|
يبدو أن الدول الغربية توصلت الى قناعة حول كيفية تقسيم البترول
الليبي وأصبحت أكثر استعدادا لتنفيذ برامج التنمية وزيادة القدرات
الانتاجية وبقية متطلبات القرن الحالي بعد أن تأخرت عقدا من الزمن بسبب
مقولة رئيس أميركا السابق جورج بوش الابن: «إما أن تكونوا معنا أو مع
الارهابيين» بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 والتي غيّرت وضعية الاستعداد
العالمي لتدخل الدول رغما عنها حرب أميركا على الارهاب!
وأعتقد أن التحالف الدولي العسكري وائتلاف حرب الخليج عام 1991
لتحرير الكويت من الغزو الصدامي لن يتكرر، ليس فقط لأن دول الغرب عاجزة
عن توفير التكلفة العسكرية الباهظة بل أيضا لانخفاض مستوى الثقة بتوزيع
المصالح الجيوسياسية فيما بينها، كما يبدو أن الموقف الفرنسي الرافض
للحرب واحتلال العراق في عام 2003 لربما اليوم كسب الرهان في بناء
علاقات موازية مع شعوب منطقة الشرق الأوسط، وقد تلعب فرنسا دورا بارزا
في تعمير العراق بعد خروج القوات الأميركية إلى جانب علاقتها المتميزة
مع تونس ودورها البارز في تحرير ليبيا بأقل الخسائر!
وما قاله الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي: «لا أستطيع تحمل نتنياهو،
إنه كاذب». يؤكد الاعتقاد السائد أن السياسيين لا يصدقون بقول الحق إلا
وراء الكواليس بعيدا عن المؤتمرات الصحافية والاجتماعات الرسمية، كما
يبدو أن الغرب توصل الى قناعة التمرد على تل أبيب ورفض الاستجابة
لأوامر قياداتها باهظة الثمن والتي تسبب عدم الاستقرار في أوروبا
وأميركا لو وافقت على تقديم مساعدات عسكرية لاسرائيل لشن هجمات على
إيران.
ولعله أيضا أراد توجيه رسالة الى جامعة دول العربية برفض التدخل
والحرب على سورية، الرئيس الأميركي أيضا أبدى استياءه من تعامل نتنياهو
معه فهو لم يعد يتحمل العجز التريليوني الذي يشعل ثورة الجياع في شوارع
المدن الأميركية وما خلفته حرب بوش على الارهاب بعد أن ذهبت أموال بيع
النفط العراقي الى بعض البنوك والشركات الخاصة وتوقفت مشاريع زيادة
القدرة الانتاجية!
دول الغرب قضت عشر سنوات من عمر شعوبها في حرب خاسرة ضد الارهاب ولم
تعط إلا مشاهد اقتصادية بطيئة الانتعاش، ومن الصعب الشعور بالمرح وسط
الانفاق لإراقة الدماء، واليوم شعوب العالم ترى أن الأسلحة تسبب لها
البؤس والفقر، وإن الوقت قد حان للرهان على عبور القرن الحالي
بالانجازات الحضارية وإلا فإنها سئمت الحياة ومستعدة لخوض حرب ضد أعداء
البشرية.
[email protected] |
