وبالكاد عبرنا مانيمار

زاهر الزبيدي

منذ عام 2010 ولغاية عامنا هذا 2011 وتقارير الشفافية الدولية تأبى أن تُخرج العراق من محور الفساد الثلاثي.. العراق الصومال وأفغانستان.. ولكننا مع كل الفعاليات التي قامت بها هيئة النزاهة وما تم استعادته من فرائس المال العام من بين مخالب المفسدين وإعادته من أموال عراقية منهوبة تحت مسميات كثيرة وعلى الرغم من اعتقال ما يقارب الـ 800 موظف حكومي وبكافة الدرجات.. بُريء منهم من بريء وحوكم من حوكم وكل ما يكتب عن الفساد والروتين الفاسد الذي تشم رائحته ما أن تمر قرب دائرة حكومية أو حتى مؤسسة غير حكومية وحتى الأسواق الشعبية.. لازال العراق غير قادر وبشكل نهائي على التخلص من فساده ومفسديه.. فنحن على الرغم من مرور أربعة أعوام، بقتال منظم على ما أعتقد، وبمعركة غير متكافئة مع الفساد لم نتمكن بالكاد إلا من تجاوز مانيمار (بورما).

فكم يا ترى نحتاج من السنين لتجاوز عصرنا الفاسد هذا الذي تغمره الفضائح التي تطوف فوق سطحها آلاف الأسماء من الشخصيات الفاسدة الجوفاء وأخرى حجبتها أحزابها عن الظهور.. والكثير من تلك الشخصيات شغلت مناصب كبيرة أتهمت بالاختلاسات الهائلة وتوارت عن الأنظار تشفع لها جنسياتها المزدوجة التي كانت لمرحلة ما جواز دخولهم العراق وعبورهم للمناصب التي أتاحت لهم فرصة الظهور المبهر في عصر الفضائح..

 وأعتقد بأن عقدين من الزمن سوف لن يكونا كفيلين على أن نتجاوز دولة أخرى من تلك القائمة الطويلة.. فخلال السنوات الثمان الماضية كنا نراوح بين الثلاث دول الأولى في مستوى الفساد وبعد تلك السنين لم نتمكن إلا بخطوة بائسة مخجلة من تجاوز دولة مانيمار فكيف سنتجاوز العشرات من الدول التي تمتلك الدرجات العليا في الشفافية ومتى نقتدي بهم وبما قدموه من مشاريع نظيفة ومقاييس أخلاقية شفافة في التعامل مع شعوبهم وبالتالي مع العالم أجمع.

أن أهم دلالات تقرير الشفافية الدولية لعام 2011 هو أننا لازلنا لا نمتلك الرؤية الحقيقية لمكافحة الفساد وأننا نفتقد الى اهم السبل التي ستساهم، مستقبلاً، في تحجيم دور الفساد الذي يحارب بشكل أساس الاستثمار وهروب رؤوس الأموال وإحجام الكثير من المستثمرين من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة من الدخول في مجالات الاستثمار الهائلة في العراق فالعبرة ليست في إدخال الأموال والاستثمار إذا أن مؤشر النزاهة يتعارض والتدفق السلس للكتل النقدية الاستثمارية في العراق وهذا سيؤدي بالتالي الى فشل الخطط التي ترسمها الحكومة بهدف جعل العراق أكبر وطن للاستثمار..

والدلائل كثيرة فنحن لغاية الآن غير قادرين على استقطاب تلك الأموال لسبب بسيط هو أخفاق مستوى العراق في "تقرير الشفافية الدولية "، 1.5 بدرجة، فأغلب أصحاب رؤوس الأموال يراقبون مواقع استثماراتهم بدقة من خلال تلك التقارير الدولية المهمة للعام والتي نتجاهلها باستمرار.

من الجدير بالذكر أن نيوزلندا هي البلد الأولى في العالم بمستوى الشفافية حيث حصلت على 9.4 درجة ولدينا في نيوزلندا سفارة.. فلماذا لا تطالب السفارة بجلب تقارير من تلك الدولة عن طرق مكافحتهم للفساد وأساليب التقصي والاستكشاف وأنماط الأعمال الاشرافية التي تقوم بها حكومة نيوزلندا في محاربة تلك الآفة وكيف حقق هذا الانتصار الكبير على الفساد..

 علينا الاستفادة من تجاربهم وإضافتها الى عمل دؤوب ومضني وبعلمية فائقة وبالتصاق أكبر بوطننا كي نضع الفساد كهدف لكل جهودنا في إقامة دولة القانون التي نبغي الوصول لها.. ولكوننا إذا إبقينا بلادنا في تلك المراكز المتدنية سوف لن نهنأ بمشاريعنا وستذهب ثروات الشعب الى جيوب المفسدين ويبقى المفلسين من أبناء الشعب يلعقون فضلات بعضهم البعض ويبقى 25% من الشعب، الفقراء، على فقرهم وسيشكلون يوماً إئتلافاً يطيح بكل الأحزاب والتكتلات السياسية.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/تشرين الثاني/2011 - 4/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م