الخيط والرازونة... على أعتاب دكاكين طب الأعشاب

تحقي: دعاء القريشي

 

شبكة النبأ: لم يقدّر لوالد جد عطّار الأعشاب في الديوانية السيد تقي سيد علي الموسوي والذي كانا حكيما محترفا في الاعشاب الطبية، ان يعيش الى يومنا هذا يشخص الامراض مستخدما اجهزة الفحص والتشخيص الحديثة بدلا عن طريقته التقليدية القديمة "الخيط والرازونة".

يقول الموسوي ان جده كان يستخدم الخيط والشباك "الرازونة" لفحص المرضى وتشخيص أمراضهم، لتكون طريقته التقليدية البسيطة بديلا ناجحا عن جهاز "السونار" الموجودة حاليا في المستشفيات والعيادات الطبية، معتبرا إياها طريقة وان كانت تقليدية إلا انها تتناسب مع الفترة التي عاش فيها جد والده.

وأوضح ان لجد والده كانت غرفة من الطين فيها فتحة صغيرة "رازونة"، كان يجلس المريض وخاصة المرأة خارج الغرفة ويمد من "الرازونة" خياطا، يربطه بيد المريض او المريضة لأنه يتورّع عن مس يدها، ويقوم بسحب الخيط، وعلى اساس سحبه للخيط ومدى ردة فعل المريض وتعاطيه مع الخيط المسحوب يعيّن حالة نبضات قلبه، ويشخص المرض وعلى ضوء ذلك يصف العلاج للعطار ليصرفه للمريض.

احد الذين سمعوا قصة الحكيم والد جد الموسوي، لم يقتنع بطريقة تشخيصه "الخيط والرازونة"، فقرر ان يوقعه في موقف محرج فيكون سببا للضحك عليه والاستهزاء به، فقام بربط الخيط بأرجل قطة، وعندما سحب الحكيم شخص المرض ووصف العلاج وطلب منهم ان يأخذوا بالوصفة التي كتبها الى العطار لصرفها.

وأضاف الموسوي: ذهب الجميع الى العطار اي الصيدلاني سابقا حاملين بيدهم الوصفة دون ان يعلموا ما مكتوب فيها لانهم كانوا أميين لا يقرأون ولا يكتبون، وهم يضحكون طول الطريق لأنهم تمكنوا من النصب او الاحتيال على الحكيم، فلم يكن على الطرف الآخر من الخيط سوى قطة ولم يكن مريضا آدميا.

وتابع قائلا: لكن الجميع تفاجئوا عندما وقفوا بين يدي العطار وقرأ ما في الوصفة، وقال بحسب تشخيص الحكيم ان القطة تكاد تموت من الجوع وهي تحتاج إلى اكل سبعة فئران، فذهل الجميع بذكاء الحكيم الذي فاقهم ذكاءً..

وأرجع الموسوي عمر مهنة العطارة في الديوانية إلى "200" عام مضى، وقد توارثها عن أبيه عن أبيه عن جده، حيث سبقت هذه المهنة ظهور أجهزة السونار والرنين والأشعة بعقود من الزمن.

 مشيرا إلى أنها مهنة إنسانية، قبل ان تكون تجارية رابحة، فالكثير من الزبائن الفقراء يصرفون لهم العلاج أو الأعشاب الطبية مجانا في بعض الأحيان، لافتا الى انه مجاز من قبل وزارة الصحة من مركز طب الأعشاب، حيث حصل على شهادة بذلك، بعد قدم بحوثا وتناقش الدكتورة هدى بابان مدير مركز طب الاعشاب في بغداد.

وأضاف الموسوي خلال حديثه لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، انه بحسب هذه الشهادة، فانه سمح لي بتركيب الأدوية قديما وحديثا، وهنا أريد إلفات النظر إلى ان علاجنا لا يتعارض مع الطب الحديث، وخاصة ان كل الأعشاب الطبية ان لم تنفع فأنها لن تضر، لافتا إلى ان هناك طبيبا أمريكيا ترك الكيمياء وبدأ يعمل بالأعشاب الطبية التي أثبتت جدارتها وفعاليتها.

وكشف الموسوي انه أول من اكتشف علاج مرض أنفلونزا الطيور في العراق اسمه "اليانسون" و"الخالصون"، حيث تخلط هاتين المادتين مع الدباغ وتوضع مع الماء ثم يخدر الخليط مثل الشاي ويعطى للطير ليشربه.

منوّها الى ان من اكتشافاته هو دواء الصدفية، حيث تمكن من خلال هذا العلاج من القضاء على الصدفية خلال شهر واحد، معتبرا اياه علاجا نافعا ويشفي المريض، وهو يضم اكثر من (20) مادة، مشيرا الى ان اقبال النساء اكثر من الرجال.

واوضح الموسوي ان النساء يقبلن دائما لشراء الاعشاب التي تعالج البشرة وشراء كريمات التجميل والامراض الداخلية التي تخص الرحم التي قد يخجل ان يتكلم بها الرجال مثل الالتهابات الداخلية والأمراض النسائية.

ولم يتوقف الموسوي في معلوماته على ما توارثه عن أبيه وأجداده، بل انه شارك في عدد من الأنشطة التي تهتم بالأعشاب الطبيبة للاطلاع على آخر الاكتشافات، حيث زار عدة دول منها الكويت والسعودية وسورية ولبنان والأردن وتركيا وايران.

لافتا إلى أن هناك تعاونا مع أطباء يبعثون التحليلات اليه لإعطائهم العلاج الخاص بهذه التحليلات من الأعشاب، وقال انهم فهم لا يقدرون الاستغناء عنها لانهم يعلمون جيدا انهم والعطار واحد يكمل الآخر.

ولم تتوقف اكتشافات الموسوي على هذا العلاجات التي ذكرها، بل هناك علاجات اخرى مثل دواء السكر و تهيج القالون، ومن خلالهما حصل على جوائز عديدة.

كاظم عبد الجليل احد الزبائن الذي يراجع دكاكين العطارين للعلاج من مرض القالون، اكد انه وجدا نفعا وتحسنا كبيرا بوضعه الصحي بعد ان بدأ يعتمد بعلاجه على الاعشاب الطبية التي يصفها ويصرفها له العطارون، وقال ان زبائن العطارين لا ينحصرون بشريحة معينة دون غيرها، بل تشمل جميع طبقات المجتمع بما فيها الاطباء أنفسهم.

اما العطار الثاني الذي توقفنا معه، فكان السيد حسين السيد طيف، والذي ارجع عمر مهنته الى سبعين سنة مضت، حيث ورثها عن ابيه عن جده، كما انه حصل على شهادة البكالوريوس/ علوم كيمياء صناعية، وخريج مركز دبلوم الاعشاب ومتدرب في لبنان وسورية وبمدة شهر في كل دولة إضافة الى زيارته الى ايران والهند.

ودفاعا عن مهنته، رد السيد لطيف الاتهامات التي تقول ان هذه المهنة غير مجازة، بأن لدية اجازة من مركز طب الاعشاب التابع الى وزارة الصحة في بغداد، وهناك مراقبة من قبل رئاسة الصحة في الديوانية.

وقال لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، انه على تواصل مستمر مع الابحاث الجديدة التي تطرح على الأنترنيت مع كل العالم، وكذلك ان هناك تواصل مع البحوث في الجامعات العراقية وأساتذتها.

ويبيّن انه يعتمد في تشخيص المرض او وصف العلاج على التحليلات المختبرية التي يبعثها الأطباء وهم متعاونون معنا كثيرا بهذا الخصوص، وبحسبه فأن الأطباء الذين نتعامل معهم يتوزعون على مختلف التخصصات مثل الجهاز الهضمي والمجاري البولية والنسائية، وهذا يسمى بـ "الطب المرادف".

وقال ان من بين هؤلاء الاطباء الذين نتعاون معهم على وفق "الطب المرادف" الدكتور فائق نوري اختصاص مفاصل، ومائدة حسون اختصاص امراض نسائية، والدكتور علي طالب اختصاص باطنية.

موضحا ان اغلب الزبائن يأتون لمعالجة القالون وتساقط الشعر والمجاري البولية والضغط والكلف والبشرة، معتبرا ان سعر وصفة الأعشاب الطبية رخيصة جدا اذا ما قورنت بالطب الكيماوي الحديث.

وذكر ان العلاج بالأعشاب الطبية ناجح جدا لكنه بطيء المفعول، لافتا الى انهم يجلبونها من بغداد او يستوردونها من سورية وايران، وهناك مستحضرات جاهزة، واضافة الى الاعشاب الإيرانية والسورية فان هناك مستحضرات عراقية مثل معمل الموصل الذي يصنع علاجات أمراض الجلدية والرشاقة والسمنة، كما هناك مستحضرات نعمل تركيبتها داخل المحل بالاعتماد على البحوث والأنترنيت وما تعلمناه عن آبائنا واجدانا.

فيما تشير رباب عبد الله الى انها احدى الزبونات وهي تراجع العطارين من اجل علاج امراض المعدة والقالون وتساقط الشعر علاج البشرة، أما الزبون الآخر فهو شاكر محمد وهو منتسب احد الاجهزة الامنية في المحافظة، فأنه لفت الى انه احد المدمنين على العلاج بالأعشاب الطبية بعد ان ثبت نجاحها وعدم وجود آثار جانبية لها على الجسم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 19/تشرين الأول/2011 - 21/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م