المتاجرة بالأعضاء البشرية... رهان على بقايا التعساء

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يبدو أن الدول الفقيرة لم يعد لديها ما تبيعه سوى أجساد شعوبها، وأن كثيراً من الفقراء الآن ينظرون باطمئنان إلى المستقبل أكثر من أي وقت مضى، ويرفعون شعار البيع هو الحل للخروج من مشكلات كثيرة تبدأ من مصاريف إطعام الأسرة، مروراً بتعليم الصغار، وانتهاء بتجهيز الأبناء للعرس.

وأن قطع الغيار البشرية تباع الآن في مزادات على الإنترنت، وفقاً لقوائم أسعار معلنة تبدأ من 5000 دولار لقرنية العين و20 ألف دولار للكلية و40 ألف دولار للكبد و50 ألف دولار للرئة و60 ألف دولار للقلب، وهذه الأسعار غير شاملة أتعاب الأطباء الذين يجرون الجراحة أو مصاريف الإقامة والسفر.

اذ أصبحت تجارة الأعضاء البشرية تجارة رائجة حول العالم، خصوصاً في الآونة الاخيرة، بل والأكثر ربحية حتى مقارنة مع تجارة السلاح والمخدرات.

متاجرة لا تعرف الرحمة

فقد وضعت ظاهرة الغلاء وسوء الأحوال الاقتصادية بباكستان، المواطنين بين خيارين غاية في الصعوبة لسد نفقاتهم المتزايدة، وهما إما بيع أحد أعضائهم الجسدية، مثل الكلية، أو حتى اللجوء إلى التجارة بأولادهم، رغم منع قوانين البلاد لمثل هذا النوع من "الصفقات ففي مقابلة مع مراسل CNN، نيك روبرتسون، ذكر محمد إقبال، باكستاني ريفي، أنه مضطر لأن يسدد ديونه لصاحب بيته وإلا ستتشرد عائلته، بحيث لم يبق أمامه من خيار، إما أن يبيع أحد أولاده أو كليته، وذكر إقبال، البالغ من العمر 53 سنة، أن بيع أحد أطفاله أمر غير ممكن، مما دفعه إلى إجراء فحوص للتأكد من صلاحية كليته للبيع، والتي يتراوح سعرها، بحسب السوق، ما بين 1100 و1600 دولار فقط، من جهته قال روبرتسون إن "المذهل في الأمر أنه رغم أن القانون الباكستاني الصادر عام 2007 يحظر مثل هذه المعاملات، إلا أن محمد تمكن من رؤية مجموعة من الأطباء للاطمئنان على حالة كليته، الذين لم يبخلوا عليه بنصائحهم، وهو أمر قانوني تماماً، ولكنه بالمقابل ينوي بيع كليته خلال الأيام القليلة المقبلة مقابل مبلغ يتراوح ما بين 100 ألف و150 ألف روبية باكستانية، وهو أمر مخالف للقانون بالكامل، وبيّن روبرتسون أن هناك العديد من الحالات المشابهة لإقبال، وذكر منها حالة راب نواز، الذي غرق في ديونه بعد أن اقترض أموالاً من صاحب منزله لعلاج أولاده الستة وزوجته، مما قاده إلى نفس الخيار مع إضافة واحدة: إما بيع أحد الأولاد، أو بيع الزوجة، أو بيع الكلية، وقال نواز لمراسل CNN: كنت عاجزاً تماماً، هل علي أن أبيع زوجتي؟.. أو أولادي؟.. لذا كان من الأفضل أن أبيع كليتي، لأنه كان علي أن أسدد قروضي، وذكر نواز، الذي تبرز آثار جرح غائر في بطنه، إثر عملية إزالة الكلية، أنه لم يعد قادراً على العمل كما كان في السابق، لأنه أصبح أضعف من أن يتحمل مشاق العمل في الزراعة. بحسب السي ان ان.

وأفاد نواز بأنه كان قد أجرى العملية في مركز متخصص بالقرب من قريته، وعندما طلبت CNN منه الإتيان بالوثائق التي تثبت أقواله، عجز عن ذلك لأن المركز كان قد أتلف جميع الوثائق المتعلقة بعملية بيع كليته، ولاحظت كاميرا CNN وجود العديد من الندبات في بطون سكان القرى القريبة من المزرعة التي يعمل بها نواز، مما يشي باستمرار انتشار الظاهرة رغم حظر القانون، أكثر من هذا، فقبيل صدور قانون 2007 الذي يحرم تجارة الأعضاء البشرية، أشارت إحصاءات حكومية إلى أنه كان هناك ألفي عملية زرع أعضاء بالبلاد، 1500 منها كانت عبارة عن بيع أعضاء باكستانيين إلى أجانب، تطلق عليهم السلطات لقب سياح زراعة الأعضاء.

أعلى سعر

فيما ألقت الشرطة الأمريكية القبض على "سمسار أعضاء"، أثناء محاولته بيع كلية بشرية، قال إنه حصل عليها من "متبرع" إسرائيلي، عارضاً بيعها لأعلى سعر وصل إلى مبلغ 160 ألف دولار، وأعلنت السلطات في ولاية نيو جيرسي الأمريكية أنه تم توقيف المتهم، ويُدعى ليفي إيزاك روزنباوم، في وقت سابق الخميس، حيث وُجهت إليه تهمة السمسرة والمتاجرة بأعضاء بشرية، وبحسب وثائق المحاكمة، فإن روزنباوم، وهو ليس طبيباً ولا علاقة له بهذا المجال، يواجه اتهامات بأنه سمسار للأعضاء البشرية، وذلك بعد أن أوقع مكتب التحقيقات الفدرالي FBI به، بعد أن أرسل عميلة لديه وشاهدة سرية، للحصول على الكلية، التي أخذ "يفاصلهما" عليها ليصل سعرها إلى 160 ألف دولار، واتصلت كل من عميلة FBI والشاهدة السرية، بروزنباوم، بحجة بحثهما عن كلية لعم العميلة المريض، وبعد عدة زيارات وأخذ ورد، قام "سمسار الأعضاء" برفع سعر الكلية التي قال إنها آتية من إسرائيل، من 150 إلى 160 ألف دولار، ووفق تسجيلات التحقيق، فقد قال روزنباوم للعميلة وزميلتها: "أنا مثلي مثل الخاطبة أوفق حاجات الناس مع بعضها البعض"، مؤكداً في الوقت نفسه أن كان يمارس هذا النوع من السمسرة منذ ما لا يقل عن عشر سنوات، وكان معظم الأعضاء التي قام ببيعها حصل عليها من "متبرعين" في إسرائيل، وسعى روزنباوم، وفقاً لما كشفت عنه التسجيلات، إلى إقناع العميلتين بمصداقيته، وذلك عبر إعطائهما رقم شخص، لم يفصح عن اسمه، زعم أنه اشترى كلية منه في السابق، حيث أكد الأخير "صدق" السمسار وجودة بضاعته، وعندما سألت العميلة وزميلتها الشخص الذي اشترى الكلية، عن رأيه بدوافع المتبرعين بكلاهم إلى تلك الممارسات، ذكر أنه يعتقد أنهم يقومون بذلك للحصول على المال. بحسب السي ان ان.

يُذكر أن ظاهرة بيع الكلى باتت تطفو على السطح لا في الولايات المتحدة فحسب، إذ وضعت ظاهرة الغلاء وسوء الأحوال الاقتصادية بباكستان، المواطنين بين خيارين غاية في الصعوبة لسد نفقاتهم المتزايدة، وهما إما بيع أحد أعضائهم الجسدية، مثل الكلية، أو حتى اللجوء إلى التجارة بأولادهم.

عصابة متخصصة

وفي هذا الجانب شهد مواطن بيلاروسي أمام محكمة اتحاد اوروبية خاصة بأنه باع كليته لاحدى العصابات التي تتاجر في الاعضاء البشرية في كوسوفو. ويعتبر هذا الرجل، والذي توفر له هذه المحكمة الحماية، الضحية الاولى ضمن عدد من الضحايا في قضية تلقي بظلال قاتمة على الوضع في هذه الدولة البلقانية الجديدة. واخبر هذا الرجل المحكمة انه سافر الى كوسوفو لبيع كليته في مركز طبي يطلق عليه ميديكس، في ضواحي العاصمة برشتينا، الا انه لم يتلقَ سوى نصف المبلغ الذي كان موعودا به ثمنا لكليته، وبدأ سير المحكمة، الاسبوع الماضي، في الوقت الذي اطلق فيه الاتحاد الاوروبي تحقيقا مستقلا في مزاعم بان قادة جيش تحرير كوسوفو الذي يقوده هاشم تقي والذي يحتل الان منصب رئيس الوزراء، كان قد تاجر بقدر كبير من كلى السجناء الصرب خلال وبعد فترة الحرب بين 1998 - 1999 والتي ادت في النهاية الى استقلال كوسوفو. ويقول تقرير أعده المجلس الاوروبي العام الماضي، ان بعض الشخصيات البارزة، ومن البان كوسوفو وشخصيات دولية اخرى متورطة في المتاجرة في الأعضاء البشرية اواخر تسعينات القرن الماضي، في ما اطلق عليه قضية مركز ميديكس، وشكل الاتحاد الاوروبي في الحال فريقاً للتأكد من هذه المزاعم يقوده مبعوث جرائم الحرب السابق، جون كلينت وليامسون، والذي من المتوقع ان يزور البانيا قريبا. واكد المتهمون الكوسوفيون السبعة في قضية «ميديكس»، انهم غير مذنبين بالتهم المنسوبة اليهم والتي تتمثل في تجارة الاعضاء البشرية، واساءة استغلال المنصب، وممارسة نشاط طبي غير مشروع. ومن بين هؤلاء المتهمين، استاذ الطب بجامعة برشتينا، د. لطفي درويشي، وهو الذي اسس المركز الطبي، والسكرتير الدائم في وزارة الصحة، لير ليكاج الذي اصدر الترخيص، من ناحية اخرى، تلقى طبيب زراعة الاعضاء، يوسف سونميز والملقب بـفراكشتاين التركي ، حكما في تركيا لممارسته 11 عملية غير شرعية على الاقل بمركز ميديكس، كما يخضع وسيط العصابة الاسرائيلي موشي هاريل للمحاكمة الغيابية امام المحاكم التركية ايضا، ويطالب المدعون العامون في تركيا بعقوبة قدرها 171 عاما سجناً لكل من د. سونميز وهاريل، اضافة الى اثنين من المواطنين الاتراك، وبدأت قضية ميديكس، عام 2008 عندما انهار احد الشباب الاتراك في مطار برشتينا، والذي اخبر في ما بعد شرطة الامم المتحدة بانه باع احدى كليتيه لمركز ميديكس. ووصلت الشرطة الى مباني ميديكس القريبة من المطار لتجد مواطناً كندياً - اسرائيلياً خضع للتو لزراعة الكلية المستخرجة من الشاب التركي، ويقول المدعون العامون إن اكثر من 30 فقيراً في تركيا وفي كتلة الاتحاد السوفييتي السابق باعوا كلاهم الى هذه العصابة، ويحصل هؤلاء على وعد بتلقيهم 20 الفاً ثمناً لكل كلية، الا ان العصابة سرعان ما تخفض هذا المبلغ بمجرد ازالة الكلية من جسد البائع.

مافيا الأجساد

في حين أصبحت تجارة الأعضاء البشرية تجارة رائجة في العالم، بل والأكثر ربحية حتى مقارنة مع تجارة السلاح والمخدرات، وحسب وصف إمبراطور المال والأعمال الأميركي، جورج سوروس، فإن توحش الرأسمالية العالمية في عصر العولمة، جعل كلاً منا يطمع في أجساد الآخرين وينظر إليها باعتبارها مصدراً محتملاً لسد احتياجاته من القطع البشرية، وهو ما يعود بالبشرية إلى صورة جديدة من أكل لحوم البشر، أسوأ من الصورة التي عرفتها في عصور الهمجية وما قبل  الحضارة. وربما تكمن القيمة الحقيقية لهذه الشهادة في كونها تخرج على لسان أحد أهم اللاعبين الذين استفادوا من آليات هذا النظام، فجورج سورس هو الصورة المثالية لتحقيق المنفعة من وراء هذه النظام.

وعلى الرغم من أن الحجم الحقيقي لسوق تجارة الأعضاء البشرية في العالم غير معروف، إلا أن هذه التجارة التي تقدر بتريليونات الدولارات تدار بشكل رسمي على مرأى ومسمع من العالم في أسواق تحكمها مافيا تجارة الأعضاء البشرية التي تتولى ترتيب الصفقات عبر الحدود للتوفيق بين رغبة عجوز ثري يريد أن يستخدم أمواله ليصارع الموت والشيخوخة، وبين فقير معدم يعرض أعضاءه للبيع ليصارع الجوع والفقر، ورغم أن مافيا الأجساد تحصل على ما تريده من السوق السوداء للموتى والسجناء - التي تديرها بعض الحكومات- عندما تفشل في التوفيق بين رغبة البائع والمشتري، إلا أن قوائم الانتظار في غرف عمليات زراعة الأعضاء التي تدار من المنازل والعيادات الخاصة تمتد أشهراً وربما سنوات، نتيجة لضخامة حجم الفجوة بين المعروض والمتاح في سوق قطع الغيار البشرية. وكأي سوق أخرى، يتحدد السعر في السوق العالمية لتجارة قطع الغيار البشرية بناء على العرض والطلب، وذلك بعد إضافة هامش ربح خرافي لكل من شارك في ترتيب الصفقة أو تسهيلها أو تقديم النصح والمشورة، لكن الشيء الذي تنفرد به هذه السوق هو احتمالية تبادل الأدوار بين السلعة والتاجر، فربما يأتي اليوم الذي يتحول فيه أي طرف من أطراف هذه السوق إلى سلعة يتم بيعها إذا ما اقتضت الضرورة، ولعل أسوأ ما في سوق تجارة الأعضاء البشرية هو أنها  ترتدي وجهاً عنصرياً قبيحاً، فهي لا تتم فقط من الجنوب الفقير إلى الشمال الغني، وإنما أيضا من السود والملونين إلى البيض، ومن النساء والأطفال إلى الرجال. وتحت وطأة الاتجار في الحياة البشرية ووسط هذه الهمجية لابد أن تنهار المعايير الدينية والتقاليد الاجتماعية تحت وطأة الاتجار في الحياة البشرية.

الفقـر يدفـع أردنيين إلى بيع كُلاهم

فيما لم يكن بيع إحدى كليتيه في مصر مطلع العام الجاري مقابل 5000 دولار بالنسبة إلى علي، الأردني الثلاثيني العاطل عن العمل، إلا مجرد صفقة خاسرة، وعلي واحد من عشرات الأردنيين العاطلين عن العمل الذين يضطرون سنوياً لبيع كلاهم لمجموعات تستهدف الفقراء. ويقول علي، وهو أب لثلاثة أطفال، أقنعه صديقه العام الماضي ببيع إحدى كليتيه في مصر، أشعر بالندم من كل قلبي، لا أدري في ماذا كنت أفكر، وأضاف قمت بذلك لتحسين مستوى معيشتي، وإنقاذ حياة أحدهم، فقد حصلت على 5000 دولار، بعد أن منحت كليتي لشخص لم أره أو أعرفه، وقال أدركت الآن أني اقترفت خطأ فادحاً، وكنت جاهلاً. أنا عاطل عن العمل، وظروفي الصعبة أعمتني عن رؤية حقيقة ما فعلت، وأوضح محمد (29 عاماً) أنه وعد بتلقي 5000 دولار مقابل بيع كليته لك، بعد إجراء العملية تلقى أقل من نصف المبلغ. وقال محمد، وهو متزوج وأب لطفلين، لم أستطع فعل شيء حيال ذلك، لم يكن أمامي إلا أن أقبل العرض أو أرفضه، وأضاف مازالت دون عمل ومازلت فقيراً، وذهبت كل تلك النقود من دون أن أحسن من مستوى حياتي.علاوة على ذلك، لا يستطيع محمد، حسبما يقول، أن يحيا حياة طبيعية، ويوضح خدعوني وأقنعوني بأني سأحيا حياة طبيعية، لكني أشعر بتعب منذ أخذوا إحدى كليتي. أعلم تماماً أن صحتي الآن ليست على ما يرام، ليس في استطاعتي أن أراجع الطبيب، لأني سمعت بأن الشرطة تلاحق أمثالي، يشكل الشباب ممن هم دون الـ30 عاماً قرابة 70٪ من إجمالي عدد سكان الأردن، البالغ عددهم نحو ستة ملايين نسمة. وتقدر نسبة البطالة في البلاد، وفقاً للأرقام الرسمية، بـ 14.3٪، بينما تقدرها مصادر مستقلة بـ 30٪.

ولا تتوافر قاعدة معلومات موثوق بها حول تجارة الاعضاء البشرية، في حين يصر المسؤولون الاردنيون على انها ليست قضية ملحة. وفي سبتمبر الماضي تم توجيه الاتهام إلى 11 أردنياً بتهريب الأعضاء البشرية، خصوصاً الكلى، وبيعها بشكل غير قانوني في مصر، وترحيلهم إلى الأردن. ووفقاً للأمن الأردني، فإن التحقيق جارٍ مع مشتبه فيهم، ولايزال سبعة آخرون فارين من وجه العدالة. وبيعت الكلى مقابل مبالغ وصلت إلى 30 ألف دولار للواحدة، وتعد تجارة الأعضاء البشرية محظورة في الأردن، ويواجه المتورطون فيها عقوبات تصل إلى السجن خمسة أعوام وغرامات تصل إلى 28 ألف دولار. وأنشات المملكة في 2007 لجنة وطنية للترويج للتبرع بالأعضاء لكبح تهريبها، وتشجيع الأردنيين على التبرع بها بعد وفاتهم، وذلك بعد ضبط السلطات 80 حالة بيع كلى في العام نفسه، وبحسب عضو اللجنة ورئيس المركز الوطني للطب الشرعي، مؤمن الحديدي، فإن المهربين يحصلون على عمولة، وهم يستهدفون الفقراء ويقنعونهم ببيع كلاهم، ومن ثم يسهّلون عملية سفرهم إلى بلد ثالث، حيث تجرى لهم العمليات الجراحية، وأوضح أن أكثر من 800 شخص يموتون سنوياً في الأردن في حوادث سير، علينا تشجيع أقاربهم على التبرع بأعضاء أحبائهم، وبالتالي، نستطيع خفض الطلب، وأظهرت دراسة رسمية حديثة حول 130 حالة بيع كلى، أن 80٪ من الذين باعوا كلاهم لاجئون فلسطينيون من مخيم البقعة (شمال غرب عمان)، أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن. وأغلب هؤلاء تقل أعمارهم عن 31 عاما، ويعيشون في فقر مدقع، لكنهم ليسوا ذوي سوابق جرمية. وكانت مثل تلك العمليات تُجرى في العراق، لكن بعد الاحتلال الأميركي أصبح المتاجرون بالأعضاء والوسطاء يرسلون الشباب إلى باكستان والهند ومصر، على ما أفادت الدراسة، ويقول اختصاصي الكلى، الطبيب محمد اللوزي، إنه «لا توجد مشكلة تهريب أعضاء في الأردن. هذه الحوادث تعد قليلة، وأغلب الذين يبيعون كلاهم يدّعون بيعها بسبب الفقر، لكنهم لا يفعلون شيئاً لتحسين أحوالهم المادية، ويضيف أن العديد من هؤلاء مدمنون على المخدرات، ويبحثون عن أهل الطرق للحصول على المال، بغض النظر عن الوسيلة، وهذا يحدث في جميع أنحاء العالم، وليس في الأردن فقط. بحسب فرانس برس.

ولكن، بالنسبة لسري ناصر، اختصاصي علم الاجتماع في الجامعة الأردنية، فإنه لا يوافق اللوزي الرأي، ويرى أن هذه مشكلة وجريمة في الأردن، كما هي مشكلة وجريمة في جميع أنحاء العالم. وأضاف أن القيم الاخلاقية للمجتمع لم تعد موجودة الآن. المادية تحكم هذه الأيام، وأصبح كل شيء تجارة، حتى الأعضاء التي تدر ربحاً على بعضهم. واعتبر ناصر أنه من الواجب حل مشكلتي الفقر والبطالة كوسيلة لمكافحة تجارة الأعضاء البشرية ومشكلات أخرى. وقال الناس يبيعون أعضاءها على الأغلب، لكونهم فقراء ومن دون عمل، يعتقدون أنها كلاهم وحدهم، ومن حقهم بيعها.

أعضاء الأطفال

الى ذلك يتعرض الأطفال المهق للقتل من قبل رجال العصابات في مملكة سوازيلاند وبعض الدول الافريقية المجاورة، بسبب الاعتقاد السائد بأن اعضاء هؤلاء الاطفال لها قوة سحرية وطبية عندما يستخدمها الاطباء السحرة، ويعتقد البعض ان خليطاً مكوناً من هذه الأعضاء يجلب الحظ الجيد، كما يعتقد الآخرون أنه يجلب أي شيء من القوة السياسية إلى علاج مرض نقص المناعة المكتسبة ايدز، وتباع أعضاء الطفل الأمهق في السوق السوداء المحلية نظير عشرات الآلاف من الدولارات. ولهذا السبب تستهدفهم العصابات عبر شرق إفريقيا خصوصاً في بروندي وتنزانيا، حيث حكمت محكمة قبل ثلاثة اشهر بالإعدام على رجل قتل فتاة مهقاء تبلغ خمس سنوات من العمر. ويخشى موظفو الرعاية الاجتماعية انه بعد تضييق الخناق على عصابات قتل الاطفال المهق في تلك البلاد ان تتجه هذه العصابات جنوباً لبلاد افريقية أخرى، وخلال 2007 و2009 تعرض 70 طفلاً افريقياً أمهق للقتل في بروندي وكينيا وتنزانيا، وفقاً لأحدث التقارير. وقدر أحد ضباط الشرطة التنزانيين أن أعضاء الطفل الأمهق كاملة بما في ذلك أطرافه الاربع وأعضاؤه التناسلية وأذناه وانفه ولسانه يقدر سعرها بنحو 75 ألف دولار، واعتقلت الشرطة التنزانية رجلا كينيا يبلغ من العمر 28 عاماً بالقرب من مدينة موانزا، لمحاولته بيع رجل امهق يبلغ 20 عاماً بمبلغ 250 ألف دولار.

وعلى الرغم من ان الحكومات في هذه الدول نظمت برامج توعية بمرض الايدز، فإن الكثير من المرضى لايزالون يؤمنون بالخرافات، ولهذا السبب فإن العلاج بأعضاء الاطفال أصبح أمراً معتاداً في تلك البلاد، كما ازداد معدل اغتصاب الأطفال نظراً للاعتقاد بأن ممارسة الجنس مع الفتيات العذراوات يطهر جسم المصاب من الايدز، ووفقاً لبعض التقارير فإن واحدا من بين كل اربعة مواطنين سوازيين تراوح أعمارهم بين 15 و49 عاماً مصاب بالايدز، وهي النسبة الاعلى في العالم وسط سكان يبلغ تعدادهم مليون نسمة، ثلثاهم يعيش في فقر مدقع، وأطلقت مجموعة ملثمة النار على الفتاة بانيلي نيكسومالو البالغة من العمر 11 عاماً امام 20 من الرجال والنساء، وحملت العصابة جثمانها بعيداً بالقرب من نهر سيغودوما في إقليم شسويليني بجنوب سوازيلاند، وتم اكتشاف جسدها المقطع بعد ساعات قليلة من الحادث. ويأتي هذا الحادث بعد أيام قليلة من اكتشاف جسد طفل امهق في العمر بنفسه بالاقليم ذاته، ولهذا السبب تعمل الشرطة في مملكة سوازيلاند على إقامة سجل وطني للأطفال المهق لتوفير الحماية لهم بعد القتل المأساوي الذي تعرضت له طفلة من هذا النوع تبلغ من العمر 11 عاماً، وتعتقد وسائل إعلام أوروبية ان قتل الاطفال المهق، واستخدام اعضائهم في العلاج في بعض البلدان الافريقية لم يبدأ الا في العقد الماضي. وعلى الرغم من عدم وجود تقارير تشير الى معاقبة عصابات القتل فإن محاكم تنزانيا أصدرت حتى الآن أحكاماً بالإعدام على سبعة أشخاص على خلفية قتل الأطفال المهق.

كوسوفو

من جانب اخر تحقق لجنة أوروبية يرأسها قاضي التحقيق الأمريكي جون كلينت ويليامسون في جرائم "ارتكبت" في كوسوفو أثناء الحرب الأهلية، من بينها تجارة الأعضاء البشرية، يأتي تشكيل اللجنة بعد أن ربط اسم رئيس وزراء كوسوفو هاشم تاجي بتلك الجرائم، وهو ما ينفيه بشدة، وكان تقرير صادر عن المجلس الأوروبي في شهر ديسمبر/كانون أول 2010 قد اتهم تاجي بالضلوع بعلاقات مع الجريمة المنظمة، ومن بينها تجارة الأعضاء البشرية، وقد استند التقرير الى تحقيقات دامت سنتين، وورد فيه اسم تاجي الذي كان المفوض السياسي لجيش تحرير كوسوفو في سنوات الحرب الأهلية، وورد في التقرير أن مسلحي كوسوفو أقاموا معسكرات اعتقال على الحدود بين ألبانيا وكوسوفو، حيث قتل بعض السجناء المدنيين، وبينهم صرب، وبيعت بعض أعضائهم في السوق السوداء، وقال ديك مارتي الذي ترأس التحقيق إنه لم يتهم تاجي مباشرة بالضوع بتجارة الأعضاء ولكنه "من الصعب التصديق أنه لم يسمع بأن ذلك كان يجري، وستحقق لجنة التحقيق الأوروبية في الجريمة المنظمة وجرائم الحرب، يذكر أن ويليامسون عمل مندوبا لشؤون جرائم الحرب في وزارة الخارجية الأمريكية، وعمل مؤخرا لدى الأمم المتحدة. بحسب البي بي سي.

الصين

في حين ذكرت وسائل اعلام محلية ان محكمة في بكين تحاكم رجلا لاتهامه بالاتجار في الاعضاء مما سلط الضوء على سوق سوداء مروعة في اجزاء الجسم البشري في بلد الطلب فيه على نقل الاعضاء يفوق المعروض، وقال متهم في محاكمة اخرى للاتجار بالاعضاء في المحكمة نفسها الشهر الماضي ان نصف كبد يمكن ان يشترى بمبلغ 45 الف يوان، بينما عملية زرع كاملة تشمل الجراحة وتكاليف الاستشفاء يمكن ان تصل الى 150 الف يوان، وحظرت الصين زرع الاعضاء المأخوذة من متبرعين احياء الا فيما بين الازواج والاقارب الذين تربطهم صلة دم وافراد العائلة بالتبني ولكنها لم تطلق نظاما وطنيا لتنسيق التبرع بعد الوفاة، ولم يثبت بعد فاعلية هذا النظام. وتقول وزارة الصحة ان نحو 1.5 مليون شخص في الصين يحتاجون الى زرع اعضاء كل عام ولكن 10 الاف فقط هم الذين يحظون بهذه الفرصة، وذكرت ان المتهمين في المحاكمتين المنعقدتين في بكين يواجهون عقوبة السجن لمدة تصل الى خمس سنوات عن دورهم كوسطاء بين المتبرعين والمشترين وهو ما قد "يدمر المجتمع والقيم الاخلاقية". ولا يزالون ينتظرون الحكم عليهم، ولكن اثنين على الاقل منهم قالا انهما ملاحقان بصورة غير عادلة لانهما لعبا دورا حيويا في مساعدة كل من المرضى والفقراء. بحسب رويترز.

مصر الثالثة عالمياً

من جهته قال نقيب الأطباء المصريين إن مصر أصبحت تحتل المركز الثالث عالمياً في تجارة الأعضاء البشرية، وإنه تم من قبل مناقشة القانون بمجلس الشعب أكثر من 17 مرة منذ عام 1996، ولكن دون فائدة تذكر وأشار إلى أن الخلاف الأساسي والمانع لصدور القانون هو تعريف الموت، لذلك قامت لجنة الصحة بالاطلاع على 18 قانون زراعة أعضاء موجود في الدول الإسلامية منها السعودية وإيران.

وأضاف السيد: إن مصر يجب أن تتم فيها عمليات زراعة القلب والرئتين، والتي يحتاجها عشرات الآلاف من المرضى، ولا يتم ذلك إلا من خلال نقل الأعضاء من الأموات إلى الأحياء، ولفت إلى أن شيخ الأزهر والقيادات الإسلامية والمسيحية، موافقين على نقل الأعضاء البشرية من الأموات إلى الأحياء، ومن المتوقع أن يصدر القانون خلال الدورة البرلمانية الحالية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 3/تشرين الثاني/2011 - 6/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م