من دون السيخ... جبنة البارميزان الشهيرة على طريق الاندثار

 

شبكة النبأ: يتقن مانجيت سينف اتقانا تاما صناعة البارميزان، فهذا الشاب البالغ الرابعة والثلاثين ينتمي الى جماعة السيخ، وهو احد افراد جالية كبيرة انتقلت من البنجاب الى ايطاليا، لولاها لاصبحت صناعة هذه الجبنة التي تعتبر احدى رموز هذا البلد الاوروبي، على طريق الاندثار.

وكان مانجيت صاحب اللحية المشذبة والعمامة النظيفة يعمل سائق سيارة اجرة قبل ان يترك بلده الهند ليمتهن حرفة صناعة الجبن في مصنع عائلي في زيبيليو قرب بارما (شمال شرق ايطاليا).

فعدد كبير من نحو 25 الفا من السيخ المقيمين في ايطاليا ولا سيما في منطقتي لومبارديا واميليا رومانا، اصلهم من اقليم البنجاب الهندي الفقير. وهم بشكل عام اشخاص هادئو الطبع يتقنون عملهم، لذا اصبح لا غنى عنهم في صناعة البارميزان.

فمعامل الاجبان تمتص عددا كبيرا من هؤلاء العمال الذين لا يكلون، الا ان بعضهم مثل مانجيت ارتقى ليحتل مناصب رئيسية في قطاع اساسي من قطاعات "صنع في ايطاليا".

ويوضح مانجيت وهو اب لثلاثة اطفال "كنت ابحث عن اي عمل عند وصولي الى هنا حتى غاسل صحون في مطعم. كنت مستعدا لان اعمل اي شيء الا اني احب الان كثيرا عملي كصانع جبن حرفي". بحسب فرانس برس.

ويقول غراتزيانو كاتشيلي مالك المصنع حيث يعمل سينغ انه اخذه تحت جناحيه العام 2004 بعدما خضع لعملية جراحية كبيرة في القلب ويؤكد انه سعيد جدا لانه علمه فنا لا يريد الايطاليون بعد الان اتقانه.

ويوضح "عدد الايطاليين في هذه الصناعة بات قليلا جدا. فينبغي العمل لساعات طويلة (من الساعة السادسة صباحا الى الثامنة مساء مع توقف لمدة اربع ساعات عند الظهيرة) وخلال عطلة نهاية الاسبوع وايام العطلة الرسمية، اي كل يوم من ايام السنة".

يقول باسف "الشباب لم يعد يريد القيام بعمل كهذا والايطاليون بات لديهم المال الان". مع ان الاجور في هذا القطاع لا بأس بها وتراوح بين 1800 والفي يورو في الشهر كاجر صاف.

رغم وضعه الصحي الهش وبلوغه الحادية والسبعين ينزل كاتشيالي الذي يقيم في المكان يوميا الى مصنعه "بسبب الشغف الذي يتملكني. والشغف ضروري هنا!". وقد ورث المهنة عن والده وبدأ العمل فيها في سن الثانية عشرة.

هو يراقب دائما مانجيت سينغ الذي يتنقل من حوض الى اخر لتحريك الحليب الذي يسخن لتسريع ترويبه ومن ثم يواصل تنقلاته لكسر الروبة بواسطة سوط كبير.

العملية تستمر ثلاث الى اربع ساعات قبل ان ينقل مانجيت الجبن الى قالب يوضع في حوض مملح لعدة ايام. وينتج مصنع كاتشيالي عشرة قوالب من هذا الجبن يوميا.

ووصل اول السيخ الى المنطقة في نهاية الثمانينات ويعمل نصفهم تقريبا في الصناعة فيما وجد النصف الاخر عملا في المزارع او مصانع الجبن. والسيخ صبورون مع الابقار التي لا تعتبر مقدسة في ديانتهم الا انها تحترم كثيرا كما هي الحال في الهند برمتها.

في تعاونية لتربية الابقار القريبة من نوفيليرا والمتخصصة بانتاج الحليب لجبنة البارميزان، نصف العمال هم من اليخ.

ويقول ستيفانو غاتزيني مسؤول حظيرة الابقار في تعاونية "سيلا"، "انهم اكثر التزاما بعملهم ويبدو انهم اندمجوا جيدا في مجتمعنا. ولديهم ايضا معبد خاص بهم".

وفي وسط نوفيليرا التاريخي غالبا ما يشاهد السيخ يعتمرون عمامة زرقاء وصفراء او بيضاء برفقة زوجاتهم يبتاعون حاجياتهم او يحتسون الشاي بالحليب قبل التوجه الى المعبد.

يقول غاتزيني (28 عاما) "اننا محظوظون جدا بايجاد اجانب مستعدين لحلب ابقارنا والا لا احد عندنا يريد القيام بذلك. لكان القطاع اصبح على طريق الاندثار".

الابقار ال1100 في التعاوينة تغذى وفقا للمعايير الصارمة جدا التي وضعها كونسورسيوم بارميجيامو-ريجيانو الذي يفرض تخزين الجبن لمدة لا تقل عن 12 شهرا قبل بيعها.

قد يصعب على مانجيت سينغ شراء مصنع كاتشيالي نظرا الى الاستثمارات الضرورية الا ان الجالية التي ينتمي اليها قد تشكل يوما ما خشبة الخلاص لصناعة تنتج ثلاثة ملايين قالب جبن سنويا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 25/تشرين الأول/2011 - 27/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م