حجاج يبيعون بضائعهم ومكيون يمتهنون الصرافة

 

شبكة النبأ: يجلس حجاج من اسيا الوسطى وخصوصا داغستان على قارعة الطرق في سوق الكويت في مشعر منى لبيع مختلف انواع البضائع التي جلبوها لتمويل رحلة الحج نظرا لكلفتها المرتفعة بالنسبة لهم. ويقول يوسف باييف (30 عاما) من داغستان ان "بيع البضائع للحجاج مصدر رزق وتمويل للعديد من الداغستانيين الذين يحرصون على جلب انواع عدة". ويضيف ان "النقود التي نحصل عليها من بيع البضائع تمول رحلة الحج (...) فليس باستطاعة الكثيرين دفع التكاليف الباهظة للحج".

وتتكدس البضائع في السوق حيث يحرص الاف الحجاج على شراء الهدايا والتذكارات لذويهم بعد انتهاء رحلة الحج. وبين البضائع معاطف صوفية وملابس شتوية الى جانب اخرى مصدرها الصين.

ويتابع باييف الذي يحج للمرة الاولى ان "الرحلة تستغرق اسبوعا بالحافلة وهي شاقة للغاية. فمعظم الداغستانيين يصنعون الملبوسات الشتوية والمعاطف في بيوتهم من اجل بيعها في مكة المكرمة اثناء الحج".

ولم تتسن معرفة اعداد الحجاج القادمين من مناطق اسيا الوسطى، لكنه ليس كبيرا نظرا لقلة السكان هناك، كما ان النسبة المخصصة لكل بلد لا تتعدى عشرة الاف شخص لكل مليون نسمة.

ويتواجد في السوق ايضا باعة المثلجات والسبح بمختلف انواعها والماكولات والتحف الفخارية والنحاسية وبطاقات الاتصالات الهاتفية، كما يبيع حجاج من الشيشان السجاد المصنوع محليا. وعادة يشتري الحجاح التمور بانواعها المتفرقة ومجسمات الكعبة ومياه زمزم. بحسب فرانس برس.

من جهته، يقول بهاء الدين (40 عاما) ان تكلفة رحلة الحاج من داغستان "تصل الى 70 الف روبل (2300 دولار) انها المرة الاولى التي اؤدي فيها فريضة الحج وانا مقتدر ماليا لست بحاجة لبيع اي شيء". ويضيف ان "بيع الملابس للنساء فقط، فالرجل عندنا لا يبيع (...) الحجاج الداغستانيون يجلبون ملابس الشتاء من معاطف وقبعات يمكن ان يشتريها السعوديون كما ان الجاكيتات والمناظير الروسية مفضلة لدى الحجاج العرب".

وكانت مصلحة الاحصاءات العامة والمعلومات اعلنت الاحد، ان عدد الحجاج بلغ حوالى ثلاثة ملايين وصل اكثر من ثلثهم من داخل المملكة. واضافت ان "اجمالي عدد الحجاج بلغ مليونين وتسعمئة وسبعة وعشرين الفا بينهم مليون وثمانمئة وثمانية وعشرون الفا من خارج المملكة، والبقية وعددهم مليون وتسع وتسعون الفا وصلوا من داخل المملكة، غالبيتهم العظمى من المقيمين غير السعوديين".

وعلى مقربة من بهاء الدين، تبيع شابتان سعوديتان اكسسورات نسائية خفيفة، وتقول احداهن ردا على سؤال "جئنا من مدينة جدة لبيع هذه الاكسسوارات خلال موسم الحج لانه فرصة بالنسبة الينا".

وتضيف الفتاة وهي في منتصف العشرينات تقريبا "انا وشقيقتي اعتدنا المجيء الى مكة سنويا خلال الحج للاستفادة من اعداد الحجاج الكبيرة والطلب المرتفع (...) نحقق ارباحا جيده هذه الايام".

والمنطقة التي يقع فيها سوق الكويت ليست مخصصة للبيع والشراء، الا ان الحركة التجارية نشطة جدا يرتادها حجاج متعجلون يرغبون في المغادرة الثلاثاء للعودة الى ديارهم.

ويقول محمد اسلام (56 عاما) من اندونيسيا "ابحث عن هدايا لعائلتي في جاكرتا هناك العديد من الاشياء الجميلة لكنني لم اقرر بعد". ويضيف لفرانس برس "الهدية من مكة لها طعم خاص انها تذكرك باطهر بقعة على وجه الارض ويتبارك بها الابناء".

اما الحاجة الفلسطينية ام وليد (63 عاما) فتقول "تركت ابنائي وبناتي في الضفة الغربية (...) ساشتري لهم بعض الهدايا افضل ملابس الشتاء للاولاد وبعض الاكسسوارات والحلي للبنات".

الصرافة وتقديم ماء زمزم

الى ذلك باتت الصرافة وتوفير ماء زمزم للحجاج مهنتان تتوارثهما عائلات مكية من جيل الى اخر مع فارق اساسي بينهما حيث تحقق الاولى ارباحا كبيرة نتيجة تغيير العملات مع توافد حوالى مليوني شخص من الخارج، فيما تقدم الثانية مجانا.

ويقول عادل الملطاني شيخ الصرافين في مكة "احرص على توريث مهنتي لابنائي من بعدي ولن افرط فيها ابدا"، مشيرا الى انه رغم الطابع الوارثي لمهنة الصرافة، فان العاملين فيها يحرصون على اللحاق بركب التطور التقني والمؤسساتي الذي تفرضه الظروف الاقتصادية اليوم.

ويوضح "قبل اكثر من ستين عاما كانت العملات المعدنية المتداولة هي الفرنك الفرنسي، او الريال العثماني الى جانب الذهب والفضة فقط"، مضيفا "لم يكن هناك اكثر من ثلاثة او اربعة صرافين حينذاك اشهرهم الكعكي والملطاني والعمودي وبازيد، وهي مهنة تتوارث من الاباء الى الابناء". وتتمركز غالبية مكاتب الصرافة حول الحرم المكي.

ويشير الى ان "العملات الرئيسية في الحج كانت الهندية والباكستانية والاندونيسية لكن الحجاج يصلون هذه الايام حاملين الدولار او اليورو، فيما يحمل معظم حجاج الدول العربية عملات بلدانهم التي يتم تحويلها الى الريال السعودي". بحسب فرانس برس.

ويتابع الملطاني "هناك العديد من محلات الصرافة التي انتشرت في الفترة الاخيرة بشكل واسع الامر الذي دفع بمؤسسة النقد العربي السعودي (المصرف المركزي) الى ان تفرض قيودا وانظمة جديدة لتنظيم المهنة".

ويتوقع "انخفاض مجموع ما سيصرفه الحجاج خلال الموسم الحالي عشرين في المئة مقارنة مع الموسم السابق لتصل المبالغ الى نحو خمسة مليارات ريال (مليار و 333 مليون دولار)" بسبب "تاثير الاضطرابات السياسية التي تعيشها بعض الدول العربية وانعكاس ذلك على انخفاض اعداد القادمين منهم لاداء المناسك". ولفت الى ان "حجم الصرف اليومي في مكة والمدينة وجدة يتراوح بين 35 الى 45 مليون ريال (9,33 الى 12 مليون دولار)".

يشار الى ان مؤسسة النقد السعودي تطلب من البنوك التجارية ومكاتب الصرافة خصوصا تلك التي لديها فروع في المنافذ الحدودية ومنطقة مكة والمدينة توخي الحيطة والحذر من محاولة البعض تصريف عملات مزيفة. ويعاقب كل من يتم ضبطه بتزييف او تقليد النقود او جلبها او ترويجها بالسجن والغرامة المالية التي تصل الى 500 الف ريال.

من جهته، يقول مصلح الجميعي صاحب محلات الغزة للصرافة ان "هذه المهنة كانت في الماضي بدائية كما ان عدد الحجاج كان قليلا. لذا فان عمليات الصرافة كانت محدودة". ويضيف "اختلفت الامور اليوم. فالوسائل التقنية اصبحت السائدة فهناك آليات لكشف العملات المزورة".

ويشير الجميعي الى ان "اعداد الحجاج اليوم كبيرة وعمليات الصرافة ضخمة يوميا (...) هناك حوالى 22 مكتبا للصرافة يقوم اصغرها حجما بصرف مليون ريال (266 الف دولار) في حين تسجل عمليات الصرافة في بعض المكاتب الكبيرة 20 مليون ريال (5,33 ملايين دولار) يوميا".

ويتابع ان "العديد من الدول الافريقية والهند وباكستان يحملون شيكات سياحية كانت تستخدم قبل 20 عاما".

ويختم قائلا "نتسلم عملات تداولها محدودا مثل العملة الفيتنامية، وعملات بعض الدول الافريقية (...) وبما انها ليست مدرجة في بورصة العملات فاننا نتابعها من خلال الشركات الكبيرة".

من جهة اخرى، تتوارث عدد من العائلات المكية تقديم ماء زمزم للحجاج مجانا ويطلق عليها تسمية "الزمازمة". ويقول عبدالله الدويري رئيس مكتب الزمازمة سابقا "هناك اكثر من 120 عائلة مكية من الزمازمة توارثت خدمة الحجاج واليوم تفرعت هذه الاصول وبات عددها يتجاوز الفا من اولادهم واحفادهم".

ويضيف دويري (57 عاما) المتقاعد ان "مهنة الزمازمة لم تعد اليوم كما في السابق نظرا لتنظيمها. فقبل نحو 35 عاما كانت كل عائلة تقدم سقيا زمزم لجنسية معينة، فيما يقتصر دور النساء على زيارة الحجاج المرضى في المستشفيات وتقديم الماء لهم".

ويوضح ان "مياه زمزم كانت تستخرج من البئر وتجمع في خلاوي (غرف صغيرة) وتوضع في الزير (وعاء من الفخار لحفظ الماء باردا) ثم تؤخذ الماء الى الحرم على الحصى الذي يمثل مكان الطواف في الوقت الحالي، وكان كل زمزمي له حصوة محددة ياتي اليها الحجاج ليقدم لهم الماء".

ويروي حادثة حصلت قبل 14 عاما لبعض "الحجاج الفرنسيين من اصل جزائري شربوا مياها اعتقدوا انها زمزم، وبعد عودتهم الى فرنسا اصيبوا بتلوث، حينها تم التحقيق معنا في الامر واتضح انهم اشتروا هذه المياه من الطرقات ولم تكن زمزم وهذا امر يجب ان يتنبه له القادمون من الخارج".

وكان مسؤول في رئاسة شؤون الحرمين اعلن في ايار (مايو) الماضي ان مياه زمزم صالحة للاستهلاك البشري، ردا على تقرير اعلامي بريطاني يؤكد انها تحوي نسبة مرتفعة من مادة الزرنيخ.

وقد افتتح الملك عبدالله بن عبد العزيز في الرابع من ايلول (سبتمبر) 2010 مشروع سقي زمزم من اجل ضمان تنقية المياه باحدث "الطرق العالمية الى جانب تعبئتها وتوزيعها آليا". وبلغت كلفة المشروع 186 مليون دولار.

والطاقة اليومية لمصنع التعبئة تبلغ حوالى 200 الف عبوة. وبئر زمزم من الاماكن التي يجلها المسلمون ويبلغ عمقها 31 مترا تغذيها عيون كثيرة.

وتقع زمزم ضمن الحرم المكي بين الصفا والمروة. ويؤمن المسلمون ان مياه زمزم تدفقت تحت اقدام السيدة هاجر زوجة النبي ابراهيم الخليل عليه السلام عندما استبد الظمأ بها وبابنها اسماعيل، وبعد ان كان النبي ابراهيم قد تركهما في وادي مكة بامر من الله، بحسب النص المعتمد في الاسلام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/تشرين الثاني/2011 - 16/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م