العمل ألقسري... ظاهرة تجرد الإنسان من كل شيء

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: يعاني أكثر من (12) مليون إنسان حول العالم من الاستغلال والسخرة والعمل في ظروف مشابهة لظروف العبيد والمستضعفين، بعد إجبارهم على العمل قسراً وعدوانً، في مهن خلت بيئتها من ابسط الشروط الواجب توفره، حفاظاً على حياة العامل ومراعاةً لكرامته.

من جهتها سجلت احدث التقارير الصادرة من منظمة العمل الدولية، القلق الدولي من انتشار واستغلال الملايين من البشر حول قارات العالم الست، وخصوصاً بين الأطفال النساء، مع تعرضهم لشتى أنواع الاستغلال والامتهان والذل، من ناحية أخرى أشارت المنظمة أيضاً إلى وجود العديد من الدول الجادة في سعيها إلى تقليص هذه الظاهرة ومحاربة أسباب انتشاره، في حين يسعى الكثيرون إلى رواج هذه التجارة التي تدر أرباح طائلة على المنتفعين منها.   

عاملات الطابوق في العراق

إذ إن الكثير من النساء الريفيات وغير المتعلمات في العراق يلجأن إلى معامل القطاع الخاص الصغيرة، مثل معامل الطابوق ومعامل ثرم البلاستيك، إضافة إلى أماكن جمع القمامة، لغرض الحصول على دخل بسيط، يسدّ جزءًا يسيرًا من متطلبات المعيشة الصعبة في هذا البلد، اذ تعمل أم حسين طيلة سبع ساعات في معمل طابوق يقع جنوب مدينة بابل (100 كم جنوب بغداد) باتجاه النجف، في ظل ظروف قاسية، لا يتحملها أكثر الرجال صبرً، أم حسين، التي غطّت وجهها، فلم تعد تظهر إلاّ عينيها، بحجاب أسود وقاية لها من الشمس اللاهبة، حيث تصل درجات الحرارة في الصيف إلى خمسين درجة، ترتدي إلى جانب ذلك عباءة حزمتها عند خصريها وحذاء بلاستيكيًا أسود، لا يقي قدميها من صدمات الحجارة المتناثرة في الموقع، وأم حسين مثال لنساء عراقيات، يقضين النهار كله في أعمال شاقة، لا تتناسب وقدرات المرأة الجسدية، لكن أم حسين، الأم لثلاثة أطفال، والتي فقدت زوجها منذ نحو ثلاثة أعوام، بعد مرض أصابه، لا تجد مصدر رزق آخر تعيل به عائلتها، وهي مضطرة إلى هذا العمل الشاق، الذي استهلك نصف عمرها، على حد تعبيره، وغالبًا ما تعتمد معامل الطابوق وسائل بدائية في النقل والإنتاج، كما  تعتمد على الأيدي العاملة الرخيصة، مثل النساء الريفيات أو غير المتعلمات أو الارامل، وكذلك الأطفال.

وتحت أشعة الشمس الحارقة، تعوّد العراقيون على منظر نساء وأطفال وحمير وعربات تصنع الطين المفخور، وترصفه على المساحات، بعدما يفخر داخل أفران "الكورة"، وتشير أم حسين إلى رفيقاتها العاملات، وهن ثلاث، إحداهن كسرت رجلها قبل نحو شهرين، حين سقطت وهي تحمل على كتفها صفوف الطابوق، وانحسر عدد معامل الطابوق في العراق إلى حوالى 14 معملاً، مشيدة على أطراف المدن بطريقة بدائية لا تتوافر فيها شروط العمل الصحي ومتطلبات البيئة النظيفة، حيث يدلّ الدخان الأسود المتصاعد في سماء العراق الصافية على مدى الضرر الذي تلحق به هذه المعامل بالبيئة يوميً، وبسبب انعدام فرص العمل الأخرى، لاسيما في الزراعة، فإن الكثير من النساء الريفيات يلجأن إلى معامل القطاع الخاص الصغيرة، مثل معامل الطابوق ومعامل " ثرم البلاستك"، إضافة إلى أماكن جمع القمامة، وتحصل أم حسين يوميًا على مبلغ 12 ألف دينار عراقي، أي نحو ثمانية دولارات أميركية، لتأمين لقمة العيش، ولا تعتقد أم حسين أنها ستستمر في عملها الشاق هذا، بعدما دبّ الضعف في بدنها، إضافة إلى حاجة أطفالها إليها طيلة النهار.

وينصّ الفصل العاشر من قانون العمل الجديد على أحكام تحمي المرأة العاملة، منها إلزام صاحب العمل بحمايتها، وعدم جواز تشغيلها بعمل ليلي، إلا إذا كان ضرورياً، أو بسبب قوة قاهرة، أو للمحافظة على المواد سريعة التلف، ويمنح القانون المرأة الحامل إجازة خاصة بالحمل والوضع مدتها (72) يومًا بأجر تام، كما يلزم القانون صاحب العمل عدم إرغام المرأة الحامل أو المرضع على أداء عمل يضرّ بصحة الأم أو الطفل، كما يجيز للمرأة التمتع بإجازة أمومة خاصة لمدة سنة واحدة من دون أجر، تنصرف فيها لرعاية طفله، لكن إلى الآن لم تستطع أم حسين من تأمين مصدر آخر للرزق، لاسيما أنها لا تجيد مهنة ما سوى العمل في الزراعة، ولا تتردد أم حسين من العمل في المصانع والمعامل إذا وجدت فرصة لذلك، طالما أن ذلك سيؤمّن لها دخلاً شهريًا ثابتً، ويبدأ عمل أم حسين، إلى جانب زميلاتها، منذ الصباح الباكر عبر نقل "اللبن"، وهو الطابوق الطيني، الذي لم يفخر بعد، إلى الأفران، التي ترتفع كثيرًا على أرض في بطن "الكور"، إلى أن تكتمل عملية الفخر، التي تتطلب وقتًا طويلاً، حتى يتم نقل الطابوق المفخور إلى الخارج، حيث يوضع على شكل صفوف تمهيدًا إلى نقله وبيعه، وما يثير الغرابة أن معظم معامل الطابوق لم تطوّر آلياتها في عمليات النقل، رغم أنها لا تتطلب كلفًا كبيرة.

فيما يقول أبو محمد، المشرف على العمل في "الكور"، إن شراء عربات صغيرة ناقلة، وتثبيت أحزمة نقل لن يكلف كثيرًا،  لكن غالبية معامل "الكور" لا تريد تطوير عملها لأن أصحابها باتوا على يقين بأن هذه "الكور" آيلة إلى الزوال عمّا قريب، ويشير صاحب "كورة" عصام حسين إلى أن هذه الأفران البدائية تعيش أيامها الأخيرة، وكان يجب أن تنقرض منذ وقت طويل، لكن الحصار الاقتصادي الذي مرّ به العراق طيلة عقد من الزمن، إضافة إلى الحروب، أبطأ من زواله، ويتابع، ليس هناك من وسيلة لتحسين ظروف العاملين، لأن أرباح بيع الطابوق قليلة جدًا، ولا تشجّع على رفع رواتب العاملين أو زيادة أعدادهم، وتعرّضت منال الحسيني (25 سنة) إلى أمراض جلدية خطرة، بسبب جفاف الجلد لعملها تحت أشعة الشمس القوية طيلة النهار، إضافة إلى تعرّضها للدخان الأسود والغبار والأتربة أثناء عمله، لكن سعيد القريشي، صاحب معمل طابوق جنوب المحاويل، يعترف بأن أصحاب المعامل يجدون في النساء والأطفال أيادي عاملة رخيصة، لكنه يشير إلى أن هذه المعامل نجحت في توفير فرص عمل في ظروف قاسية، وتعتبر سعيدة صالح أن عملها في معامل الطابوق أفضل بكثير من عملها في مكامن النفايات، حيث كانت تجمع الزجاج والأجواء البلاستيكية لتبيعها إلى تجار الخردة.

وتعمل سعدية منذ الفجر إلى المساء بأجرة لا تتجاوز الأربعة دولارات يوميًا، من دون ضمانات صحية أو اجتماعيةاضطرت فاطمة جاسب (22 سنة) من المحمودية إلى ترك مدرستها لغرض توفير مبلغ لعائلتها، التي تشكو الفاقة، وتضيف تركت مقاعد الدراسة، بعدما مرض أبي، ورغم ندمي على ذلك، إلا أنني أشعر بالرضا، وتتابع، أتمنى أن تتاح لي فرصة العودة إلى المدرسة مجددً، ويثير مشهد النساء العاملات في معامل الطابوق المسماة (الكو) فضول الكثير من العراقيين والأجانب على حد سواء، ومنذ العشرينيات، التقط سائحون أجانب الكثير من الصور لعاملات الطابوق، نظرًا إلى الجهد الجبار، الذي تبذله المرأة العاملة في هذه المهنة، لتصبح محل إعجاب وتقدير الجميع، لكنهن يثرن الكثير من التعاطف، بسبب الجهد الشاق، الذي يبدو في غالب الأحيان أنه يفوق طاقتهن، وتقول الباحثة في حقوق المرأة في بابل أمينة الحسيني إن المرأة الريفية وغير المتعلمة في العراق هي الأكثر عرضة لسوء الاستغلال من قبل المجتمع، الذي يجدها وسيلة رخيصة للإنتاج، وتتابع المرأة الفقيرة غالبًا ما تقبل مضطرة العمل الشاق، وبحسب تخمينات، فإن عدد الأرامل والعوانس في العراق يصل إلى أكثر من مليون امرأة، يعانين شظف العيش، ويعملن في أرذل الأعمال وأصعبه، وفي معامل الطابوق في محافظة كربلاء، فإن غالبية العاملات من النساء، وكذلك الأطفال، لاسيما الأيتام.

وتقول أم حيدر إنها تعمل في "الكورة" منذ عام تقريبًا، بعدما تعذر الحصول على عمل آخر.وبحسب أم حيدر، فإن العمل الشاق في هذه المهن لا يتحمّله سوى "البغال والحمير"،  حيث تسخر بعض المعامل الحيوانات لأغراض نقل الطابوق، لكن أم أحمد تجد مهنة إنتاج الطابوق أفضل بكثير من التسوّل في الطرقات، وتتابع لن أشحذ طالما أنني أستطيع العمل، تتألم أم أحمد لمنظر النساء اللواتي يقفن في التقاطعات، وهن يمددن أيديهن للتسول، وتقول إنها غالبًا ما تتحدث إليهن، وتدعوهن إلى العمل، حتى وإن كان عملاً شاقًا مثل معامل الطابوق، لكن أم أحمد تعترف بأن المرأة المتسوّلة تحصل على مبالغ هي أضعاف ما تجنيه هي من عمله، وتحثّ الناشطة النسوية هناء الجميلي، المنظمات الإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان على تفعيل دورها في الضغط على الجهات المعنية لانتشال المرأة العاملة في العراق من واقعها المرير، ويسكن أبو رحيم مع عائلته المكونة من ثلاث بنات في سكن بسيط، إلى جانب معمل الطابوق، حيث تعمل العائلة طوال النهار في نقل ورصف الطابوق، حيث تبلغ أجرة تصنيع ألف طابوقة نحو ثلاثين ألف دينار عراقي.

العاملات المهاجرات في اليمن

في سياق متصل أفادت مصادر أن حالة عدم الاستقرار التي يشهدها اليمن تتسبب في معاناة العاملات المهاجرات غير المؤهلات اللائي يعملن في مجال خدمة المنازل، فأرباب عملهن إما غادروا البلاد أو انتقلوا من العاصمة إلى أماكن أخرى، وقال محمد عبدي آدم، رئيس لجنة اللاجئين الصوماليين "استقبلنا أكثر من 50 عاملة صومالية كن يعملن قرب جامعة صنعاء والآن هن عاطلات عن العمل بعد أن غادرت أسر مستخدميهن إلى قراه، وأضاف أن "الكثير غيرهن في أماكن أخرى من صنعاء أصبحن عاطلات عن العمل" موضحاً أن معظمهن كن يعملن لدى مغتربين أجانب أو أسر يمنية من الطبقة العلي، ومن هؤلاء مروة يوسف، وهي لاجئة إثيوبية تبلغ من العمر 33 عاماً تعيش مع ابنتها نجمة التي تبلغ من العمر 10 أعوام في غرفة واحدة في حي مظلم في منطقة الصفياء بصنعاء، وكانت مروة تتقاضى راتباً شهرياً يعادل 20،000 ريال يمني (85 دولاراً) لقاء عملها كعاملة نظافة في فندق بصنعاء إلى أن تم فصلها في 31 مارس إثر المظاهرات المناهضة للحكومة التي أدت إلى ضرب قطاع الأعمال في الصميم، وقالت مروة "كيف أعيل نفسي وابنتي؟ كيف لي أن أسدد إيجار الغرفة التي نعيش فيها [البالغ 9،000 ريال يمني]، كما أن نجمة بحاجة إلى الدواء ولا يمكنني شراؤه". بحسب ايرين.

وقال آدم من لجنة اللاجئين الصوماليين أن "الوضع قد أدى إلى ضربة غير مسبوقة للأرامل اللائي يشكلن مصدر الرزق الوحيد لأسرهن حيث تتفاقم معاناتهن نتيجة الارتفاع المتزايد في أسعار السلع الأساسية"، من جهتها، قالت أيمي عبدي شابو، رئيسة لجنة لاجئي الأورومو "منذ بدء الاحتجاجات في منتصف يناير، قلصت العديد من المنظمات الدولية والشركات عدد العاملين لديها ولم يحصل بعض هؤلاء العمال على أي تعويض على الرغم من أنهم قد عملوا لأربع أو خمس سنوات"، ولكن قانون العمل اليمني ينص على أن العمال الذين يحق لهم التعويض هم الذين أبرموا عقداً مع مستخدميهم فقط، بدوره، قال محمد الرويني، المحامي في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن معظم العاملات في المنازل وفي التنظيف في الفنادق الصغيرة يعملن عادة دون إبرام عقود، مما يجعل المطالبة بحقوقهن والدفاع عنها في المحاكم أمراً صعباً"، وتعتقد شابو أن ثمة المئات من الإثيوبيات المستخدمات في المنازل وعاملات النظافة ممن تم فصلهن من عملهن في صنعاء منذ منتصف فبراير.

ضحية العمل القسري

فيما لا يزال آلاف البرازيليين الفقراء يقعون ضحية العمل القسري في بلدهم على الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة البرازيلية للقضاء على هذه الظاهرة، على ما أظهرت دراسة لمنظمة العمل الدولية، ومنذ العام 1995، تم تحرير أكثر من 40 ألف عامل يعملون في ظروف مشابهة للعبودية من دون عقد عمل ولا أجر، على ما ذكرت الدراسة، وبعد مقابلة 121 عاملا حرروا بين العامين 2006 و2007، لاحظت منظمة العمل الدولية أن 59،7% منهم دخلوا دوامة العمل القسري لأنهم لم يجدوا أمامهم خيارا آخر، وغالبية هؤلاء العمال هم من السود الذين بدأوا العمل وهم صغار والمتحدرون من شمال شرق البلاد الذي يعاني من الفقر ومن نسبة تعليم منخفضة جد، وعندما يتلقون أجرا، يضطرون إلى تحمل تكاليف الغذاء والمسكن والمعدات ويجدون صعوبة في جمع الأموال اللازمة لذلك، ويعيش الكثير منهم في اكواخ متداعية من دون مياه شرب ولا مراحيض ويكدون في العمل لساعات طويلة. بحسب فرانس برس.

ملايين الضحايا

الى ذلك لم يجد خبراء منظمة العمل الدولية سوى "ثمن الإكراه" لوصف معاناة ملايين العمال تحت السخرة والعمل الجبري والخسائر المالية الفادحة التي يتكبدونها رغم المحاولات الحثيثة التي تبذلها المنظمة لمكافحة تلك الظاهرة، وتقول أحدث إحصائيات المنظمة التي تم تقديمها في مؤتمرها السنوي المنعقد حاليا في جنيف إن هناك ما لا يقل عن 12.3 مليون إنسان يعملون في شكل من أشكال العمل الجبري، 9.8 ملايين منهم مستغلون من قبل وكلاء خواص، كما لم تغفل الإحصائيات وجود مليونين وأربعمائة ألف مصنفين ضحايا لتجارة البشر حصد القائمون عليها أرباحا لم تقل عن 32 مليار دولار، ووفق التقرير الدوري لمنظمة العمل العالمية، تتركز ظاهرة العمل القسري في آسيا حيث تضم 9.4 ملايين ضحية تليها أميركا اللاتينية بنحو 1.3 مليون، وتسجل إحصائيات المنظمة ما لا يقل عن نصف مليون شخص يعلمون قسريا في الدول العربية ونحو 350 ألفا في الدول المتقدمة، وتمثل النساء حول 56% من أولئك الضحايا، بينما تبلغ جملة الخسائر المترتبة عن تلك الظاهرة ما لا يقل عن 21 مليار دولار سنوي، وهذه الخسائر هي رواتب مستحقة لم يتم سدادها للعمال أو قيمة التأمينات الاجتماعية والصحية المفروضة لحمايتهم ولم يحصل عليها العمال، أو الرسوم التي من المفترض أن تحصل عليها جهات حكومية في الدول المعنية، والخسائر التي تسببها تداعيات تلك الظاهرة.

وينتشر العمل القسري في مجالات الزراعة والصناعة وأعمال الصيد البحري والخدمات المنزلية والبناء والإجبار على ممارسة البغاء، ويأخذ خبراء منظمة العمل الدولية على الدول العربية "انعدام الضمانات العامة في توظيف المهاجرين بعقود عمل مؤقتة، رغم أهمية تلك الضمانات العامة في دول المنطقة التي بها نسبة كبيرة من العمالة الوافدة، وتعرضت لانتقادات بسبب ظروف عمل غير مناسبة في مجالات البناء وصناعة الملابس عل سبيل المثال"، كما يشير التقرير إلى معاناة العمال المنزليين بشكل خاص "بسبب ظروف العزلة التي يعملون فيها وعدم حمايتهم بالقوانين المحلية في حين أنهم معرضون للخطر أكثر من غيرهم بحكم اغترابهم وصعوبة تواصلهم مع مجتمع خارج مكان العمل"، ويستند خبراء منظمة العمل الدولية في ذلك إلى ملاحظات تقرير الأمم المتحدة الخاص بالعمالة المنزلية، الذي كشف عما وصفها ممارسات تعسفية ضد عمال المنازل في بعض الدول الخليجية مثل "مصادرة وثائق الهوية والحرمان من الإجازات وعدم احتساب ساعات عمل إضافية وتقييد حرية التنقل"، في الوقت نفسه يلقي التقرير بمسؤولية مكافحة تلك الظاهرة على الحكومات بشكل أساسي، حيث يجب عليها "تطبيق قوانين مكافحة العمل القسري ومواجهة الاتجار بالبشر".

وقد أشاد بجهود باكستان وإندونيسيا والصين والبرازيل والولايات المتحدة لمكافحة العمل القسري، وروسيا وأوكرانيا في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، كما أشاد بما سماه تعاونا مثمرا بين بعض الحكومات ومنظمات المجتمع المدني "للتوعية من الوقوع في براثن العمل القسري والكشف عن المتحايلين الذين يوقعون بالضحايا وتقديمهم للعدالة"، وضرب مثالا على نجاح هذا التعاون في نيجيريا "حيث تمكنت تلك الجهود من الإيقاع ببعض عصابات تهريب وتجارة البشر وتقديمها للعدالة"، ويرى خبراء من منظمة العمل الدولية أن ضمير أصحاب الأعمال يلعب دورا هاما في مكافحة الظاهرة لا سيما في مجال صناعات الصلب والإلكترونيات والملابس والأحذية حيث لا يجب أن يكون الحصول على الأيدي العاملة الرخيصة بأي ثمن هو الهدف بل يجب التركيز على منح العمال حقوقهم ومعاملتهم بإنسانية.

العمل القسري في ميانمار

من جهتها طالبت منظمة العمل الدولية حكومة ميانمار باتخاذ إجراءات صارمة للقضاء على ظاهرة العمل القسري، وفي هذا السياق، أفاد ستيف مارشال من مكتب المنظمة في ميانمار، أن الحكومة قامت بالتعاون مع منظمة العمل الدولية بوضع آليات لتقديم الشكاوى تمكن الأفراد من التبليغ عن أي خرق للقوانين الجاري بها العمل في هذا المجال، ولكنها لا زالت تحتاج للقيام بما يلزم للقضاء على هذه الظاهرة بشكل كلي، وأخبر مارشال من جينيف حيث كان يقدم تقييمه عن العمل القسري في ميانمار خلال المؤتمر السنوي لمنظمة العمل الدولية، أنه "تم إحراز بعض التقدم دون شك، ولكن لا زالت هناك حاجة للقيام بالكثير من أجل القضاء نهائيا على هذه الظاهرة"، وأضاف قائلا "لا يزال لدينا ستة أشخاص في السجن بسبب آلية تقديم الشكاوي، ومن المهم أن نتعاون مع الحكومة للإفراج عنهم"، وشدد على ضرورة تركيز الحكومة على رفع الوعي بمسألة العمل القسري وإيجاد حلول اقتصادية مجدية لضمان أجور مناسبة للعمال. بحسب ايرين.

العمل القسري والقتل

من جهة اخرى وحين كان عام 1941 يشرف على الانقضاء، أدرك الألمان أن الحرب ستطول وتطول وأن الجيش الألماني سيكون في حاجة إلى قوة عمل سيظل يحتاجها حتى تضع الحرب أوزارها، وبالأخص منها العاملين المهرة، وعليه، فقد اتخذوا قرارا بإنشاء غيتوات مؤقتة في عدد من المدن الكبرى لاستغلال سكانها في المجهود الحربي، وكان ذلك ما حدث مثلا في ريغا وفيلنيوس وكوفنو ومينسك وبيالستوك وغيرها، علما بأن موجة الإبادة الجماعية تجددت بقوة شديدة في الأراضي السوفييتية المحتلة خلال الربيع من عام 1942، وبحلول شتاء 1942-1943 كان معظم يهود غربي بيلاروس وغربي أوكرانيا قد تم القضاء عليهم، بمن فيهم الآلاف من يهود إقليمي ليدا وسلوتسك وكل من غيتو نوفوغرودوك وغيتو بارانوفيتشي ومدينة غرودنو ومحيطها ومنطقة بوليزي بمن فيهم حوالي 17 ألف يهودي في مدينة بينسك بين الـ29 من تشرين الأول والأول من تشرين الثاني 1942 وجميع اليهود المتواجدين في غيتو بريست-ليتوفسك خلال شهر تشرين الأول من عام 1942، كما تم تصفية معظم غيتوات غربي أوكرانيا خلال عام 1942 وتم تحويل المتبقي منها إلى معسكرات للعمل، ويلاحظ أنه اعتبارا من سنة 1942 جرت عملية القضاء على يهود غربي أوكراينا بإحدى طريقتين، أولاهما الطريقة المألوفة والثانية الترحيل إلى معسكرات الإبادة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/تشرين الثاني/2011 - 16/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م