شبكة النبأ: على الرغم من أميته في
القراءة والكتابة والحساب، الا انه كان حريص جدا على لملمت شتات أفكاره
المضطربة مخافة ان تخونه قدرته التخمينية على جس نبض الطرف الآخر وعلى
هذا الاساس كان متوجسا ومنفعلا ومرتابا على أمل ان يسترجع سكنات
وانفعالات الفريق الثاني وذلك لأسباب اقل ما يقال عنها بانها تكتيكية
وتكنيكية لدراسة الخطوات المبهمة والمدروسة التي اقدم عليها الفريق
المقابل خصوصا وان الفرصة مواتية لقلب الموازين راسا على عقب وان
الفارق بسيط ونحن في الجولة الاخيرة والطريقة المثلى هي غلق الدائرة من
جهاتها الاربعة وسد منافذ اللعب على الفريق الخصم ولكن عمد سجاد على
النقيض تماما وفتح اللعب على مصراعيه وبدل ان يضع الشيش بيش في مكانه
الصحيح وينهي النتيجة لصالحه بفارق النقاط جاء اختياره بالضد تماما
وفاز فريق الخصم وتعالت صيحات الشباب المتجمهرين الذين كانوا يتابعون
المباراة.
وفي اعقاب تلك الخطوة التي يصفها البعض بانها خاطئة وهناك من يقول
بانها سليمة طلب من (السيد عقيل) بأن يكون الحكم والفيصل على اعتباره
من رواد المقهى القدامى وله باع طويل في لعبة الدومينو وبالاخص لعبة (الطيره)
وهي تعتمد على فكرة الحساب وتسجيل النقاط ومن يحصل على نقاط اقل هو
الفائز حينها سئل عقيل عن رأيه في الطريقة التي تعامل بها سجاد وهل
كانت صحيحة ام لا فجاء الجواب بنعم انها صحيحة مئة بالمئة لان زميله
ومن يقابله في اللعب كان متانيا في اتخاذ القرار وكان من المفترض ان
يلجىء الى اسلوب الاستعجال كي يوحي لشريكه في اللعب بانه لا خيار له
الا تلك اللعبة ولا مجال للمناورة هنا.
سليم زبون دائم في المقهى وله صفحة خاصة في جدول الديون وهو عاطل عن
العمل ولا تربطة علاقة حميمية مع الخاسر هذا مما عقد الموقف وخلق منها
مناسبة للتشهير على امل ان تفلح فلسفته الاعلامية في كسب الجولة
وابعاده منافسة وليوفر من خلال ذلك مناخات طيبة للضحك والسخرية وتلطيف
الجو لان المقهى من وجهته نظره هي المتنفس الوحيد لاغلب الشباب
العاطلين عن العمل وهي تمثل الملتقى بين الاصدقاء والاحبة وقد يتخللها
وصلات من اللعب لقتل الوقت.
فاهم عزيز اكاديمي مختص في الادارة وكان حاضرا تلك الامسية من اجل
رؤية الاصدقاء القدامى حيث يصف لعبة الدومينو بان لها قاعدة واسعة في
كل انحاء العالم مع الاختلاف في طرق لعبها ولكن من المهم جدا ان نكون
موضوعين في الطرح فتارة تصبح متنفس وترويح للذات وتارة اخرى تصبح ادمان
وعادة سيئة واسراف فهناك الكثير من الناس اصبح معتادا على الدوام يوميا
في المقاهي من الصباح الى ساعة متاخرة من الليل وهذا تصرف غير مقبول
نهائيا.
ابو وليد من الاسماء المهمة في المقهى وله باع طويل وخبره في لعبة
الدومينو يعتبر هذا السلوك طبيعي وهو نتاج للظروف الصعبة التي يعيشها
الواقع العراقي وغياب النوادي الترفيهية والاجتماعية وليس هناك من خيار
اخر امام الطبقة المتوسطة سوى الحضور الى المقاهي وممارسة بعض الانشطة
والفعاليات كالحوارات ومتابعة شؤون بعضهم البعض الاخر وهناك من يفضل
لعبة الدمينو على الجدل السياسي ومناقشة الاوضاع الاقتصادية البائسة
التي باتت تتهدد الكثير الكثير من شرائح المجتمع العراقي غير ان ذلك لا
يقلل من شان تلك اللعبة التي تمتلك جماهيرية عالية سواء شأنا أم آبينا.
اما نجم راضي يعمل سائق كرين لنقل العجلات العاطلة من والى الحي
الصناعي عمله يمتد من الصباح الى الساعة الرابعة عصرا ولديه موعد ثابت
للحضور الى المقاهي ليمارس لعبة الدومينو مع بعض الاصدقاء ويعتبر تلك
اللحظات مهمة بالنسبة له للاسترخاء من تعب العمل ، لكنه لا يخفي
انزعاجه وقلقه من حضور بعض الشباب الصغار الى المقهى وممارسة لعبة
الدومينو وهذا غير صحيح بالمرة.
في حين ابو زهراء كان اخر المتحدثين واكثرهم شفافية لان الموضوع يمس
صميم عمله ومورد رزقه الاول على اعتباره صاحب المقهى وكان مدافعا شرسا
عن مهنته التي ورثها عن ابيه، وقال ان المقاهي ليست وليدة التو واللحظة
وهي ليست نتاج الوضع الراهن بل موجودة من زمن بعيد وفي اغلب البلاد
العربية والاجنبية توجد هناك مقاهي لكن ما يميز المقهى في العراق هو
عدم وجود منافس اخر يذهب اليه المواطن متوسط الدخل فلا توجد حدائق عامة
او متنزهات قريبة منه هذا مما يجعله مضطرا للحضور الى المقهى من اجل
التواصل مع اصدقائه وابناء منطقته وفي كل الاحوال الاسراف حالة غير
محبذة في كل شىء فما بالك اذا كانت تنصب باتجاه القدوم للمقهى وخصوصا
اذا ما تعلق الامر بالشباب وبعض الصبية وانى شخصيا ارفض استقبال الشباب
بشكل محدود واستقبل الكبار كي أوفر على زبائني وعلى نفسي مشقة تحمل
العبارات السمجة وبعض التصرفات الصبيانية والطائشة التي تسىء اليه اولا
ومن ثمه رواد المقهى. |