إصدارات جديدة: البحر لا يعتذر للسفن

 

 

 

 

الكتاب: البحر لا يعتذر للسفن

الكاتب: علي الشرقاوي

الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر

عدد الصفحات: 328 صفحة متوسطة القطع

عرض: جورج جحا

 

 

 

 

شبكة النبأ: في عمل الشاعر البحريني علي الشرقاوي في مجموعته "البحر لا يعتذر للسفن" رموز ومجازات كثيرة وما يبدو كأنه رياضة فكرية قد تكون مجانية احيانا وامتلاء بزخرفة لا تقتصر على الكلمات بل تتعداها الى طريقة ايراد القصائد في شكلين في الصفحة الواحدة.

المجموعة التي صدرت عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت وعمان جاءت في 328 صفحة متوسطة القطع توزعت على ما يناهز 200 قصيدة متفاوتة طولا وقصرا وشكل حروف.

في رأس الصفحة اي نصفها الاعلى قصيدة بحرف كبير نسبيا وفي نصفها الاسفل قصيدة بحروف صغيرة وقد توزعت القصيدتان غالبا على الصفحة الواحدة.

كأن علي الشرقاوي لم تكفه الزخرفة الكلامية الواضحة في قصائده فزخرف شكل ايراد هذه القصائد وفي احيان في شكل ايراد السطور. وفي بعض الاحيان تكتب الكلمة بشكل محدد اي تجعل قراءتها عكس الكلمات الاخرى اي ان عليك ان تدير الكتاب لتقرأ الكلمة معتمدا "عرض" الورقة لا طولها.

ولعل القارىء واجد متعة معينة في هذه الزخرفة ربما تكون قد فاتت القارىء الناقد. في القصيدة الاولى "ما لا يتفهرس" يكتب بمجردات ومجازات ورموز فيقول "بالقلب رأيت/ كواكب ازمنة في شكل الولدان/ حنان صلاة العشبة في الصمت العاصف/ تاريخ الحجر الناطق بالماء الممكن/ ريحان الغبطة/ عاطفة الكاف الامّارة بالريح/ ضفاف الحدس الخارج عن سلطة كل/ الكلمات/ امواج الذبذبة الاولى/ وفراغات الاوتار الكونية/ ورأيت الماضي والمستقبل ورأيت..../رأيت..../رأ....." ويبدو ان الشاعر أراد هذه القصيدة نموذجا فيه خلاصة عما يود قوله وعن اسلوبه في الكتابة.

قصيدة "ولادة الطريق" صور وفيها شعر ودفء قد لا يتوفران دائما لسائر قصائد المجموعة التي يبدو قسم منا كأنه معادن صاغها صائغ احيانا وحداد في احيان اخرى.

يقول "السماء مبقعة بغناء النوارس/ والبحر ارجوحة للمراقبين على ضفة الحلم/ يا ايها الافق/ افتح ربيع الاضاءة/ دعنا نهيم هنا/ نتدالق في الجهتين المراهقتين/ كهجرة نص يعيد صياغة اطرافه/ بدم اللغة القابلة."

وفي "الهبوب الاليف" صياغة منطقية لصور فكرية في مجازات ورموز. يقول "في انكسار جذوع الاجابة/ عند هطول سؤال/ يعيد علاقة ورد الجنوب بريح الشمال/ الحدائق تصرخ بي:/ يا حبيبي تعال."

وفي "رصيف" نقرأ فكرة منظومة في صورة طريفة اذا يقول "في عالم/ يسكن قاع المقبرة/ يغرّد/ الحمار/ فوق الشجرة."

في "زهرة التركيز" نقرأ نثرية واضحة تحاول ان تربط السطر الاول بالسطر الاخير وبعد مسافة طويلة نسبيا فياتي الامر اقرب الى سجع ضل طريقه. يقول "يا ايها الساكن في ما لا يتحرك/ فجر المجهول سيصبح معلوما/ فلماذا قامة حرفك تتبع خطوته/ ضعها بين عيون القوسين/ وركّز...../ ركّز...../ ركز/ اسحبه بفراغ القلب/ هنا/ الان /اطلقه نحو فضاءة غير المدرك."

في قصيدة "أنوات" زخرفة من نواح مختلفة تسعى الى ان تتحدث عن ذوبان ليس واضحا اذا كان صوفيا او مجرد ذوبان في حبيب ارضي. الا ان النثرية طاغية دون شك.

يقول "انا/ وانا/ وانا/ وانا/ وانا / وانا/......لا شيء سواك."

في "الف لام ميم" اللعبة نفسها حيث يقول "من الف الله/ الى سكّر فاكهة الياء المفتوحة/ مثل خلايا الارض الى طاقة حب/ ا/ت/د/ ح/ر/ج."

في "السيحة" اختصار لجملة ويزيد في تقريرية فكرية واضحة يقول "يا الضغينة/ عفوا/ انا/ لست/ من/ تطلبين."

في مجال اخر يقول في مزيج موسيقي موح من الشعري والنثري "اوقفني النور/ وقال :/ البراكين في لحمة الارض/ تكتب قانونها الاندياحي/ في قارب عين/ والبراكين في البحر/ تكشف الوانها بين بين/ اين قانون روحك/ يا كائن صمت البراكين/ اين؟"

وفي قصيدة "سفلية" يقول "في زمن ما ومكان ما تحت جدار الاخضر عشنا لا يربطنا متن الدين ولا هامش مذهب اجناس ولغات وقبائل تذهب في الحب ولا تتعب الوان تتدرج او تتدحرج او تتموج اعكس ريحان الطيب الجالس مثل حليب الام بقلب الغابة والغابة لا ابواب لها الافعى بنت العشب تلاعبنا عند كلام النهر مع التربة وعناكب سقف نهار الموز تكاتبنا وتقول :انا مثلك املك روحا اكبر من هذا الجسد الفاني...".

في قصيدة "طمع" فكر منظوم اذا يقول فيها "لك عرس النيروز/ لك صدر الارض ونهد الفيروز/ لك فوق الكوكب/ ما يتحرك/ او يتنفس/ او ما يتحسس/ لا تطمع في شيء اكثر من هذا."

وفي "هل تعرف هذا" يتكلم بتعابير "بحرية" ويخطىء اذ ينصب اسم ليست يقول "الهزائم/ ليست لها قدمين/ تهزان قعر الفراغات/ في توتياء النفس/ لذلك لا تستطيع الوقوف/ لذلك/ لا تستطيع الجلوس."

في "كيف الفضاء العريض" وفي "الحصى في الطريق الصديق" نثرية منظومة يقول في الاولى "كيف الفضاء العريض/ علينا يضيق/ ونحن لنا/ في ازقة كل العواصم/ اسئلة واب/ واخ وصديق؟"

اما في الثانية فيقول "الحصى في الطريق الصديق/ قميص شجر/ والمطر/ ليس الا كلام الحجر/ لماذا اذن/ نتآكل فوق الموانيء/ والكون يزرعنا نغما/ في حنان الوتر؟"

ولعل خير خاتمة هنا هي قصيدة "الربيع مضى" التي يقول فيها "الربيع مضى/ ضاحكا/ مثل همسات القصيدة في عيدها/ غير ان جميع الزهور/ تواصل مشوارها/ لتشكّل بالحب لحن الحياة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 27/تشرين الأول/2011 - 29/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م