وول ستريت وفشل القطاع المالي

تواطؤ المسؤولين واستفادتهم وتضخم فقاعة الائتمان

متابعة: علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: تزداد حركة الاحتجاجات يوم بعد آخر في قضية وول ستريت وإن مزيدا من الجمعيات والأفراد ينضمون للمحتجين، حيث تظاهر نحو 200 ناشط في ساحة فريدوم بلازا بواشنطن تضامنا مع حركة احتلوا وول ستريت التي انتشرت في أكثر من 150 مدينة أميركية.

ويرى مراقبون أن تزايد أعداد المحتجين يطرح سؤالا هو: هل تستطيع الحركة الاحتجاجية احتواء القادمين الجدد، أم أنها ستغرق في موجتهم؟ ويرجح علماء سياسة واجتماع ومؤرخين، بل حتى خبراء العلاقات العامة، بدؤوا يطرحون وجهات نظرهم بشأن الأطراف التي انضمت مؤخرا وتداخل مصالحها وتوجهاتها.

ويرى خبراء في صحيفة كريستيان ساينس مونيتور،إن الحركة الاحتجاجية استقطبت الاهتمام الإعلامي بسرعة ويرجع ذلك جزئيا لسرعة اندماجها، إلا أن الأسبوعين المقبلين حاسمين في تحديد هويتها وبنيتها، كما يقول عدد من الخبراء الذين يدرسون الحركات الشعبية والسياسية.

ويقول مايكل روبنسون نائب رئيس ليفيك ستراتيجيك كومينيكيشن، وهي مؤسسة علاقات عامة دولية، التضخم الذي يسود المجموعة المحتجة في وول ستريت يهدد إما بتفجيرها أو دفعها لآفاق ومستويات أخرى، وعليهم الحذر من لبس أقنعة متعددة لأنهم يواجهون خطر الانتشار إذا توسعوا كثيرا.

ومن جهته يقول جاك بيتني أستاذ علوم السياسة في كلية كليرمونت ماكينا في كاليفورنيا، إن دخول مجموعات منظمة يمكن أن يفيد الحركة بالتركيز والتنظيم، وأضاف لكن يمكن لهذه الجماعات أن تهدد المجموعة المحتجة بجعلها تبدو وكأنها مجرد تكتيك حزبي سياسي، لأن إشراك النقابات العمالية إشكالية في حد ذاتها، لأن تأييد الرأي العام لنقابات العمال قريب من أدنى مستوياته التاريخية.

ويشير بيتني وروبنسون وآخرون إلى الحركة المناهضة للحرب في فيتنام في الستينيات، حيث كان لها مطلب محدد وهو خروج أميركا من فيتنام، وكذلك كانت المطالب في الربيع العربي، ففي مصر مثلا كان المطلب محددا وهو رحيل الرئيس السابق حسني مبارك.

وقال مراقبون إن مطالب المحتجين في وول ستريت تدور حول مجموعة مبادئ، تبدأ من الانخراط في ديمقراطية تشاركية شفافة إلى الإيمان بأن التربية حق إنساني، وهذا في مدن لا تتوقف عن الانضمام ومعها أهداف أخرى.

ويقول الناشط جو برايونز في بلدية لوس أنجلوس قوله في الستينيات كانت هناك حركة الحقوق المدنية وحركة فيتنام، ولكن بمجرد تحقيق أهداف الحركتين لم يبق للناشطين هدف آخر، أما نحن فنسعى لبناء أهداف على المدى الطويل.

لكن ديفيد جونسون وهو المدير التنفيذي لمؤسسة ستراتيجيك فيجن المحدودة، يقول إن المجموعات المنضمة حديثا قد تدمر كل شيء، ففي البداية كانت جاذبيتهم تكمن في وجود أفراد من اليمين واليسار والوسط، لكننا نجد الرئيس أوباما يشير إليهم في مؤتمر صحفي كبير، ووجود أشخاص مثل النائب الديمقراطي عن ولاية ويسكونسن روس فينغولد يجعل الحركة تبدو كأنها رد ليبرالي لـحركة الشاي، أكثر منها حركة لا تملك طابعا سياسيا.

وتقول نينا إيلياسوف عالمة الاجتماع بجامعة ساذرن كاليفورنيا، مهما كانت الأمور التي ستحدث، فإن حركة احتلوا وول ستريت ستبقى، نحن في لحظة تشهد هوة كبيرة بين الأغنياء والفقراء أكثر من أي وقت مضى منذ عام 1929، لهذا يجد الناس أنفسهم مرغمين على الاندماج في العمل السياسي.

وهناك انتقادات يوجهها بعض أبناء الطبقة الغنية بالولايات المتحدة إلى المظاهرات الاحتجاجية التي تنظمها حركة "احتلوا وول ستريت" والمتمثلة في القول إن الحركة لا تحمل رسالة وليست لديها سياسات محددة واضحة.

ويقول مراقبون في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن الرسالة والحلول للحراك الاحتجاجي الذي تشهده البلاد يجب أن تكون واضحة لكل من كان منتبها لحال الاقتصاد، وهي تتجه إلى الكساد الذي ترك آثاره السلبية على الطبقة الوسطى، بينما أخذ بأيادي الطبقة الغنية إلى مزيد من الانتعاش والازدهار.

ويعتقد خبراء  أنه لا أحد بواشنطن كان يستمع، فكانت الرسالة الأوضح هي ضرورة الاحتجاج، في ظل عدم توفر العدالة في توزيع الدخل، الأمر الذي أدى إلى تآكل الطبقة الوسطى وزيادة أعداد الفقراء بل وخلق طبقة قادرة على العمل لكنها تعاني البطالة.

وأما المحتجون فمعظمهم من الشباب الذين يريدون أن يصنعوا صوتا لجيل من أصحاب الفرص الضائعة، حيث بلغ معدل البطالة لدى خريجي الجامعات تحت سن 25 عاما 9.6% وتجاوز 21% لدى خريجي الثانوية العامة.

تواطؤ المسؤولين

كما أن الاحتجاجات تشير بوضوح إلى فشل القطاع المالي والقائمين عليه، وإلى تواطؤ المسؤولين واستفادتهم من تضخم فقاعة الائتمان التي انفجرت وأسفرت عن فقدان ملايين الأميركيين لوظائفهم ومداخيلهم وادخاراتهم، بل وأفقدتهم الأمل في الانتعاش مرة أخرى.

وهناك تأمل لدى السياسيين والناس في الحراك الاحتجاجي لوول ستريت والذي يدخل أسبوعه الرابع، وإن لكل رأيه في الحركة. كما تساءل محللون في ما إذا كانت حركة احتلوا وول ستريت ستصمد لتملك قوة شبيهة بتلك التي لدى حركة الشاي، مضيفة أن 79% من الأميركيين يعتقدون أن الاقتصاد تعافى ولكنه ترك الطبقة الوسطى تعاني، وفق استطلاع راسموسن. وأشار الاستطلاع إلى أن الأميركيين منقسمون على أنفسهم بشأن وجهة نظرهم بتلك الحركة، حيث يؤيدها 33% ويعارضها 27% ويقف 40% على الحياد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 12/تشرين الأول/2011 - 14/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م