أثار القضاء الأميركي خلال الأسبوع الفائت زوبعة كبيرة بتوجيه
الإتهام للجمهورية الإسلامية الإيرانية بمحاولة إغتيال السفير السعودي
في واشنطن.
وقد إنساقت بعض الدول وراء الإدارة الأميركية في هذا السيناريو من
بينها السعودية مما يشير إلى وجود مخطط سياسي تسعى واشنطن والدول التي
إنساقت وراءها إلى تحقيقه من هذا الاتهام.
أبعاد وأهداف هذا الإتهام
لقد سمعنا من الإعلام الأميركي أن هناك محاولة لإغتيال السفير
السعودي في أميركا ولكن لم نر أية مؤشرات على وقوع الحدث مما يشير إلى
أن القضية برمتها لا تركن إلى الواقع والحقيقية، والسؤال المطروح هنا
لماذا توجيه الاتهام وما حاجة أميركا والسعودية ودول أخرى بإثارة مثل
هذه القضية؟
بإعتقادي أن فشل أميركا في إصدار قرار ضد سوريا وإتهام طهران
بالوقوف إلى جنب دمشق ومواجهة المحاولات والمساعي الأميركية بالفيتو
الصيني والروسي، وبشكل عام فشل الإدارة الأميركية إسقاط النظام السياسي
في سوريا، جعل أميركا وعموم الغرب في مواجهة مع الرأي العام مما دعاها
إلى إطلاق ما أراها مسرحية غير محبوكة السيناريو.
ولا أعتقد أن إيران بحاجة إلى إغتيال السفير السعودي في أميركا خاصة
وأنه ليس من العائلة المالكة ليدلل على أهمية مكانته، كما أن هناك
الكثير من الدول تعادي إيران وفي مقدمتها أميركا، فلماذا لا تقدم إيران
على إغتيال السفراء الأميركيين؟
هذا من جانب ومن جانب آخر لا ننسى الشكوك والتساؤلات التي يثيرها
الرأي العام الغربي والأميركي حول إزدواجية موقف واشنطن وعموم الغرب من
الحوادث في بعض الدول العربية، ففي الوقت الذي يقف ويدعم بكل ما أوتي
من قوة بعض الاحتجاجات الشعبية فإنه يتجاهل ويغض بصره عن احتجاجات أخرى
ويمكننا أن نشاهد ذلك بوضوح في موقف الغرب من الصراع العسكري في ليبيا
ومن حوادث البحرين، لذلك وجهت واشنطن تهمة محاولة إغتيال السفير
السعودي لتقول أن لإيران يداً في أحداث البحرين ولهذا يختلف موقفها هنا
عن الموقف في ليبيا أو سوريا.
التواطؤ السعودي مع أميركا
المنطقة تشهد صراعا سياسيا بين الدول المتنفذة فيها ويتجسد ذلك
بالصراع السعودي مع إيران والصراع التركي مع بعض الدول العربية، وينعكس
هذا الصراع على صور وأشكال متعددة وإتهام إيران بمحاولة إغتيال السفير
السعودي تصب في إطار هذا الصراع ومن أجل تشويه صورة إيران، فقد حاولت
السعودية إستغلال هذه الورقة في مواجهة إيران وتشويه صورتها لدى الغرب،
خاصة وأننا نعلم أن لدى إيران علاقات إقتصادية واسعة مع الكثير من
البلدان الغربية والأوروبية.
والإعلام السعودي فيما يتعلق ببعض القضايا كإعلامها في الشأن السوري
فإنه إعلام غير محايد كما أن الأداء السياسي السعودي غير محايد وغير
متعادل فنرى أنه في بلد ما إلى جانب النظام السياسي الحاكم وفي آخر إلى
جانب مطالب الشعب، وبالتالي فإن السياسة السعودية لا تتحرك في إتجاه
واحد وكفة متوازنة، وفي هذا السياق يأتي الأداء والإعلام السعودي في
قضية محاولة إغتيال السفير السعودي.
سيناريو الاتهام وإبتزاز الموقف الإيراني
خلال الشهر الماضي عقدت إيران أربعة مؤتمرات دولية مهمة من بينها
مؤتمر الصحوة الإسلامية والذي شاركت فيه الكثير من الشخصيات السياسية
والإسلامية البارزة وكذلك العديد من المنظمات السياسية، وهذا التحرك
لإيران لا يخيف أميركا وحسب وإنما يزعج الدول العربية والجوار الإيراني
أيضا، فدول مجلس التعاون لا تنظر بعين الرضا لمشاركة بعض الجمعيات
والأحزاب والشخصيات لديها في مؤتمر يعنى بحوادث المنطقة كما أن أميركا
لا ترغب بذلك، من هنا ربما جاءت إثارة قضية محاولة الإغتيال لتكون في
قبال التحركات الإيرانية.
ما الذي سيترتب على هذا الاتهام؟
كما نعلم أن إيران تتمتع بنفوذ واسع في المجتمع الدولي والمحافل
الدولية ويحسب لها ألف حساب خاصة فيما يتعلق بتطورها العلمي والتكنلوجي
والنووي، وهذا التطور والتقدم العلمي يخيف الدول التي تنتج مثل هذه
التكنلوجيا، من هنا فإن هذه الدول تسعى إلى إضعاف إيران من الداخل
وتشويه صورتها في الخارج.
وبالنسبة الى صدور قرارات وعقوبات دولية جديدة ضد إيران على خلفية
الاتهام خاصة وأن الرياض دعت بان كي مون إلى نقل الاتهام إلى مجلس
الأمن. فاني أستبعد ذلك، فإذا كانت سوريا كسبت المعركة السياسية في
مجلس الأمن الدولي برفض تصويت روسيا والصين على قرار مجلس الأمن بالضد
من الحكومة السورية، فما بالك بإيران التي تمتلك أوراقا أكثر من سوريا؟
نعم هناك بعض الدوائر تعمل وفق ما تحصل عليه من الأموال والرشى ولكن
المحاولات ستصطدم بالمصالح الدولية كمصالح الصين وروسيا ودول أخرى.
* حوار اجراه صالح الحائري لوكالة أنباء التقريب
(تنا) |