التحرش الجنسي... ظاهرة شاذة آخذة بالانتشار!

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: لقد اتسع نطاق ظاهرة التحرش الجنسي بين المجتمعات لتشمل الجميع، وابتداءً من رؤساء الدول والوزراء وكبار الشخصيات والموظفين الدوليين، إلى المواطنين من العوام والبسطاء وبمختلف الفئات العمرية، وقد وجهت مؤخراً العديد من التهم إلى شخصيات سياسية واقتصادية واجتماعية بارزة، بينما القي القبض على البعض منهم في إطار التحقيق حول هذه التهم، ويعتبر التحرش الجنسي "والذي يتخذ العديد من الأشكال والتي تشكل بمجملها التعدي على الآخرين من خلال استخدام العبارات النابية أو النظر أو اللمس غير اللائق وغيرها" من الأمور المحرمة دينياً والمرفوضة أخلاقي، حيث يؤدي تفاقم هذه الظاهرة إلى تفشي الفساد وانتشار المنكرات وتعرض الكثيرين "وبالأخص النساء" إلى الابتزاز وسماع ما يخدش الحياء وعدم الأمن من الاعتداء قولاً وفعل، مما يستدعي "من قبل الدولة والمجتمع" وقفة حقيقية للوقوع على السبب وراء ما يجري، وتحمل المسؤولية ومعالجة القصور والتقصير، وملئ منطقة الفراغ القانوني من خلال سن القوانين الرادعة التي تحد من تمادي المتحرشين.

أثناء العمل

حيث بلغ التحرش الجنسي مستويات خطيرة في اماكن العمل اذ اظهر استطلاع عالمي أجراه معهد ابسوس من بين كل عشرة عمال تعرضوا لمضايقة جنسية من جانب موظف كبير، ووجد الاستطلاع الذي شمل 12 الف شخص في 24 دولة ان العاملين في الهند هم الاكثر ابلاغا عن التعرض لتحرش جنسي بنسبة بلغت 26 بالمئة، وجاء بعدهم في المركز الثاني العاملون في الصين بنسبة 18 بالمئة ثم السعودية بنسبة 16 بالمئة تليها المكسيك بنسبة 13 بالمئة وجنوب افريقيا بنسبة 10 بالمئة، وفي ايطاليا ابلغ تسعة بالمئة من الموظفين عن تعرضهم للتحرش الجنسي في العمل بينما في كل من البرازيل وروسيا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة ابلغ ثمانية بالمئة فقط انهم دفعوا تجاه الجنس من جانب موظف كبير، وجاء الاستطلاع في الوقت الذي يحذر فيه الخبراء من ان التحرش الجنسي يبدو انه في ارتفاع في اماكن العمل مع ظهور عدة قضايا شهيرة في الاونة الاخيرة، واستقال مارك هورد الرئيس التنفيذي لشركة هيوليت باكارد على خلفية تحقيق في مزاعم بشأن تحرش جنسي واستقال مارك مكينيس الرئيس التنفيذي السابق لسلسلة متاجر ديفيد جونز الاسترالية للبيع بالتجزئة في شهر يونيو حزيران بعد ان اعترف "بارتكاب سلوك غير لائق" تجاه احدى الموظفات، وقال جون رايت نائب رئيس شركة ابسوس لابحاث السوق "عندما تحاول كبار الشخصيات ممارسة الجنس مع موظفيها لانهم يعملون لديهم وليس لانها (هذه الشخصيات) تريد علاقة حقيقية فان هذا ليس تحرشا فحسب ولكنه استغلال"، والموظفون الذين كانوا الاقل شعورا بالتعرض للتحرش الجنسي في اماكن العمل هم من السويد وفرنسا حيث ابلغ ثلاثة بالمئة فقط من الموظفين عن مثل هذه الحوادث، وابلغ اربعة بالمئة فقط من العاملين في بريطانيا واستراليا عن التعرض لتحرش جنسي بينما كانت النسبة خمسة بالمئة في بولندا والمانيا وبلجيكا وستة بالمئة في اسبانيا واليابان وكندا والارجنتين، وابلغ سبعة بالمئة من العاملين في المجر عن تعرضهم لتحرش جنسي، وقال رايت ان الاستطلاع وجد ان العاملين الذين تقل اعمارهم عن 35 عاما هم الاكثر ابلاغا عن شعورهم بالتعرض للتحرش الجنسي. بحسب رويترز.

السعودية في المركز الثالث

الى ذلك يثير التحرش بالنساء جدلا كبيرا في كافة أنحاء العالم وتطل قضية التحرش الجنسي رأسها في ظل ورود تقارير عن ارتفاع ملحوظ في حجم هذه الظاهرة التي تهدد بنية المجتمع السعودي وتثير الخوف لدى النساء وخاصة العاملات الأكثر عرضة للتحرش من قبل الرجال في بلد محافظ يصون المرأة ويكرمها ومازال يرفض فيه عدد كبير من الرجال عمل المرأة أو قيادتها للسيارة، وكشفت دراسة ميدانية حديثة أجرتها شركة أبحاث عالمية أن السعودية تحتل المركز الثالث من بين 24 دولة في قضايا التحرش الجنسي في مواقع العمل، وبيّنت الدراسة التي شملت 12 ألف موظفة من دول المسح أن 16 في المئة من النساء العاملات في السعودية تعرضن للتحرش الجنسي من قِبل المسؤولين في العمل، وتضاف هذه النتائج إلى العنف الذي تتعرض له بعض النساء من قبل أزواجهن في المنزل، ودعا الدكتور سعد بن عبد القادر القويعي في مقال له بصحيفة "عكاظ" السعودية إلى دراسة ظاهرة التحرش الجنسي في المملكة وسن القوانين الصارمة التي تحد منها، مشيرا إلى أن 16 بالمئة من النساء العاملات في البلاد يتعرضن للتحرش الجنسي من قبل مديرهن في العمل، وأضاف "إنها قضية الفتاة العاملة التي تزداد معاناتها بسبب ظاهرة التحرش الجنسي، ممن تعرضن لسلوك تطفلي مضمونه جنسي، يجعل المرأة مهددة في أمنها وسلامتها، بدنياً ونفسياً، تحت الضغط دون رغبتها من شخص تعرفه، أو لا تعرفه"، وكان تقرير صادر عن وزارة الداخلية السعودية ووفقا لميدل ايست أونلاين أكد أن ظاهرة التحرش بالنساء في السعودية ارتفعت في السنوات الأخيرة بنسبة 215 بالمئة، وأظهر التقرير أن قضايا الاعتداء على العرض بشكل عام ارتفعت بنسبة 25 بالمئة، فيما ارتفعت حالات الاغتصاب بنسبة 75 بالمئة وقضايا اختطاف النساء بنسبة 10بالمئة، وتؤكد الباحثة الاجتماعية هدى العريني لصحيفة "الوطن" السعودية أن السبب الأول لممارسة التحرش عند الشباب هو "غياب التوجيه الأسري وتراجع الأدوار التربوية الأخلاقية في قطاعاتنا التعليمية فلم يعد أمام شبابنا وخاصة الطلاب في ظل غياب تلك المعطيات بالإضافة إلى انتشار البطالة وقلة الأماكن التي يمكن أن يرتادوها لممارسة هواياتهم المختلفة، إلا التوجه نحو الممارسات المستهترة كالمعاكسة والعنف".

وتطالب العريني بتضمين المناهج الدراسية حقوق الطريق والمرافق العامة واحترام الآخرين لعلها تحد من المشكلة التي قد تصبح ظاهرة خاصة مع انتشار وسائط تبادل الرسائل عبر الجوال والقنوات الفضائية، وكانت الإعلامية السعودية خلود الفهد أطلقت حملة إعلامية عبر الإنترنت بعنوان "أريد حقي فقط" وحظيت الحملة بتأييد كبير من مستخدمات شبكة الانترنت في السعودية، كما لاقت في نفس الوقت معارضة شديدة من بعض النساء اللواتي قمن بتدشين حملة مضادة بعنوان "ولي أمري أدرى بأمري"، وأكدت الفهد أن الهدف من الحملة هو تحريك الوعي لدى النساء السعوديات اللاتى لا يعرفن الكثير عن حقوقهن بحكم تسلط الرجال عليهن، إضافة إلى ضعف آلية الكثير من الأنظمة والقوانين التي من المفترض أن تكفل للنساء حقوقهن، وأكدت أنها كانت إحدى ضحايا التحرش الجنسي من قبل الرجال، مشيرة إلى أنها عندما ذهبت الى مركز شرطة لكي تقدم بلاغ ضد رجل تحرش بها "رفض الضابط استلام دعواي الا بحضور محرم أو أن أنتظر حضور رجال هيئة الأمر بالمعروف كي يحلوا محل المحرم"، وإلى دراسة ظاهرة التحرش بالنساء في السعودية، ويقول "إن الأمر يتطلب الوقوف على هذه الظاهرة، ودراستها من أجل حماية المرأة من أنواع العنف، المادي والمعنوي، الموجه ضدها، عن طريق ابتكار الحلول الشرعية والنظامية التي تواجهه، وسن قوانين واضحة وصارمة ضد التحرش الجنسي، وتفعيل تلك القوانين، حتى يتخذ بحق كل من يستغل وظيفته من أجل التحرش الجنسي، إجراء تعزيري صارم، ولا بأس من التشهير به، إن ثبتت جريمته"، ويضيف "كما أن تشجيع النساء على الإبلاغ عن ظاهرة التحرش الجنسي، وعدم الخوف من الفضيحة، والعودة إلى الخلف، بل التقدم خطوة إلى الأمام، والتعاون مع الجهات الأمنية لمعاقبة هؤلاء المجرمين ومحاسبتهم، وتغليظ العقوبة في حقهم، أمور في غاية الأهمية.

فيما كشفت دراسة سعودية أن نحو ربع السعوديات تعرضن للتحرش الجنسي، إذ تعرض نحو 400 طالبة من أصل 1897 للتحرش، وقالت منسقة البحث الميداني، الأستاذة المساعدة بكلية طب جامعة الملك عبدالعزيز، الدكتورة إكرام جلالي، إن الدراسة التي نشرتها مجلة «روى» على موقعها على الإنترنت، شملت 1897 طالبة أجريت عليهن الدراسة، وتراوح أعمارهن ما بين 18 و20عام، وقالت جلالي إن «نسبة 53.1٪ من آباء الطالبات أكملوا التعليم الجامعي، أما الأمهات فمنهن 39.2٪ أنهين التعليم الجامعي أو أكثر، وأضافت أن «68.3٪ من العينة أجبن بتعرضهن للإيذاء بصفة عامة في صغرهن»، وأشارت الإحصاءات إلى أن 45٪ تعرضن للضرب والإيذاء البدني، و50٪ تعرضن للإيذاء النفسي، في حين أن 24٪ تعرضن للاعتداء بالتحرش الجنسي من العينة وهن 400 طالبة، ووجدت أن الآباء والأمهات والأشقاء هم الأكثر شيوعاً في ارتكاب الاعتداءين البدني والنفسي من داخل الأسرة، أما لمن هم من خارج الأسرة فقد وجد منهم التحرش الجنسي، وخلصت نتائج المسح إلى تعرض 3٪ من أفراد العينة لـ«الاغتصاب» في طفولتهن، أما حالات الاعتداء وانتهاك العرض والإيذاء الجنسي الأخرى، فأكثر الأنواع حدوثاً هو لمس عورة الطفلة من قبل شخص بالغ أو كشف عورته أمامها، وغالباً ما يكون شخصاً معروفاً للطفلة، أو أحد أفراد الأسرة، أو قريباً للعائلة، وقالت جلالي إن الهدف الرئيس من الدراسة أن «يعرف الجميع أن لدينا مشكلة يجب أن نواجهها ولا نخبئ رؤوسنا مثل النعام، والعينة التي أُخذت للدراسة تعتبر صغيرة من مجتمع كبير، بالإضافة إلى أنها من فئة متعلمة لأن الآباء أكملوا تعليمهم بنسبة كبيرة، فما حال بقية الفئات ذات التعليم المحدود أو المعدوم؟»، وأضافت «واجهتنا صعوبات في مراحل مختلفة من التخطيط والتنفيذ وتحديد الشريحة المستهدفة من الدراسة». بحسب يونايتد برس.

في مصر

على صعيد مختلف لا يهم إن كانت شابة أو كبيرة بالسن، ولا يهم أن تكون مصرية أو أجنبية ولا فقيرة أو من الطبقة الوسطى أو الثرية، كل هذه الأمور لا تهم، كما لا يهم إن كانت ترتدي الحجاب أو النقاب أو الملابس الغربية، فإذا كنت تعيشين في القاهرة، فإن فرص التعرض للتحرش الجنسي واردة، بل وكبيرة، ذلك أن التحرش يحدث في الشوارع وفي حافلات النقل المزدحمة، وأماكن العمل والمدارس، وحتى في عيادات الأطباء، إذ وفقاَ لدراسة أجراها المركز المصري لحقوق المرأة في العام 2008 وشملت 1010 نساء، تبين أن 98 في المائة من النساء الأجنبيات و83 في المائة من المصريات تعرضن للتحرش الجنسي، من جهتها ماري روجرز، الصحفية والمصورة في CNN، تعرضت للتحرش، وبينما كانت تتجه إلى منزلها، اقترب منها سائق سيارة شاب وصرخ عليها قائلاً "عاهرة"، رغم أنها بعمر أمه أو أكبر، وقبل أن ترد عليه، كانت السيارة قد ابتعدت، بينما كان هناك شرطي في الجوار "يقهقه" على المشهد،وتقول ماري، "هذا الحادث يعتبر ثانوياً مقارنة بذلك الذي وقع عام 1994، بعد أن انتقلت للعمل في القاهرة، حيث كان الطقس شتاء وكنت أرتدي ملابس شتوية ثقيلة عندما اقترب مني رجل وأمسك بي، لكنني لكمته على وجهه، وكلت له الشتائم والسباب، فإذا به يشحب جراء المفاجأة ويعتذر بهمس"، وبعد ذلك الموقف، لم تعد تمشي في الشوارع بين العمل والمنزل، بالطبع، التحرش الجنسي يتخذ أشكالاً مختلفة، فهي قد تكون عبارات نابية أو الملاحقة أو النظرات وتصل حد اللمس، وربما تصبح أكثر خطورة، وهو ما حدث لزائرة أجنبية، عندما قام سائق سيارة بالاقتراب منها كثيراً إلى حد أنه كاد يدهسها، لكنه ابتعد عنها في اللحظة الأخيرة، ثم توقف، وأخذ يضحك عليه، ولكن لماذا يتفشى التحرش الجنسي في مصر؟،

ثمة أسباب عديدة لذلك، لكن كثيرون يشيرون إلى عدم احترام حقوق الإنسان بوصفه السبب الرئيسي، وتقول نهاد أبو القمصان، مديرة المركز المصري لحقوق المرأة، "مصر تهتم بالأمن السياسي أكثر من اهتمامها بالأمن العام"، مشيرة إلى أن المسؤولين يركزون على منع القلاقل والاضطرابات السياسية، أكثر من تركيزهم على أمراض المجتمع، على أن البعض الآخر يلقي بالمسؤولية على التفسيرات المحافظة للإسلام، والتي أخذت تتدفق على البلاد من منطقة الخليج منذ 30 عاماً، والتي تطالب بمزيد من التقييد على المرأة وتدين النساء اللواتي يخرجن من منازلهن للعمل أو لأي شيء آخر، وتقول أبو القمصان، "ذهب نحو أربعة ملايين مصري إلى منطقة الخليج، وعادوا بأموال النفط وثقافة النفط غير المنفتحة فيما يخص المرأة ووضعه، كل هذه الأمور ساهمت في تغيير الثقافة الأصلية للمصريين، والتي تتضمن احتراماً كبيراً للمرأة"، أما الشابة الناشطة في مجال حقوق المرأة، سارة، فتقول إن مفهوم الاحترام لم يعد موجوداً وتعتقد أن مصر "تعيش في نكران للذات منذ وقت طويل، وأن شيئاً ما حدث للمجتمع المصري خلال السنوات الثلاثين أو الأربعين الماضية، ويبدو أن نظام المجتمع كله تعرض للانهيار"، وللرد على تفشي هذه الظاهرة، ونظراً لغياب القانون للتعامل مع هذه المشكلة، فإن الحكومة المصرية تدرس قانوناً لتعريف واضح للتحرش الجنسي. بحسب سي ان ان.

وبينما كانت المرأة التي تتعرض للتحرش تخجل من الإفصاح عن هذا الأمر، إلا أنها باتت تجهر به حالياً دون خجل، ففي العام 2008، صدر حكم على شاب بالسجن ثلاث سنوات مع العمل الشاق بعد أن تعرض للشابة نهى رشدي صالح، وهو ما أدى بها إلى التوجه للمحكمة ورفع قضية ضده، وهي القضية التي غطتها الصحافة المحلية بكثافة، وأبرزت قضية التحرش إلى العلن، وهناك حملات ضد التحرش الجنسي للمطالبة بالوقوف في وجه هذه الظاهرة المتفشية في المجتمع المصري، خصوصاً في وسط مدينة القاهرة المكتظة، وفي العام 2008، وخلال عطلة عيد الفطر، كانت عصابات الشباب تجول في كل الأماكن وتمارس التحرش ضد الفتيات والنساء، وصلت حد تمزيق قمصانهن، وبلغت الظاهرة ذروتها خلال هذه الفترة، بحيث تناولتها وسائل الإعلام المصرية، وقامت الشرطة باعتقال العشرات من الشباب، ورغم الحملات المناهضة للظاهرة، واحتمال إصدار قوانين ضدها، إلا أن الأمر الوحيد الذي قد يحمي المرأة من التحرش الجنسي في شوارع القاهرة هو التغيير في مواقف الرجال والذكور عموم، واعتبر ناشطون حقوقيون مصريون أن بلادهم باتت في حاجة ملحة إلى إصدار قانون منفصل، يتناول مواد ونصوص قانونية واضحة لجريمة التحرش بالنساء والرجال على السواء، وهي أمور مختلفة في طرق إثباتها عن جرائم هتك العرض والاغتصاب، واعتبر مراقبون أن جرائم التحرش تحدث في كل مكان بالعالم بشكل عام، غير أن المرأة العربية تتسم بخصوصية معينة، في ظل تمييز يقع عليها مجتمعياً، سواء في الشارع أو المدرسة أو العمل، مرجعين ذلك إلى العادات الثقافية والاجتماعية ذات العلاقة بالنشأة الخاصة بالمجتمعات العربية، فضلاً عن تقصير واضح لدى الأسر في تعليم المرأة حول كيفية تعاملها مع الرجل والعكس، كما عزوا أسباب زيادة التحرش الجنسي بالمرأة في المجتمعات العربية عموماً، إلى أنها نتاج الفهم المغلوط لطبيعة المرأة، التي تحصرها في ركن "الجسد الذي خصص للمتعة فقط"، مشيرين إلى أن هذا التحرش مرتبط كذلك بالفساد المالي والإداري في بعض الجهات، الذي يتبعه فساد وانحراف أخلاقي بطبيعة الحال، وعودة إلى التحرك الشعبي الحاصل في مصر، وقال ناشطون حقوقيون مصريون، إن القانون الوضعي الحالي يعتمد جرائم على غرار "الفعل الفاضح"، و"هتك العرض"، و"الاغتصاب"، في حين لم يتضمن تعريفاً شاملاً لكل أشكال الاعتداء على الحرية الجنسية للمرأة، ومحاولة استثارتها قصراً، وهو مفهوم التحرش الجنسي، الذي يعد مختلفاً في تصنيفه عن الجرائم السابقة، ولم تستثن الجهات الأمنية المسؤولة في مصر من الدخول في حيز الاتهام بالتقصير من قبل مراقبين، حيث ينظم الأمن العام ما أسموه "حملات موسمية" ضد معاكسة الفتيات والتحرش بهن في الشوارع، وغالباً ما تكون في المناسبات والأعياد والعطلات فقط، دون بقية أيام السنة.

ولا يعترف قانون العقوبات المصري بفعل "التحرش الجنسي"، كما لم يأت ذكرها ضمن نصوصه الحالية، وبالتالي خلت المنظومة القانونية المصرية من عقوبة لتلك الجريمة، التي طالت 83 بالمائة من النساء في مصر، حسب ما ذكرته دراسة صادرة عن المركز المصري لحقوق المرأة في منتصف العام 2008، ولم يغفل القانون الوضعي المصري وحده عقوبة التحرش، حيث أكد فقهاء في الشريعة الإسلامية أن الدين كذلك لم يحدد عقوبة للمتحرشين بالنساء، وأكد الدكتور محمد رأفت عثمان، عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق في جامعة الأزهر، أن التحرش بالنساء يعد ضمن "العقوبات التعذيرية"، تلك التي لم يحددها الشرع، بل ترك أمر تحديدها للحاكم والمجتمع نفسه، وكان النائب في البرلمان المصري، محمد خليل قويطة، قدم اقتراحاً بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 لوضع مفهوم للتحرش الجنسي، واستحداث عقوبة له، مطالباً بتشديد العقوبات على المغازلات عبر الهاتف المحمول كذلك، وقال قويطة، وهو أيضاً وكيل لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب "البرلمان"، إن المشرع المصري لم يتعرض لظاهرة التحرش الجنسي بالتجريم، ووضع العقوبات المناسبة لها، وكذلك وضع مفهوم لها يحدد معناها، لأن النصوص والمواد العقابية، سواء في قانون العقوبات أو التشريعات الجنائية، خلت تماماً من نص يحدد معناها ويجرمها ويؤثمها ويعاقب عليها، وقد أصبحت الحاجة ملحة لإصدار هذا التشريع لمعاقبة المتحرشين جنسياً من الرجال والنساء، وقال الناشط الحقوقي، المحامي حافظ أبو سعدة، أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن جريمة التحرش الجنسي تختلف عن الفعل الفاضح وهتك العرض والاغتصاب، بحكم أنها أدنى من الأخيرة، بينما التحرش أكثر بكثير ومنتشر في المجتمع المصري، وأشار إلى  ضرورة وجود قانون خاص بهذا النوع من الجرائم، يحتوي على تعريف شامل لكل أشكال التحرش، والاعتداء على الحرية الجنسية للمرأة، أو استثارتها قصراً، وهي أمور مختلفة في إثباتها عن جرائم هتك العرض والاغتصاب.

لكن أبو سعدة، الذي يشغل في الوقت نفسه منصب عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، لم يعف الأجهزة الأمنية المصرية من مسؤولية زيادة هذا النوع من الجرائم في الشوارع، على اعتبار أن الحملات الأمنية تقتصر على المواسم والمناسبات الرسمية، من جانبه، عّرف الدكتور محمد رأفت عثمان، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، التحرش، بأنه "إتيان الرجل أمراً سواء بالقول أو الفعل تجاه المرأة، بصورة تخدش حياءها، ما يعد جريمة تستوجب العقاب"، وقال الدكتور رأفت، وهو عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن عقوبات التحرش "عقوبات تعذيرية"، لم يحددها الشرع، وترك أمر تقنينها وتصنيفها للحاكم والمجتمع، وهي ليست كالعقوبات المعروفة (القصاص والحدود)، معتبراً أنها أفعال شائنة لابد من معاقبة فاعلها بعقوبات رادعة، مثل السجن والغرامة المالية، وربما الجلد كذلك، وأشارت مراكز حقوقية مصرية إلى ضرورة عدم السكوت عن الظاهرة، ومحاولة إزاحتها من قاموس المعتقدات الثقافية العربية لدى الرجل ضد المرأة أو العكس، خصوصا وأن النساء التي تم التحرش بهن يؤثرن الصمت والكتمان، لأسباب مجتمعية تتعلق بما درجت تسميته بـ "الفضيحة"، بينما قد يعطي هذا الصمت إشارات للمتحرش بمشاعر الرضا من قبل المرأة، وبالتالي يزيد من نسبة الجريمة في المجتمع، وبدت تحركات على شبكة الإنترنت من خلال ناشطين أسسوا مجموعات مشتركة لحملات على موقع facebook الاجتماعي، تضم بعضها ما يزيد على عشرة آلاف مشترك، من بينها حملة "دعوة للمشاركة في وقفة لإنهاء معاكسة الفتيات في مصر "كفاية تخلف"، وحملة أخرى بعنوان "ضد معاكسة البنات للأدولاد" ذات العشرة آلاف عضواً.وهكذا، فبين مشاعر العار والفضيحة والتسلط والإقصاء الاجتماعي، حذر حقوقيون من أن الزيادة في جرائم التحرش بالمجتمعات العربية، تؤدي إلى تأصيل ما يسمى بـ"السيادة الذكورية" عموماً، حين تستوطن السلبية الاجتماعية في عقيدة المرأة أو الرجل على السواء.

حماية ذوي الإعاقة

من جهتها أطلقت هيئة تنمية المجتمع في دبي، بدعم من مؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي، حملة توعية تحت عنوان «اللمسة الصديقة»، تهدف إلى تعزيز الوعي المجتمعي حول التحرش الذي يتعرض له الأفراد ذوو الإعاقة، بمختلف أنواعه الجسدي والمعنوي والجنسي، وتندرج هذه الخطوة ضمن مساعي هيئة تنمية المجتمع في دبي، الهادفة إلى الارتقاء بمعايير الحماية الاجتماعية في إمارة دبي، وتقديم الدعم للأفراد ذوي الإعاقة ودمجهم في المجتمع، وستستمر حتى يناير 2012، مع عقد سلسلة من الجلسات النقاشية والتوعوية يبلغ عددها 18 جلسة، وقال الشيخ مكتوم بن بطي آل مكتوم، المدير التنفيذي لقطاع الرعاية الاجتماعية بهيئة تنمية المجتمع في دبي، تهدف مثل هذه المبادرات إلى توعية المجتمع بهذه الظاهرة المجتمعية السلبية وآثارها السيئة في الأسرة والمجتمع، وتحرص الهيئة على اطلاق كثير من المبادرات المجتمعية التي من شأنها الإسهام في التنمية الاجتماعية في الإمارة، وتعزيز الخدمات المقدمة للأطفال ذوي الإعاقة لتفعيل دورهم المجتمعي، وتضمنت الحملة جلستين نقاشيتين، قدمت خلالهما المستشارة في هيئة تنمية المجتمع في دبي،الدكتورة إيمان جاد، عرضاً موجزاً حول مفهوم التحرش بالأطفال، وكيفية التعرض للطفل، وعواقبه، والآثار النفسية والاجتماعية المترتبة عليه، وتناولت أيضاً أهمية دور الأسرة في تجنيب الأطفال التعرض للتحرش عن طريق الحوار الذي يساعدهم في تعزيز ثقتهم بأنفسهم وإسداء النصائح المناسبة لهم في هذا الصدد، وتسلط حملة «اللمسة الصديقة» الضوء على التحرش وأنواعه والدلالات والمؤشرات التي تبدو على الشخص الذي مرّ بتلك التجربة كالأرق والأحلام المزعجة ورفض تناول الطعام، وتغييرات مفاجئة في المزاج، وكتابة ورسم موضوعات ذات إيحاءات جنسية مختلفة، وغيرها من السمات والتصرفات غير الطبيعية التي يقوم بها الطفل، إلى جانب موضوعات أخرى ذات صلة، وتتطرق الحملة أيضاً الى أفضل الممارسات في التعامل مع هذه الحالات وأهمية التدخل المبكر لما له من أهمية في معالجتها، إلى جانب التركيز على دور الجهات التربوية والقضائية في ردع المرتكبين، إضافة إلى دور الإعلام في نشر الوعي بهذه القضية. بحسب وكالة الانباء الامارتية.

وفي سياق اخر نظرت محكمة الجنايات في أبوظبي خلال جلستها، برئاسة القاضي سيد أحمد عبدالبصير وعضوية القاضيين الشامخ عبدالمجيد الشامخ وعلي سعيد علي راشد العدوي، في اتهام عامل من جنسية آسيوية بهتك عرض فتاة لم تتجاوز 14 عاماً، إذ اتهمته بتقبيلها وتحسس جسده، وأنكر المتهم أنه فعل ذلك من قبيل التحرش، بل لأن الفتاة ذكرته بابنه الموجود في بلاده، وقررت المحكمة تأجيل القضية، كما وجهت المحكمة تهمة محاولة الاغتصاب لشاب من جنسية آسيوية، قالت النيابة إنه دخل دورة المياه خلف المجني عليها، بعدما أخفى وجهه بغطاء رأس، وحاول نزع ردائها السفلي، وأنكر المتهم ذلك، مؤكداً أنه كان في موقع آخر أثناء ارتكاب الجريمة، وأجلت المحكمة نظر القضية إلى وقت لاحق لانتداب محام للدفاع عن المتهم، وقررت المحكمة أيضاً تأجيل نظر قضية أخرى لانتداب محام آخر للدفاع عن شخص من جنسية عربية، بعد اتهامه بهتك عرض خادمة في منزل كفيلها، إذ أفادت التحقيقات بأن المتهم دخل المنزل عبر السور، وتسلل إلى حجرتها، وهتك عرضه، وأصدرت المحكمة حكماً بالسجن أربع سنوات مع الإبعاد لشخص من جنسية عربية، اتهم بتعاطي مواد مخدرة. وقرّرت تأجيل قضية أخرى، اتهم فيها أربعة آسيويين تهماً مختلفة، إذ واجه الأول تهمة ارتكاب جريمة الزنى، والعمل لدى غير الكفيل، والإقامة بصورة غير مشروعة، والمتهمة الثانية العلم بوقوع الجريمة، وعدم إبلاغ السلطات، والعمل لدى غير الكفيل، والإقامة بصورة غير مشروعة داخل الدولة، فيما واجهت المتهمة الثالثة تهمة تحسين المعصية، والمتهم الرابع تهمة التستر والبلاغ الكاذب عن عثوره على طفلة لقيطة في الشارع.

دعوى ضد البابا

فيما اعلنت جمعية اميركية تمثل اطفالا هم ضحايا كهنة اعتدوا عليهم جنسيا انها رفعت دعوى ضد البابا ومسؤولين اخرين في الكنيسة الكاثوليكية امام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب "جرائم ضد الانسانية"، في خطوة رمزية بالدرجة الاولى، وقدم مسؤولون في جمعية "اس ان اي بي" بالتعاون مع محامين من منظمة "سنتر فور كونستيتوشنال رايتس" غير الحكومية "طلب اعلان الصلاحية القضائية" لدى المحكمة الجنائية الدولية، واتهموا مسؤولين في الفاتيكان بـ"التساهل والتستر على جرائم جنسية واغتصاب لاطفال في العالم اجمع"، وارفقوا شكواهم بعشرة الاف صفحة تدعم بالوثائق قضايا التحرش الجنسي باطفال بحسب بيان للجمعية التي تأسست في الولايات المتحدة، واضافة الى البابا ضمت قائمة الجمعية ثلاثة كرادلة يمارسون او مارسوا مسؤوليات عليا في الكنيسة وهم امين سر دولة الفاتيكان وهو بمثابة وزير خارجية والمسؤول الثاني في الكرسي الرسولي الايطالي ترشيسيو برتوني، وسلفه انجيلو سودانو وهو ايطالي ايضا ورئيس مجمع عقيدة الايمان الاميركي وليام ليفادا الذي خلف في هذا المنصب جوزف راتسينغر عندما انتخب الاخير لسدة البابوية تحت اسم بنديكتوس السادس عشر، وعندما سئل عن هذه الدعوى لم يشأ المتحدث باسم الفاتيكان الاب فديريكو لومباردي الادلاء باي تعليق، وتوجه اعضاء في الجمعية اتوا من المانيا والولايات المتحدة وهولندا وبلجيكا، اربع بلدان طالتها فضيحة التعديات الجنسية على اطفال في الكنيسة، الى لاهاي للمطالبة بملاحقات قضائية بحق البابا وثلاثة مسؤولين في الكنيسة الكاثوليكية "لمسؤوليتهم المباشرة" في هذه القضية، ونقل البيان عن محامية المركز باميلا سبيز قولها ان "مسؤولين كبارا في الفاتيكان تستروا على جرائم ضد عشرات الاف الضحايا معظمهم من الاطفال". بحسب فرانس برس.

ولا يمكن لجمعية ان ترفع دعوى امام المحكمة الجنائية الدولية لكن يمكنها ان تقوم بمجرد "اخبار"، وليس بامكان المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية ان يفتح تحقيقا الا بطلب من دولة صادقت على اتفاقية روما التي تأسست بموجبها المحكمة، ومن مجلس الامن الدولي او بمبادرتها الذاتية، ومنذ بدء عمل المحكمة الجنائية الدولية في 2002 في لاهاي تلقى مكتب المدعي العام اكثر من ثمانية الاف "اخبار" بدون التوصل الى نتيجة، وفي الماضي رفض اساقفة او اهملوا، وفي بعض الحالات الفاتيكان، شكاوى عديدة قدمها ضحايا تعرضوا للتحرش الجنسي من قبل كهنة وقاموا بنقلهم الى اماكن اخرى او حمايتهم، والقت هذه الفضيحة بظلالها على الكنيسة في دول اوروبية عدة حتى وان كان عدد محدود من الكهنة يتحمل مسؤولية هذه التعديات، وعبر البابا بنديكتوس السادس عشر عن خجله وطلب الصفح داعيا الى عدم التسامح ازاء المعتدين جنسيا على الاطفال، وطلب من اساقفة العالم اجمع الذين يتحملون المسؤولية الاولى عن كهنتهم بالتعاون كليا مع الاجهزة القضائية، لكن الجمعية لا تثق بهذه الرغبة في الشفافية والعدالة ولم تخفف من اتهاماته، وبدأت المنظمة مؤخراً بجولة اعلامية ستقودها الى امستردام وبروكسل وبرلين وباريس وفيينا ولندن ودبلن ووارسو ومدريد وروما لتحمل "شكواها الى ابواب الفاتيكان.

بعد اتهامها رؤسائها 

في سياق متصل ذكر تقرير أن ضابطة بسلاح الجو الهندي كانت قد طردت من عملها منذ ست سنوات بعد اتهامها رؤسائها بالتحرش الجنسي عثر عليها مقتولة في الهند، وقالت صحيفة تايمز أوف إنديا إن أنجالي جوبتا (35 عاما) عثر عليها مشنوقة في شقة زميل سابق في بلدة بهوبال وسط الهند، وتحقق الشرطة للتوصل إلى ما إذا كانت الوفاة حادث إنتحار، وكانت جوبتا قد فصلت من الخدمة في عام 2006 بعد محاكمة عسكرية بشأن إتهامات بسوء التصرف في أموال وعدم النظام وعدم إطاعة الأوامر، وكانت جوبتا بوظيفة ضابط إداري في القسم التعليمي بسلاح الجو وهي أول ضابطة تمثل أمام محكمة عسكرية، ونفت جوبتا الاتهامات وقالت إنها تعرضت لتلفيق اتهامات بعدما قدمت اتهامات بتعرضها لتحرش جنسي من رؤسائه، وقالت محكمة التحقيق التي شكلها سلاح الجو إن اتهاماتها لا أساس له، وقالت الشرطة إن جوبتا كانت تعمل مع شركة خاصة في بنجالور بعد فصلها من سلاح الجو. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

الثورة

بدورهن تستعد مجموعة من النساء المغربيات للتظاهر في شهر أكتوبر المقبل احتجاجا على "تنامي ظاهرة التحرش بالإناث في المغرب"، إضافة إلى التنديد واستنكار الممارسات "المشينة" التي لا تستثني لا صغيرة ولا كبيرة، ولا محجبة أو متبرجة، حيث تشكل ظاهرة خطيرة يعاني منها المجتمع المغربي"، وذكرت ناشطات لحركة نساء "وومن نشوفوش" على صفحة "فيسبوك" التي أنشئت حديثاً وتمكنت من استقطاب ما يزيد عن 4349 ناشطة، أن الدعوة إلى التظاهر "تهدف إلى إطلاق صرخة الألم التي تختلج صدور النساء المغربيات اللواتي يعانين في صمت من ظاهرة التحرش في أوساط العمل والشارع العام"، وقالت الناشطات على الصفحة الالكترونية "إن ظاهرة التحرش تطال الفتيات المحجبات وغير المحجبات على حد سواء، وهو ما يعكس عمق المشكلة الاجتماعية التي تنخر في المجتمع المغربي"، وأضفن "هذه الدعوة بمثابة تضامن واستمرار للحركة العالمية ضد التحرش الجنسي بالنساء، والتي انطلقت مع المسيرة الكبرى التي نظمت بمدينة تورنتو بكندا شهر أبريل الماضي، ثم عبر عواصم أوروبية عدة"، وجاء في صفحة "فيسبوك" الخاصة بهن "لا تستطيع أي امرأة التحدث عن ظاهرة التحرش الجنسي بشكل علني، وهي ظاهرة تعتبر من التابوهات التي يتفادى الجميع الإشارة إليها"، وأردفن "لا ننسى أن هذا الصمت هو السبب في تنامي هذه المشكلة الاجتماعية".

عربات للنساء

من جهة اخرى دشنت اندونيسيا "أكبر بلد اسلامي من حيث عدد السكان" مؤخراً عربات للنساء فقط في قطارات العاصمة جاكرتا في محاولة لتفادي التحرش الجنسي في قطارات الضواحي المكتظة بالركاب، ويمكن للنساء ان يخترن الصعود الى العربتين المخصصتين لهن واحداهما في مقدمة القطار والاخرى في المؤخرة، وجاكرتا هي الاحدث في عدد متزايد من المدن التي تقدم خدمات للنساء فقط، وقالت "بي. تي كريتا ابي اندونيسيا" الشركة المشغلة للسكك الحديدية المملوكة للدولة انها لم تتلق شكاوى كثيرة بخصوص التحرش الجنسي لكنها لاحظت ان نساء كثيرات يتجنبن ركوب القطارات المزدحمة، وتقدم الشركة حاليا 20 عربة مخصصة للنساء وتعتزم اضافة المزيد في غضون الاشهر الثلاثة المقبلة، واستحدثت عربات النساء في القطارات للمرة الاولى في مهرجان نهاية العام في اليابان في العام 2000 كوسيلة لوقف التحرش الجنسي، وتوجد هذه العربات الان في طوكيو واوساكا اكبر مدينتين يابانيتين، ومنذ ذلك الحين انتشرت عربات النساء حول العالم حيث تشغل دول منها الهند وماليزيا وتايوان والبرازيل عربات للنساء فقط. بحسب رويترز.

خادمة بأمريكا

من جانبها اعتقلت شرطة مدينة نيويورك مسؤولاً سابقاً بأحد المصارف المصرية، ويترأس حالياً إحدى أكبر شركات إنتاج الملح في العالم، بتهمة "التحرش" الجنسي بـ"خادمة" في أحد الفنادق الفخمة بضاحية مانهاتن الشهيرة، وقالت إدارة شرطة نيويورك إن المعتقل، ويُدعى محمود عبد السلام عمر، يبلغ من العمر 74 عاماً، يواجه عدة اتهامات، منها التحرش الجنسي، والاحتجاز القسري، وتعمد اللمس بشكل غير لائق، بحق إحدى موظفات قسم خدمة الغرف بفندق "بيير" وسط المدينة، وقالت شرطة نيويورك إنها تلقت بلاغاً بحدوث الواقعة، حيث أفادت الضحية المزعومة بأنها ذهبت إلى غرفة عمر في حوالي السادسة مساءً، لتوصيل بعض المناديل الورقية التي طلبها، وذكرت الشرطة أنه "بمجرد دخولها الغرفة، تعرضت الضحية للتحرش الجنسي"، ويأتي اعتقال المسؤول المصرفي المصري بعد نحو أسبوعين على تفجر "فضيحة" اتهام رئيس صندوق النقد الدولي السابق، الفرنسي دومينيك شتراوس كان، بالتحرش الجنسي ومحاولة الاعتداء على موظفة بقسم خدمة الغرف أيضاً، ولكن في فندق آخر بنفس المدينة الأمريكية، وقالت المتحدثة باسم مكتب الإدعاء العام في منهاتن، سيروس فانس، إن المحققين لن يفصحوا عن مزيد من التفاصيل حول الواقعة، إلا بعد توجيه الاتهامات إلى عمر رسمياً، وهو الإجراء الذي قد يحدث في وقت لاحق، وأصدرت إدارة الفندق بياناً ذكرت فيه أن "أولوية فندق بيير هي حماية ضيوفنا وموظفينا، نحن نأخذ جميع الشكاوى التي ترد إلينا بمنتهى الجدية ونحقق فيها على الفور، هذه الواقعة تم إبلاغ إدارة شرطة نيويورك بها، وما زالت قيد التحقيق، وسوف نلتزم بكل ما قد يتطلبه منا التحقيق"، ويترأس عمر حالياً مجلس إدارة شركة "المكس للملاحات"، وهي إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الكيماوية الخاضعة لوزارة الاستثمار، و تخضع لقانون قطاع الأعمال العام، وفق الموقع الرسمي للشركة، كما تُعتبر الشركة، التي تأسست عام 1805، من أقدم الشركات العالمية في صناعة الملح، وأبلغ متحدث باسم الشركة بأن عمر كان يشغل منصب رئيس بنك الإسكندرية قبل 15 عاماً، فيما أورد موقع "بوابة الأهرام" أن المتهم يُعد "أحد أشهر المصرفيين في مصر"، وسبق أن تبوأ عدد من المناصب الرفيعة، منها رئيس اتحاد بنوك مصر، ورئيس مجلس إدارة بنك الإسكندرية، ورئيس البنك المصري الأمريكي. بحسب سي ان ان.

اتهام وزير

من جانب اخر رفعت فرنسيتان دعوى قضائية ضد وزير في الحكومة الفرنسية اتهمتاه فيها بالتحرش الجنسي بعد ان تشجعتا في ما يبدو باعتقال دومينيك ستروس كان الرئيس السابق لصندوق النقد الدولي اثر اتهامه بارتكاب جرائم جنسية، وقال جيلبير كولار محامي المرأتين انه أقام الدعوى ضد جورج ترون وزير الخدمة المدنية الى مدع عام وأكد ان التهمة هي التحرش الجنسي، ونفى اوليفيه شنير محامي الوزير التهمة المنسوبة الى موكله وقال انه طلب منه رفع دعوى تشهير، ونقلت صحيفة "لو باريزيان" عن ترون قوله ان الاتهامات "غير معقولة" وقال انه اطلع رئيس الوزراء فرانسوا فيون على الامر وقال ان صاحبتي الدعوى كانتا موظفتين في بلدية درافي الى الجنوب من باريس حيث شغل منصب رئيس البلدية، وتحدثت واحدة من المدعيتين مع صحيفة لو باريزيان باسم مستعار في مقابلة ووصفت كيف لمسها الوزير بطريقة غير لائقة في عدة مناسبات خلال عملها الذي استمر عامين في بلدية درافيو وقالت انها تشجعت وخرجت عن صمتها بعد اعتقال ستروس كان واتهامه بمحاولة اغتصاب خادمة فندق بنيويورك في قضية شغلت فرنسا والعالم. بحسب رويترز.

التحرش الالكتروني

فيما أظهر استطلاع للرأي حول سلوك الناس على الإنترنت، أن أكثر من نصف المراهقين والبالغين اليافعين تعرضوا للتخويف أو المضايقة أو التحرش على الإنترنت، وفي استطلاع أجراه تلفزيون "أم تي في،" بالتعاون وكالة "أسوشيتد برس،" قال 56 في المائة من المشاركين الذين كانت أعمارهم  بين 14 و 24 سنة، إنهم "تعرضوا لسوء المعاملة من خلال وسائل الإعلام الرقمية"، والرقم ذلك يعد صعودا من 50 في المائة أظهرها استطلاع مماثل أجري في عام 2009، وبعض الأشكال الأكثر شيوعا من التحرش تشمل نشر ما ليس صحيحا على الانترنت، وكتابة أشياء "بغيضة" وتبادل الرسائل أو غيرها من النصوص التي كان من المفترض أن تبقى سرية، وفقا لنتائج الاستطلاع، وقال واحد من أصل ثلاثة من المشاركين، إنهم شاركوا فيما يعرف بـ"سيسكتنغ"، وهو إرسال واستقبال الصور العارية أو الفيديو أو النصوص المشحونة جنسي، وقال 71 في المائة منهم إن ذلك هو المشكلة بالنسبة لمستخدمي الانترنت في سنهم، وفي المقابل، قال 10 في المائة من المستطلعين إنهم تبادلوا الرسائل الجنسية فقط مع الناس الذين يعرفونهم على الانترنت، وهو رقم انخفض من 29 في المائة في استطلاع عام 2009، واستندت نتائج الدراسة على مقابلات مع 1355 من المراهقين والبالغين اليافعين، أجريت بين 18 و31 أغسطس/آب الماضي، مع هامش خطأ يبلغ 3.8 في المائة. بحسب سي ان ان.

من ناحية اخرى أظهرت دراسة ألمانية أن ثلث مستخدمي "الشبكة العنكبوتية" من الشباب، تعرض مرة على الأقل للـ"تحرش" عبر الإنترنت، وحسب الدراسة، التي أجراها خبراء شركة تشنيكر كرانكنكاسه "تي كيه" للتأمين الصحي في ألمانيا، فإن واحداً من بين كل عشرة من مستخدمي الإنترنت تحرش بآخرين يوماً ما عبر الإنترنت، في حين لا يستبعد واحد من كل خمسة من مستخدمي الإنترنت أن يضايق الآخرين إلكترونياً ذات يوم، وشملت الدراسة نحو ألف شخص في سن 14 إلى 20 عاماً في ألماني، وجاء في الدراسة أن المضايقات الشخصية التي كان يتعرض لها تلاميذ في الفصول المدرسية من قبل، تحولت في القرن الحادي والعشرين إلى تحرشات عبر الإنترنت، يقوم خلالها الفتيان والشبيبة بالهجوم إلكترونياً على نظرائهم عبر الشبكة العنكبوتية، وكثيرا،ً ما يصاب ضحايا هذه التحرشات باليأس والإحباط والعجز والأرق والصداع.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/تشرين الأول/2011 - 17/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م