العملات العراقية الممزقة... تتداول في الإقليم وترفض في المحافظات!

تحقيق: دعاء القريشي

 

شبكة النبأ: يشكو الموظفون والمواطنون في محافظة الديوانية، من رفض الأسواق والمصارف الأهلية أو الحكومية، استلام العملة العراقية الممزقة او الملصقة، بالرغم من إرغامهم على تسلمها من المصرف عند استلام رواتبهم او سحب بعض من أرصدتهم.

الموظف الحكومي بشير عباس، يعاني من تسلمه (مرغما) العملات العراقية الممزقة في كل راتب يستلمه، في الوقت الذي ترفض المصارف الحكومية او الاهلية او الكثير من اصحاب المحال التجارية في الاسواق، استلامها منه.

وذكر عباس ان "معظم موظفي الدولة مرغمون على قبول العملات الورقية الممزقة عند استلامهم رواتبهم او غيرها من عائداتهم المالية".

مستدركا "لكن المصارف في الوقت نفسه ترفض استلام هذه العملة منهم في حالة إيداعهم عندها، وبالتالي نحن في حيرة من أمرنا، اذ أين نذهب بهذه العملات".

وأوضح عباس انه "استلم في راتبيه الآخرين مبلغا ما يقارب الـ 90 الف دينار عراقي، من فئة 1000 دينار، من اصل 600 الف دينار، كلها كانت ممزقة، حيث رفض المصرف استلامها منه كما يرفض اصحاب التجارية تسلمها منه ايضا".

ويعتقد عضو مجلس محافظة الديوانية داخل صيهود الكناني ان "العملة تعني في جملة ما تعنيه مؤشرا من مؤشرات السيادة، شأنها شأن العلم العراقي والشعار وغيرهما".

وقال ان "تعامل الدول المتبقية يختلف بشكل كبير عن تعاملنا معها، فهي عندهم ترتقي الى درجة الشيء المقدس"، مستدركا لكن "للأسف الشديد ان العملة في مناطقنا تعامل كشيء لا قيمة له، حيث تكتب عليها الملاحظات والرسائل وأبيات الشعر ما يجعلها تتلف بسرعة".

وأضاف الكناني "نحن بدورنا مجلس محافظة، وجهنا المصارف الحكومية باستلام العملة من المواطنين حتى لو كانت ممزقة لان هذه العملة تسلم للمواطنين وخاصة الموظفين منهم خلال رواتبهم".

مبينا انه "من خلال تباحثنا مع المصارف الحكومية في المحافظة، توصلنا الى ان هناك ضوابط لاستلام العملة من قبل المصارف".

وتابع بالقول ان "المشكلة تكمن في كون هذه الضوابط، مركزية ولا يستطيع مدراء المصارف او العاملين فيه تجاوز هذه الضوابط المركزية".

مشيرا الى ان "من هذه الضوابط ان لا تكون ممزقة الى ثلاث قطع ووان لا يكون عليها آثار زيت او دم او تكون مطمورة بالتراب".

من جانبها، أوضحت مدير مصرف الرافدين الجانب الأيمن إيمان سريع أن "عدم استلام العملة التالفة من المواطن ليس قرارا اجتهاديا ينفرد به المصرف، بل هناك تعليمات وردت إلينا من  مصرف الرافدين الإدارة العامة قسم الخزينة في البنك المركزي في بغداد".

وقالت إن "هذه التعليمات ألزمتنا الذي احتساب نسبة 10% على النقود التالفة وبكافة الفئات نتيجة تعرضها للرطوبة او قرض الفئران أو قطع جزء من أطرافها أو ورقة متهرئة لأي سبب عليه".

وبيّنت أنه "إذا كانت لدى المواطن كمية كبيرة من العملة التالفة فعليه الذهاب إلى البنك المركزي في بغداد، لاستبدالها مقابل استفاء مبلغ 10% من قبلهم".

ولفتت سريع انه "ليس للمصرف استلام العملة الممزقة واستبدالها إلا عند تسليمها إليه وقبل مغادرته المصرف، لأنه بمجرد مغادرته المصرف فأن المصرف غير مسؤول عن استبدال العملة الممزقة بعملة سليمة".

وأعربت سريع عن "أملها ان تأتي تعليمات باستلام العملات الممزقة كونها عملة وطنية اسوة بباقي دول الجوار، وان استلامها يعني تجنيب المواطن الكثير من الخسائر المالية ورفع الإرباك الذي قد تشهده الحركة المصرفية او الاسواق".

فيما يتساءل المواطن حيدر جمعة عبد/ كاسب "إذا كانت هناك تعليمات مركزية بعدم استلام العملة الممزقة، فلماذا تسلّم المصارف العملة الممزقة أصلا للموظفين في رواتبهم او لبقية الزبائن؟!".

وتابع مستغرباً "ان كان الامر كما يذكر مدراء المصارف بان هناك تعليمات بعدم استلام العملة الممزقة، إلا بعد احتساب نسبة استقطاع قيمتها 10%، فكيف يقوم بعض اصحاب (البسيطات) الذين يتعالمون بالصيرفة والعملات الاجنبية والعراقية، باستلام العملات الممزقة، مقابل نسبة معينة".

مبيننا ان "الكثير من الموظفين اصبحوا مرغمين على استبدال الـ 100 الف دينار من فئة الـ 1000 دينار، بـ 97 الف دينار، أي استقطاع 3 آلاف دينار".

واردف عبد قائلا ان "كان الامر كما يذكر مسؤولو المصارف، فلمذا يتم استلامها من اصحاب الصيرفة الجوالة بعد ان يشتروها بقيمة مالية اقل".

ونوّه الى ان "هذا يعتبر مؤشرا واضحا على وجود فساد اداري، وتواطأ بين موظفي المصارف والوسطاء من اصحاب مكاتب الصيرفة او اصحاب (البسيطات) منهم، مقابل ثمن بلا شك".

فيما حذر رجل الدين محمد الطائي من استبدال الـ 100 الف دينار من فئة الـ 1000 دينار، بـ 97 الف دينار، أي باستقطاع 3 الاف دينار، معتبرا ذلك "ربا" وهو مما حرمه الله في كتابه الكريم.

وبيّن الطائي أن "هذه المعاملة التجارية او المالية من المعاملات المحرمة، إذ أن استبدال مال بمال آخر، شرط ان تحتسب زيادة لأحد الأطراف على حساب نقيصة للطرف الآخر، ما زالت العملة من نفس العملة".

ويعرب الصحافي منتصر الطائي عن استغرابه قائلا "لماذا كل هذا الاستهتار بالعملة العراقية، لماذا نشاهد العملة في الدول المجاورة محترمة وقابلة للتبادل حتى لو كانت ممزقة، في حين ان العراق يشهد واقعا مختلفا".

وقال ان "من يزور ايران ويتداول بعملتها، فأنه حتى لو كانت العملة ممزقة بشكل واضح وعلى وشك التهرؤ إلا انها تبقى سارية المفعول وقابلة للتداول على خلاف العراق، اذ بمجرد ان تمزّق حتى لو كان تمزّقا واحدا، فأنه تصبح العملة بمثابة الساقطة ويرفض الجميع استلامها".

وأردف الطائي أن "الغريب ان العملة الممزقة سارية المفعول وقابلة للتداول في محافظات كردستان العراق أي في شمال البلاد، في حين ان المحافظات الوسطى والجنوبية ترفض ذلك، فإذا كانت العملة العراقية واحدة، وما ينطبق على المصارف في الوسط والجنوب وينطبق على الشمال، فلماذا يتم التداول بها في الشمال دون الوسط والجنوب".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 17/تشرين الثاني/2011 - 19/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م