اختلفا حول الهدف الذي يتعين ان يوجه له الهجوم. وأكد المتهمان في التحقيقات رفضهما للقول بأن خطتهما تنطوي على عمل إرهابي.

ويؤكد محامو المتهمين أن خطتهما لم تتجاوز مرحلة الأفكار الغامضة ولم تدخل على الإطلاق حيز التنفيذ الفعلي. أما المتهم الثالث ، جاكوبسون، فهو الوحيد الذي يتحدث اللغة النرويجية ، وقد أطلق سراحه بكفالة ولكنه استمر خاضعا للمحاكمة. ويواجه المتهمون الثلاثة عقوبة السجن مدة 20 سنة لكل منهم في حالة إدانتهم بالتهم الموجهة إليهم. وتأتي محاكمة النرويجيين الثلاثة بعد هجوم بقنابل حارقة استهدف مقر مجلة تشارلي إبدو الفرنسية بعد أن نشرت موادة صحفية مسيئة للرسول.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 27/تشرين الثاني/2011 - 1/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م