اقتصاد الأسرة العراقية في العام الدراسي الجديد

عبد الكريم العامري

 

شبكة النبأ: هذه حكمة تسود في الشرق القديم، هي اقتصادية، لكنها اجتماعية، تخلق الألفة وتقوي المعاشرة لأنها تعلم الصبر والتنازل للآخر وعدم الاحتكار وتسوية النفوذ والتمايز في الأسرة. انها تعني خدمة ذاتية الاتجاه أو الاكتفاء الذاتي لأفراد الأسرة الواحدة، خاصة متوسطة الدخل فما دون. الحكمة قيلت لأسباب اعتقد مرت بها المجتمعات المحلية والأسر النووية والممتدة لإثبات وجودها وضمان ديمومتها في صراعاتها المختلفة، جعلتها تتحكم حتى في طعامها، تقتصد فيه لكي لا تجوع ويمسها الضر أو تكون مديونة لغيرها.

في أوقات متعددة، على استمرار حياة الأسرة، تمر بظروف ممكن أن نسميها الأزمة، بسبب المصروف العائلي، خاصة المفاجئ. معظم الأسر العراقية لا تعرف الميزانية، وإذا كان لديها معرفة بذلك، فانها لا تقيم وزنا لها. الميزانية العائلية في بلاد الغرب وبعض الدول العربية، موجودة. على بساطتها وعدم علميتها، لكنها مؤثرة، نراها خاصة في تعاملات الزوج والزوجة والأبناء من كلا الجنسين، في المسلسلات وبعض الأفلام، حين تخرج المرأة لزوجها مدخولا كان بعيدا عن الأنظار وتقول له(حوشته من مصروف البيت) أو (تحويشة العمر) خاصة حينما تقع الأسرة في أمر كارثي غير محسوب.

ما أكثر المفاجآت التي تمر فيها العائلة العراقية في مجتمع تكالبت عليه الظروف واحتوشته التقلبات من كل حدب وصوب، كلها ليست في الحسبان الاقتصادي والاجتماعي للأسرة.

هل تفقد الأمل؟ كلا، ممكن أن تعمل الأسرة لنفسها ميزانية متواضعة التخطيط، تكون مشتركة بين الزوجين ولا بأس بالأبناء. تقوم الأم باستلامها على اعتبار ان المرأة أكثر حرصا من الرجل في مسألة الإنفاق بشكل عام. الزوجة حريصة خاصة إذا أودعت لديها المبلغ المخصص وقمت بالفعل بالدعم المعنوي الحقيقي على حسن اختياراتها والمشاركة الوجدانية في ذلك.

ما أكثر الأيام السود التي تواجه الأسرة العراقية، تجعلها تضطرب يمينا وشمالا، كثيرا ما أدت الى مشكلات عائلية، الى تدمير الأسرة وافتراقها. يجب أن نعرف، مهما كانت العائلة حريصة أو متعلمة إلا ان تلك الظروف تمر بها رغما عنها، أحيانا من قوتها تقتلع جذور هذا الكيان الإنساني، الذي باركه السماء ودمرته ظروف الأرض.

نذكر منها فقط أزمة الغلاء المفاجئة وما يصحبها من جشع وطمع من البائع وجهل أحيانا من المشتري. تلك التي تحصل بداية الدوام الدراسي من كل عام، حيث تقوم الأسرة بشراء الملابس وملحقاتها،الحقائب والأحذية والحزام، قطارة الماء، القرطاسية بكافة أنواعها وجودتها، يصل الأمر الى تأجير خطوط سيارات لأبنائها والدروس الخصوصية..الخ. الملابس يجب أن تكون مع الموضة وقصات الشعر ومصروف جيب وكارتات تعبئة مع أجهزة موبايل حديثة.

السؤال هنا: كيف تضع الأسرة ميزانية لها وهي من ذوي الدخل المحدود أو عائلة كادحة معيشتها على قدر عملها في القطاع الخاص، الى أسئلة أكثر و أكثر ؟.

من المفروض أن يبرز الدور المؤسساتي في هذا المجال، فالمجتمع يخلو من مراكز إرشاد أسري أو مواد دراسية منهجية تعلم طرق الإنفاق والتوفير، أو حصر الدراسة بمستلزمات موحدة، حتى البرامج التلفزيونية واقعة بين منهجين، أما تعلم الصرف وتشجع على ذلك منها برامج المرأة المتعلقة بالطبخ وصالونات التجميل والملابس والاتكيت والمكياج، أو برامج تحرم على الأسرة النظر الى التلفزيون!. مطلوب وجود أسواق أو تعاونيات حكومية، موادها ذات جودة، تغرق به السوق المحلية من أجل المنافسة ومحاربة الاستغلال التجاري، لكي تتمكن الأسرة الشراء منها لأن أسعارها مدعومة.

هناك بتقديري بعض الملاحظات المتواضعة القابلة للتطوير على يد خبراء الاقتصاد، منها:

1ـ ربة البيت المدبرة، باستطاعتها أن تفعل أشياء لأسرتها لا تعاب على ذلك أبدا، عليها أن تقارن نفسها بمثيلاتها من ربات البيوت الماهرات ولا تقارن نفسها بالمبذرات أو من عندهن امكانيات كبيرة!.

2ـ تعليم الأبناء العناية الفائقة بالملبوسات واللوازم الدراسية، لأن هذا يفيد في عدم تكرار الشراء، كذلك توفير المادة للأخوة الأقل سنا.

3ـ تكون الملابس مشتركة لأكثر من مناسبة للدراسة والأعياد وبين الأخوة والأخوات يتبادلونها ومن النوع الجيد.

4ـ شراء بعض الأشياء قبل موعد الدراسة بقليل، أي نهاية العطلة الصيفية، ولو ان الأسرة من حقها أن تفتخر بأبنائها المتفوقين، كذلك الطالب المتفوق له الحق في اختيار أشياءه كجزء من ما نعتبره هدية النجاح ولا نبخل عليه، لكن الوضع صعب ومعقد على الكثير من العائلات.

5ـ فكرة التبضع بالجملة بدلا من المفرد، لكل أفراد الأسرة من أماكن بيع الجملة، انها توفر مبالغ تستخدم في شراء احتياجات أخرى.

6ـ الاستغناء عن كماليات كثيرة للبيت أو أطعمة غير ضرورية أو تأجيلها.

7ـ الدفع بشكل مباشر وعدم الشراء بالتقسيط الذي يسمى بالمريح وهو غير مريح، فيه تحميل للمبالغ أي مضاعفتها، فإذا كانت الأسرة بحاجة الى مبلغ معين كيف توافق بدفع ضعفه!.

أخيرا، الانتباه الى التقليل من الشكاوى في المنزل، عند حضور الزوج أو الزوجة أو الأبناء مما يولد النكد وضيق العيش ويؤثر على انسيابية العلاقات الزوجية داخل الأسرة، بالتالي ينعكس على الأبناء وعامهم الدراسية الجديدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/تشرين الأول/2011 - 10/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م