الدائرة التلفزيونية المغلقة التي عقد من خلالها السيد رئيس الوزراء
والرئيس الامريكي اجتماعا مشتركا، انهت لاول وهلة النقاشات الدائرة حول
مستقبل الوجود الامريكي في العراق، حينما اعلن اوباما الانسحاب الكامل
لقوات بلاده واعدا جنوده بقضاء عطلة اعياد الميلاد؛ نهاية العام
الجاري؛ بين عوائلهم.
لكن ما تلى هذا الاعلان؛ من الطرفين على حد سواء؛ يثير التساؤل
وبالشكل التالي:
في يوم السبت الماضي ادلى الرئيس اوباما بالخطاب الاسبوعي المعتاد
والموجه الى الشعب الامريكي... وفي صدد تعرضه لموضوع انسحاب القوات
تضمن عبارة ان معظم افراد القوات المتواجدين في العراق سيقضون عطلة عيد
الميلاد بين عوائلهم، وهذه العبارة تختلف؛ بين (كل ومعظم)؛ عن ما اعلنه
بعد اجتماع الدائرة المغلقة، اضافة الى انه اشار الى العالم الديمقراطي
الجديد الذي تقوده الولايات المتحدة، ولا نعرف هل العراق من ضمن هذا
العالم !!! ام انه سيكون بعيدا ومستقلا بقراره عنه.
في نفس اليوم عقد رئيس الوزراء نوري المالكي مؤتمرا صحفيا في بغداد
تضمن رقما مهولا عن عديد القوات الامريكية المتواجدة حاليا في العراق
(30 الف)، فهل الوقت المتبقي الى نهاية العام كافيا لانسحاب مثل هذا
العدد !!!، اضافة الى انه ارسل اشارات جديدة فيما يخص موضوع المدربين
حينما قال بانه يحدد بشكل مهني طبقا لعقود الاسلحة وسيتم التعامل معه
وفق السياقات العالمية، والحديث جيد وحاسم لكنه رفع يد البرلمان والكتل
السياسية نهائيا عن البحث مستقبلا في هذه القضية.
نستخلص... ان توقيت وتزامن الخطاب الاسبوعي في واشنطن ليس ببعيد عن
توقيت المؤتمر الصحفي الذي عقد في بغداد... وعلى ما يبدو انهما جاءا
استكمالا لما جرى في اجتماع الدائرة المغلقة. وهذا ان دل على شيء فانه
يؤكد ان لا خلاف مفترض حول قضايا المدربين او الوجود الامريكي بين
حكومتي البلدين، بل هناك اتفاق رصين ومتين بين الطرفين سيكلله
الامريكان وبلا شك بحسم ملف ابقاء المدربين وايجاد التكييف القانوني
اللازم الذي يمنحهم الحصانة المطلوبة، سواء كان هؤلاء المدربين بملابس
الجيش الامريكي ام بملابس حلف الناتو وممثليته المتواجدة في بغداد
العراق او ضمن كادر السفارة الامريكية في بغداد او الشركات الامنية
المسؤولة عن حمايتها، لان على الجميع الادراك ان الامريكان لن يبقوا
جنديا او مدربا واحدا في العراق او اي بلد آخر بدون حصانة.
اذن الحاجة توجب الآن دراسة وافية لموضوع تسليح الجيش العراقي ما
دام السيد رئيس الوزراء قد اعلن ان عقود تسليحه لم تبرم لحد الآن...
وعليه يجب ان نفكر ببدائل تدخل الى جانب السلاح الامريكي من قبيل تنويع
مصادر السلاح واللجوء الى تدريب المؤهلين العراقيين في الاردن وهو الذي
يستخدم ذات الاسلحة الامريكية او ارسال المتدربين العراقيين الى بلاد
المنشأ لأغراض التأهيل (وهو ما كانت تفعله الدولة العراقية منذ تأسيسها
الى عام 2003).
وفي الوقت الذي تخوض فيه الحكومة غمار المفاوضات الشائكة في هذا
الملف مع اكبر ادارة سياسية في العالم، فان الكتل السياسية العراقية
مدعوة الى دعم جانبها بالتوقف عن التصريح شرقا وغربا في هذا الموضوع
خصوصا هي من منحتها مسبقا التفويض الكامل من جانب؛ واعادة ترتيب
اوراقها وعلاقاتها من جديد مع شركائها على الساحة الداخلية والعمل على
ازالة ملف الخلافات العالقة والاتفاق على تسمية الوزراء الامنيين على
عجل من جانب آخر... تمهيدا لعهد جديد سوف يشرق على العراق لا وجود فيه
لقوات اجنبية، عهد نتأمل فيه؛ طي صفحة الارهاب وعوامل عدم الاستقرار؛
والنهوض بقوانا الامنية القادرة وبلا شك على ادارة الملف الامني بصورة
افضل مما كانت عليه في السنوات الماضية... واذا لم تتجاوز تلك الكتل
الملفات والمسائل العالقة فانها تعرض مصداقيتها ووطنيتها لمحك قد لا
يغفر؛ المواطن والتأريخ مواقفها السلبية تجاهه؛ مهما مرت السنين. |