المؤتمر التأسيس الأول للرواية العراقية خطوة الى أمام

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: عُقد مؤخرا مؤتمر تأسيسي للرواية العراقية، تحت عنوان (نحو رواية عراقية متجددة)، أقام المؤتمر اتحاد أدباء البصرة، بالتعاون مع جامعة البصرة، شارك فيه نخبة من المعنيين بالسرد الروائي، كتّاب رواية ونقاد، ناهز عددهم المئة.

المؤتمر نجح من حيث التنظيم، فقد كانت الحفاوة بالغة، وكان التكريم المعنوي يليق بالأديب العراقي، حيث حرص القائمون على هذا المؤتمر، وهم من ادباء ومثقفي وأهل البصرة، حرصوا على راحة الضيوف من حيث الاقامة والتنقل والاطعام والترفيه ايضا، وتبعا للامكانيات المتوافرة.

بدأ المؤتمر بجلسة الافتتاح في قاعة عتبة بن غزوان صباح الخميس 6/10/2011 تضمنت عددا من الكلمات والشهادات والاوراق النقدية، واتضحت بعض معالم التأسيس في كلمة اتحاد الادباء والكتاب العام، التي ألقاها الناقد علي حسن الفواز حيث أشر بعضا من الخطوات التي من شأنها الارتقاء فعليا وفنيا بالرواية العراقية وتضفي عليها عناصر التجدد، وكانت ورقة الناقد ياسين النصير تحمل في متنها رؤية نقدية تؤسس لرواية عراقية عربية حديثة، فيما نَحَتْ شهادات واوراق نقدية اخرى، الى التكرار والاجترار، وهو أمر لم يتسق مع الشعار الذي طرحه هذا المؤتمر التأسيسي.

في الجلسة الثانية مساء اليوم نفسه وفي القاعة نفسها، توالت شهادات ونقود لم نعثر فيها على الجديد الذي يؤسس لرواية عراقية متجددة كما يريد المؤتمر، باستثناء البعض منها، كما في ورقة الناقد بشير حاجم الذي عرض فيها خطوات ورؤى فنية تصب في مجال التجديد، ولم تنحصر ورقته بكتاب تفرضهم (جغرافية السكن والتقارب المناطقي) إذ تناول حاجم روايات لكتاب من مناطق العراق كافة.

في الجلسة الثالثة لم نشهد ما يدعم شعار المؤتمر، وقد اختلطت الشهادات الادبية مع فن السيرة، إذ قدم عدد من كتاب السرد تجاربهم الذاتية في تسلسل تأريخي تراتبي وكـأنه يعرض لتجربته بصورة متصاعدة تأريخيا، ليحكي لنا تجربته في كتابة السرد، مبتعدا عن محتوى الشهادة الذي ينبغي أن لا يشتبك ولا يتشابه مع ما تهدف إليه الورقة النقدية، فجاءت الشهادات مشابهة للمقالة النقدية، وهو خطأ تكرر في اكثر من جلسة وشهادة، فيما بقيت معظم الاوراق النقدية تراوح بعيدا عن التأسيس لرواية عراقية متجددة.

أما جلسة الختام الرابعة التي احتضنتها احدى القاعات الجميلة في جامعة البصرة، فقد قدمت لنا شهادات ورؤى نقدية أخرى، تميزت من بينها شهادة الروائي لؤي حمزة عباس عن روايته مدينة الصور، وقد كان هذا المؤتمر مطلوبا في هذا الوقت، كونه أسهم في إعلاء شأن السرد في العراق، إذ بدا في السنوات القليلة الماضية انحسار الاهتمام بالسرد العراقي مقابل الاهتمام الملحوظ بالشعر، وهو امر غير صحيح بتاتا، لأن الادب العراقي ينقسم في جودته بين أجناسه، ولا يصح القول أن الادب العراق شعري المنحى، بل للسرد حضوره الذي أثبتته الاصدارات والفعاليات السردية الكثيرة.

وثمة جانب تنظيمي لابد من الاشارة إليه حيث لم تتح الفرصة لمشاركة بعض الكتاب (من الهامش) بسبب عدم توجيه الدعوة لعموم المشاركين في الكتابة النقدية او في حقل الشهادة، مما حصر المشاركة في اسماء تتكرر في معظم المؤتمرات من هذا النوع، وهو امر يشير الى خلل لابد من تجاوزه، لان الاهتمام بالتجارب الصاعدة يدعم التجارب الراسخة التي لاتحتاج للحضور الدائم، وهذا ينطبق تماما على عدم مشاركة الكاتب العراقي الكبير محمد خضير لا في شهادة ولا في ورقة نقدية بل لم يشترك حتى في التعقيبات والحوارات التي تلي القراءات، مع حرصه على الحضور، والسبب واضح انه لايريد أن يزاحم الآخرين، على خلاف تجارب سردية لاتحتاج الى التمجيد في هذا المؤتمر او سواه، وعلينا دائما رعاية النسغ الصاعد لأنه بالنتيجة يدعم التجارب الراسخة.

والخلاصة ارى من وجهة نظر شخصية أن هذا المؤتمر تمخض عن ثلاث نتائج يمكن حصرها بالآتي:

- ظهرت بعض معالم التأسيس لرواية عراقية في بعض الكلمات والشهادات والاوراق النقدية، كما سبق ذكره، وهو أمر يُحسب لهذا المؤتمر، ويؤكد أفضلية إنعقاده من عدمها.

- أثبت هذا المؤتمر حضور المنتَج السردي العراقي لما بعد 2003 وهو ما يدحض من ذهب الى ان السرد العراقي لا حضور له بعد هذا المفصل التأريخي. وجاء هذا الاثبات من خلال الدراسات النقدية المتعددة التي بحثت في روايات صدرت بعد عام 2003 منها رواية سيدات زحل للكاتبة لطفية الدليمي، ورواية الامريكان في بيتي للكاتب نزار عبد الستار، ورواية عين الدود للكاتب نصيف فلك.

- أكد هذا المؤتمر أهمية الاهتمام (الرسمي والأهلي) بالسرد العراقي، وهو بمثابة رسالة واضحة لوزارة الثقافة والحكومات وأثرياء البلد، عليكم الاهتمام بالسرد لأنه ذاكرة شعب لاتنطفئ أبدا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 12/تشرين الأول/2011 - 14/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م